أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - راوية رياض الصمادي - إلى شباب اليوم هل كانت لديكم رؤية للعالم شديدة التباين لدرجة أنها جعلتكم تخسرون أعمالكم















المزيد.....

إلى شباب اليوم هل كانت لديكم رؤية للعالم شديدة التباين لدرجة أنها جعلتكم تخسرون أعمالكم


راوية رياض الصمادي

الحوار المتمدن-العدد: 2883 - 2010 / 1 / 9 - 00:27
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



في بعض الأحيان نرى الحياة تتصرف بطرق عقلانية تبعث على الدهشة: فالفريق الرياضي مثلاً الذي يسجل أكثر الأهداف هو الذي يفوز في المباراة، والشخص الذي يجيد تهجئة الكلمات بشكل صحيح أو يأتي بأجوبة صحيحة على مسائل الرياضيات هو الذي يحرز العلامة الممتازة وتقوم الشركة بترقية خيرة موظفيها وأكثرهم أستحقاقاً للترفيع.
هناك من ليسوا مستعدين لتعديل إيمانهم أو أعتقاداتهم بالعقلانية المثلى التي تحكم أسئلة وأجوبة الأختبارات في المدرس الإعدادية. هؤلاء يرون العالم بمنظور شديد التباين، إما أبيض أو أسود، والأجوبة عند هؤلاء إما صحيحة أو خاطئة، والأمور جميعها توزن بميزان عادل تماماً ويحكم عليها وفقاً لذلك، أي حسب جدارتها فقط.
هناك أمثلة عديدة سوف أذكر بعضها وحتى لا أكون منحازة لطرف على طرف آخر، أنا سأحاول أن أعرض الأحداث بشكل قصصي بعيداً عن الروتين العادي، لن أحاول أن أحرج أحد، ولن أذكر أسماء، ولهذا فأنني أستعرت الأسماء والأماكن فقط، بينما ما جاء داخل المحتوى فهو من خلال تجارب أشخاص، كانوا يعانون من رؤية العالم بمنظور شديد التباين.
الديناميكيات المحركة لهذا النمط
إن بام من الفئة التي ندعوها (ميريتوقراطي Meritocratic) أنها واحدة من أولئك الذين يصرون على أن المقترحات والأفكار والمنتوجات أي كل شيء في الحياة فعلياً، يجب أن تحكم بصورة شديدة العقلانية، حسب الميزات الكامنة فيها وحسب قيمتها الحقيقية المطلقة. لو أسندت مقاليد الحكم في العالم إلى واحد من هؤلاء، عندها لن يكون هناك مجال لأن تلعب العواطف والسياسات والأحاسيس والولاءات والمحاباة أي دور أطلاقاً. إن معظمنا يدرك منذ بداية حياته أن أن أقرانه لا يرتفعون وينحدرون بدافع من قيمتمهم وحدها. فقد يكون أبن المدير هو الأكثر ذكاء من بين الجميع وقد لا يكون، في دنيا الواقع غالباً ما يكون أبن المدير هو الشخص الذي يحصل على الوظيفة المطلوبة سواء أكان أكثر المرشحين كفاءة أم لم يكن. إن أكثرنا لا يكترث لهذا الحقيقة، ونحن إما أن نتقبلها أو نذهب إلى وظيفة أخرى، الميريتوقراطية تصر على نضالها "الشريف" إلى أن تستنزف صبر مؤيديها. فإنها إما أن يلقى بها في الزاوايا المنسية أو تجمد في المكان.
هناك سيدة أعرفها تضع أحكامها بصورة فورية على أساس الكيفية التي يخاطبها الناس بها أو على أساس استجابة أحدهم لبريدها الإلكتروني خلال أربع وعشرين ساعة، وبمجرد صدور هذا الحكم يصبح من العسير تغييره. فهي إذاً تتصرف إلى حد كبير حسب نمط السلوك ذو المنظور المتباين فقط دون أن يخطر ذلك ببال أحد ممن يعملون معها في المكتب. وقد تكون هي في هذه الأثناء تعمد على إبعاد الناس من حولها، أو تقصر في الأستفادة من مزايا الموظفين الأكفاء أو ترفض عقود عمل قيمة لا لسبب إلا أن هذه العقود قد أخفقت في اختبار خفي لا يعرفه سواها أو لا يفهم أحد غيرها القواعد الخاصة به.
