|
هل سنترك برطلة تذهب منا لتلحق بتلكيف
فاضل رمو
الحوار المتمدن-العدد: 2870 - 2009 / 12 / 27 - 17:11
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
لقد تميز المسيحيون الشرقيون بالتواضع حيث كانوا الاقرب الى تعاليم السيد المسيح له المجد التي كانت تولي لمسألة التواضع وعدم مقابلة الشر بالشر أهمية كبيرة ،فمحطات تأريخية عديدة تشهد على ذلك، فقد شهدت بلادنا في منطقة الشرق الاوسط خلال تأريخ طويل احداث كبيرة ومتعددة تجسد تواضع المسيحيين في مواقفهم وتعاملهم مع حدث ما يواجههم يتقاطع مع وجودهم ورغباتهم البريئة في العيش الكريم ، فمسيحيو الشرق وبلاد النهرين والعراق تعرضوا خلال فترات طويلة الى مواقف قاسية وعنيفة وليست التي يمرون بها هذه الايام سوى صور حديثة لوقائع قديمة ومتواصلة، وتواضعنا هذا تجسد في عدة مواقف منها عدم مجابهتنا للحملات والتوجهات المناوئة لنا والمهددة لوجودنا على اراضينا التاريخية ،بل كانت مواقفنا تندرج تحت تعريف السلبية حسب المفهوم الاجتماعي العلمي ، والتي يفسرها رجال كنائسنا بانها تمثل التواضع وعدم مواجهة الشر بالشر ، وكذلك يتجسد تواضعنا هذا بمواقف تنازلية يتخلى بها المسيحيون عن املاكهم المادية واراضيهم للآخر الطامع والغاصب لها وذلك بسبب التوجهات التي غرزت بنا بعدم مواجهة الشر بمثله ، فكانت التبريرات بكون الاولوية هي لبقاء النفس وعدم التفريط بها وتنميتها لكي تتحمل قسوة الظروف ، فكانت امور عديدة تنازل عنها اجدادنا ولازلنا نتنازل عنها من اجل الحفاظ على النفس فقط . حقيقة لاقى مسيحيو الشرق من المسلمين بمختلف طوائفهم واقوامهم مضايقات شتى بسبب كونهم عصى ضعيفة (قتا تورتا) من الممكن ان يكسروها ويخضعونهم تحت سيطرتهم لكي يستولوا على ممتلكاتهم واموالهم ويزيلوا وجودهم ، بينما دين الاسلام وكتاب المسلمين المقدس (القرأن) يذكر المسيحيين والسيد المسيح له المجد بأعلى الأوصاف ، وانا هنا ادرج بعض منها : "مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ. يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ" (سورة آل عمران 113). ولم يقتصر القرآن على الأمر بحُسن مجادلة أهل الكتاب، بل أكثر من هذا؛ وضع القرآن النصاري (المسيحيون) في مركز الإفتاء في الدين، فقال: "فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ" (سورة يونس 94). وقال أيضاً: "وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" (سورة الأنبياء 7). "وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ، وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً" (سورة الحديد 27). يسمي القرآن السيد المسيح ب"عيسى"، وهذا الإسم يقرب من الكلمة اليونانية "إيسوس" Iycouc، الذي هو لفظ يوناني لاسمه العبري (يشوع) ولفظه بالعربي هو ( يسوع ) ومعناه "مخلص". كما أن القرآن ذكر إسم المسيح أكثر من عشر مرات. (انظر سورة آل عمران 45؛ سورة النساء 157، 171، 172؛ سورة المائدة 17 [مرتين]، 72 [مرتين]، سورة التوبة 30، 31). وسنحاول أن نورد بعض هذه الأمثلة خلال حديثنا. وأورد الإمام الفخر الرازي حديثاً شريفاً قال فيه راويه "سمعت رسول الله يقول: "ما من مولود من آدم إلا ونخسه الشيطان حين يولد فيستهِل صارخاً من نخسه إياه، إلا مريم وإبنها". فورد في سورة إل عمران 45: "إذ قالت الملائكة: يا مريم، إن الله يبشرك بكلمة منه إسمه المسيح عيسى ابن مريم، وجيهاً في الدنيا والآخرة، ومن المقربين". "إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليَّ، ومطهرك من الذين كفروا، وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة" (سورة آل عمران 55). ."ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمة ربها وكتبه وكانت من القانتين" (سورة التحريم 12). وكلمة (روح منه) فسَّرها الإمام الرازي بقوله "أنه روح لله لأنه واهب الحياة للعالم في أديانهم". وفسرها الإمام البيضاوي بقوله: "سُمِّيَ روحاً لأنه كان يحيي الأموات وقلوب البشر". يقول القرآن على لسان المسيح: "وجعلني مباركاً أينما كنت" سورة مريم 31. لقد ظل المسيح في كل لحظة من لحظات حياته المبارَك أينما كان. برنا القرآن أن المسيح كان آية للناس ورحمة من الله (سورة مريم 21) ان هذه النصوص الاسلامية تشير الى المكانة الرفيعة للمسيح واتباعه في الاسلام والتي يستوجب اتباعها والالتزام بها من قبل المسلمين ، لا بل ان ذكر المسيح في القرآن يفوق ذكر العديد من عظماء الاسلام وقد نجد هناك بعض من أئمة الاسلام ودعائمه لم يذكروا قط في كتاب الاسلام المقدس (القرآن) بينما نجد مئات المواقع في القرآن تمجد المسيح وامه وتشيد باتباعه ، لكن التاريخ والاحداث الحالية تشير الى عكس ذلك ، فاتباع المسيح وامه العذراء ذاقوا من اتباع الاسلام والقرآن امر العذابات ، ومن بين هذه الحوادث هي ما يحصل في بلدة برطلة هذه البلدة الآشورية الآرامية والتي لايزال يسكنها ابناء هذا الشعب الذي يعتنق المسيحية ، حيث في فترة احتفال ابناء هذه البلدة بمناسبة ميلاد السيد المسيح ذو المكانة المقدسة في القرآن نرى اتباع القرآن بدل ان يساهموا في هذه الاحتفالات بسبب كون المحتفل به ممجد في كتابهم المقدس وموصوف باعلى الاوصاف ، نجدهم يهاجمون اتباع السيد المسيح في هذه المناسبة المقدسة ، فلم ينتظروا حتى ان تنتهي هذه المناسبة اصلا ليعملوا ويقوموا بما يرومون القيام به ، فكانت اعمالهم حقيقة موجهة بالفعل لهذه المناسبة التي يفترض ان تكون عظيمة عندهم ، والانكى من ذلك والمؤلم ان من هاجم المسيحيين في بلدة برطلة هم من ابناء الطائفة الشيعية التي قدم المسيحيين في البصرة وبغداد تنازل كبير لهم ، حيث تنازل المسيحيون في تلك المناطق عن احتفالاتهم بميلاد السيد المسيح ذو المجد المؤيد بكتاب القرآن امام احزان الشيعة بذكرى مقتل الامام الحسين ، بينما لم يذكر للحسين مجدا يساوي ما ذكر للمسيح في القرآن ، ولا يوجد شخص يقول بان الحسين اعلى مجدا من نبي مولود من عذراء بولادة عجائبية ويذكره القرآن بكونه وجيها في الدنيا والاخرة ولم ينخسه الشيطان معه امه العذراء كبقية ابناء آدم وهو روح من الله وكلمته وشفى الاعمى والاخرس واقام الموتى ، فتنازلات المسيحيين اثبتت عدم كفاءتها بحفظ المسيحيين من التعرض للظلم ، فعلى الرغم من الاشادات الكبيرة التي اطلقها العديد من رجال الدين والسياسة الشيعة لمواقف المسيحيين في البصرة وبغداد وكذلك في كركوك ، لكنها لم تشفع لاخوتهم في برطلة في احتفاظهم بممارسة احتفالاتهم بذكرى ميلاد السيد المسيح ، حيث يذكر ان تقارير صحفية اشارت الى ان مجاميع كبيرة من الشيعة الشبك، الذين يقطنون القرى المجاورة لبرطلة ، قاموا صباح اليوم الاول من عيد الميلاد المجيد، بتنظيم مظاهرة مفاجئة حاشدة في شوارع برطلة، رافقتها أداء مراسيم عاشوراء، وسط البلدة المسيحية، كما انه في المقابل تظهر بعض التقارير من ان مواكبا حسينية تعرضت لاعتداءات من جهات وصفت بالإرهابية ، افليست الاعتداءات على بلدة برطلة ومواطنيها الآراميين الآشوريين اتباع السيد المسيح المهيىء لهم مكانا وموضعا عاليا فوق الذين كفروا به ، اوليس هؤلاء الذين اعتدوا على مسيحيي بلدة برطلة نفس أولائك الكفار الذين كفروا بالسيد المسيح ؟ اذن فالقرآن يقر بان ابناء برطلة ستهيئ لهم مكانة فوق المسلمين الذين هاجموهم ، وهنا يجب على كافة رجال الدين المسلمين ورجال السياسة منهم اظهار موقفهم تجاه هذا الحدث باستنكاره والتبري من هؤلاء المعتدين ، كما يجب على الحكومة العراقية والحكومة المحلية في الموصل اتخاذ الاجراءات اللازمة لردع هكذا اعمال والحيلولة دون تكرارها . ولكن سيبقى امر مهم وهو نحن اتباع المسيح الشرقيين ، ماذا سيكون موقفنا ؟ متى سنتعض ونتعلم ؟ كل الادلة تشير الى كوننا نحن برؤسائنا الدينيين والسياسيين مع عموم الشعب نتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية ، ونشترك مع الجاني في تحمل وزر الجرائم المرتكبة ضدنا منذ الماضي والى الان وستزداد مسؤوليتنا كلما تقدم الامر ان لم نعمل من اجل وضع الحلول الجذرية لها الان ،ولن تكون بأستطاعتنا ان نعالج مشاكلنا هذه ما لم نتفق فيما بيننا على خارطة طريق موحدة وعلى نقاط مشتركة ، فكل الدلائل تؤكد من انه هنالك مؤامرة ضدنا يشترك العديد في تنفيذها ، من نوري المالكي الذي يرفض الاشارة الى وجود استهداف للمسيحيين في العراق ويعتبر انها مجرد قصص يسردها الناس لكي يحصلوا على لجوء في الدول الاوربية ، كما قال في جوابه على بعض الاسئلة في زيارته لدولة السويد، وبعض رؤساء القوائم العروبية لمحافظة نينوى التي ترفض أي مساس بعروبة نينوى المزعومة لذلك فسيكون من اولوياتهم هو محاربة الوجود الارامي الاشوري في هذه المحافظة الارامية الاشورية الاصل ، وكما هو معلوم فان الشبك هم حلفاء للعروبيين بسبب رفضهم للقوى الكوردية التي تعتبرهم اكراد ، فلذلك الحكومة تصمت والقوى العروبية ذات الجذور البعثية تخطط والافراد الشبك نفذوا ونحن نتخاصم فيما بيننا ونزيد من انقساماتنا لاسباب تافهة ، بينما يفترض بنا ان نكون اكثر وعيا وادراكا لحقيقة ما يدور حولنا وعن ماهية الحلول الحقيقية والجذرية لمشاكلنا المتأزمة ، لقد قدمت مقترحا من خلال دراسة مفصلة حول مسألة الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري ، حيث اقترحت فكرة تطبيق تجارب عديدة حصلت في اوربا كان الهدف منها الحفاظ على الخصوصيات الحضارية والثقافية لبلدة ما والتي قد انتجت في المستقبل مدن كبيرة وعظيمة احدها مدينة هامبورغ الالمانية ، لذلك فانا ادعوا كافة مؤسساتنا الدينية والسياسية لتوحيد المطالبة باعادة رسم الحدود الادارية لكافة مناطقنا ان كانت في محافظة نينوى او حتى في محافظة دهوك ، واستحداث وحدات ادارية جديدة لنا وللآخرين بعد فك الارتباطات الادارية القديمة ، التي ستكون الحل الوحيد والجذري لكل هذه المشاكل التي تحصل لنا والا ستكون برطلة تلكيفا ثانية .
ملاحظة الرابط ادناه يشير الى مساهمة الشرطة المحلية في الاحداث المشار اليها وهذا ما يؤكد الكلام الذي سقته اعلاه في تنفيذ المؤامرة باشتراك الاطراف الثلاثة التي نوهت عنها http://img403.imageshack.us/img403/246/photovr.jpg http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,374704.0.html
#فاضل_رمو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بغداد اليوم وصراع المتناقضين والمتضادين
-
بناء الجوامع في بلداتنا ... وعودة ثانية الى الظروف الموضوعية
...
-
المؤتمر الشعبي الكلداني السرياني الاشوري الثاني .... الفرصة
...
-
اللغة والارض نقاط أساسية في المفهوم القومي
المزيد.....
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|