سلمان محمد شناوة
الحوار المتمدن-العدد: 2869 - 2009 / 12 / 26 - 20:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هذا ما قاله غاندي ذات يوم ....
تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما وانتصر ....
كيف ذلك وهل هي حقيقة , لأننا تعلمنا دروس في النصر والهزيمة , ومن أهم دروس الانتصار (( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة , ترهبون به عدو الله وعدوكم )) فكيف يعطي الحسين دروس بالانتصار وهو غارق في الهزيمة ....
وهل انتصر الحسين في يوم كربلاء حقاً ...
لو درسنا حياة هذا المصلح العظيم (( المهاتما غاندي )) , ودرسنا أسلوبه في إخراج المحتل الانجليزي من الهند, الهند والتي تعتبر الجوهرة في التاج البريطاني , وإذا علمنا إن بريطانيا كانت تحكم الهند من خلال شركة الهند الشرقية منذ القرن السابع عشر , ولمدة أربعمائة سنة تقريبا , وكانت الهند حجر الزاوية بكل السياسة البريطاني , ماهي سياسة غاندي بإخراج هذا المارد الاستعماري من الهند ....
كانت سياسة غاندي تعتمد على (( سياسة إلا عنف )) , تعتمد على القوة المعنوية للمظلوم والتي تحولت إلى شرارة كبيرة استطاعت زحزحة الظالم الانجليزي وإخراجه من الهند ... لم يكن يملك سلاحا أبدا ولم يكن يملك (( لا مسدس ولا خنجر ولا مدفع )) إنما كان يسير بردائه الشبه العاري ....وحين يسير سارت خلفه الأمة ...اعتمد على الكلمة والقوة المعنوية لشخصيته ...
على بعد 750 كيلو متر من البحر , والبحر يحيط بالقارة الهندية من كل اتجاه , قال سوف أسير باتجاه البحر , وسارت خلفه الأمة كلها , وحين وصل إلى البحر طلب منهم إن يعمل كل شخص بقدرته الفردية على استخراج ما يقدر عليه من الملح , فجأة توقفت صناعة الملح الانجليزية ....لا يستخدم سلاحا ولا مدفع ولا متفجرات ولا مفخخات ....استثمر الظلم إلى ابعد درجة أجبرت المحتل البريطاني للعودة إلى إنسانيته الحقيقية والاعتراف بحق الشعب الهندي ....في رحلته إلى بريطانيا زار معامل النسيج هناك استقبله استقبالا حارا بزيه شبه العاري ...مع انه قبل ذلك طلب من الهند حرق الملابس الانجليزية والاكتفاء بنسيج صوفي يحوكه أيا كان بيده .... وتوقفت صناعة النسج البريطانية ...
هذه سياسة إلا عنف التي انتهجها غاندي والتي أجبرت بريطانيا من الخروج من الهند , كيف كان مظلوما فانتصر ...
الحسين بن على حين سار بأهله والقليل من أصحابه إلى كربلاء ...هل اعد لهم ما استطاع من قوة , بحيث يرهب بهم أعداء الله وعدوه , الحقيقة لم يفعل , فلنفترض انه صاحب دنيا , أليس المنطق والعقل يقول إن طالب الإمارة يجب إن يستعد بجيش كبير حني يحتل الكوفة أو على الأقل حني يقوم بانقلاب في المدينة وينزع خلافة يزيد , أليس من المعقول إن يدعوا كل الأعوان وأنصار أبيه وأخيه بالأمس إلى بيعته , ثم إعلان نفسه أميرا أو خليفة , وان خرج لا يخرج إلا بجيش جرار حتى يؤدب يزيد في عاصمة ملكه , ولكنه لم يفعل , الم يفعل عبدا لله بن الزبير ذلك وتحصن في مكة ودعا الأنصار والأعوان إلى خلفته وتم بيعته بحيث اصبح يحكم جزيرة العرب كلها والعراق , ولم يبقى لابن أميه سوى الشام ....
هل كان ابن الزبير أكثر ذكاء وحنكة وسياسية من الحسين بن علي ...
ما هي حقيقة موقف الحسين , لماذا عرض أصحابه وأهل بيته للقتل وعرض النساء للسبي ....
الحقيقة مشكلة الحسين هي نقسها مشكله جده النبي محمد وأبيه الإمام على , وحتى الأكثرية من بني هاشم , هي مشكلة الحق والباطل مشكلة العدل والظلم , مشكلة الأكثرية الصامتة المغلوب على أمرها ...
فالحسين حين خرج قال (( إنما خرجت أريد الإصلاح في امة جدي محمد بن عبدا لله )) ....
الإصلاح , وكيف يكون الإصلاح إن لم تكن هناك تضحية ودماء زكية تراق على طريق الحق ...
بالحقيقة ترددت في كتابة مقالي كثيرا ... لأنني لا أريد إن أكون عاطفي في تفكيري ,, وإنني حاولت منذ تعلمت الكتابة إن أكون عقلاني يقودني تفكيري لا عاطفتي ...هناك مشكلة بالكتابة والحديث عن الإمام الحسين , إن الإمام الحسين يستحوذ على نفسك قبل عقلك ..فهو كما قيل قتيل العبرة ...ما إن يذكر حتى تجري الدمعة جبرا وليس بالإرادة ...
الإصلاح هو الهدف المنشود
بالحقيقة حين نتكلم عن الإصلاح دائما نتجه إلى النتيجة , ونتيجة آية فعل كرد فعل على واقع ظالم يجب إن يتجه إلى تحقيق الإصلاح كغاية ... وحين نفكر بالوسيلة حني يتم هذا الإصلاح ...دائما هناك طريق طويل وصعب وبطئ .. وهو يقوم توجيه النصح للحاكم والموعظة الحسنة والكلمة الحسنة وعدم إغضاب الحاكم ... وهذه الطريقة هي طريقة مزعجة ونتائجه غير مضمونه وكثير ما سببت لأهل الإصلاح إن يغيبوا في سجون الظالم , والنتيجة لا أصلاح ولا تغير ... والنتيجة الثانية هو القيام بانقلاب عسكري وبالقوة لتغير مجرى الأحداث وتغير الحاكم وسحله بالشوارع وهذه جربناه في العراق كثيرا وفي كثير من الدول , هنا تكون النتيجة سريعة فلا نحتاج إلى رضاء الحاكم إنما قلعه من الأساس ....عبدا لله بن الزبير كان صاحب الطريقة الثانية حيث خلع يزيد من الخلافة ودعا إلى نفسه وأقام عاصمة ملكه في مكة المكرمة .....
إما الحسين قي الحقيقة لم يجرب لا الطريقة الأولى ولا الثانية .....
لو عدنا إلى اساس المشكلة (( اساس المشكلة ان النبي محمد جاء بنظام جديد نظام قائم على الشورى – فلا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى – ويقول كلكم متساوون كأسنان المشط ... كانت الجزيرة قائمة على نظام القبيلة والعشيرة ...وكانت قائمة على نظام اقتصادي ربوي ... والنظام ألربوي كنظام اقتصادي , يعمل على خلق طبقتين بالمجتمع – الأغنياء والفقراء ويعمل كذلك على زيادة الفارق الاجتماعي بشكل صارخ بين أصحاب المال وعامة الناس من الإجراء بحيث يتحولون إلى أكثر الطبقات طحنا في المجتمع ... إما الأغنياء فأموالهم تربو وتزيد بدون تعب ..فأي قرض لا يشعر المر إلا وهو تضاعف إلى أضعاف كثيرة بحيث لا يستطيع التسديد بحيث يؤدي هذا به إلى بيع بيته وأولاده وحتي زوجته ونفسه في سبيل تسديد الدين ....في الجاهلية تولدت طبقة من قطاع الطرق الاجتماعيين الذين هالهم ما روه من ظلم وغياب العدل الاجتماعي (( صعاليك العرب )) مثل طرفة بن العبد وتأبط شرا وغيرها ,الذين اخذوا يسرقون من الأغنياء لتوزيعه على الفقراء ... وبظل هذا النظام الاجتماعي كان محمد ...محمد حطم هذا النظام الاقتصادي كله وبني نظام اجتماعي واقتصادي جديد أساسه العدل الاجتماعي والتكافل , وتضيق الفارق بين الأغنياء والفقراء ...لذلك نجد إن جل أصحاب محمد من الفقراء والمعوزين والمنبوذين اجتماعيا ..لدرجة إن قريش لم تستطيع حين أتته راغبة بالإسلام أو راغبه بالجاه أو المجد إلا يقولوا لمحمد خصص لنا يوما ...ولهم يوم ...لم يكن أصحاب محمد أمثال أبى ذر أو ابن مسعود أو بلال الحبشي أو صهيب الرومي إلا سفلة المجتمع في نظرهم ....
