|
عام جديد .. وأمنيات شخصيه .
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2875 - 2010 / 1 / 1 - 11:52
المحور:
المجتمع المدني
لم يكن عام 2009 بالنسبة لي ، وعلى المستوى الشخصي ، غير عام أزيح على غير ارادتي الى ما وراء العد التنازلي لانقضاء العمر.. وما تبقى لي منه هي فقط تلك الاطلال المرسومة بريشة لم يألف صاحبها فن الرسم ، فجائت اللوحة وكأنها محض خراب لا تمنح المتفحص غير صور ملونة بلون الدم ، لوحة مشبعة بانعكاسات آلام الجوع وتشرد الملايين من ابناء بلدي ، والمزيد من توجيه الاهانات لمعاني لطفولة وخرق انسانية المرأه .. لقد كان عاما كسابقاته من الاعوام ، لم يحمل لي ولغيري ألوانا جديدة تستحق التوقف .. وما منحه عامنا المنصرم للبشرية من خير مشهود ، هو فقط تلك المساهمات العلمية الفذة والتي اعتاد العالم المتنور أن يقدمها وبكل هدوء واتزان لعموم سكان الارض ، وبلا منة ولا صراخ وافتعال ومكابرة ممجوجه .
في لحظات الوداع الصامته ، والتي افارق من خلالها عامي المنقضي ، ليس لي الا ان اعتذر له اولا من أنني لن استطيع تقديم الهدايا بمناسبة رحيله وقدوم العام الجديد .. فذلك عند امتي حرام ومخالفة للتقاليد وامتثالا لاعراف الغرب .. وليس لي الا أن اغمض عيني في الثواني التي يغادرنا فيها عام ويأتي عام اخر ، واتمنى من دواخلي الصامتة والمرعوبه ، بأن تنفتح علينا نحن ابناء الشرق المأزوم ، نوافذ وان قلت مساحاتها ، لنتنفس من خلالها هواء يأتينا من اعماق البحار الممتدة بسخاء ، لتمنح الناس خيرات ونقاء ، بدل ان تلفحنا ريح جافه تسلخ جلودنا ، وتجفف مجاري التنفس والتذوق لدينا بلا رحمه .
أتمنى أن يمطر الله الدنيا صبايا وورود ، ومحار ملون يفرح في الاطفال نفوسهم ، وان تجود السماء بقناديل تضيء للمحبين وحاملي لوعة الهوى كي يمرغوا ارواحهم في غياهب لضى الشوق الطاهر ، وأن تزداد براعم الزهر واغصان أشجار الزيتون ، لتضل باوراقها النضرة سمار الحياة من العوائل المتعبة ، وهي توزع المرح والفرح على الامكنة المحيطة بها ، ومن ثم تعود الى أعشاشها آمنة مطمئنه ، لا يعكر صفوها مدع بالنيابة عن الرب ، ولا يعترضها جهابذة نشر الرذيلة ممن نصبوا انفسهم قسرا مربين للاجيال وللناس جميعا .
أتمنى من الاعماق ، أن تقرع اجراس الكنائس الى جانب مآذن المساجد ، لتنشر السرور والمحبة بين الناس ، وأن تحتفل جميع الملل باعيادها دون قيد ولا شروط ، وأن يمارس كل طقوسه على هواه محترما النصوص المنظمة لحياة المجتمع ، وأن يرقص من يرقص ويصلي من يصلي ويسافر من يحب السياحه ، ويغني اصحاب الاصوات الجميلة على الحان موسيقانا الشجيه ، ويبتعد رجال الدين من كل الاديان والمذاهب عن مسالك العامة ، تاركين للقوانين فعلها في رسم ورعاية النظام الاجتماعي العام .. أمنيتي بحلول العام الجديد أن تعمر الحدائق العامة ويكثر عدد المدارس ورياض الاطفال ، وتنتصب المستشفيات بعدد كاف لاستقبال المرضى وطلاب المعونة الطبيه العاجله .
أتمنى أن تنزل صواعق مدمرة لتزيل كافة دوائر الامن والمخابرات والاستخبارات من على الارض ، وتحل بها خرابا لا يتيح لها ان تعود ، وأن تتهدم كافة معاقل السجون والمعتقلات ، ويستعاض عنها بمراكز حقيقية للتأهيل الاجتماعي للنزلاء ، وأن تعود للقضاء عدالته وهيبته ونزاهة من يعمل فيه ، وأن تغمر السيول جميع مناهجنا المدرسية لتحل محلها مناهج جديدة تهدف الى تغيير حالنا الى حال افضل .
أتمنى بأن يحل عامنا الجديد ، وفيه ماهو جديد فعلا ، لا أن تستمر رحى الموت والتشريد والاضطهاد ونشر الجوع واستغلال ضعف الانسان والنيل من كرامته .. أتمنى أن يعرف الناس في بلادي معنى لشيء اسمه موسيقى بحيرة البجع ، واخرى من الحان محمد عبد الوهاب ، تميزها عن ثالثه من تأليف الملحن العراقي رضا علي ، بدلا من سماع أزيز الرصاص واصوات الانفجارات وتصريحات أقزام السلطه ..
سلام عليكم ابناء بلدي العراق .. اينما كنتم في اعماق الهور واصقاع القرى والمدن التي هدها الفقر وحاصرتها مظاهر الحرمان ، سلام عليكم ايها الاطفال الحلوين ، ومرحى لعيونكم التي ترقص بقلق في محاجرها تبحث عن فرصة لهو بريء ، سلام عليكن ايتها الصبايا الحاملات في دواخلكن كل عشق الدنيا ، وانتن تنتظرن على شرفات البيوت العتيقه اطلالة الحبيب ، سلام على شفاهكن التي تقطر شهدا وتلمع بلون قرمزي ينفح منها طيب الشباب الجميل ، سلام على نساء بلادي وهن يداهمن بقوة الكون كله لتوفير لقمة الخبز لعيالهن الصغار ، وسلام عليهن وهن يقتحمن مراسيم تضمر لهن الشر ، آتية من بوابات الضمائر السوداء وهي تحاول ان تنال منهن وتميل باجسادهن وارواحهن نحو الفناء البغيض .
سلام على دجلة والفرات .. وكم أحلم صادقا بأن تعود مياههما إكسيرا يعيد النشوة للنفوس ، وتداف به الحناء ليطلى بها شعر كل فتاة بعمر الزهور ، ويزال عنه صديد الفقر وإصفرار اللون بفعل المناخ .. ولتعد ضفافهما مزارا لسمار الأنس وعقد حفلات الزفاف ، وأن يعود أبو نؤاس حاملا كأسه على شرفات شارعه العتيد وهو يعاكس المارة وعشاق الحياة بابتسامته الماكرة اللذيذه .
سلام على كل شعوب الارض في لحظات يغدارنا فيها عام ويحل عام آخر .. وستبقى الامال شاخصة من اعماق الروح والجسد ، بأن تتجسد في العام الجديد انتصارات ملموسة ينال من خلالها اطفال العالم حرياتهم المطلقه في ممارسة مناسك الطفوله ، وان تتقدم المرأة في نضالها الحثيث من أجل نيل حقوقها المصادره ، وان تتوفر لقمة الخبز هينة غير عسيره لكافة ابناء البشر .. وأن تنحسر من امامنا نهائيا قوى الشر والتي تقتل فينا ملامح الفرح مهما كان نوعه ..
سلام والف سلام .. لكل بسمة جميلة معطاء ، ولكل قلب يحنو على بني جنسه بتجرد .. وسلام على زوجتي الحبيبه ، وبناتي اللواتي يؤطرن في حياتي كل الوان قوس قزح ، وابنائي اللذين يتلقفون احاسيسي بكل حنان وسمو ..
وداعا لعام رحل .. ومرحبا بقدوم العام الجديد ..
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حينما راح جذع النخلة يئن لفراق النبي
-
معامل الطابوق في العراق تجسيد حي لعذاب البرزخ .
-
تردي حالة البيئه في دول الشرق الاوسط وشمال افرقيا .. إلى أين
...
-
متى يصار الى دعوة أفذاذ العراق وتكريمهم في بلدهم كما يستحقون
...
-
قول في العيد الثامن لتأسيس الحوار المتمدن
-
متى لهذا العراق أن يستريح ؟؟
-
من بقايا الزمن الجميل .. عبد العزيز المعموري إنموذجا
-
مهلا .. لقد إكتشفنا مؤخرا ما يحميكم من ( انفلونزا الخنازير )
...
-
من يحمي النساء المتزوجات من ( عرب ) في البلدان الاوروبيه ؟؟
...
-
عن أي مسرح نتحدث ، والمواطن في بلادنا تأكله أرضة الفقر ؟؟
-
لتتوحد كافة الأصوات الوطنية والتقدمية في بلادنا من أجل نصرة
...
-
بين هموم النخبة الثقافية ، ومعاناة الجماهير .. مسافات لا زال
...
-
ألبغاء .. وحياء المجتمع .
-
صوتها من داخل الطائره
-
لتتوقف جميع دعاوى التصدي الرجعي للمفكر والكاتب التقدمي سيد ا
...
-
حملة من أجل إطلاق سراح الملكين المحجوزين بأرض بابل
-
ألقطيعة بين قمة الثقافة العربية وقاعدتها .. أزمة تبحث لها عن
...
-
ترى .. من يحمي بناتي من أجلاف البشر ودعاة أعراف الموت ؟؟
-
ما ألمانع من خلق جبهة تتوحد فيها قوى التحرر القومي والوطني ا
...
-
هذيان اللحظة الأخيره
المزيد.....
-
منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي
...
-
بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم
...
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|