من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 7

أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 874 - 2004 / 6 / 24 - 06:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

تطورت الحركات في المرحلة الأخيرة حسب الأيام كالأتي
18 تشرين الأول 1918
أصدر الجنرال قوب أوامره لتنفيذ الخطة التي ذكر موجزها أعلاه، تضمنت وصايا الى لواء الخيالة بالتحرك من عين النخيلة ليلة 23 - 24 تشرين الأول الى الزاب، القيام بتأسيس رأس جسر عبر الزاب يوم 25 منه، بالإضافة الى حماية الجناح الأيمن إزاء القوات الموجودة في كركوك، وتأسيس تماس مع الأتراك في آلتون كوبري، والتهيئة لعبور دجلة شمال الشرقاط، وتضمنت وصايا الجنرال قوب الصادرة الى اللواء المدرع الخفيف، بالحركة الى الحضر يوم 24 تشرين الأول، والقيام بغارات على خط المواصلات جوار الشرقاط وقطع خطوط البرق
21 تشرين الأول 1918
بعد تحشد القوات البريطانية قطعاتها على طرفي دجلة، قدر الجانب التركي خطورة قبول المعركة في خط الفتحة، فأصدر القائد التركي علي احسان باشا أوامره بإخلاء موضع الفتحة والانسحاب الى موضع المسحق، مع إناطة بعض القطعات مهمة تعويق تقدم القوات البريطانية دون تعرض نفسها لخطر الابادة، وتهيئة مواضع بين المسحق والشرقاط عندما يرغمه البريطانيون على إخلاء الموضع الدفاعي في المسحق، وان لا يصل الشرقاط قبل يوم 30 تشرين الأول، وطلب من كردوس القناصة الذي وصل الشرقاط ان يقوم بتحكيم مواضع جنوب الشرقاط وغربها بجوار ( عين أسد).
22 و23 تشرين الأول 1918
قصف المواضع التركية بالمدفعية والطائرات مع تقدم القطعات البريطانية، واحتلال مواضع متقدمة تبعد ميلا عن الدفاعات التركية، أصدر الأتراك أوامر إخلاء موضع الفتحة، والانسحاب الى عند حلول الظلام ليلة 23 - 24 على ضفتي دجلة الى خط المسحق
24 تشرين الأول 1918
احتل البريطانيون مضيق الفتحة بعدما شعروا بانسحاب الأتراك، وقامت الطائرات بقصف الارتال التركية المنسحبة،
وقد لاقت القطعات البريطانية المتقدمة غرب دجلة صعوبات كبيرة لوعورة المنطقة مما جعل تقدمها بطيئاً، وحصل اشتباك بمعركة قصيرة مع القطعات التركية المنسحبة التي كانت في طريقها الى المسحق من آلتون كوبري، وتم للبريطانيين تأسيس رأس جسر بعد انسحاب الأتراك غرباً، وقد وصلت مدراعاتهم الى الحضر، وكان الموقف ليلة 24 - 25 بالنسبة للأتراك يحتلون خط المسحق، ولديهم قطعات شمال الزاب شرق دجلة. أما بالنسبة للبريطانيين قطعاتهم شمال حمرين في طريقها نحو الزاب، وقطعات اجتازت مضيق الفتحة وتتقدم شمالاً في الأراضي الوعرة نحو المسحق ببطء، ومدرعات في الحضر، وقطعات أخرى تحتل رأس جسر في الزرارية.
25 تشرين الأول 1918
عبرت قطعات بريطانية نهر الزاب من شميط بعد معركة عنيفة، انسحب الأتراك نحو الشمال، وبذا اخلوا ضفة دجلة الشرقية، وأصدر الجنرال قوب أوامره لعبور نهر دجلة.
انسحب الأتراك من كركوك وتم احتلالها من قبل القطعات البريطانية.
أما الموقف غرب دجلة فقد كان الأتراك يحتلون موضع المسحق، وكانت مواقعهم قوية ومعززة بالأسلاك الشائكة، وصدوا هجوم البريطانيين، وأفلحت تخريباتهم على الطرق، ووعورة المنطقة لكثرة الوديان بها في فرض تأخير كبير على القطعات البريطانية.
شرع البريطانيون ليلة 25 - 26 في نصب جسر على الزاب
26 تشرين الأول 1918
بعد هجوم البريطانيون المكثف على موضع المسحق بمساندة القطعات التي عبرت للتو على الجسر المنشأ على الزاب افلحوا في دخول قسم منه، وتمكنت قطعات أخرى بعبور دجلة من مخاضة الحضرانية، التي وصلت المدرعات البريطانية جنوبها بـ 10 أميال الى الهويش، واستطاعت من قطع خط البرق، وكان العميد إسماعيل حقي قد بين حراجة الموقف لعلي احسان قبل انقطاع الاتصال طالباً الموافقة على إخلاء الموضع إلا إن الأخير رفض ذلك، ولكنه بعد انقطاع الخط شعر بالخطر الذي يهدده فأصدر أوامره بإخلاء خط المسحق ليلة 26 - 27 تشرين الأول، والانسحاب الى موضع الشرقاط الذي كان قد شرع بتحكيمه منذ أيام، والذي يبعد 3 أميال جنوب الشرقاط، وانسحبت كافة القطعات التركية الى هذا الموقع، ولم يشعر البريطانيون بهذا الانسحاب إلا صباح يوم 27 منه.
تلقى الجنرال قوب تقارير مغلوطة عن قطعاته الموجودة شرق دجلة، أدت به الى إصدار قرار بسحبها الى الفتحة، تبين فيما بعد بأنه كان قرار مغلوطاً أدى الى إرباك الخطة بأسرها.
27 تشرين الأول 1918
هاجم لواء القناصة التركي قطعات الخيالة البريطانية في محاولة لطردها لغرض فتح طريق الانسحاب إلا انه لم يفلح في هجومه، وأخذ الجنرال كاسلز على تقوية دفاعات البريطانيين وبعد التحاق المدرعات استمر التقدم ومطاردة الأتراك إلا أن التقدم كان بطيئاً وعند حلول الظلام كانت المسافة ما تزال تبعد 25 ميلاً، ولم يستطع البريطانيون من تأسيس تماس مع الأتراك، ومرت ليلة 27 - 28 بهدوء، وفي الجانب التي خارت عزيمة العميد إسماعيل حقي، وعقد مؤتمراً للأمرين تقرر فيه العمل على خرق جبهة الخيالة البريطانية والانسحاب الى القيارة مع ترك بعض القطعات في المواضع الحالية وقد بدل رأيه قبل الشروع بالعملية وبعد مدة ساعات معدودة عاد الى قراره وطلب من القطعات تنفيذ الخطة الأصلية.
28 تشرين الأول 1918
قصف مدفعي متبادل بين القطعات التركية( 25 مدفعاً) والبريطانية ( 6 مدافع)، وشرعت القطعات التركية بالهجوم على الجناح الأيمن للقطعات البريطانية التي كانت بقيادة كاسلز ومضايقته بشدة، وقد وقعت القطعات البريطانية بالحرج فعلاً بعد انسحاب سرية المؤخرة واحتل الأتراك بذلك خطاً يبعد ثلاثة أميال عن المخاضة وشرعت قوات تركية أيضا للقيام بحركة التفاف حول جناح البريطانيين من الغرب التي لاقت مواجهة أدت الى تأخير الالتفاف التركي وتكبيده بعض الخسائر إلا إن الهجوم التركي استمر، غير ان موقف البريطانيين قد تحسن بعد وصول القطعات التعزيزية وعهد الى الجنرال كاسلز واجب إيقاف زحف القطعات التركية نحو الجنوب.
تمكن البريطانيون من دحر الأتراك المدافعين في خط الشرقاط، وإرغامهم على التراجع، وشدد الجنرال قوب على عدم التوقف، والاستمرار في التقدم ليلة 28 – 29، واستمر الأتراك في هجماتهم بعد حلول الظلام إلا أنها كانت هجمات خائرة.
احتلت القطعات التركية المنسحبة من الجنوب موضعاً يبعد 3 أميال الى شمال الشرقاط، وأصبحت القوات التركية محصورة من قبل القوات البريطانيين بين قطعات الجنرال كاسلز والقطعات المتقدمة نحو الشمال.
عقد العميد إسماعيل حقي مؤتمرا للتداول حول التملص نحو الشمال وقد علم من الدوريات بوصول القطعات التركية الى الجرناف، وكان الموقف حرجاً بسبب شحة الأرزاق والعتاد، وكان قرار الأكثرية على الانسحاب الى الشمال الغربي، ولكن بعد انتهاء المؤتمر بدل العميد إسماعيل حقي رأيه وأصدر أوامره بالبقاء والدفاع عن الموضع الحالي
29 تشرين الأول 1918
كان الموقف في فجر هذا اليوم كما يلي
1- قطعات تركية تشغل موضع يبعد 3 أميال الى شمال الشرقاط تحاول إيقاف زحف البريطانيين الى الشمال، وهي
بنفس الوقت على تماس مع قوات الجنرال كاسلز الذي يحاول بدء بعمل كماشة تطويق لها.
2- قطعات تركية قادمة من الشمال تحتل موضع يبعد عن مخاضة الحضرانية بثلاثة أميال أي يبعد بخمسة أميال عن القوات التركية شمال الشرقاط إلا إن بين موضعي القوات التركية، قوات الجنرال كاسلز البريطانية
3- قوات تركية على مقربة من القيارة وفي طريقها الى الجنوب
4- القوات البريطانية على وشك إتمام تطويق القطعات التركية شمال الشرقاط
وقد تطور الموقف خلال يوم 29 تشرين الأول وكما يلي :
فشل هجوم بريطاني قامت به الخيالة التابعة الى الجنرال كاسلز على موضع يشرف على مخاضة الحضرانية وعلى بعد ميلين منها، إلا انه كرر الهجوم واستطاع من تطويق القوة التركية هناك وأسرها كلها( 985 اسيراً) وبذا تم القضاء على كل خطر يهدده من الشمال.
