أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناظر عبد الحق - أزمة الهوية الثقافية بين أسلمة قسرية وعلمانية متعثرة














المزيد.....

أزمة الهوية الثقافية بين أسلمة قسرية وعلمانية متعثرة


ناظر عبد الحق

الحوار المتمدن-العدد: 2882 - 2010 / 1 / 8 - 08:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لعل من أبرز الإشكاليات التي تواجه الأفراد في المجتمعات التي توصف بأنها مسلمة هي إشكالية البحث عن الهوية الثقافية مع اننا لا نجد صعوبة في وصف هذه المجتمعات - ولو ظاهرا- بالإسلامية لكن ذلك لا يعني بالضرورة اكتساب الأفراد في تلك المجتمعات ذات العنوان لاختلاف المحددات والشرائط التي تحكم إضفاء هذا العنوان بين الفرد ومجتمعه ومنها المحدد التاريخي الذي ظلت بموجبه المجتمعات التي دخلتها الجيوش الإسلامية – فاتحة أو غازية- واستقرت فيها توصف بأنها إسلامية أما الفرد فلا يمكن وصفه بذلك بناء على نفس الاشتراطات والأسس لان هناك محددات وأسس أخرى وضعها الإسلام لانطباق الوصف على موصوفه – قد أتعرض لها في مقال مستقل مستقبلا- ، فقد ظل الفرد في هذه المجتمعات يعاني من أسلمة قسرية إجترحتها وبصورة فاقدة للشرعية المؤسسة الدينية بمعاونة متأسلمون استلهموا التاريخ المتطرف والدموي للحركات والمناهج التي ظهرت في الإسلام لاسيما في مراحله المتأخرة والتي اكتملت فيها الملامح النهائية لتحويل الدين إلى مؤسسات تجلت فيها بشاعة الرأسمالية الدينية حينما انتهجت هذه المؤسسات المنهج الرأسمالي ذاته وتوحدت معه في الهدف المتمثل في الربح المادي وأضافت له الربح المعنوي كأولوية مهمة وأساسية لديمومة نفوذها وسطوتها واستمرارية توسعها على حساب المنطلقات والمبادئ الأولى التي لازالت توظفها للتحايل على البسطاء وتتمسح بها لخداعهم .
حيث عمدت هذه المؤسسة إبتدءا وفي إطار هذه التحولات إلى خصخصة الدين والاستحواذ عليه من غير إن تقدم أي مقابل إلا الخداع والتزييف ثم أعلنت ملكيتها له و احتكرت فهمه والقابلية على توجيهه الوجهة التي تقنع فقراءه واللذين يعيشون تحت خط فقره بأنها الوجهة الصحيحة والحقيقية له وأصبح من العسير التفكيك بين النص الديني وبين فهم وتفسير المؤسسة الدينية له ، وعملت ماكنة هذه المؤسسة على إنتاج الفتاوى والأوامر حسب مقتضيات مصالحها والمنافع المتحققة منها وفرض عليها ذلك إيجاد المناخات الملائمة لقيام السوق المناسبة لبيع هذه البضاعة الزائفة من خلال تحفيز مجموعة من معاقي الفكر والسلوك اللذين تماهت أهدافهم ومصالحهم مع أهداف هذه المؤسسة ليكونوا مروجين بالوكالة لهذه البضاعة الفاسدة وعندما وجد هؤلاء إنها لا تروق إلا للقلة الساذجة اللذين اقتنعوا بان هذه البضاعة هي ذاتها البضاعة التي بعثها الله إليهم عبر وسطاءه من أنبياء ورسل انتهجوا منهج القسر والإكراه مع الكثرة التي اكتشفت زيفها وفسادها وصارت خيارات هذه الكثرة محددة في التبضع منها أو مواجهة التكفير وحدّه ، وإزاء التنامي في الوعي صار لزاما على عرابي وسماسرة المؤسسة الدينية محاصرته وتوسيع مفهوم الكفر لتدخل تحته مفردات جديدة لشرعنة القضاء على حالة الوعي هذه ، بل وبلغ الأمر مبلغا خطيرا عندما أصبحت الطبقة الواعية مضطرة للتمظهر بالمظهر الديني – حب رؤية مستعمري الدين- تحاشيا لرميها بالكفر.
ومن هنا كان لابد للعلمانية أن تأخذ دورها في التنوير وبث الأمل في نفوس أولئك المكبلون بأصفاد المؤسسة الدينية وذيولها وتسليط الضوء على المساحة المتوفرة في العلمنة المستوعبة لكل معتقداتهم وتوجهاتهم والتي سينعمون فيها بحرية التعبير عن أرائهم ومعتقداتهم.
إلا أن العلمانيين وللأسف أخفقوا بشكل كبير في ذلك لسببين أولهما عجز العلمانيين عن مواجهة المؤسسة الدينية وعدم قدرتهم على النفاذ إلى وعي الفرد وتحريره من الإرهاب الفكري الذي يتجسد بشكل مجموعة من المفاهيم والقيم الخاطئة التي أرادت لها المؤسسة الدينية أن تعمل على تغييبه ليتسنى لها تسخيره بالاتجاه الذي يخدم مصالحها ويحقق مآربها ، ومع إن اتكاء العمامة على الغيب وادعاء الناطقية باسم السماء وما لذلك من اثر على الفرد في المجتمعات المسلمة تصلح كمبررات مقبولة إلى حد ما لتبرير الصعوبة في المواجهة هذه إلا إن ذلك لا يعفي العلمانيون من المضي في ممارسة دورهم بالاعتماد على حقيقة إن الإنسان بطبعه تواق دائما إلى التحرر من الاستعباد أياً كان الذي يفرضه مؤسسة دينية أو غيرها وكذلك فان العمل على كشف زيف ادعاء كهنة المؤسسة الدينية بتقاطع العلمنة مع الدين من الأهداف المهمة التي يجب السعي من اجل تحقيقها لما لذلك من اثر في إيجاد الثقة بين العلمانيين وباقي أفراد المجتمع الأمر الذي سيساعد على رفع مستوى الوعي لدى الأفراد وبالتالي إزالة العوائق التي تحول دون إحلال القيم والمفاهيم الصالحة محل الأفكار السقيمة التي استوطنت وعيهم .
هذا هو السبب الأول المتعلق بالمؤسسة الدينية أما السبب الآخر فيتعلق بالعلمانيين أنفسهم أو بكلمة أدق ببعضهم الذي جنح وبصورة مبالغ فيها إلى التطرف ضد الدين وأصبحت العلمانية لديه مساوية للسخرية من الدين والتجريح برموزه ومعتقداته مع إن هذا – حسب فهمي – مخالف تماما لأبرز واهم مبادئ العلمانية في حرية الاعتناق والاعتقاد واحترام الرأي الآخر ما أدى إلى بناء جدران سميكة عملت كموانع مصطنعة بين العلمانيون وبين الأفراد في مجتمعاتهم وخاصة الإسلامية منها واضرت بعملية التنوير المبتغاة فضلا عن إن هذا الاتجاه أصبح نموذجا تقدمه المؤسسة الدينية لأتباعها كدليل على تقاطع العلمانية مع الدين ومضادتها له .
وبقي الأفراد في المجتمعات الإسلامية يعانون من أزمة البحث عن هوية ثقافية في ظل اسلمة قسرية لا تلبي طموحاتهم وتطلعاتهم وعلمانية متعثرة توحي بعض أخطاءها بأنها تسعى إلى سلخ الفرد عن قيمه وتقاليده المحلية و إعادة إنتاجه ثقافيا بمعايير جديدة تتناقض مع تلك القيم والتقاليد.



#ناظر_عبد_الحق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السير الى الوراء


المزيد.....




- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناظر عبد الحق - أزمة الهوية الثقافية بين أسلمة قسرية وعلمانية متعثرة