|
سوسيولوجيا الكتابة على الجدران :تيمة الجسد والسلوك الجنسي الجزئ 1 من المقال
الزاهيد مصطفى ويحياوي عبد الهادي
الحوار المتمدن-العدد: 2881 - 2010 / 1 / 7 - 08:50
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
صياغة الإطارات النظرية بشقيها النظري و الميداني من إنجاز الزاهيد مصطفى ، عبد الهادي يحياوي تقديم: قضية سوسيولوجية معاصرة وقديمة ،هي علمية علم الاجتماع، و موضوع علم الاجتماع. إن عالم الاجتماع الكلاسيكي كان مهووسا في ظل الإكراهات و المشاكل التي ترتبت عن المجتمع الصناعي . أي الإنتقال من المجتمع التقليدي القائم على التضامن الآلي إلى المجتمع القائم على التضامن العضوي ،والذي طرح جمل من المشاكل ، استعصى على البيولوجي أو الفيزيائي ، أو الرياضي إيجاد تفسير لها . من هنا برزت الحاجة إلى علم جديد سماه " سان سيمون " بالفيزياء الاجتماعية، وسماه " سبنسر " بالفزيولوجية الإجتماعية ، وسماه " كونت " السوسيولوجيا .لم يكن إبداع تسمية للعلم الجديد هو الشغل الشاغل ، والنشاط الأولي لهؤلاء الكلاسيكيين ،بل ارتكز نشاطهم في الأساس حول تحديد موضوع هذا العلم الجديد. ومن الستاتيكا الإجتماعية التي تدرس المجتمع في تباته ، إلى الديناميكة الإجتماعية التي تدرس المجتمع والمؤسسات الاجتماعية، في حركيتها.كان موضوع علم الاجتماع يتعرض لإنتقادات وانتكاسات من طرف المنتقدين الذين أبوا الإيمان بعلمية هذا العلم، و بإمكانية إيجاد موضوع له داخل البناء الاجتماعي . وها قد جاء" إميل دوركايم": إن الأهمية العلمية لدوركايم، كأحد مؤسسي علم الاجتماع، تتمثل في محاولته صياغة قواعد علمية تكون منطلقا لعلم جديد، إسمه علم الاجتماع " . وتحديد موضوع هذا العلم. فبعد السجال الذي قاده "إميل دوركايم" ،ضد علم النفس و الفلسفة ،من أجل تحقيق استقلالية علم الإجتماع عن الفلسفة وعلم النفس ، شكل الإنطلاق من ضرب المفاهيم المسبقة،و ما يسمى بالحس المشترك الإنشغال الثاني "أن الرغبة والإرادة التي أبداها في إبعاد المفاهيم المسبقة، أو ما هو مثالي ،لا تعتبر كافية من أجل بناء علم على أسس موضوعية، ما يساهم في بناء العلم هو الفهم العلمي للواقع. من هذا المنظار، ، أي من منظار نقدي يهدف التحليل و التفسير العلمي". إن حاولنا باقتضاب مخل أن نقترب من موضوع علم الاجتماع عند"دوركايم"، سنقول بتعبير المبتدئين، هو الظاهرة الاجتماعية لكن ما هي الظاهرة الاجتماعية ؟ إنها حقائق اجتماعية، و هي عبارة عن "ظواهر عامة تميز مجتمعنا بأسره ، و يجب أن نعالجها عند الدراسة كأشياء. مثل القوانين التي تمارس "قهرا"خارجيا على الأفراد. و الحقائق الاجتماعية ليست اقل موضوعية عن الحقائق التي تتناولها العلوم الطبيعية، و اعتبرها "إميل دوركايم" أنها تكمن داخل الفرد في صورة الشعور والضمير الجمعي" conxience collective " ،الذي يعتبر الموجه الحقيقي و العام للمجتمع، و من أهم خصائص الظواهر الاجتماعية عند" إميل دوركايم ": * خاصية التلقائية : و معناها أن الظواهر الإجتماعية لم يخلقها الفرد بل هي موجودة قبل أن يوجد الأفراد. فنحن نوجد ونجد أمامنا مجتمعا كاملا معدا من قبل. *خاصية الجبرية : و معناها أن الظواهر الإجتماعية ملزمة للأفراد والجماعات على السواء. *خاصية العمومية : ومعناها أن الظواهر الاجتماعية، بما أن لها من الخواص السابقة عن الأفراد بحيث يمكن ملاحظتها منفصلة في الحياة الفردية ،أي يمكن دراستها دراسة موضوعية "على أنها أشياء " . خاصية الخارجية:ومعناها أن الظواهر الإجتماعية بما لها من الخواص السابقة ما يجعلها مستقلة عن الأفراد إن ما أسسه "إميل دوركايم" كخاصية من خواص الظاهرة الاجتماعية، لم تستطع السوسيولوجيا المعاصرة التنصل منه ،وكون الظواهر الإجتماعية أشياء خارجية قهرية ،تلقائية وعامة، تعطي المشروعية العلمية لإقتحام فضاء المراحيض من خلال السوسيولوجيا . إن "هذا البحث" الذي هو بين أيديكم يستمد مشروعيته العلمية من الإطار النظري الكلاسيكي الذي حدد به" إميل دوركايم" خصائص الظاهرة الإجتماعية . ومن خلال زيارتنا لبعض الجامعات المغربية ،و استطلاع فضاءات المراحيض بها، تأكد لنا حضور الكتابة داخل هذا الفضاء ، ومن هنا لم تعد الكتابة داخل فضاء مراحيض" كلية الآداب و العلوم الإنسانية، بجامعة القاضي عياض" سلوكا استثنائيا بل أصبحت ظاهرة اجتماعية تنطبق عليها خواص الظاهرة الاجتماعية . إن الحس السوسيولوجي في مقاومته لبداهات الجماعة ، و سوء تفكير بادئ الرأي على حد تعبير" باشلار" ،سيجعلنا نتطاول على هذا على الفضاء و التأسيس لسؤالنا ما هي الدوافع النفسية والاجتماعية التي تدفع الطالب إلى التعبير عن جسده والسلوك الجنسي داخل فضاء المراحيض؟ إن استطلاع الميدان بيقظة سوسيولوجية، و بعض الأدوات المنهجية كتقنية تحليل المضمون التي اقترحتها علينا الدكتورة" خديجة الزاهي"، مكنتنا من تصنيف الوحدات والتي هيمن عليها تيمة الجسد والجنس، الذي تحيل عليه أحيانا وحدة السياق . لم يعد التعبير داخل هذا الفضاء عفويا ، بعد إجراء مجموعة من المقابلات وفق عينة عشوائية متطابقة. ركزنا فيها على تحديد المستجوب في كونه طالب "بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، القاضي عياض" ..بل أصبحت الظاهرة ذات أبعاد نفسية واجتماعية، ترتبط بمفهوم الطابو داخل هذا الفضاء الجامعي . لم يعد الفضاء الجامعي فضاء للتنوير حول قضايا مثل الجسد والسلوك الجنسي، بل أصبح الفضاء الجامعي، فضاء تقليديا، يعبر عن استمرار الضمير الجمعي بثقله داخل هذا الفضاء فأين تكمن وضيفة السوسيولوجي داخل هذا الفضاء؟ بعبارة أخرى ،ما دور طالب السوسيولوجيا داخل هدا الفضاء؟ تحضرنا هنا، الدكتورة" خديجة الزاهي"، في إحدى محاضراتها "أن على الطالب أن يتميز بالحس السوسيولوجي، و أن يأتي لدراسة الظواهر الاجتماعية، و أن لا يتحول هو نفسه إلى ظاهرة اجتماعية". حدونا هذا النهج حيث اعتبرنا أن الطالب السوسيولوجي هو الذي يحاول أن يفكك و أن يخلخل السواكن والثوابت، من أجل بناء معرفة علمية تكون في قطيعة مع ما هو متداول وسائد. لن نتحدث عن صعوبات البحث ،لأننا نؤمن بأنها من صميم العمل السوسيولوجي، لكن قد نشير إلى بعضها: *صعوبة تتعلق بالموضوع : إن الحديث عن الجسد والسلوك الجنسي داخل نسق اجتماعي يستند في بناء معاييره على الدين. يجعل من البحث اجتراحا لضمير الجماعة، لذا كان من الصعب علينا إثارة الموضوع خاصة في إجراء مقابلات كنا مطالبين بها . بحيث أن إثارة موضوع الجنس و السلوك الجنسي، مع طالب كان يقابل بالاستغراب و بالاندهاش،لكن سرعان ما يجد المستجوب لذة في البوح و الفصح والتعبير. أما حينما يتعلق الأمر بالطالبة، فسرعان ما يتغير لون وجهها والخجل باد عليها، أهو خجل أم حياء؟كيف يمكن أن أكون طالبا سوسيولوجيا، إذا لم استطع تحريك ما هو مسكوت عنه، والذي نتهرب منه مند طفولتنا، تحت يافطة المس بالأخلاق ،بالتقاليد،بالعادات ...و كذا التسلل إلى أعماق المقدس، و اجتثاث جذوره ،و التجسس عليه بل و فضحه؟ كنا نلتقي أنا وصديقي في رسم وظيفة السوسيولوجي "كونه تحري يجب أن ينفد إلى المجتمع من أجل تشخيصه و فك مغالقه وذلك عبر بلورة السؤال وجعل الظاهرة تتحدث بنفسها تارة وآستنطاقها تارة أخرى من أجل الخلوص إلى نتيجة و إلى تساؤلات جديدة،إن المجتمع دائما يكون متهما ونحن لسنا سوى الشرطة العلمية التي يجب أن تتقل هدا المتهم بالأسئلة من أجل الوصول إلى الفاعل الحقيقي ،الذي أدى إلى خلخلة النسق الإجتماعي. كانت هذه رؤيتنا المتواضعة للموضوع ، وكان ذلك منهجنا في مقاربته ،لا ندعي أننا ألممنا بالموضوع، بقدر ما نستطيع الإقرار أننا أخطئنا ، لكن خطئنا ليس إلا خطئا من الأخطاء العلمية ،التي اعتبرها "باشلار" من مكونات الحقيقة العلمية".
ثقديم :الزاهيد مصطفى ويحياوي عبد الهادي
#الزاهيد_مصطفى_ويحياوي_عبد_الهادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوسيولوجيا الكتابة على الجدران :تيمة الجسد والسلوك الجنسي ال
...
المزيد.....
-
سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع
...
-
مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ
...
-
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|