مواجهات محتدمة بعد تأسيس تماس بين القطعات التركية والبريطانية شمال الشرقاط، ورغم عدم النجاح في المرة الأولى استأنف التعرض البريطاني، وتمكن المهاجمون من دخول بعض أقسام الموضع التركي، إلا أن الأتراك قاموا بهجوم معاكس عند الغسق وطردوا البريطانيين، وتمكنوا من استرجاع المواضع التي خسروها، وبعد نفاذ عتاد المدافع البرطانية طلب الجنرال قوب من قواته تمديد الجناح الأيسر الى الشمال الغربي لسد طريق الهروب الأخير على القوات التركية.
بعد ان علم قائد القطعات التركية بالنكبة التي حلت بالقوة التركية في مخاضة الحضرانية، والقضاء على القوات التركية الزاحفة نحو الجنوب، وطد العزم على التسليم وأصدر أوامره بذلك فجر يوم 30 تشرين الأول ورفعت القطعات التركية الأعلام البيض، وتم تسليم قطعات شمال الشرقاط كلها وبلغ عدد الأسرى 3300 أسير و43 مدافعاً.
النجدات التركية
**********
ساقت القيادة التركية قطعات تعزيزية من صاو جيلاق على طريق اربيل - ديبكه - مخمور، وعبرت دجلة من شرق القيارة يوم 27 تشرين الأول، وتحرك قسم منها لضرب العشائر في منطقتي الشورة والقيارة حيث كانت تغير على خط المواصلات، وبقية القطعات زحفت الى الجنوب، واشتبكت مع قوات بريطانية يوم 28 ويوم 29، وقد أبيدت هذه القوة واسر من تبقى منها، أما القطعات التي ذهبت لضرب العشائر فقد علمت من العشائر نفسها بالنكبة التي حلت بالقوة التركية، انسحبت الى القيارة، وطلب منها البقاء والصمود فيها، وتمكن البريطانيون من قطع خط الرجعة عليها وأسرها كلها، وقد انفتح بذلك خط الموصل للبريطانيين، وفي يوم 1 تشرين الثاني وردت أخبار عقد الهدنة وكان البريطانيون على بعد 12 ميلاً جنوب الموصل، وقد تمكنوا خلال هذا التعرض النهائي من اسر (11321) اسيراً تركياً و51 مدافعاً وكانت خسائر البريطانيين 1886.
أما في جبهة كركوك فقد وصلت القطعات البريطانية الى التون كوبري يوم 31 وانسحب الأتراك الى الكوير.
الهدنة
****
تلقى الجيش التركي وهو في الوضع المؤلم يوم 31 تشرين الأول 1918 نبأ عقد الهدنة، والأمر بإيقاف القتال من القيادة العامة التركية، وكانت القطعات البريطانية على الخط العام خانقين - كفري - كركوك - القيارة - عنه، واستمر البريطانيون في زحفهم رغم عقد الهدنة اعتباراً من ظهر يوم 31 تشرين الأول، فوصلت قطعات بريطانية يوم 1 تشرين الثاني الى حمام العليل وعسكرت هناك، وحاول علي احسان باشا التمسك بالموصل إلا إن إصرار البريطانيين على التقدم وانهيار الإمبراطورية العثمانية أديا بالنتيجة الى توجيه إنذار من الجنرال مارشال الى علي احسان باشا بوجوب إخلاء الموصل كلها بين يوم 8 - 15 تشرين الثاني، وعينوا الكولونيل ليجمن حاكماً عليها، وأعلن هذا أن حكومته لا تعترف بسيادة تركيا على ولاية الموصل بأية صورة، فاضطر الأتراك الى تنفيذ ذلك، وفي 10 منه تم للبريطانيين احتلال الموصل، وفي يوم 11 تشرين الثاني عقد اجتماع في السراي حضره أعيان الموصل وقام عبد الغني النقيب فألقى خطبة حمد الله فيها على إخراج أهل الموصل من الظلمات الى النور، ثم قام عمانوئيل بطرك الكلدان فألقى خطبة تشبه في معناها خطبة النقيب.
انسحبت القطعات التركية بصورة نهائية الى نصيبين وجزيرة أبو عمر، ويمكن القول ان الأتراك ضحوا تضحية كبيرة في سبيل الاحتفاظ بالموصل ولكنهم في الأخير لم يتمكنوا من ذلك، أما في جبهة الفرات فقد احتل البريطانيون مدينة عنه في 1 تشرين الثاني بدون مقاومة.

#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات