كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 873 - 2004 / 6 / 23 - 06:08
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
نحو تعجيل عملية إعادة إعمار العراق
لا يمكن تنشيط عملية إعمار العراق والبدء بعملية تنمية موفقة وسريعة مع وجود عمليات الإرهاب والقتل ومصادرة أمن الناس جميعاً دون استثناء. ولهذا كانت وستبقى مهمة إقامة الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة العامة هي المهمة المركزية أمام الشعب العراقي وقواه السياسية والحكومة المؤقتة, وهو ما أشرنا إليه في الحلقتين الأولى والثانية من هذه السلسلة. ولكن هذا لا يعني أن عملية إعمار العراق وإعادة الحياة إلى الاقتصاد العراقي ينبغي أن تتوقف بسبب العمليات الإرهابية, إذ أن حصول ذلك يعني وصول الإرهابيين إلى بغيتهم الأساسية الهادفة إلى تطيل التحولات المنشودة في العراق وإنهاء وجود القوات الأجنبية في البلاد.
فما هي المهمات التي تواجه البلاد في هذا الصدد؟
يفترض أن تتوزع الإجابة عن هذا السؤال على اتجاهين: أ) مهمات فترة الانتقال؛ ب) مهمات ما بعد فترة الانتقال أو على المدى المتوسط التي يفترض أن ترتبط بوضع الدستور الدائم وانتخاب المؤسسات الدستورية الديمقراطية لجمهورية فيدرالية وتشكيل حكومة شرعية من قبل المجلس الوطني واستكمال بناء المؤسسات التنفيذية والقضائية وإنهاء وجود القوات الأجنبية. ولكن سأحاول البحث في جانبين وهما: المبادئ والأسس التي يفترض أن تعتمد عليها الجمهورية الخامسة في العراق لتحديد وجهة التطور الاقتصادي والاجتماعي والنهوض بهما أولاً, والمهمات التي يفترض معالجتها في الاقتصاد العراقي للتخلص من بقايا الماضي البغيض الذي خلفته الدكتاتورية الغاشمة ثانياً.
أ. المبادئ والأسس
* الأخذ بمبدأ اقتصاد السوق الحر من جهة, وضمان الاستفادة القصوى من إمكانيات قطاع الدولة من جهة ثانية, وضمان ممارسة سياسة اقتصادية اجتماعية تأخذ بنظر الاعتبار الأوضاع المعيشية والدخل الفعلي للجماهير الواسعة وانتشار العوز والفقر والحرمان وتفاقم الفجوة بين الفقراء والأغنياء من جهة ثالثة. أي يفترض الأخذ بموضوعة "اقتصاد السوق الحر الاجتماعي" الذي يمكن أن ينسجم مرحلياً مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي في العراق في أعقاب الخلاص من نظام الاستبداد والجوع والحرب والموت. أي الاهتمام بسياسة الدعم لأسعار سلع وخدمات حيوية لأوسع أوساط الجماهير وسياسة ضمان الحد الأدنى لأجور مجزية وتحديد ساعات العمل والضمان الصحي عند العجز والمرض والشيخوخة وعند البطالة وراتب تقاعدي مناسب ...الخ, بهدف تجنب تفاقم التناقضات الاجتماعية واشتداد الصراعات السياسية وفض النزاعات بالطرق السلمية وفق آليات ديمقراطية مجربة. ليس هناك ما يقف بوجه ممارسة سياسة اقتصاد السوق الحر الاجتماعي التي يمكن أن تنسجم مع واقع المرحلة والحاجة. ولكن هذا لا يعني نقل وممارسة السياسات الاقتصادية للولايات المتحدة أو أي بلدٍ رأسمالي متطور في العراق, الذي خرج لتوه من نظام استبدادي وعدة حروب وحصار اقتصادي مديد وفقر مريع وجوع عتيق وتخلف مريع. نعم, فعراق اليوم بحاجة إلى بناء العلاقات الإنتاجية الرأسمالية على أنقاض العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية, باعتبارها أكثر تقدماً وتطوراً رغم طابعها الاستغلالي, وفق الظروف الملموسة للبلاد لا وفق رغبات الرأسماليين الأمريكيين وسياساتهم العولمية الجارية. فالصيغة الأخيرة تخلق المزيد من المشاكل وتعقد المسيرة الراهنة ويرتهن الاقتصاد الوطني لها, لأنها تتجاوز حتى على "برنامج التثبيت الاقتصادي والتكيف الهيكلي" الذي يطرحه كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على البلدان النامية للأخذ به, بغض النظر عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها والمشكلات التي يخلقها هذا النموذج لتلك المجتمعات السائرة ببطء شديد نحو التنمية الوطنية. وهذه الرؤية المتزمتة لدى مسئولي صندوق النقد الولي والبنك الدولي والمحافظين اللبراليين الجدد في الإدارة الأمريكية تعبر عن ذهنية وأيديولوجية متزمتة وتعتقد بامتلاكها الحقيقة المطلقة إزاء التطور في جميع بلدان العالم ومحاولة شدها إلى عجلة الاقتصاد الأمريكي, وهي لا تتسامح من يحاول الخروج عن هذا الخط أو هذه الرؤية السقيمة.
* تستوجب الحالة الاقتصادية الراهنة في العراق أن يلعب قطاع الدولة دوراً نشيطاً وفعالاً إلى جانب القطاعين الخاص والمختلط المحليين, في مجال اقتصاد النفط الخام والمصافي وفي تأمين مشاريع البنية التحتية لعموم النشاط الاقتصادي والتنمية الوطنية, خاصة وأن الدولة مالكة للثروة الأولية وممولة جيدة في المستقبل القريب. كما أن العراق سيبقى بحاجة ماسة إلى نشاط القطاع الخاص المحلي ودفعه وتحفيزه لاستثمار رؤوس أمواله في النشاط الاقتصادي الإنتاجي والخدمي وفي مختلف فروع الاقتصاد الوطني وفي مناطق ومحافظات العراق المختلفة, وضرورة استعادة رؤوس الأموال العراقية الموظفة حالياً في البنوك الأجنبية وتوظيفها في الداخل.
* وسيكون العراق بحاجة ماسة إلى الاستثمارات العربية والأجنبية شريطة أن تتحدد الأسس والمعايير لنشاط هذا القطاع, وهذا لا يعني الحد من نشاطها, بل يستوجب تأمين رؤية واضحة عن نشاطها الواسع المحتمل. ولا بد للمشرع العراقي أن يضع في مقابل فتح الأبواب أمام رؤوس الأموال الأجنبية واتساع قاعدة ونشاط القطاع الخاص العربي والأجنبي برنامجاً اجتماعياً مهماً يحمي من خلاله مصالح العمال والفلاحين والفئات الكادحة وصغار المنتجين والعاملين في مختلف أجهزة الدولة والاقتصاد العراقي. وأن تكون هناك نقابات عمالية قوية قادرة على الدفاع عن مصالح المنتجين للخيرات المادية في البلاد, إضافة إلى وضع نظام ديمقراطي متقدم وآلية فعالة للتفاوض الديمقراطي السلمي من أجل فض النزاعات التي تنشا بين أصحاب رؤوس الأموال والعمال والمستخدمين في مختلف فروع الاقتصاد الوطني وفي أجهزة ومؤسسات قطاع الدولة. فالانفتاح الفعلي على الاستثمارات الأجنبية يفترض أن لا يعني السماح بغزو اقتصادي أجنبي يهدف إلى الهيمنة الكاملة والفعلية على الاقتصاد العراقي وحرمان المستثمر المحلي, الحكومي والخاص والمختلط, من القدرة على التوظيف بسبب قوة القدرة التنافسية لدى المستثمر الأجنبي وحرمان أصحاب رؤوس الأموال الوطنية في الدول العربية من استثمار رؤوس أموالهم في الاقتصاد العراقي. علماً بأن جزءً مهماً من الرأسمال العربي قد دخل في لعبة الشركات المتعددة الجنسية ويرتبط معها بمصالح, وأن كانت هامشية, وبالتالي فهو من حيث المبدأ حامل معه عند توظيفه في العراق علاقاته بالشركات الاحتكارية الأجنبية العملاقة.
* ويفترض في سياسة الدولة الاقتصادية أن تتجه صوب تقليص الاعتماد على الموارد المالية لقطاع النفط الخام في إطار برنامج بعيد المدى بعد أن برزت بوضوح مخاطر الاقتصاد الوحيد الجانب. أي تنمية دور قطاعي الصناعة والزراعة, بما في ذلك الإنتاج السلعي الصغير, في تكوين الدخل القومي وتوجيه استثمارات جيدة لتطويرهما.
* إيلاء الاهتمام الضروري بتغيير بنية الاقتصاد الوطني من جهة وتحقيق التطور المتوازن بين مختلف المحافظات والأقاليم في العراق من جهة أخرى, بما يخفف ثم ينهي التمايز الكبير القائم فيما بينها.
* توسيع التعاون مع الدول العربية لصالح زيادة التعاون والتنسيق الاقتصادي والتجاري والفني, والعلمي والثقافي.
* ويتطلب الإصلاح الاقتصادي إجراء تغيير واسع النطاق في النظام الإداري وأجهزة الإدارة الاقتصادية في البلاد وتحديثها وفق أسس علمية, تلعب فيها الديمقراطية واللامركزية والمسؤولية الفردية والجماعية والمشاركة في النشاط الاقتصادي والرقابة على مستويات التنفيذ دوراً مهماً وحيوياً فيها وفي قراراتها وتوجهاتها العامة.
* وضع وتنفيذ سياسات مالية ونقدية وضريبية جديدة على أن تراعي واقع الفقر السائد والتباين في الدخول ومستويات المعيشة بما يخفف من جشع ورغبة أصحاب رؤوس الأموال في تحقيق أقصى الأرباح على حساب المجتمع, إذ أن سوء توزيع وإعادة توزيع الدخل القومي يقودان دون أدنى ريب إلى نتائج سلبية في مجمل العملية الاقتصادية ويخلقان بذلك المزيد من الاختلالات الجديدة. إذن نحن أمام مهمة عقلنة وتقنين الإنفاق الحكومي وتأمين مصادر جديدة لإيرادات خزينة الدولة, وخاصة من العملات الصعبة, على أن لا تتم تلك العقلنة على حساب الكادحين من الناس ولصالح أصحاب رؤوس الأموال. كما أننا بحاجة إلى توظيفات جديدة لتعظيم التراكم الرأسمالي من خلال العناية بالعلاقة العقلانية بين فائض القيمة أو الربح والأجر في توزيع وإعادة توزيع الدخل القومي.
* إن المجتمع العراقي يعاني اليوم من تسرب كبير من الطلبة في مختلف المراحل من مقاعد الدراسة واتساع ظاهرة الأمية من جديد, وخاصة بين البنات, لهذا لا بد أن يرتبط العمل من أجل زيادة معدلات النمو عملاً مبرمجاً وموجهاً لتنمية القوى البشرية وخاصة التعليم المهني والفني والدراسات والبحوث التطبيقية, ومنع التسرب الجاري حالياً من مقاعد الدراسة.
* الاهتمام الخاص بتطوير المناطق الاقتصادية العراقية التي عانت من التخلف والإهمال سنوات طويلة من حكم البعث أو حتى قبل ذلك, سواء أكان ذلك في المحافظات الكردية أم العربية من العراق.
* تعرضت البيئة العراقية على مدى العقود المنصرمة إلى تدمير وتخريب وتلوث خطير جداً. فالتلوث لا يشمل الإنسان والولادات الجديدة المشوهة فحسب, بل يشمل الأرض والماء حيث استخدمت الأسلحة المحرمة دولياً في الحروب المنصرمة من جانب النظام ودول التحالف الدولي في حربي الخليج الثانية والثالثة, إضافة إلى وجود أكثر من 15 مليون لغم مزروعة في الأراضي العراقية الحدودية والصالحة للزراعة والمتروكة حالياً. ولا بد من إيجاد علاقة سليمة بين التنمية الاقتصادية والبيئة وبين المستثمرين في الفترة القادمة بهدف تنظيف البيئة من التلوث وحمايتها واستعادة التوازن المنشود بين الطبيعة ومصالح الإنسان.
لا شك في أن مهمات فترة الانتقال ستتداخل مع مهمات الفترة اللاحقة لها, لهذا لا بد من أخذ ذلك بنظر الاعتبار عند البدء بتحديد المهمات الجوهرية في العملية الاقتصادية والتي نلخصها في النقاط التالية:
ب. مهمات المرحلة الراهنة والقادمة
يتطلب الأمر من مجلس الوزراء ووزارة التخطيط تأكيد العمل المشترك لإنجاز المهمات التالية:
* من أجل تحقيق المهمات الاقتصادية على المدى القصير والبعيد لا بد من خلق شروط ومستلزمات العمل الاقتصادي الناجح, أي توفير الآمن والاستقرار للمجتمع العراقي وللقوى التي تريد مساعدة العراق والتعاون معه للنهوض بتلك المهمات. ولهذا لا بد من التصدي الناجح للعمليات الإرهابية التي تنظمها القوى المحسوبة على قوى صدام حسين أو تنظيم القاعدة وأنصار الإسلام المتطرقة أو القوى الطائفية المتطرفة, الشيعية منها والسنية, التي تقودها تنظيمات محلية. ويمكن التدليل حالياً على وجود تعاون وتنسيق واسعين بين هذه القوى لجعل العراق ساحة للصراع مع الولايات المتحدة وعلى حساب الشعب العراقي والذي ترفضه القوى الأساسية والغالبية العظمى من الشعب العراقي.
* وسيوفر ضمان الأمن الداخلي البدء الفعلي بعملية إعادة إعمار الاقتصاد وإقامة مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية وشبكة الماء الصالح للاستعمال وشبكة البريد والبرق والهاتف وكذلك الهاتف الجوال والحاسبة الإلكترونية والإنترنيت والتوسع بها وضمان وصولها إلى السكان والمشاريع الاقتصادية وحمايتها.
* وضع خطة اقتصادية ذات طبيعة توجيهية عامة تشمل كامل الاقتصاد الوطني, كما تتضمن برنامجاً خاصاً للمشروعات التي يراد التزامها من جانب قطاع الدولة, إذ يفترض أن تحدد مجالات نشاطه بهدف التنسيق مع القطاعين الخاص والمختلط. ويفترض في قطاع الدولة التركيز على قطاع النفط الخام ومصافي النفط وبعض المشاريع الاقتصادية الأساسية مثل الكهرباء والماء والبريد والبرق والهاتف وبعض الصناعات التحويلية التي لا طاقة للقطاع الخاص على النهوض بها.
* توزيع موارد النفط المالية بين ميزانيتي التنمية والاعتيادية وفق حاجات العراق الراهنة التي تستوجب تحقيق تعجيل بإقامة المشاريع الاقتصادية وتحقيق معدلات نمو عالية وتنمية القوى البشرية, وهذا يتطلب الأخذ بالحصص التالية 70 : 30, أي 70 % للخطط االتنموية و30 % للميزانية الاعتيادية.
* السعي إلى إدراك مضمون وفعل القوانين الاقتصادية الموضوعية والتعامل الواعي معها بهدف تجنب وقوع اختلالات إضافية ومعالجة الاختلالات الراهنة التي تسببت بوقوع الأزمة. ويتطلب الأمر إيجاد توازن بين التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية وبين التنمية الصناعية والتنمية الزراعية, وكذلك بين الأجور والأرباح ...الخ. وتبقى مشكلة المعدلات العالية في النمو السكاني والبطالة الواسعة تحتل موقعاً أساسياً في سياسة الحكومة الجديدة, إذ لا بد من إيجاد حلول عملية لها.
* وضع برنامج خاص لمعالجة المشكلات الاجتماعية وتوسيع الخدمات الضرورية للغالبية العظمى من الشعب التي هي بأمس الحاجة إلى خدمات الدولة في المرحلة الراهنة, ومعالجة تطوير دور المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
* تجديد وتوسيع مشاريع إنتاج وتصدير النفط الخام وفق الاتفاقيات المعقودة سابقا أو توقيع عقود جديدة وفق المواصفات الدولية، على أن توضع سياسة نفطية جديدة بعد تشكيل المؤسسات الدستورية والحكومة المنتخبة, وأن يبقى قطاع النفط الخام بيد الدولة العراقية ولا تمنح أية امتيازات للشركات الاحتكارية الأجنبية. وهذه العملية تستوجب زيادة توظيفات الدولة في قطاع النفط الخام لضمان زيادة إنتاجه وتصديره لتحقيق زيادة في الموارد المالية الضرورية لعبور مرحلة الانتقال وتأمين مستلزمات المرحلة اللاحقة. ويبدو بأن إعادة تأهيل قطاع النفط الخام وموانئ وخطوط أنابيب تصديره تستوجب توظيف ما يقرب من 15 مليار دولار في المرحلة الأولى ومبلغ مماثل له في مرحلة لاحقة.
* التوسع بمصافي النفط لتأمين المحروقات والدهون، وكذلك محطات توفير الغاز, وإصلاح السكك الحديد وبقية وسائط النقل الضرورية للسكان والسلع.
* إعادة إعمار ما خربته الحرب والفوضى والإرهاب من مشاريع صناعية وزراعية وخدمية، سواء بتوفير الأدوات الاحتياطية لها أم موادها الأولية, للبدء أو مواصلة الإنتاج لتوفير السلع والخدمات الضرورية للسكان.
* إعادة تنظيم نشاط البنك المركزي والبنوك المختصة وفسح المجال أمام تأسيس بنوك خاصة شريطة آن تتوفر لها مستلزمات العمل المصرفي المسئول.
* فتح الاعتمادات المصرفية للنشاط التجاري توريداً وتصديراً.
* * تنشيط شركات التأمين وإعادة التأمين والسماح بعمل شركات التأمين وإعادة التأمين الأجنبية في العراق.
* تأمين الحد الممكن من الدعم المالي والعيني للفلاحين للقيام بنشاطهم الزراعي, إضافة إلى إعادة بناء وتوسيع مشاريع التخزين والتبريد والنقل لضمان عدم تلف المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية.
* إيلاء اهتمام خاص بالمشاريع الصغيرة في مختلف القطاعات الاقتصادية, الإنتاجية منها والخدمية, بسبب حاجتها إلى رؤوس أموال قليلة وتقنيات متوسطة. وفي مقدور قطاع الإنتاج السلعي الصغير تشغيل الكثير من الأيدي العاملة العاطلة حالياًً والمشاركة في إنتاج كمية غير قليلة من السلع التي يحتاجها المستهلك العراقي وفي تكوين الدخل القومي وتطوير السيولة النقدية في السوق العراقية. وسيساهم هذا القطاع في تحسين مستوى حياة ومعيشة جمهرة واسعة من فئات البرجوازية الصغيرة ويبعد نسبة مهمة من المهمشين اقتصادياً من واقع التهميش ومن السقوط في أحضان الرذيلة والجريمة المنظمة ...الخ.
* ويفترض أن تحتل مهمة التقليص المستمر للقوى العاطلة عن العمل وتوفير فرص عمل جديدة مكانة خاصة في المرحلة الراهنة بسبب البطالة الكبيرة وآثارها السلبية على الأفراد والمجتمع. ويتطلب في هذا الصدد مراعاة اختيار المستوى المناسب من التقنيات الحديثة لتأمين تشغيل متزايد تدريجاً ورفع إنتاجية العمل وتقليص تكاليف الإنتاج في آن واحد. ولا بد من بذل الجهود لاستعادة الكوادر العلمية والتقنية والمهارات التي غادرت العراق والاستفادة القصوى منها في عملية التنمية والإصلاح الاقتصادي.
* الاهتمام بتأمين مستلزمات ومحفزات جذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية لاستثمارها في الاقتصاد العراقي شريطة وفق تصورات تساعد على تنشيط العملية الاقتصادية الإنتاجية في البلاد.
* بذل أقصى الجهود لإلغاء الديون المترتبة على العراق من فترة النظام المخلوع وكذلك التعويضات التي يراد فرضها على العراق بسبب الحروب السابقة والتي يمكن أن تمنع تطور العراق وتقدمه عشرات السنين أن تم رفض شطب تلك الديون والتعويضات المفترضة.
* وأخيراً وليس آخراً يفترض العمل من أجل تعبئة الشعب العراقي بكل قومياته وطبقاته وفئاته الاجتماعية واتجاهات الفكرية والسياسية وعقائده الدينية لصالح التخلص من كوارث الماضي ومآسيه والمشاركة في العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الجارية في البلاد لضمان تغيير واقع العراق المزري إلى واقع مدني ديمقراطي حر ومتطور اقتصادياً واجتماعياً وحضارياً. وبدون هذه المشاركة الحية والفاعلة سيتعذر حقاً تحقيق المنشود في فترة قصيرة نسبياً. إنها الفرصة التي يفترض أن يستثمرها الشعب لإنجاز طموحاته المشروعة والعادلة المتأخرة. وفي هذا يتطلب وعي المسئولين بأهمية ضمان العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل القومي وتقليص الفجوة الراهنة في الدخل ومستوى المعيشة وظروف العمل والحياة, باعتبارها جزءً من حقوق الإنسان.
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