مذبحة نجع حمادي وظهور العذراء

صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein‏)

الحوار المتمدن-العدد: 2883 - 2010 / 1 / 9 - 20:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

كلما عزمت علي التوقف عن الكتابة عن الدين . استفزتني الأحداث بأهوالها . ومن ناحية أخري : أجد الدين لا يترك في حياتنا شيئا واحدا بدون أن يتدخل لنا فيه فيكيدر عيشنا وينغصه علينا ، بالقدر الذي يجعلني لا أحتمال لي علي الصمت . وغير قادر علي الاعتياد ..

ذبح الاقباط بمدينة نجع حمادي . تهنئة اسلامية سمحاء لهم في العيد ..!
لم يكد أن يتوقف بعد .. الحديث والبكاء علي مجزرة ومحرقة الأقباط في " فرشوط " ، و" أبو شوشة " ... حتي حدثت لهم مجزرة أخري في " نجع حمادي " في عيدهم وأثناء آداء الصلاة لاله .. ليته حمي معبده وعابديه .

ما حدث في " نجع حمادي " وقبلها في " فرشوط " و " أبو شوشة " . هو حلقات من سلسلة لا تتوقف . لارغام المسيحيين المصريين علي : اما اعتناق الاسلام اضطرارا وللنجاة من الابادة ، أو لهجر مصر ..التي هي وطن ابائهم وأجدادهم كما هي وطن أشقائهم القتلة الذين يقتلونهم لأجل رب و دين ..! . وطبقا - وبتمويل - لبرنامج سعودي ..

رئيس الدولة الذي لا يقدر علي حماية الأقليات الضعبيفة ببلده . لا يستحق البقاء فوق كرسي الحكم ليوم واحد ..

والحزب الحاكم . الذي لا يقدر علي حماية الأقليات الضعيفة بشعب وطنه .. لا يستحق أن يكون حزبا حاكما بل حزبا آثما ، متهما وويجب ايقافه أمام العدالة الدولية . مالم تقدر العدالة المحلية علي النيل منه ..

ان حناجر المهللين لظهور العذراء بالقاهرة – وليس بفرشوط ..! – عقب مجزرة ومحرقة فرشوط . بالأمس القريب . لم تتهيأ بعد تلك الحناجر للتهليل لظهور جديد للعذراء ! فلعل العذراء تؤخر ظهورها قليلا حتي تسترد تلك الحناجر عافيتها ..
لكي لا نكرر ما قلناه من قبل عن ظهور العذراء – عقب الجريمة التي حدثت من قبل في " فرشوط " . قبل وقوع جريمة " نجع حمادي " – هذا رابط المقال وكان بعنوان " المعجزات الدينية التي أصدقها " :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=195549

لو أن العذراء كانت قد ظهرت وتجلت في فرشوط - مسرح الجريمة السابقة - ، بدلا من القاهرة التي تبعد عنها بمئات الكيلومترات .. لربما لم تقع جريمة نجع حمادي .. فالمسافة بين فرشوط وبين نجع حمادي .. يمكن قطعها سيرا علي الأقدام .. أو قرابة ربع ساعة بالسيارة .. ولكن العذراء تحب الظهور والتجلي بالقاهرة .. مثلها مثل النظام العسكري في مصر . لا يحب نقل العاصمة بعيدا عن القاهرة لكي لا يتسبب ذلك في حل الكثير من مشاكل مصر ! ، ومثل بابا الأقباط . لا يحب نقل مقره الرئيسي بعيدا عن القاهرة ... هؤلاء الثلاثة لا يحبون نقل نشاطهم خارج القاهرة حرصا منهم علي استمرارعذاب المصريين .

متي ستظهر العذراء مرة اخري لشغل الناس عن الكارثة الجديدة ؟ وبدون أن تحمل معها – كالعادة – ولا دستة مناديل .. تجفف بها الامهات دموعهن علي أبنائهن الذين ذبحوا ..؟! ولا خيمة واحدة للذين تم اجبارهم علي ترك مساكنهم - من قبل - ومغارة قريتهم ..!

لو ظهرت العذراء في " نجع حمادي " ، وتجلت في وجه الجناة . لأوقفت الجريمة . وحمت المعبد والعباد ..
ولكن متي حمت آلهة الديانات الابراهيمية الثلاث معابدها أو عبادها ؟!

الكعبة هدمت فوق رؤوس المصلين ضربا بالمنجنيق علي يد الحجاج بن أبي يوسف . دونما حماية من محمد ولا رب محمد ..! – شايل لهم الجنة فقط ..! - .

والهيكل اليهودي . هدم عدة مرات . دون أن يلقي حماية من موسي أو رب موسي .. أو أي من أنبياء اليهود ..!

والمسيحيون ومعابدهم . يحرقون ويقتلون من العراق ، لمصر . مرورا بلبنان وفلسطين ، وغيرها .. والعذراء تكتفي بالظهور بسلام والعودة بسلام تاركة الضحايا يتخبطون في دمائهم وحوائط أبنيتهم المهدومة وأعراضهم المكلومة ..! . وتحتفظ لهم بملكوت السماء فقط ...! . ان كان هذا يكفي فيجب عليهم عقب كل مذبحة ومحرقة ومسرقة . ألا يصرخوا أو يشتكوا . بل يفرحون ويحمدون الجناة ويشكرون ..! ويقولون لهم : ألا من مزيد ؟...! .

الرجل الذي قال : الأديان أفيون الشعوب ..
أبدا لم يكن مخمورا ، ولا متجنيا أو مبالغا .
بل كان فيلسوفا حكيما .. ففي اليوم الواحد تتاكد صحة مقولته عدة مرات .
ولم يكن كافرا غير مؤمن ، أو بلا دين .. كلا ..
بل كان مؤمنا : بالعلم الحديث ربا و رسولا ..
وكان يدين بديانة " العلمانية " تلك الديانة القادرة وحدها علي حماية كل الأقليات بكافة أنواعها . لتحيا كريمة وتتمتع بكافة حقوقها بداخل الوطن الواحد الذي يضم الجميع دونما تفرقة ..
********

#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات