أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف حافظ - عصا التحليل الانتقائية حرام يا دكتور قرضاوى!















المزيد.....

عصا التحليل الانتقائية حرام يا دكتور قرضاوى!


شريف حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2875 - 2010 / 1 / 1 - 23:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عجبت لهذا الزمان الذى يُستغل فيه الدين الإسلامى لأبعد مدى حتى إن "بعض" عُلمائه، يبيعونه مُقابل ثمنٍ دنيوى، قليل للغاية!! وبينما فتوى العُلماء غير مُلزمة لعدم وجود كهنوت فى الإسلام ولعدم استرشاد الدول المدنية بتلك الفتاوى متى وضحت الأمور فإننا مازلنا نسترشد بعُمق تفكيرهم وفتوايهم التى يجب وأن تنبع من عُمق تحليل الواقع، وتتوافق مع الدين، بحيث تؤدى إلى التعبير عن مصلحة الجموع، وليس قلة ضلت طريقها وتريد الفوضى بين الناس، بحيث تُمثل الفتوى كلمة الله العليا، التى ما هى إلا المنطق المتوافق مع العقل!!

إن من أهم شروط الإفتاء العدل وعدم الانحياز لطرف مقابل طرف بغرض تحقيق غرض فى نفس يعقوب. ومنها أيضاً، المعرفة بالقضية محل الفتوى من كل جوانبها. فإن لم يتم هذا صارت الفتوى باطلة! فهل توخى الدكتور يوسف القرضاوى تلك الشروط عندما قدم فتواه الخاصة بالحُرمانية الشرعية للجدار الفولاذى بين مصر وغزة، أم أنه لم ير ما تم ويتم على أرض الواقع فى هذا الشأن؟.

وقبل فتوى الدكتور القرضاوى فى شأن الجدار الفولاذى، وطالما زج بنفسه فى الشأن السياسى الخاص بالمنطقة، كنت أتوقع منه، فتاوى أُخرى كثيرة، فى مواضيع خطيرة للغاية، مثل تلك القواعد الأمريكية التى تتواجد على أراضى دول خليجية معروفة، وتضرب مواطنى دول عربية أُخرى، ومن ضمن تلك القواعد، قاعدة "السيلية" بدولة قطر التى يتواجد بها الشيخ القرضاوى ذات نفسه! وكنت أنتظر منه فتوى حول الدول العربية والجماعات المُتلاعبة بالدين التى تتكلم حول مُعاداتها لإسرائيل وأمريكا، بينما هى لديها علاقات مع الاثنتين، مثلما هو حال بالنسبة لقطر مع إسرائيل والإخوان المسلمين مع الولايات المتحدة! وحول الاعتداءات التى تحدث من دول أو كيانات، على دول أخرى أو كيانات أخرى، مثلما تُمارس سوريا التخريب فى العراق وقد اتهمت الأخيرة الأولى علناً، أو بما حدث من قبل إيران فى احتلال بئر نفطية عراقية واحتلال الجزر الثلاث الإماراتية منذ زمن، أو فى تعذيب قادة حركة حماس لرجال ينتمون لحركة فتح فى غزة، وقتل مواطنين فلسطينيين بأبشع الصور لأنهم لا ينتمون لحركة حماس، مثل أعضاء فى تنظيم الجهاد الإسلامى وفتح وغيرهم، وإبداء سيطرة ديكتاتورية على قطاع غزة! لم نسمع من الشيخ القرضاوى أى فتوى فى كل تلك الأمور، ولكن سمعنا منه فتوى حول الجدار الفولاذى ما بين مصر وغزة، وكأن هذا الجدار هو أكبر مشاكل الأمة ومصر الشيطان وكل من دونها ملائكة!

ثم إن السؤال أيضاً: هل أصدر الشيخ القرضاوى فتواه، لإثناء مصر عن بناء الجدار أم للتحريض عليها وخلق الفتنة وهو يعرف أن مصر لن تستجيب، بأسلوب صياغته لفتواه؟ فلماذا لم يخاطب السلطات المصرية أولاً بشكل ودى، طالما أنه يريد منع بناء الجدار؟، ربما كان بإمكانه تفهم وجهة نظر مصر، لو أنه خاطب مصر بشكل يُظهر النية الحسنة، ولكنه استخدم "عصا" التحليل، وكأنه يرى مصر تلميذا فى كتابه، والمصيبة أنه طالب الدول أن تضغط على مصر فى سبيل تنفيذ فتواه، وكأنه كان يتعمد الإهانة وليس الفتوى، وكأن القرار المصرى جاء تنفيذا لنزوة وليس بناءً على فكر!! فهل هذا يجوز من عالم دين؟؟ فإن كان يوعظ فتلك ليست موعظة حسنة!، وإن كان يدفع عدواناً فهذا لم يكن بالتى هى أحسن! ولكنه كان يتعمد الإهانة وهو يعرف أن مصر لن تسمع له، لأنه ليس ذى صفة فى مصر، ولأن مصر تحمى أمنها القومى، وهو أهم من فتواه، لأن فتواه فيها قصور عال للغاية فى المعلومات، وفيها غرض فى نفس يعقوب، لأنه لم يُفكر يوماً فى إصدار فتوى فيما هو سوى مسألة هذا الجدار، بينما المصائب على الأمة كثيرة والاعتداءات بين الأشقاء شبه شهرية!

إن كان القرضاوى يتكلم فى الدفاع عن وضع إنسانى، فإنه قد أخطأ خطأً قاتلاً! فليس الإنسانى، أن نترك الشقاق يدب بين الأشقاء، لأن على المدى البعيد سيحدث ما هو ليس آدمى فى غزة من قبل حماس على من دونها من الفلسطينيين وعلى غزة من قبل إسرائيل تجاه كل الفلسطينيين، وذلك طالما ظلت الفُرقة الفلسطينية! فالإنسانى هو أن نُرجح اللحمة بين الفلسطينيين، ونُجبر حماس على عدم الاعتداء على كل من هو ليس منتمٍ لحماس فى قطاع غزة، وتتوقف عن الأضرار بالأمن القومى المصرى! ولا أعتقد أن القرضاوى يوافق على تفجير حماس للسور الحدودى مع مصر وقتل جنوداً مصريين، يقومون بواجبهم تجاه بلادهم، تنفيذاً للأوامر، وأن تمضى الحركة ومن معها من مواطنى غزة إلى قلب سيناء، وترفع العلم الفلسطينى على مدينة "الشيخ زويد" المصرية فى استفزاز واضح لمصر والمصريين، وتشترى بضائع مصرية بأموالٍ مزورة! إن كان كل هذا يرضى الشيخ القرضاوى ويرى فيه مواقف إنسانية، ولم يستأهل الفتوى فلا يحق أن يفتى اليوم، لأن فتواه تستخدم عصاً للتحليل الانتقائى، وتُعتبر حراماً شرعياً!!

كنت أتوقع أن يقوم القرضاوى بالإفتاء بما يُمكنه أن يرأب الصدع بين الحركتين الفلسطينيتين بأن يقول بأهمية الانتخابات الفلسطينية المُستحقة. وبالتالى، يُمكن لذلك أن يقف عائقاً أمام الجدار، ولكنه أبدى سوء النية قبل حُسنها. لقد آثر القرضاوى الإفتاء لصالح قلة ضد كثرة، ولم يسأل أهل غزة عما يفعله القلة من حماس بهم! فكيف يفتى وقد انعدم علمه حول أمور كثيرة هكذا؟

ونحن نعلم عبر تاريخ المسلمين، بل وأغلب الأديان، بأن رجال الدين عندما يتبعون رجال السياسة يُمكن استغلالهم فى تحليل المُحرم أو تحريم المُحلل! وتلك نقمة الفتوى، عندما يكون المُفتى فى تلك الحال غير مُستقل الذهن، فيصنع فتوى على "مقاس" السياسى، كى تُستخدم فى أهداف تتماشى مع أهواء مُعينة لديه، تكون فى أغلب الأحيان ضد التيار العقلانى للأمور! وهنا يُصبح الدين، مُمثلاً لسلطة، فوق رؤوس العباد، بحيث يستوجب السمع والطاعة، بعيدا عن التقكير! ولكن، هذا غير ممكن مع حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فى قوله: "استفتى قلبك ولو أفتوك"، ومع أمور تحتاج للعلم والبحث فى غير الشق الدينى بالأساس، مما يستلزم على القرضاوى وهو رجل دين، أن يسأل أهل الذكر فى السياسة حتى يتمكن من الإفتاء فيما لا يعرف أو استعصى على إدراكه!!

ثم إن الآية القرآنية صريحة: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين"، ولا يحتاج الأمر إلى فتوى، إلا لو أن القرضاوى لا يرى فى كلام الله جدوى والعياذ بالله، ويرى فى نفسه إلهاً فوق الله، وأستغفر الله! لقد حاولت مصر عبر 7 جولات من الحوار، الصُلح بين فتح وحماس، ووقعت فتح وثيقة التصالح دون قيد أو شرط، بعد تعديلها أكثر من مرة من قبل حماس، وفى النهاية، لم ترتض حماس التوقيع، وكأنها كانت تمضى على خطوات رئيس الوزراء الإسرائيلى شامير فى التفاوض وتضييع الوقت، وكانت من البداية، تنوى ألا توقع أية وثيقة من الأصل!! أى أن مصر حاولت الصُلح، ولم تفعل هذا قطر، إن كان القرضاوى لا يعرف! بل إن قطر كانت تحاول قدر المستطاع أن تثير "الطائفتان" ضد بعضهما البعض! ولقد "بغت" حماس، ومع ذلك لا نُقاتلها، ولكننا نُجبرها على التصالح مع فتح فقط! فهل الجدار هنا حرام فى تلك الحال وتكريس الانقسام برفضه هو الحلال؟؟؟؟

لقد جانب الدكتور يوسف القرضاوى الصواب، لأنه استخدم عصا التحليل الانتقائية فى تحريم المحلل، لأغراض فى نفس يعقوب، لا يُمثلها هو، ولكن تمثلها دول فى المنطقة، يحيا هو فيها. وأقول إليه ولست بالمفتى، أتقى الله فى الإسلام والمسلمين، ولا تفتى فيما لا تعرف! فأنت لم تذكر فى فتواك تفنيد لكل ما حدث ودواعى الجدار، ولم تذكر أسانيد الفتوى على أسس السياسى الذى لا يتداخل مع الدينى هنا، لأن الناس فى مصر لم يبلغوا الجهل بالدين بعد، لتلك الدرجة!!

أحمد الله أن المسألة التى أفتى بها القرضاوى ليست دينية من الأساس، ولكنها سياسية وأن مصر دولة مدنية، لا تسمح لمن يتلاعب بالدين لصالح قلة تبحث عن الفتنة سبيلاً بين الشعوب، وأن ما تقوم به مصر يحمى أمنها ويحفظ للمصريين والفلسطينيين حقوقهم، لقد رفض كل مصرى رأيته حتى الآن فتوى الشيخ القرضاوى، حتى من يعارض بناء الجدار، ولديه عقلاً يُفكر، رفض الفتوى ورأى أنها تلاعب بالدين لصالح مصالح خاصة، أن الموافقة على بناء الجدار أو معارضته، ليست شأناً دينياً ولكنه سياسى أو إنسانى! وهو أمر يُضعف الإسلام، أن يتلاعب شيوخه به، ولذا أرى أن الدكتور القرضاوى يجب ألا يقوم بذلك مرة أخرى وإلا أكره الناس فى دينهم بدلاً من تحبيبهم فيه!، وبالتالى فلا تفتى وفقا لهوى فى نفس غيرك لخدمة مصالحه، لأن استخدام عصا التحليل الانتقائية، حرام يا دكتور قرضاوى!!




#شريف_حافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حل عملى لإزالة الألغام من مصر
- ثقافة تنمية الإنسان المصرى
- فرشوط: معاداة الإنسانية والدين والدولة
- اللعبة الإيرانية فى الجزائر
- أؤ أم الإنهيار
- سقوط الحوائط في الشرق الأوسط
- دولة مصرية قوية
- البضاعة -الرقصمالية- للإسلاميين
- علمانية وجدى غنيم
- تقرير جولدستون وعيوب الدبلوماسية العربية
- رسالة مصر إلى محمد حسنين هيكل
- أي كلام
- هل قذف المُحصنات أصبح حلالاً؟ (2)
- هل قذف المُحصنات أصبح حلالاً
- السلع الإسلامية
- واجعل نساءهم غنيمةً لنا
- صباح الفل يا رقابة!
- القوة ليست قنبلة نووية
- أكره اللون
- تجاربنا تكون شخصياتنا


المزيد.....




- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف حافظ - عصا التحليل الانتقائية حرام يا دكتور قرضاوى!