خيري حمدان
الحوار المتمدن-العدد: 2887 - 2010 / 1 / 13 - 01:22
المحور:
الادب والفن
القلب
قرّر مرّة واحدة أن يتوقّف، بالرغم من جميع المحاولات التي بذلها الطبيب الجرّاح، وكان ماهرًا للغاية، لم يفشل في أيّة عمليّة جراحية سابقة. استخدم الكهرباء، وضخّ في القلب مباشرة كميّة من هرمون الأدرينالين، ولكن دون فائدة!
عزيزي الطبيب، دعه يمضي نحو الأبديّة، لماذا كلُّ هذا الإطناب، وهو مكروهٌ في الأدب أيضًا!
باختصار، أعلن هزيمتك أمام الموت، لقد سقطت الورقة ولم يبقَ في العمر بقية.
وحدة
لعلّه يخطئ يومًا ويدقّ باب بيتي ليطلب زيتًا أو بعض الخبز. لعلّه يشتمني وأنا أصعد الدرج أو أهبطه! ولكنّه جامدٌ كقطعة جليد. حيّيته يومًا فهزّ رأسه موافقًا. شتمته بعربية فصيحة ومضيت في سبيلي.
اليوم سأحاول أن أجادل وأناقش بصمت من على المنابر وما أكثرها، ولكن .. بصمت ثقيل قاتل. أتوق الليلة لصخب الموانئ، وهدير شلال ماء، وعرسٍ لا تنتهي بوادره حتى الصباح. أتوق لزغرودة بدوية من فم أمّ تحتفل بنجاح ابنها، وأخرى تذرف الدمع أمام سجن ضمّ فلذة قلبها، لأنّه بصق في وجه الريح ولعن الاحتلال والدكتاتورية.
دعاء الكروان
اللهم إنّي أستغفرك وأدعوك أن تترفّق بحال أمتّي، دعهم على عيّهم وجهلهم حتى لا يدركوا معنى الدنيا والحضارة فتزداد آلامهم ومعاناتهم، وهم غير قادرين على تعاطي الحياة.
اللهم أصبهم بالصمم حتى لا يستمعوا إلى جمهرة آلام المساجين وأنينهم في سجوني المريحة والعريضة، وهي قابلة لاستيعاب شعبي بأكمله عند الضرورة.
اللهم ورّث أبنائي وأحفادي واجعل عائلتي وصيّة في الحكم حتى الأبد، واقطع وصال الديمقراطية ولا تسمح بتعدّد الأحزاب وحريّة الكلمة.
اللهم العن مخترعي الانترنت فقد فتحوا عيون المثقفين على العالم الخارجي وبات العالم الحرّ ينظر عجبًا لشوارع مدائني شبه المعبّدة، والصرف الصحّي المشبع بالروائح، وخدمات المستشفيات التي لا تردّ ميّتًا .
اللهم يسّر لي ما طاب من النساء، الشقراوات والسمراوات وذوات الشعر الحنطيّ وحمراوات الشعر المطيعات منهنّ والمتمرّدات.
اللهم يسّر لي بضع مئات من آبار النفط حتى أرضي غزوات أبنائي في مدينة الضباب لندن، وأرضي نزوات حاشيتي المقرّبين في مدينة النور باريس.
اللهم اشهد بأنّ بلادي باتت هي الأخرى عاصمة النور، فالكهرباء لا تنقطع طوال الثمانية ساعات الأولى من النهار وتعود قبل منتصف الليل بقليل.
اللهم اشهد فإنّي قد بلغت!
#خيري_حمدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