التدريس بين الاستقراء والاستنباط

عصام عبد العزيز المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 2883 - 2010 / 1 / 9 - 21:04
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

د0 عصام عبد العزيز المعموري – بعقوبة – العراق
كثيرا" ما يتساءل المعلمون والمدرسون : أيهما أفضل في التدريس أن تبدأ بعرض القاعدة والقانون العام للموضوع أمام الطلبة ثم نطلب منهم إعطاء الأمثلة والتطبيقات لتلك القواعد والقوانين ، أم أن نبدأ بإعطاء أمثلة وتطبيقات ويقوم الطلبة بالتوصل إلى القاعدة أو القانون ؟ وللإجابة عن هذا التساؤل نقول : إن التفكير العلمي نشاط عقلي ولكنه ليس نشاطا" محدودا" أو بسيطا" يعبر عن عملية عقلية واحدة ، وإنما هو نشاط عقلي معقد في تكوينه وله خصائصه ونوعيته المميزة ، وتؤثر فيه عوامل متعددة ومتنوعة ، وهناك عدة أساليب وأنماط ناجحة للتفكير العلمي منها أسلوب حل المشكلة وأسلوب الاستقراء وأسلوب الاستنباط وأسلوب التفكير الناقد وأسلوب التفكير ألابتكاري . وما يهمنا هنا هو أسلوبا الاستقراء والاستنباط ، وان ما نعنيه بالاستقراء Induction هو تلك العملية التي تبدأ بالخصوصيات وتنتهي بالعموميات وبالتالي فإنها تصل إلى المبادئ والقوانين والنظريات من الوقائع المحسوسة والحالات الجزئية ، أما أسلوب الاستنباط فهو عملية تبدأ بالعموميات وتنتهي بالخصوصيات ، وبالتالي فإنها تصل إلى الحقائق والجزئيات من القوانين والنظريات ، وأحيانا" يسمى الاستقراء بالديالكتيك الصاعد في حين يسمى الاستنباط بالقياس أو الاستنتاج 0
إن الاستقراء والاستنباط أسلوبان يكمّل احدهما الآخر فإذا بدأنا بالأول انتهينا بالآخر ، فعندما نبدأ بالأمثلة أو التطبيقات ننتهي بالقاعدة أو القانون ، وعندما نبدأ بالقاعدة أو القانون ننتهي بالأمثلة أو التطبيقات .
عند استخدام الطريقة الاستقرائية في التدريس هناك خطوات خمس يمكن إتباعها وهذه الخطوات تسمى ( خطوات هربارت الخمس الشكلية ) نسبة إلى التربوي ( هربارت ) الذي وضع هذه الخطوات ، وتتلخص هذه الخطوات بما يلي :
1- التحضير أو التمهيد : تستغرق هذه الخطوة مدة حمس دقائق في بداية الدرس ويتم فيها إلقاء أسئلة على الطلبة شفهية أو تحريرية لاختبار معلوماتهم السابقة والغاية من هذه الخطوة هي توجيه أذهان الطلبة إلى الدرس الجديد 0
2- العرض : في هذه الخطوة يبدأ المدرس بعرض الحقائق الجزئية أو الأسئلة أو المقدمات التي منها يستخلص القواعد العامة والقوانين والنظريات ويجب أن نتذكر دائما" أننا يجب أن نعتمد كثيرا" على خبرات الطلبة السابقة التي قد يحصلون عليها من أي مصدر ثقافي ويجب استخدام السبورة عند عرض الحقائق 0
3- 3- الربط أو التداعي أو المقارنة : إن هذه الخطوة تساعد الجميع على الاستعداد للتعميم حيث قد تكون بعض الحقائق أو الأسئلة المعروضة معقدة في بعض نقاطها أو يكون بعضها غير مهم أو أن الطلاب لم يدربوا على مثل هذه الطريقة .
على المدرس أن يدقق مع طلبته في الأمثلة والحقائق إثناء عرضها ليجمع بين الخطوتين الثانية والثالثة من الخطوات الخمس 0
4- التعميم : في هذه الخطوة يبدأ الطلبة بصياغة ما يجدونه من العناصر العامة المشتركة في الحقائق المعروضة بعبارة واضحة مفهومة ، وان أفضل ما يمكن للمدرس عمله في هذه الخطوة هو عدم ذكر القاعدة أو النظرية شفهيا" إلا بعد نضوجها في أذهان القسم الأكبر من الطلبة ويجب على المدرس أن لا يصوغ القاعدة أو النظرية بأسلوبه الخاص وإنما يعدّل ويضيف على عبارات الطلبة ، وإذا رأى المدرس أن الطلبة
يجدون صعوبة في التوصل إلى القاعدة أو القانون فعليه الإتيان بأمثلة أخرى لمساعدة الطلبة للوصول إلى نتيجة ما 0
5- التطبيق : وهي الخطوة الأخيرة وفيها يقوم الطلبة بتطبيق القاعدة أو القانون على أمثلة وجزئيات أخرى ، وتكمن أهمية التطبيق بأنه يساعد على ترسيخ القاعدة أو القانون في أذهان الطلبة ، وان حسن التطبيق دليل على حسن فهم القاعدة أو القانون ، أما الطريقة الاستنباطية فهي صورة موسعة للخطوة الأخيرة من الطريقة الاستقرائية أو خطوة ( هربارت ) الخامسة وهي خطوة التطبيق حيث أن الأسس العامة والقواعد والقوانين تقدم للطلبة جاهزة لتطبق على الأمثلة والحقائق الجزئية ، وبإمكان المدرس بهذه الطريقة إما أن يقدم حقائق جديدة جاهزة للطلبة أو انه يفسر ويشرح لهم حقائق وقواعد سبق أن تعرفوا عليها 0
انه من الخطأ الحكم على هذه الطريقة بأنها لاتساعد على تنمية عادات التفكير الجيد ، فالتفكير لا يعتمد على الطريقة فقط بل يحتاج إلى تراكم معرفي أيضا" ، وهذا يجعلنا نقدم الحقائق العامة والنظريات للطلبة ثم نشرخها لهم ونفسرها ونحملهم على إتقانها وحفظها بواسطة المرجعة المستمرة والتمرين المتواصل 0
وهكذا نرى انه لايمكن الاستغناء في التدريس عن الاستقراء أو الاستنباط لأن كليهما يعتمد على الآخر ، فهما عمليتان متداخلتان لايمكن الفصل بينهما 0

( نشرت في جريدة الصباح –ملحق أسرة ومجتمع – العدد 739 في يوم الخميس 5 ذو الحجة 1426 هجري الموافق 5 كانون الثاني 2006 م صفحة طلبة وشباب صفحة رقم 5 من الملحق )

#عصام_عبد_العزيز_المعموري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات