صلاح التكمه جي
الحوار المتمدن-العدد: 871 - 2004 / 6 / 21 - 08:27
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
القرار الدولي الأخير لمجلس الأمن الدولي حول عودة السيادة للعراق ، مر بمراحل عديده و مسودات معدلة من قبل حكومتي الولايات المتحدة الأمريكية والبريطانية في سبيل إخراج قرار يحظى بإجماع أعضاء مجلس الأمن الدولي.
طيلة مناقشة مسودات القرار حدثت صراع ارادات عديدة للتغيير و تعديل مسودات القرار ،و لهذا اضطرت الدولتين التي قدمت القرار الى تعديله ثمان مرات و كانت المسودة الثامنة هي التي تم التصويب عليها من قبل أعضاء مجلس الامن الدولي ، فرنسا و الصين كان لها دور في تغيير البنود المتعلقة بتواجد القوات العسكرية في العراق .
وقانون ادارة الدولة كان له صراع خفي بين اروقة مجلس الأمن الدولي ، محوره جهات مختلفة للقوى السياسية العراقية ، وكانت كل منها تحاول عن طريق اجنحتها تسعى لحصول مكاسب و امتيازات في قانون سيادة العراق (1546) ، القوى الكردية حاولت ان تثبت القانون في القرار الدولي وبذلك ينال شرعية رسمية من قبل المجتمع الدولي مقابل أي دستور يشرع لمستقبل العراق ، كانت رسالة قادة الأحزاب الكردية السيد مسعود البرزاني و السيد جلال الطالباني تصب في تحقيق تلك المكاسب السياسية ، وفي هذا السياق حاول السيد هوشيار زيباري ان يبرهن للاعضاء مجلس الامن الدولي ان قانون إدارة الدولة الانتقالية هو القانون الاساسي الوحيد المعمول به في داخل العراق الان و بالتالي من المهم ذكر القانون في القرار الدولي ، و بالفعل كانت المسودة الاولى و الثانية تحمل في طياتها بند للقانون إدارة الدولة الانتقالية ألا أن رسالة السيد السيستاني شكلت عامل ضغط مهم في تعديل مسودة القرار،وبالفعل تم تجاهل ذكر قانون ادارة الدولة في المسودة الاخيرة بالمقابل تم التعويض عنه في ذكر الشكل الاداري و السياسي المعترف به دوليا الا وهو (عراق تعددي ديمقراطي فدرالي ).
أن قرارات 1546 سيصبح لها استحقاقات كثيرة، سيكون لها تأثيرات مختلفة على مستقبل العراق ، لعل أهم البنود التي اثارت المراقبين هي :
الحصانةالدولية للواردات النفطية: في الفقرة 24 من القرار يذكر(ويقرر ان يستخدم صندوق التنمية للعراق بطريقة شفافة ومنصفة ومن خلال الميزانية العراقية بما في ذلك لأغراض الوفاء بالالتزامات المستحقة على صندوق التنمية للعراق, وأن يستمر نفاذ ترتيبات ايداع عائدات صادرات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي, المنصوص عليها في الفقرة 20 من القرار 1483 (2003), وأن يواصل المجلس الدولي للمشورة والرصد انشطته في رصد صندوق التنمية للعراق وأن يضم فرداً مؤهلاً بحسب الأصول تسميه حكومة العراق ليكون عضواً إضافياً فيه يتمتع بكامل حق التصويت,,) ان من الاستحقاقات المهمة التي سيكون لها الاثر الايجابي للوضع الاقتصادي العراقي هو ان القرار الدولي اكد ان عائدات النفط سوف تبقى تحت اشراف و مراقبة دولية و تحت حساب خاص و تكون خاضعا للحصانة الدولية تمنع اي جهة من التعرض سوى من الدائنين او غيرهم و بالتالي سوف تكون واردات العراق خاضعة للإرادة الدولية و ستبقى الارادة العراقية في تصرف تلك الواردات تحت رقابة و اشراف تلك الارادة الدولية وهذه النقطة لها اثر ايجابي من جهة عدم تكرار سوء الاستفادة كما حدث للحكومات العراقية السابقة ، و لها اثر سلبي ان سيادة العراق الاقتصادية ستبقى خاضعة للاشراف الدولي .
الارهاب والشراكة الامنية مع القوات المتعددة الجنسيات: في الفقرة 10 من القرار الدولي يذكر(يقرر ان تكون للقوة المتعددة الجنسيات سلطة اتخاذ جميع التدابير اللازمة للمساهمة في صون الأمن والاستقرار في العراق وفقاً للرسالتين المرفقتين بهذا القرار اللتين تتضمنان, في جملة أمور, الاعراب عن طلب العراق استمرار وجود القوة المتعددة الجنسيات وتبيان مهامها, بما في ذلك عن طريق منع الارهاب وردعه)و في الققرة11 (ٍ, انه يجري انشاء ترتيبات لإقامة شراكة أمنية بين حكومة العراق ذات السيادة والقوة المتعددة الجنسيات ولكفالة تحقيق التنسيق بينهما وان حكومة العراق لديها السلطة لإلحاق قوات امنية عراقية بالقوة المتعددة الجنسيات للاضطلاع بعمليات معها) ان التطرق للحالة الامنية في العراق و حرب الارهاب التي تشن عليه و الاهتمام بهما من قبل المجتمع الدولي له استحقاق ايجابي و نفسي على الشعب العراقي ولكن ربط العراق بالحرب الدولية للارهاب و جعله ساحة لتصفية الحساب لتلك المعركة ، يثير مخاوف لدى كثير من المراقبين المهتمين بالشأن العراقي ، ان معركة الارهاب لها اطراف عديدة اقليمية و دولية ستجعل من العراق بلدا صعب السيطرة على استقراره وامنه اذا ما ارتبط تواجد تلك القوات العسكرية بمعركة الارهاب الدولية. وحتى السقف الزمني للولاية القوات المتعددة الجنسيات مرهون في اكتمال العملية السياسية بالعراق و في حفظ امنه كما اشير اليه في الفقرة12 من القرار ، ان مايثير المخاوف لدى المراقبين ان العراق سيدفع ضريبة حفظ امن ولاية قوة المتعددة الجنسيات اكثر من حفظ امنه .
الانتخابات و العملية السياسية : من الاستحقاقات الإيجابية و المفرحة لدى الكثير من قطاعات الشعب العراقي هو تحديد سقف زمنية محددة للعملية الانتخابية في العراق و تكوين نظام سياسي شرعي مبني على العملية الانتخابية وهذا ما أشير أليه في البند (ج) من الفقرة (4)( إجراء انتخابات ديموقراطية مباشرة بحلول 31 كانون الأول (ديسمبر) 2004, اذا امكن ذلك, او في موعد لا يتجاوز بأي حال من الاحوال 31 كانون الثاني (يناير) 2005, لتشكيل جمعية وطنية انتقالية, تتولى جملة مسؤوليات منها تشكيل حكومة انتقالية وصياغة دستور دائم للعراق تمهيداً لقيام حكومة منتخبة انتخاباً دستورياً بحلول 31 كانون الأول 2005. ) ان في عملية تحديد صياغة النظام السياسي العراقي المستند على الحالة الانتخابية و جعله في قرار دولي سيمنع اي تلاعب به من قبل اي حكومة مستقبلية في العراق ،تحاول التسويف بارادة الشعب العراقي و جعل مبررات واهية لعدم حدوث العملية الانتخابية و الاهم من كل هذا هو ذكر النظام السياسي الذي يجب ان يعمل به في العراق الا وهو يجب ان يكون( نظام تعدديا ديمقراطيا فدراليا) وقد ذكر في مقدمة القرار (وإذ يرحب بالتزام الحكومة الموقتة للعراق بالعمل على إقامة عراق اتحادي ديموقراطي تعددي موحّد, يتوافر فيه كامل الاحترام للحقوق السياسية وحقوق الإنسان) بلاشك ان هذا استحقاق كبير و مهم ، يمثل حصانة دولية لمنع نشوء اي نظام فردي ديكتاتوري شمولي في العراق.
سريان القرارات الدولية السابقة : انه رغم زوال النظام الديكتاتوري في العراق الا ان العراق سيبقى رهن لمرحلة السابقة وسيكون خاضعا لجميع القرارات التي صدرت بحق النظام الديكتاتوري السابق وهذا ما اشير اليه في الفقرة 22 من القرار (يشير الى انه لا يوجد في الفقرة السابقة ما يمس الحظر المفروض على الدول او التزاماتها في ما يتعلق بالبنود المحددة في الفقرتين 8 و12 من القرار 687 (1991) المؤرخ 3 نيسان (ابريل) 1991 او الأنشطة الوارد وصفها في الفقرة 3 (و) من القرار 707 (1991) المؤرخ 15 آب (اغسطس) 1991, ويؤكد من جديد اعتزامه اعادة النظر في ولايتي لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش والوكالة الدولية للطاقة الذرية. ) ان من الاستحقاقات السلبية هي ان الشعب العراقي سيبقى يدفع ضريبة سياسة النظام الديكتاتوري السابق رغم زواله ، و حتما ان هذه القرارات لا يمكن ان يتحرر الشعب العراقي منها الا في تحقيق نظاما يكون مورد ثقة المجتمع الدولي.
أن المرحلة القادمة ستكون مقطعا مهما في تاريخ الشعب العراقي ، تحدد معالمه استحقاقات قرار1546
الذي هو بمجمله انتصار للارادة الشعب العراقي ، و بلاشك ان نجاح نشوء تجربة ديمقراطية تعددية فيدرالية في العراق تحت اشراف المجتمع الدولي ستكون لها اثر في السياسة الدولية و ستمثل هذه التجربة مفصلا زمنيا مهم في العلاقات الدولية . وبلاشك ستثير نجاحها مخاوف لدى الكثير من الدول الشمولية في الوضع الاقليمي المحيط بالعراق و كذلك بالوضع الدولي ولهذا ان مايثر القلق هي تدخل ارادة الدول الشمولية في فشل هذه التجربة و جعلها نموذجا سيئا غير صالح للتطبيق .
ان ارادة الشعب العراقي هي السبيل الوحيد في تحطيم مخططات الشر التي تسعى لتدمير العراق و اهله ،
ان ارادة الشعب العراقي هي الصمام الامان في نجاح التجربة، الذي يمكنه ان يستفيد من الدعم المعنوي للقرار 1546 في سبيل تحقيق نظام ديمقراطي تعددي فدرالي موحد.
#صلاح_التكمه_جي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