أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 5/5















المزيد.....

موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 5/5


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2872 - 2009 / 12 / 29 - 22:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ولننظر في النص أدناه إلى مدى التأزم تجاه من لم يؤمن بمحمد، حيث يوضعون كلهم في بوتقة الكفر، سواء كانوا من أهل الكتاب، أو من المشركين، أو من ديانات وعقائد أخرى، فكلهم بالنسبة لمؤسس الإسلام (كفار)، وكلهم (شرٌ) محض، وكلهم يستحقون الخلود في النار، فيقول في سورة البينة 6:
«إِنَّ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ والمُشرِكينَ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدينَ فيها أُلائِكَ هُم شَرُّ البَريةِ».
وهذا الموقف المتأزم نجد مشابها له في سورة البقرة 6-7:
«إِنَّ الَّذينَ كَفَروا سَواءٌ عَلَيهِم أَأَنذَرتَهُم أَم لَم تُنذِرهُم لا يُؤمِنونَ، خَتَمَ اللهُ عَلى قُلوبِهم وَعَلى سَمعِهِم، وَعَلى أَبصارِهِم غِشاوَةٌ، وَّلَهُم عَذابٌ عظيمٌ».
وهنا أحب أن أشير مرة أخرى إلى إمكانية تنقيح النصوص القرآنية، إلى ما يجعله أكثر مقبولية، وأكثر انسجاما مع أسس العقلانية ومثل الإنسانية ومعايير العدل الإلهي، هذا التنقيح والتحسين شاهد آخر على عدم كمال القرآن، وعلى عدم صحة دعوى الإعجاز. فلو كان النص آنفا على النحو الآتي:
«إِنَّ [مِنَ] الَّذينَ كَفَروا [مَن] سَواءٌ عَلَيهِم أَأَنذَرتَهُم أَم لَم تُنذِرهُم لا يُؤمِنونَ، [وَالَّذين ظَلَموا مِنهُم وَاستَكبَروا] خَتَمَ اللهُ عَلى قُلوبِهم وَعَلى سَمعِهِم، وَعَلى أَبصارِهِم غِشاوَةٌ، [جَزاءً وِفاقاً لِّما أَتَوا مِن ظُلمٍ وَّما كانوا يُفسِدونَ]».
فهذا النص تجنب التعميم والإطلاق، ولم يركز على العقيدة كمبرر لإدانتهم، بل ركز على الظلم والاستكبار والطغيان والإفساد في الأرض، كصفات سيئة ومبررات معقولة لإدانتهم، وبسبب كل ذلك، وبسبب سوء عملهم وسوء سريرتهم وتجردهم عن إنسانيتهم، كان ألا يسمعوا نداء العدل والاستقامة والإنسانية، فكأنما قد خُتِم على قلوبهم وأسماعهم، أو كانت غشاوة أمام أبصارهم.
ولا بأس من الإشارة إلى الخطأ البلاغي هنا بذكر السمع بصيغة الإفراد، بينما ذكرت من قبله وما بعده من قلوب وأبصار بصيغة الجمع. لا أستبعد هنا أبدا أن بعض المفسرين سيفلسفون حكمة ذكر السمع بصيغة المفرد، بينما جمعت القلوب والأبصار.
وأما إذا تناولنا النص الأول من البينة: «إِنَّ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ والمُشرِكينَ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدينَ فيها أُلائِكَ هُم شَرُّ البَريةِ»، فنقف حائرين، كيف يمكن لرب عادل رحيم أن يعدّ كل من لم يؤمن بدينه، مع التسليم بأن ما جاء به محمد هو دين الله، من قبيل أن فرض المحال ليس بمحال، أن يعدّهم شرَّ البرية، وأسوأ الخلق، وأخبث الناس، لا لشيء إلا لأن عقولهم كانت قاصرة على تقبل فكرة أن محمدا رسوله، ولا يكتفي هذا الإله بشتم عباده بأنهم «شَرُّ البَريةِ»، بل سيحشرهم «في نارِ جَهَنَّمَ»، وسيكونون «خالِدينَ فيها»، فأي رب هذا، وأي عدل إلهي هذا، وأي رحمة - يفترض أنها وسعت كل شيء - هذه؟ ولو استقصينا كل النصوص المشابهة، لوصلنا إلى يقين، أن القرآن قد شوه صورة الله، تنزه عن ذلك وسما سموا عظيما.
أما في سورة الممتحنة 4، فنجد نصا من أكثر النصوص تأسيسا لثقافة الكراهة والعداوة للآخر، إذ نقرأ هنا ما ينسب إلى الله تنزه تنزها كبيرا، فيما يخاطب به المسلمين، حملة الدين الذي يفترض أنه أنزله رحمة للناس كافة، فيقول النص:
«قَد كانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبراهيمَ والَّذينَ مَعَهُ، إِذ قالوا لِقَومِهِم إِنّا بُراءُ مِنكُم وَمِمّا تَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ، كَفَرنا بِكُم، وَبَدا بَينَنا وَبَينَكُمُ العَداوَةُ وَالبَغضاءُ أَبَداً، حَتَّى تُؤمِنوا بِاللهِ وَحدَهُ إِلاّ قَولَ إِبراهيمَ لأَبيهِ لأَستَغفِرَنَّ لَكَ، وَما أَملِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِن شَيءٍ؛ رَّبَّنا عَلَيكَ تَوَكَّلنا وَإِلَيكَ أَنَبنا وَإِلَيكَ المَصيرُ».
هنا حث للمسلمين أن يتخذ كل منهم أفراد أسرته، وذوي قرباه، وأصدقاء الأمس، أن يتخذهم جميعا أعداء، وأن يملأ قلبه بغضا وكراهة وحقدا وضغينة تجاههم، وكل ذلك في سبيل الله، الذي يحب – كما يزعم دين محمد - لعباده أن يتباغضوا ويتعادوا ويتقاتلوا من أجله، ويضفي على تلك الكراهة القداسة والبركة، ويجعل منها ومن تلك العداوة أبديتين لا انتهاء لهما، إلا إذا أقر أولئك بدين المسلمين وعقيدتكم. ثم تحاول هذه الآية أن تبرر لإبراهيم ذنبه – أو قل خطئه، أو تركه للأولى - لأنه استغفر لكافر، حتى لو كان هذا الكافر أباه، وذهب أكثر مفسري الشيعة إلى القول بأنه لم يكن أباه، بل كان عمه، أي أخا أبيه، الذي كفله، ولعله تزوج أمه، فكان يناديه (أبتِ)، وإلا ففي عقيدتهم لا يمكن للنبي أن يولد من صلب مشرك، مناقضين فذ ذلك لقول قرآنهم الذي يعتقدون أنه قول الله، وهو قول حق في هذه الحالة، أن «لاّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أخرى»، وبعض المفسرين الشيعة صحح هذا القول بقول إن طهارة المولد التي هي من شروط العصمة، هو ألا يكون النبي أو عموم المعصوم ابن زنا، ولا علاقة ذلك بالعقيدة، ولكن حتى هذه النظرية لا تخلو من خلل، باعتبار - وعلى فرض أن الزنا يمثل عملا سيئا، وبالتالي ذنبا – أنه لا يمكن أن ينتقص عمل الوالدين السيئ من قيمة ابنهما، ولا العكس باعتبار أنه «لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أخرى».
فلو كان النص كالآتي، لكان اكثر مقبولية:
«قَد كانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبراهيمَ والَّذينَ مَعَهُ، إِذ قالوا لِقَومِهِم إِنّا بُراءُ مِمّا تَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ، دونَ أَن نَبرَأَ مِنكُم، حَتّى لو بَرَأتُم مِنّا، كَفَرنا بِدينِكُم، وَلن نَّكفُرَ بِما بَينَنا وَبَينَكُم مِن صِلَةٍ وَّرََحِمٍ وَّمَوَدَّةٍ، وََّلن تَبدُرَ مِنّا عَداوَةٌ أو بَغضاءُ بَينَنا وَبَينَكُم أَبَداً، إِلاّ بِمِقدارِ ما يَبدُرُ مِنكُم، مَا استَقَمتُم في دُنياكم وَصَلُحتُم وَأَصلَحتُم وَلم تَكونوا مِنَ المُفسِدينَ، سواءٌ آمَنتُم بِاللهِ وَحدَهُ وَبِما آمَنّا أو لم تكونوا بِهِ مِنَ المؤمِنينَ، وإن تُؤمِنوا فَعَسى أَن يَنفَعَكُم إِيمانُكُم، وَما نَحنُ بِمُغنينَ عَنكُم وَلا عَن أَنفُسِنا شَيئاً مِّنَ اللهِ، وَما نُزَكّي أَنفُسَنا، وَلا نَقولُ إِنّا خَيرٌ مِنكُم، فَاللهُ أَعلَمُ بِنا وَبِكُم وَبِما كُنّا وَإِيّاكُم بِهِ مُختَلِفينَ، وَما كُنّا فيهِ مُتَّفِقينَ، وَإِذ قالََ إِبراهيمُ لأَبيهِ لأَستَغفِرَنَّ لَكَ وَلِنَفسي، وَما أَملِكُ لَكَ وَلا لِنَفسي مِنَ اللهِ مِن شَيءٍ؛ رَّبَّنا عَلَيكَ تَوَكَّلنا وَإِلَيكَ أَنَبنا وَإِلَيكَ المَصيرُ».
فأي النصين يا ترى كان سيكون أبلغ، وأكثر تأثيرا، وأقرب للإبقاء على المودة والاحترام المتبادلين، بدلا من التأسيس للعداوة والبغضاء الأبديتين؟
وأحب قبل أن أختم هذا المقدار من البحث في هذا الموضوع أن أذكر نصا من النساء 82، ألا هو:
«أَفَلاَ يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ، وَلَو كانَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدوا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»
فأقول إني لأجد أن القراءة الصحيحة للنص كان ينبغي أن تكون:
«أَفَلاَ يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ، وَلَو كانَ مِن عِندِ اللهِ لَما وَجَدوا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»
وليس «لَو كانَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدوا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»، فالاختلاف، والتناقض والتعارض، والمتشابهات المربكة والقابلة لشتى التأويلات المتنافية، وغياب الحكمة، والارتباك في كثير من النصوص، والخلل في الربط بين الموضوعات المتداخلة تداخلا غير منطقي؛ كل ذلك يقول لنا، أن الله لو أراد أن يؤلف كتابا، لكان كتابه أحكم بكثير، وأتقن بكثير، وأبلغ بكثير، وأرحم بكثير، وأعقل بكثير، وأوضح بكثير، مما نجده في القرآن، مع كل تألقاته وجمالياته التي لا ننكرها، ولكن حقا نقول:
«أَفَلاَ يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ، وَلَو كانَ مِن عِندِ اللهِ لَما وَجَدوا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»
حقاً:
«لَو كانَ مِن عِندِ اللهِ لَما وَجَدوا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»
فعلاً:
«لَما وَجَدوا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»
ومرة أخرى:
«أَفَلاَ يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ»
؟؟؟
أكتفي بهذا المقدار، ولو شئت أن أستقصي كل النصوص المعنية بهذا الموضوع، لكان ذلك مادة لكتاب من القطع الكبير، ولكن ما لا يدرك بتمامه، فليدرك بأي مقدار ممكن منه. والحمد لله المتنزه المتعالي على حسن توفيقه، دون دعوى امتلاك الحقيقة النهائية، بل هو بحث متواصل عن الحقيقة التي ربما لن ندركها على وجه التمام والكمال، فالمعرفة الإنسانية تبقى نسبية؛ تصيب وتخطئ، تُؤَيَّد وتُنقَد وتُنقَض، وتُصحَّح وتُستبدَل، وتُكمَّل وتُنقَّح، وتُهذَّب وتشذَّب، وتُنسى وتُستذكَر، وتنمو وتتلاشى. ويبقى عقل الإنسان معطاءً مُبدِعا مُتكامِلا مُتحرِّيا الصواب، أو ما هو أكثر صوابا، طالبا أبدا الاستزادة من الثروة المعرفية الإنسانية.
ابتُدِئ بكتابة البحث في كانون الأول 2009
وتم في 23/12/2009
وروجع في 27/12/2009






#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 4/5
- موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 3/5
- موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 2/5
- موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 1/5
- آيات تحدي القرآن بالإتيان بمثله
- المحكمات والمتشابهات في القرآن
- صلاة المذهب الظني وصلاة عقيد التنزيه
- صلاة المذهب الظني 4
- صلاة المذهب الظني 3
- صلاة المذهب الظني 2
- صلاة المذهب الظني 1
- المذهب الظني 3/3
- المذهب الظني 2/3
- المذهب الظني 1/3
- تدريس الدين
- تأويل ممكن لقصة آدم وحواء القرآنية
- قراءة أخرى لنصوص القرآن
- مطابقة دائرة الوجود والعدم ودائرة أحكام العقل الثلاثة 2/2
- مطابقة دائرة الوجود والعدم ودائرة أحكام العقل الثلاثة 1/2
- الصراع بين الأنا الحقيقية والأنا المتوهمة


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 5/5