|
المؤسسة الإعلامية وقضايا المجتمع القروي بالمغرب
عبد الكبير الكراز
الحوار المتمدن-العدد: 2879 - 2010 / 1 / 5 - 21:06
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لعل هذا الموضوع يدخل ضمن إطار اهتمامات العلوم الاجتماعية (les sciences sociales) بشكل عام، ومن بين هذه العلوم علم الاجتماع وبالأخص علم الاجتماع القروي sciences sociale ruralحيث يعتبر فرعا سوسيولوجيا مهما ينضاف إلى فروع أخرى مثل علم الاجتماع السياسي science sociale politique وعلم الاجتماع الثقافي science sociale cultural وعلم الاجتماع الحضري science sociale urbain ، كما يمكن أن نجد لهذا الموضوع – المؤسسة الإعلامية وقضايا المجتمع القروي المغربي – أكثر من تخصص معرفي يسلط الضوء على جانب من جوانبه أو أكثر، مثل علوم الإعلام والاتصال(الجغرافياla géographie ،التاريخ l’histoire والأنتروبولوجيا... وحتى نحدد اشتغالنا بهذا الموضوع وبشكل منهجي قدر الإمكان نؤطره في سوسيولوجيا الإعلام والاتصال ومنه يمكن طرح جملة من الأسئلة، ماهي علاقة المؤسسة الإعلامية بالمجتمع القروي؟ هل المؤسسات الإعلامية المغربية تهتم بقضايا المجتمع القروي؟ وخاصة قضية الأرض، المرأة، الصحة، التعليم، الشغل، السكن..؟ وكيف تعمل المؤسسات الإعلامية الرسمية على توجيه الحياة الاجتماعية والفلاحية من خلال الدعاية، الإشهار، الصحافة، النشرات الإخبارية..؟ تعتبر هذه الإشكالات ركائز نبني عليها هذا النقاش السوسيولوجي الذي ينفتح على باقي العلوم المجاورة في فروع مثل الجغرافية البشرية la géographie humaine، الأنتروبولوجيا الاجتماعية l’anthropologie social... وذلك انطلاقا من قضايا المجتمع القروي بالمغرب؛ حيث يشهد هذا الوسط الاجتماعي جملة من التحولات خلخلت معظم بنياته، فغابت قيم وظهرت قيم جديدة في العلاقات الاجتماعية والتواصل وحتى في الميدان أصبحت للآلة الحديثة حضور متزايدا إلى حد يمكن أن نقول بأن بعض القرى دخلت زمن الآلة الحديثة من آلات الحصاد، الزراعة، الحرث... فمثلا في جهة المكرن قرية اطناجة دخلت أكثر من 50آلة فلاحية إلى المجال في الفترة ما بين 2000و 2009 إضافة إلى كهربة بعض القرى... ورغم ذلك فإن هذه التحولات لا زالت دون مستوى التغير فمنها ما هو معرقل للتنمية ومنها ما هو مساهم في تنمية جزئية ومعطوبة. فهذه التحولات والأوضاع الجديدة التي تعيشها المجتمعات القروية ناتجة عن مجموعة من العوامل نربطها بقضايا محورية تستدعي البحث والدراسة، وهي قضية الأرض، وبتعبير آخر السؤال التاريخي للأرض، وقضية التعليم، كيف تنظر المؤسسة الإعلامية المغربية إلى أوضاع المدرسة القروية، ابتدائيات، إعداديات ومراكز التكوين المهني، وقضية الصحة؛ غياب المؤسسات الوعي الصحي. قضية المرأة، الأوضاع التي تعيشها المرأة هناك نساء قرويات يؤدين أعمالا شاقة من أجل كسب العيش الكريم... وهنا وجب السؤال العريض: هل المؤسسات الإعلامية تجعل هذه المواضيع محط اهتمام؟ وكيف تتعامل المؤسسات الإعلامية مع الدراسات المنجزة حول قضايا المجتمع القروي الراهنة؟ بطبيعة الحال هنا تحضر مسألة الحرية والاستقلالية بالنسبة للإعلام المغربي، فالمؤسسات الإعلامية المغربية، باعتبارها هياكل تقنية وبشرية تمتلك القدرة على جعل الخبر متداولا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ومعرفيا لا تهتم بقضايا المجتمع القروي، من أحدات ومستجدات أوضاع مأسوية بالشكل المطلوب. وإذا نظرنا إلى القنوات الإعلامية المغربية مثل القناة الأولىRabat والثانية2M فإنها لا تعير اهتماما بالحدث الاجتماعي القروي، فغالبا ما تكون المواضيع الإعلامية محددة و مفروضة قبلا، وحتى بعض المجلات الصحفية، سواء تعلق الأمر بالصحافة المستقلة أو الصحافة التابعة للحزب السياسي، فإنها لا تأخذ بعين الاعتبار مشكلات المجتمع القروي في أولوياتها، مما يجعلها تهتم بقضايا سياسية دون مواضيع اجتماعية قروية يمكن أن تنال شريحة اجتماعية من القراء، بل أكثر من ذلك، باحثين مهتمين بعلم الاجتماع القروي. وإلى جانب ذلك هناك برنامج مباشرة معكم ينفتح على مواضيع اجتماعية تجعله برنامجا إعلامية يميز القناة الثانية عن القناة الأولى. لكن القضايا الأكثر إشكالات لازالت غائبة عن اهتمامه، مثل سؤال الأرض.حيث نجد مثلا في ضواحي المكرن قرب اولاد عامر مساحة زراعية تزيد عن 3500هكتار موقوفة لمدة تزيد عن8سنوات بسبب نزاع قبلي هناك. وخلاصة القول أن المؤسسة الإعلامية وقضايا المجتمع القروي مسألة تضعنا أمام الحرية الإعلامية بالمغرب، على اعتباران قضايا "المغرب القروي" (الأرض،و سوء توزيعها، والإكراهات الناتجة عن دالك،و قضية التعليم، وضعية المرأة، والدراسات النظرية والتطبيقية التي أنجزت حول ذلك) لم تحض بتغطية إعلامية، مما يجعلنا نقول بأن هناك اهتمام سوسيولوجيا في مقابل تهميش إعلامي.و حتى يبقى النقاش مفتوحا نختم بسؤال هو كيف يمكن أن نتحدث عن مؤسسة إعلامية تعلن عن مجال له أحداثه وأوضاعه من جهة، وتكون مدخلا ميسرا للباحثين في الدخول إلى القرية بعدة منهجية مبنية بشكل معرفي إعلامي؟ بقلم:عبد الكبير الكراز، باحث في علم الاجتماع
#عبد_الكبير_الكراز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|