|
العقل الجمعي والآبائية (صدام على سطح القمر)
زهير قوطرش
الحوار المتمدن-العدد: 2884 - 2010 / 1 / 10 - 17:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العقل الجمعي والإبائية.( صدام حسين على سطح القمر) قال الله تعالى في كتابه العزيز قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد" صديقي الذي أكن له الكثير من الاحترام ، يعيش على أرض الوطن ، وكثيرا ما يردد، أنت غريب عن الوطن، وأنا غريب في الوطن. فلنتواصل ولنجعل من الغربتين دافعا للعطاء المشترك ، عسى أن نسهم في تغير الإنسان وثقافة الإنسان. أخبرني ذات مرة بعد حادثة إعدام صدام حسين ، بأنه كان في زيارة صديق له صيدلاني ، في صيدليته، في هذه الأثناء انتشرت شائعة بأن صورة صدام حسين ارتسمت على سطح القمر ، و خلال فترة وجوده في الصيدلية ، كان الناس أو بعضهم يتحدثون مع الصيدلاني ، ويؤكدون له أنهم رأوا صورة صدام مرسومة بالفعل ،.وكانوا يحلفون على ذلك بأغلظ الأيمان ، استمرت زيارة صديقي ما يقارب الساعة ، وسمع خلالها العشرات من الرجال والنساء والكل كان يؤيد الخبر. ثم تابع... بعد ذلك استأذنت صديقي الصيدلي وخرجت الى الشارع لأدخن سيجارتي الملعونة ، ولكني ،وفور خروجي نظرت بفعل الفضول الى القمر وإذ بي المح للحظات صورة صدام عليه. هززت راسي ومن ثم نظرت من جديد فكان القمر قمرا كالمعتاد لا صدام عيه ولا غير صدام..... بالله عليك أخبرني هل أنا جننت ، أم أن ما رأيته كان بالفعل هو ما رأه الناس . ...ضحكت على الهاتف ..وقلت له هون عليك يا صديقي ، ولا تعتبر نفسك مجنوناً... لأنك حين نظرت الى القمر لم يكن عندك عقل... أجابني كيف هذا؟ أنا ليس عندي عقل!!!! نعم يا صديقي ..انت رأيت ما قال الناس أنهم رأوه ، أنت أكدت ما أكد الناس أنه هو، وأنت من الناس ولست نشاذا. والحقيقة أنك عطلت عقلك ، وأصبحت تتحرك وترى بالعقل الجمعي ، بقوة الخيال الجمعي . هناك من أصدر هذه الإشاعة ، ورأى فيها من المصلحة أن تؤيد رؤيته ، وربما وقع في هذا الفخ كما أعلم بعض رجال الدين الذين سوقوا هذه الحادثة من على المنابر. يا صديقي هذه هي خطورة العقل الجمعي. سكت قليلاً وقال لي والله معك الحق. لقد كان تأثير الناس علىَّ قويا بحيث فقدت القدرة على المحاكمة العقلية. إن من أخطر الأمور على أفراد الأمة الإسلامية وغيرها من الأمم من أصحاب الديانات المختلفة ، هو سيطرة العقل الجمعي ،الذي يعطل العقل الفردي، والذي بالوقت نفسه يسوق أفراد الأمة كالقطيع نحو الآبائية وتقليد السلف ، دون السماح لهم بإعمال الفكر والعقل والتدبر. والعقل الجمعي يقف حائلاً أمام تطور الفرد ،ومن ثم تطور المجتمع والأمة ،لأنه يوقف الفكر عند حدود العقول السابقة ،وكأن الله خلق عقولنا معطلة عن التفكير والإبداع ،كونها تعطلت وأصبحت منقادة بعقل جمعي ممثلاً من خلال المؤسسة الدينية النقلية والسلفية ،التي لا هم لها سوى سيطرتها على هذه العقول الجامدة أصلاً , من اجل تحقيق مصالح فئوية ومذهبية ضيقة. هذا العقل الجمعي الذي تمثله المؤسسة الدينية التي تعتمد على المنهج القياسي والاستنباطي ، هي محكومة دائماً بأصل تقيس عليه ،أو بنص يحول بينها وبين الطلاقة في التفكير ، وهذا ينعكس بدوره على أفراد الأمة ،الذين سقطوا في وحل هذا العقل الجمعي ،والذين لا يستطيعون بوجوده حراكاً نحو الأمام والأفضل، هذا العقل الجمعي المقيد وقف وما زال يقف أمام تيار العقل الاستقرائي الذي كان السبب في إطلاق وانجاز الحضارة الأوربية ، أي كان السبب في تحرير العقل من قيود ه . ولا بد من التأكيد على أن ميزة العقل الجمعي عند المسلمين ينطلق من فكرة الابائية إن صح التعبير والتي نبه على خطورتها القرآن الكريم بقول ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون). وعودة الى الآية الكريمة التي تم ذكرها في بداية المقالة ، وعند تدبرها ، فإن الخالق يعظنا بواحدة , أو ينصحنا في حال قيامنا كي نتدبر ونتفكر في أمور العقيدة أن نقوم إثنين إثنين أو كل واحد لوحده على حدى،وهذا أحسن ، لأنك عندما تجلس لوحدك وتتفكر ،هناك احتمال كبير أن تهتدي الى الحق ، وتزداد إيماناً ، والسبب أن التفكر بأمور العقيدة ضمن الجماعة هو بالمحصلة تغيب القدرة الفردية على التفكير وإخضاع الفرد للعقلية الجمعية. لنظر مثلاً إلى عقليات المتحزبين لأي جماعة إسلامية أو حزب سياسي إسلامي ، من الصعب أن ينال الفرد الاستقلال في التفكير ومن الصعب أن يتطور تفكيره ، لأنه محكوم بعقل الجماعة، بعقل القطيع...... بخياراتهم بمزاجهم. . ، لذلك فإن المؤسسة الدينية والأحزاب الإسلامية السياسية ومن والاهم كل هذا الجمع هو الممثل للعقل الجمعي الذي أوهم الأمة بأنهم هم أصحاب الاختصاص بأمور العقيدة والشرع، لذلك أصبحوا يفرضون تصوراتهم وأرائهم من خلال عقل جمعي سلفي وهابي نقلي، يُكره الناس على القبول بهم مع تعطيل إمكانياتهم العقلية ...وتمادوا لدرجة أنهم اعتبروا كل من يخرج عن إطار هذا العقل الجمعي مرتداً وكافرا . مع العلم أن الله عز وجل لم يفرض على أحد دينه بالإكراه.لأن الدين هو الذي تقبله أنت أيها الإنسان بملئ إرادتك لتعيش به أو ترفضه
#زهير_قوطرش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقتل الأبرياء الأقباط
-
لماذا هذه العداوة بين المسلمين ,وبين بعض المسلمين والمسيحيين
...
-
الدين أفيون الشعوب
-
رد على مقالة الدكتور نضال الصالح (الجنس بين العيب والحرام...
...
-
لا أكراه في الدين
المزيد.....
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|