|
-بعثوفوبيا-الحكومة العراقية ومدلولاتها السياسية !
سامان كريم
الحوار المتمدن-العدد: 2878 - 2010 / 1 / 4 - 00:00
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الخوف من البعث " بعثوفوبيا" اصبح حالة شائعة لدى بعض الحركات والاحزاب السياسية في العراق وخصوصا تلك الاحزاب والحركات التي بسطت سلطتها بواسطة الاحتلال. الخوف من عودة البعث. الخوف من عودة قادته الى السلطة. الخوف من عودة بعضهم تحت اسماء اخرى الى البرلمان، الخوف من رموزه.. لماذا كل هذا الخوف من الحزب القومي العربي الذي حكم العراق بالحديد والنار؟! الذي ادخل العراق في حروب متواصلة وكان السبب في تأجيج حرب داخلية عنيفة على اساس الهوية القومية البغيضة، لماذا الخوف من الديكتاتور الذي سقط واعدم بحكمهم؟! ماهو محور وجوهر خوفهم من البعث؟! هل ان البعث كحزب قومي عربي، -الذي أعدم وقتل معارضيه علناً والذي اسلم المجتمع العراقي من خلال حملته الايمانية، الذي مزق صفوف الطبقة العاملة وحركتها؟! الذي ادى حكمه الى افقار المجتمع العراقي- يستوجب الخوف منه ويستوجب الخوف من عودته الى السلطة؟! ماهو هدف الحكومة الحالية وراء تلك الادعاءات؟! لمذا الخوف من البعث"بعثوفوبيا"؟! بعد سبعة سنوات من سقوطه تقريباً و بعد اعدام رمزه، تخاف الحكومة وبعض الاطراف المشاركة في الحكم من عودة البعث. يا ترى لماذا؟! هل حصل في التاريخ الخوف من الموتى( اذا نغض نظرنا عن الافلام السينمائية)؟!. براي هناك سببان....السبب الاول هو سبب إجتماعي- سياسي بنيوي عميق، لايمكن لحكومة المالكي ولا غيره من الوجوه الحاكمة ان يتجاوزه. والسبب الثاني هو سبب سياسي طارئ يعبر عن المرحلة الراهنة. لنبدأ مع السبب الأول: ان حكومة المالكي اوغيره(ليس المقصود شخص المالكي في هذه الفقرة): ان الحكومة البرجوازية الموجودة او الدولة البرجوازية الموجودة( رغم هشاشتها وضعف بنيتها وعدم حسمها من قبل اي طرف سياسي) في محتواه الطبقي والسياسي تابعة للقوى الامبريالية مثلها مثل حكومة البعث ودولة العراق في تلك الحقبة، واساس سياساتها وبقائها هو تأمين " العمل الرخيص والعامل الخامد" اي الاستبداد و تأمين ادنى مستوى من حالة المعيشية للطبقة العاملة والجمهرة الغفيرة من المواطنين. عليها ان تنفذ هذين المحورين الاساسيين بحذافيرهما حتى تكون مقبولة لدى الدول الرأسمالية الكبرى ومؤسساتها الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين و منظمة التجارة العالمية...الخ هذا قانون سياسي –ااقتصادي لهذه الدول في عالمنا الراهن وفي ظل سيطرة الدول الرأسمالية الكبرى وشركاتها الاخطبوطية على مقدرات المجتمع البشري...وهذا البنية السياسية والاجتماعية الاساسية هي التي ادت الى انعدام الخدمات بصورة شبه كاملة، عدم توفر الماء الصالح للشرب عدم توفر شبكات الصرف الصحي، قلة المدارس والمستشفيات ناهيك عن فقدنها للبنى التحتية العصرية... المجاعة المتفشية التي لم يراها المجتمع في العراق اطلاقا, معدلات كبيرة في نسبة البطالة، قلة الاجور والهجوم المستمر و المتواصل على الطبقة العاملة ومنظماتها، انعدام الحريات السياسية وخصوصا في القطاع العمالي، غياب قانون عمل يحفظ الحدود الدنيا للحقوق، واستمرار العمل بقانون العمل البعثي، استمرار الاعدامات والمداهمات... كل هذه الامور( ولو ان عدد منها مرتبطة ووثيقة الارتباط بحالة الامن في البلاد) هي امور اساسية وتشكل البنية الأساسية لسياسة حكومة المالكي او اية حكومة اخرى..... مجموع كل هذه الامور وما آلت اليه من التذمر والاحتجاجات الجماهيرة والعمالية ضد سياسات الحكومة ... قادت الحكومة الى جعل البعث شماعة لتبرير سياساتها من جانب فأن خوفها من البعث لان ممارساتها السياسية و العملية والادراية لا تختلف عنه ومن جانب اخر ان فترة غير قليلة من حكم البعث يتمتع فيها العراقيين بمستوى معيشى احسن وافضل بمرات عديدة من الظرف الحالي.. هذا ناهيك عن الفساد المتفشي في كل مفاصيل الدولة من قمة الدولة والحكومة الى مدراء النواحي ومخافر الشرطة .... أن هذا السبب هو سبب رئيس لخوف الحكومة الحالية من البعث. اذا كانت افعال وسياسات وممارسات الحكومة الموجودة هي ممارسات وسياسات لصالح الجماهير حينذاك لا يستوجب اي خوف واي بعثوفوبيا. بمعنى اخر اذا كانت الحكومة الحالية هي حكومة معتمدة على القوى الجماهيرية وحققت بعض التطلعات والمطالب الجماهيرية(ليس كلها طبعا) حينذاك لا يستوجب الخوف من البعث، حينذاك فإن البعث ليس بامكانه ان ينخرط في اية عملية سياسية. اما السبب الثاني : هو صراع تلك الجهات مثل ائتلاف دولة القانون او الإثتلاف الوطني العراقي او حتى التحالف الكردستاني في هذه المرحلة اي قبل الانتخابات القادمة هي سياسية بحتة. ان هذه الجهات هي فعلا تخاف من البعث لانهم اولى بمعرفة شؤونهم وسياساتهم التي متناقضة مع مصالح الجماهير، ويعرفوا حق المعرفة، ان سياساتهم و توجهاتهم من حيث المحتوى السياسي هي ممارسة وسياسة البعث نفسها، وللمثال فقط: قانون الاحوال الشخصية مثلا قانون تحويل العمال الى موظفين، قانون العقوبات، احكام الاعدام، مداهمات البيوت و الاعتقالات الكيدية، هي إستمرار وإجترار للحقبة الماضية....لولاها لم ولن يستوجب اي خوف، اذا كانت الجماهير معك لماذا الخوف؟!. يخافون من البعث وهذا واقع نتيجة لاعمالهم وممارساتهم. ومن جانب اخر هناك كتل قومية عربية مثل الحركة الوطنية العراقية بقيادة علاوي ومطلك وهناك كتل ايضا بقيادة بولاني واحمد ابو ريشة وطارق الهاشمي، هذه الكتل تمثل القومية العربية. والحال كهذه ان المالكي كرئيس لدولة القانون وكتل مثل الائتلاف الوطني العراقي او التحالف الكردستاني يبتغون ضرب الكتل القومية العربية ولكل منهم مصلحته الخاصة. ولكن كيف يضربونها؟! انهم يحاولون ضرب الكتل القومية العربية وحسب توصيفهم "السنة" وعبر هذه العملية ومن خلالها ضرب حزب البعث و ووضع العراقيل امام عودته. لكن ان توصيف تلك الكتل او توصيف قادتها بالبعثين ليس لصالح دولة القانون ولا لصالح الإثتلاف الوطني لانهم يخافون من البعث حسب قولهم حيث يقولون يوميا وفي كل مناسبة: اننا نمنع عودتهم.. المظلوم خاسر دائما وهو قانون التاريخ. ان هذه الكتل تحاول ضرب هؤلاء اي الكتل القومية العربية وتوصيفهم بالبعث ضمناً. لكن هذا الوصف ايضا خاطئ لان هؤلاء اي قادة الكتل القومية في العراق الحالي والمشاركون في البرلمان والحكم، قادة من الدرجات الثالثة والرابعة للحركة القومية العربية، ان البعث لا يقبل بقيادة هؤلاء لحزبه. لكن تعبر بشكل مباشر خوف الحكومة من البعث نظرا للسياسات والممارسات التي تتبناها الحكومة