هذا النوع من التفكير لا يقتصر على مجال العمل. من المحتمل أن تستخدم نفس الأسلوب في حياتك الشخصية وفي علاقاتك العائلية وفي معامملتك لأطفالك أيضاً. إن الناس معقدون بطبعهم تحكمهم ظلال عديدة من اللون الرمادي. إن علاقاتنا مع بعضنا البعض تشمل بالضرورة دقائق وفروقات لا يمكن إدراكها عبر التفكير وفق مقياس متباين. وقد تتولد نتائج خطيرة عن تفكير كهذا. فالناس شديدو الحساسية لدى إصدار الأحكام عليهم. وما قد يعتبر "سلوكاً غير مقبول" لديك قد يكون مقبولاً تماماً لغيرك. إن قيام حوار بشأن الأختلافات وتقبل قدر معين من اختلاف الآخرين عنك هما ما يجعل بالأمكان إقامة علاقة قوية وصحيحة مع الآخرين. وإذا لجأت إلى أسلوب شديد التباين لتقييم الزملاء والأصدقاء والمعارف وشريك الحياة، فلا تتعجب إذا تحولوا سريعاً ليصبحوا أصدقاء أو معارف سابقين أو شريك حياة سابق. وعلى أقل تقدير سيصبحون أكثر حذراً لدى وجودك وأكثر ابتعاداً عنك. وفوق ذلك، فإن نقلك هذا المنظور المتباين للحياة إلى أطفالك، من شأنه أن يورثهم ما لن يفيدهم كثيراً في حياتهم.
من المهم أن تراجع نفسك بشأن ما إذا كان تفكيرك قد تبلور، أم لم يتبلور، ضمن تصور لا مرونة فيه، وفي حال أصبح كذلك فمتى حدث هذا ولماذا. وفي حال جاءت ردة الفعل لديك مفاجءة أو باعثة على الضيق، فكر ما الذي سبب لك هذا الضيق. هل هي نزعة، مهما كانت خفيفة أو عرضية، للأنزلاق إلى مثل هذا النوع من السلوك المتصلب؟ من المهم أن تدرك السبب على علاته. وقد تتعرف على نمط السلوك هذا لدى شخص أخر تعمل معه.
أن بإمكان الأشخاص الميريتوقراطيين تدمير الروح المعنوية والجو العام للشركة بسبب ميله للأنتقاد، فحتى لو كان الشيء جيداً إلا أنهم يريدون صنعه أو القيام به على نحو كامل. إذا لاحظ الشخص الميريتوقراطي أن موظفاً أو زميلاً يعاني القصور، فإنه لا يتوانى عن توضيح ذلك القصور. وفي كلا الحالتين، ينجح في جعل الناس يشعرون بالأستيلاء – بالغضب، فبرأيه أن الناس لا يمكنهم الوصول للكمال الذي يبتغيه، مما يخلق أجواء سلبية. أن الوضع يزداد سوءاً عندما يكون الميريتوقراطي، المعني مديراً للمجموعة. الشخص من هذا النوع يكون عادة مصدراً للضرر الإداري حتى حتى لو لم يكن (أو تكن) هو الرئيس، بل مجرد أحد أفراد الفريق.
إذا كنت راغباً في التغيير حقاً، فعليك أن تدرك أن تغيير أسلوب تفكيرك وسلوكك لن يكون أمراً يسيراً. سيكون عليك أن تصارع (باستمرار) فكرة ما إذا كنت تقوم بالتنازل عن كثير من المبادئ في موقف معين في سبيل الأستمرار في مخططاتك. ستجد نفسك أحياناً تشعر بالأسى بشان التنازلات التي قدمتها. في سبيل هذه المخططات. هذا أمر من السهل قوله أو كتابته، ولكن ممارسته في الحياة أمر صعب جداً. وأنت ما أن تتخلى عن فكرة أن الغاية والوسيلة يجب أن تكونا غاية في النقاء، ستجد نفسك في مواجهة المعضلة القائمة بشأن الأوقات التي يمكن فيها للغاية، التي تسعى لتحقيقها، أن تبرر الوسيلة. إنك ستكون بحاجة للعمل على ملاحظة تفكيرك ومشاعرك وأفعالك عندما تجد نفسك غاضباً من الإجحاف القائم في سيلسات المؤسسة. إنك بحاجة لأن تصغي دون أن تصدر أحكاماً وأن تفكر في الكيفية التي يرى فيها مديرك وزملاؤك وزبائن المؤسسة التي تعمل بها، العالم. ولن يقتصر تأثير ذلك على أن يجعلك أكثر فاعلية من الناحية الإدارية بل أنه سيؤدي إلى معرفة أكبر ونظرة أكثر تعمقاً حيال التحديات والمشاكل التي يواجهها فريقك وشركتك.
أنا لا أحاول تحويل الأشخاص المثاليين إلى أشخاص لا يؤمنون إلا بالمصلحة الذاتية، أو القول بأن المميزات لا تهم أو يجب ألا تهم، أو أنك يجب أن تكون مستعداً للتضحية بأي مبدأ لأجل تحقيق أهدافك. ولكن الميريتوقراطيين غالباً ما يحملون أفكاراً رائعة، وهم يخفقون في جعل الآخرين يتبنون هذه الأفكار لأنهم لا يستطيعون تقديمها بشكل مقبول. وجهة نظري هي أقرب إلى القول بأنه ما دامت الطاقة تساوي الكتلة مضروبة بالسرعة، فإن التقدم يساوي مزايا فكرة ما مضروبة بالمهارة اللازمة لتطبيقها. والمهنة الناجحة هي دالة على مدى التقدم الذي تعتبر أنت مسؤولاً عنه أكثر من كونها دالة على الأفكار الجيدة التي تحملها.
ومن أجل أن تتعامل بنجاح مع شخص لا يرى إلا من منظور الأبيض والأسود، عليك أولاً أن تتعاطف معه. نعم، بالطبع هذا ليس أنصافاً. ثم عليك أن تحاول دفعه لتجاوز المزاج النقدي والمشروع في العمل، طالباً منه أن يساعدك في جعله يواجه حقيقة الوضع مهما كان نوعه. ماهي (أو من هم)العوائق، ما هي مصادر القلق، ما هي النقاط التي تسمح بتقبل الفكرة، من نحتاج لدعم الفكرة، ما هي الأمور التي يمكن التساهل بشأنها(وهو موضوع مؤلم بالطبع لشخص يفكر بأسلوب ميريتوقراطي – ولكنه ضروري)، هل هناك أشياء نستطيع إضافتها لنتخلى عنها لاحقاً، ما هي "النقاط الحساسة" عند الأشخاص الذين نحتاج لإشراكهم لتنفيذ ما نحن بصدده، وكيف نبدأ باكتساب التأييد الذي سنحتاجه؟ ... عملية النجاح بحد ذاتها تشكل دافعاً قوياً لتشجيع الشخص الميريتوقراطي في مجال منته على أن يصبح أكثر مرونة في المرة القادمة، وأن يفكر مستقبلاً بما هو "فعال" إضافة لتفكيره بما هو "صواب".







#راوية_رياض_الصمادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الشباب لا يتثقفون عن العقوبات التي قد يقترفونها عقوبة ...


المزيد.....




- عالم روسي: الغرب يطرح مشكلات علمية زائفة من أجل الربح
- مسؤول إسرائيلي: وضع اقتصادي -صعب- في حيفا جراء صواريخ حزب ال ...
- مونشنغلادباخ وماينز يتألقان في البوندسليغا ويشعلان المنافسة ...
- وزير الخارجية: التصعيد بالبحر الأحمر سبب ضررا بالغا للاقتصاد ...
- الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب ال ...
- العراق: توقف إمدادات الغاز الإيراني وفقدان 5.5 غيغاوات من ال ...
- تبون يصدّق على أكبر موازنة في تاريخ الجزائر
- لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
- أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
- قطر للطاقة تستحوذ على حصتي استكشاف جديدتين قبالة سواحل ناميب ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - راوية رياض الصمادي - إلى شباب اليوم هل كانت لديكم رؤية للعالم شديدة التباين لدرجة أنها جعلتكم تخسرون أعمالكم