شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 2882 - 2010 / 1 / 8 - 21:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد مقالتي كيف تتقدم الشعوب ورد تعليق من السيد فارس ميشو يطالبنا بكتابة مقالة تحت عنوان كيف تتخلف الشعوب ومن أجل ذلك كان هذا العنوان / هذه المقالة ليست دعوة للإلحاد كما قد يتصور البعض بل هي قراءة في واقع المتدينين على مر العصور ومن وجهة نظر شخصية / فكرة المقالة مستوحاة من الفصل ما قبل الأخير من كتاب المفكر عبد الله القصيمي / هذه هي الأغلال / والذي يحمل عنوان / المشكلة التي لم تحل / خلاصة القول قبل الشروع بقراءة المقالة سوف ننقله لكم من الرأي الذي أورده القصيمي نفسه / هل يصح أن يفهم أحد من هذا أني أريد الاستغناء عن الدين ؟ كلا ... الدين حاجة من حاجات الإنسان التي لا يمكن أن يستغني عنها .. ولكن بفهمه على أنه شأن شخصي وأمر فردي ,,,
يبدأ عبد الله القصيمي سؤاله ؟ ما هو سبب المزالق الفكرية التي نعاني منها ؟
لقد أوعز القصيمي ذلك / للتدين الباطل / أو الفكرة الدينية من حيث هي ,,,
إن فكرة التدين قائمة على الإيمان بسبب ترجع إليه جميع الأسباب لأنه هو خالقها / المهيمن عليها / المتصرف فيها كيف يشاء / ,,,
لماذا تصاب قوى المؤمنين بالضعف والعجز عن الإبداع وعن الإنتاج والعمل البارع العظيم ؟
الوجود كله مربوط بأسباب آلية طبيعية تسير إلى نهاياتها ونتائجها أيضاً سيراً طبيعياً , ليس لقوة من القوى أن تقف في سبيلها أو أن تتحكم في نهايتها ,,,
لماذا عجز المتدينون , على اختلاف ديارهم وأزمانهم وأنبيائهم وأمزجتهم وأجناسهم عن أن يهبوا الحياة شيئاً جديداً ؟ أو أن يكونوا فيها مخلوقات متألقة ؟
ذلك أن المؤمنين يرون دائماً أن الله حينما خلق العالم وخلقهم قد ضمن أرزاقهم كلها وتعهد بحمايتهم ورعايتهم في كل أمورهم أو جلها ,, لأنهم لا يتصورون أن يتخلى الله ( وهو الكريم القادر ) عمن صنع بيديه وعمن أوجدهم اختياراً واقتدراً ,,
أي يصابون بالتواكل والاعتماد على القوى الخارجية وحينئذ لا يضعون لأنفسهم ما يجب أن يضعوه وما لن يظفروا به إلا إذا صنعوه هم ,,
المؤمن يعتقد بان الله إذا تفضل عليه فخلقه وأوجده من العدم فمن الواجب عليه أن يشغل بخدمة ذلك الرب المتفضل وبالانقطاع إلى عبادته وإلا فإنه عبد سوء ,,
إذا لاحظنا على المتدينين / أفراداً وشعوباً / عجزاً عن إيجاد الحياة وعن التحليق بالصناعة أو الزراعة أو التجارة أو العلوم المادية الإنسانية أو عن شيء ما من وسائل الحياة وأسبابها فلنعلم أن أحد أسباب هذا العجز هو تصوره للحياة الأخرى لان هذه الحياة الأولى قصيرة مقارنة مع الحياة الأبدية والتي هي شغله الشاغل ,,,
بمعنى أخر يشغلون أنفسهم بالآخرة عن أن يصنعوا لهم في الدنيا أملاً جسيماً عظيماً فيأتون عادة عاجزين عن اللحاق بالآخرين الذين صنعوا لهم هذا الأمل ثم أعطوه كل نشاطهم وإبداعهم فأصبحوا فيه السادة الغالبين ,,
أوربا يوم أن كانت مؤمنة متدينة كانت في ذلك الهوان والضعف والعجز ,,, فلما أن مرقت من إيمانها وتنازلت عن الأمل الأخروي وجعلت الصناعة والتجارة والحياة الكبيرة القوية هي آلهتها التي وجهتها وأبت الإشراك بها صعدت بالحياة هذا الصعود الذي أعجز الأبصار تنوره والنظر إليه ,,,
قال أحد الفلاسفة الانكليز :
إن أوربا لم تستطع أن تكون أوربا إلا بعد أن أعتقت نفسها من رق الإيمان بالآخرة وبالله ,,,
ما أبدعت أمة من الأمم إلا بقدر ما كان لديها من التأميل في هذه الحياة ومن الدوران حولها ,,
لقد أبدع الإغريق – الرومان – المصريين القدماء – وغيرهم من الشعوب القديمة لأنهم كانوا يبالغون في حب مظاهر هذه الطبيعة حتى عبدوها وصيروها كل أملهم ورجائهم المنشود ,,
يقول الدكتور / جستاف لوبون / :
/ إن الإيمان بالله وحده كان نكبة على البشر / ,,,
لماذا ؟ لأنه قد وقف بالحضارة عن التقدم والسير إلى الأمام ولم تستطع الحضارة البشرية أن تخطو خطواتها الصحيحة القوية إلا في عهود آنية وعبادة الأصنام ,,
وهو يريد بعهود الوثنية تلك العهود التي سادت فيها عبادة الطبيعة ومجاليها الجميلة ,,,
أما في عهود التوحيد والإيمان التي وقفت بالإنسانية وهي التي أعلن فيها الدعوة إلى عبادة الله وحده والى العمل للآخرة وحدها والتأميل فيها دون الدنيا كعهود أنبياء بني إسرائيل واسباطهم , - وجود الكنيسة في القرون الوسطى – عهود الغزالي والشعراني وغيرهم وعهود شيوخ الطريقة بالنسبة للمسلمين وكل رجالات دينهم ,,
قال لوبون :
كانت هذه العهود نكبة على البشر أجمع / لأنها لم تستطع أن تصنع لهم شيئاً سوى التأميل في الآخرة ,,
إن الأمم المتدينة عاجزة عن الصعود بالحياة وبنفسها ,,,
إن الذين ينجحون في التجارة – الصناعة – العلوم – وغيرها من الجوانب الإنسانية هم دائماً من غير الأتقياء الورعين وأنه لا يقدر على المنافسة القاصمة إلا أولئك الذين تركوا الأمور الدينية وراءهم ,,,
إذا ما حاولنا أن نلتمس في تاريخنا مكان أولئك الأفذاذ القلائل الذين لمعوا في سماء الشعر – الأدب – النظريات العلمية – أو جاءوا بفلسفة ذات شأن معترف به بين الفلسفات / لن تجدهم إلا بين أولئك الذين وصفوا بالتمرد والانحلال الديني أمثال :
المتنبي – أبو العلاء – أبن الرومي – الجاحظ – أبن سينا – الرازي – الفارابي – أبن رشد – جابر بن حيان – الحسن بنم الهيثم – وسواهم ,,,
قال عمر بن الخطاب ذات مرة حينما حار بين الأتقياء والأقوياء :
/ أشكو إلى الله جَلَد الفاجر وعجز الورع /
قد علم بالتجربة أن المتدينين يفقدون الميزان الفكري الذي توزن به الأمور في الغالب ويصبحون من الناحية النفسية فاقدين لكل مناعة عقلية ,,,
لأنهم بعد أن عزلوا العقل وتنازلوا عن تحكيمه عجزوا عن أن يعرفوا الحق من الباطل فصدقوا المستحيلات المتناقضة وأمنوا بأشنع الترهات لان ألعاصم من عمل ذلك وهو العقل قد أبعد وعزل ,,
/ ليست روح التسليم العقلي عند المتدينين بجديدة بل هي روح ملازمة لهم منذ وجدوا وكيف وجدوا,,
يقول أبو العلاء :
اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا دين وآخر دين لا عقل له ,,
وكذلك يقول :
ما لي أرى كل الأنام لجهلهم بالدين أشباه النعام أو النعم
لو قال ذئب غضا بعثت بملة من عند ربي قال بعضهمو نعم
ما هو سبب هذا الاستسلام والضعف الفكري لدى هؤلاء المتدينين ؟
إنهم ينكرون بين أحداث هذا الوجود ترابط عقلي , وتعليل ثابت بل يرون أن الوجود بما فيه من حوادث وأحداث كله محكوم بقوة مجنونة أو كالمجنونة ,, في أفعالها وتصرفاتها ولهذا فلا قوانين و لا ضوابط للمعجزات ,,,,,, و الخوارق . فكل شيء جائز وكل شيء مستحيل ,,,فيصابون بالفساد الفكري العام , وإذا اختلت الوسيلة فكذلك النتيجة , وإذا انهار الأساس انهار بلا شك ما رفع عليه ,
لن تجد ميزاناً لدى هؤلاء المتدينين الذين يعيشون في الجو المسحور – المجنون – المائج بالخوارق والمعجزات والكرامات التي صنها الشيوخ والصالحون ساخرين من قوانين الطبيعة ,
علل بعض علماء النفس والاجتماع القسوة التي يتصف بها المتدينون غالباً إذا قدروا وأخذوا خصوهم أخذاً خالياً من الشفقة والرحمة والإنسانية بكثرة ممارستهم صناعة التخويف والتهويل للعصاة الكافرين وكثرة قراءتهم للنصوص التي تصف الأهوال المعدة لأهل الآثام , والشهوات فقد صاغوا طباعهم وأنفسهم بطابع الغضبية والقسوة والعنف حتى أصبحوا وحوشاً تنطق باسم الدين وتفترس على حسابه ,
لو استطاعوا الوثوب على الحكم ووضعت السلاح في يدها لحكم البشر عهد من الإرهاب لا يتضاءل إزاءه كل إرهاب يستنكره العالم ,,
لن تجد أقسى من إنسان يثب على عنقك ومالك يقتلك ويسلبك معتقداً أنه يتقرب إلى الله بذلك ويجاهد في سبيله وينفذ أوامره وشرائعه ,,
السوء لمن ناموا على فوهة البركان قائلين :
لعله لا ينطلق ,,,,,,,,,,,,,,,,,,
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