منذ الاحتلال ولحد اللحظة. وهذا الخوف لا يعبر عن قوة البعث وقاعدته الجماهيرية بل تمثل ضعف الحكومة وبعدها عن الجماهير وتطلعاتها ومطالبها. من جانب اخر ان هذه القضية وتكرارها بمناسبة ودون مناسبة تمثل الصراع الدولي والأقيليمي في العراق وانقسام القوى والكتل البرجوازية المختلفة بين القوى الدولية والاقليمية. التيار الثالث الذي لايخاف من عودة البعث هذا التيار هو الجماهير المليونية والطبقة العاملة، تلك الجمهرة الكبيرة من الجائعين والعاطلين عن العمل والعمال وحركاتهم والشباب الذين لم يذوقوا طعم الحياة لا من خلال حكم البعث، اي لامن خلال الحركة القومية العربية ولا من خلال حكم "الدليمية" المتشكلة من الاسلام السياسي الشيعي والحركة القومية العربية والقومية الكردية المؤتلفة في الحكم ... والمراة التي تقتل وتنهك كرامتها يوميا سواءا في فترة حكم البعث او بعد الاحتلال.. ان تذمر هذا التيار المعارض واحتجاجهم على تلك الممارسات في ظل الحكومتين.. هو هذا التيار الذي بامكانه ان يقلب الطاولة وان يقود حركتها حول مطالبها لازاحة هؤلاء الحكام.... و يطبع الدولة والحكومة بطابعها الانساني اي الدولة للجميع، دولة بلا هوية دينية وبلا هوية قومية. دولة توفر الحريات السياسية غير المقيدة وغير المشروطة، دولة توفر حق المواطنة المتساوية للجميع، دولة توفر المساواة الكاملة بين الرجل والمراة. دولة توفر للعمال والجماهير الغفيرة والمحرومة كافة حقوقها السياسية والاجتماعية، دولة بامكانها ان توفر الامن والامان للمجتمع ولكافة المواطنيين، دولة لا مكان فيها للفساد والمفسدين... هذا التيار ليس لديه عقدة بعثوموفوبيا لان ممارساتها وسياساتها تنبض مع نبض قلب اكثرية الجماهير.. حينذاك لن يبقى للبعث اية ارضية لعودته ولن تبقى ارضية لحكم هؤلاء الذين يخافون من عودة البعث...حينذاك يتمتع العراق بكامل سيادته والمجتمع بكامل حرياته..
#سامان_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار سايت الحزب الشيوعي العمالي العراقي مع سامان كريم حول ال
...
-
انهيار جسر عبور المشاة في سوق الشيوخ
-
الحكومة الحالية حكومة لتفشي الفقر والمجاعة ليس بامكانها ان ت
...
-
لا لعملية نزف دماء العراقين، لا للانتخابات، لنهب لمقاطعتها!
-
بغداد تحترق ، والقوات الامنية مستنفرة للدعاية الانتخابية وال
...
-
الذكرى الثامنة لحوار المتمدن
-
الدولة المفقودة! على هامش الصراعات حول قانون الانتخابات
-
أهالي كركوك، بين مطرقة الحركة القومية الكردية و سندان الحركة
...
-
نهاية العملية السياسية الجارية! والعملية الانتخابية القادمة
-
أبعاد جدیدة وشاملة من الأضراب في مدن سنندج وبقیة
...
-
كيف نواجه الشركات الاجنبية !
-
رسالة الى الرفيق حول الاحداث الاخيرة في إيران
-
وهم التغيير في ظل العملية السياسية الجارية في العراق!
-
حميد تقوائي وحزبه انزلق تحت جناح موسوي
-
إعادة قراءة -الديمقراطية بين الادعاءات والوقائع- لمنصور حكمت
-
بمناسبة يوم الطفل العالمي
-
لا للمحاصصة الطائفية والقومية،ولا لدستورها، ونضالنا لبناء ال
...
-
الحركة العمالية والسلطة السياسية!
-
وقف العنف ضد المراة، عملنا!
-
تشكيل عالم ما بعد الكارثة- تعبير لمرحلة السقوط الامريكي
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|