حين انتصر محمد وفتح مكة قال لهم اذهبوا فانتم الطلقاء ....
ودخل أعداء الأمس وأصبحوا أصحاب اليوم ...ولكنهم على عهد قريب بالجاهلية والشرك وجاه الأمس القريب ...أبو سفيان كان حاكم مكة ... وبني أميه قاطبة إلا القليل منهم كانوا أصحاب مؤسسات مالية ضخمة تقوم على نظام ربوي كان مشروعا إلى الأمس القريب وهو ألان محرم أو ممنوع من محمد ....
وتوفى محمد ..... وجاء اصحاب محمد
وقال أبو بكر إن كنتم تعبدون محمد فان محمد قد مات وان كنتم تعبدون الله فان الله حي لا يموت
وكانت سقيفة بني ساعدة و مشكلة سقيفة بني ساعدة إن المسلمين لم يكن لهم نظام معروف ومتداول في قضية الخلافة , سقيفة بني ساعة كانت حجر الأساس للنظام الحكم الذي تأسس إثناء حكم الخلفاء الأربعة ( أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن بعد ذلك )) حيث كان الخلاف شديد بين سعد بن عبادة زعيم الأنصار وأبو بكر وعمر من المهاجرين حول أحقية الخلافة ...في ذاك الاجتماع الصاخب تم أقرار قاعدة أساسية في الحكم الإسلامي منذ سقيفة بني ساعدة حتى العصر القريب
(( الخلافة في قريش )) والوزارة للأنصار ...هذا الاتفاق دعا سعد بن عبادة إلى الخروج غاضبا والالتحاق بالشام حيث قتل وهناك وسمى قتيل الجن – قتلته الجن هناك – او ربما بفعل احد المخالفين له وكان الجن رسوله في ذلك –
انقسم المسلمون إلى قسمين قسم بايع أبو بكر ومنهم عمر وأبو عبيدة بن الجراح وبني أمية والأنصار , وقسم أخر لم يبايع على رأسهم الإمام علي وبني هاشم وسلمان الفارسي والمقداد وأبى ذر , لم يبايعوا لأنهم كانوا يعتقدون إن الإمام على الأولى بالخلافة ويستندون على واقعة غدير خام والذي اتخذوه الشيعة عيدا لهم بتنصيب الإمام علي بالخلافة حين نزلت الايه (( بلغ ما أنزال إليك من ربك وان لم تبلغ ما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) , فكان إن قال , علي ولي كل مؤمن ومؤمنه ...وهنأه عمر حين قال له : بخ بخ لك يا علي أصبحت ولي كل مؤمن ومؤمنه !!!!...
لم يبايع الإمام علي إلا بعد حين من الدهر وبعد وفاة فاطمة الزهراء وبايع معه المعارضون لبيعته ....
ثم كانت خلافة عمر وخلافة عثمان ... ولو نظرنا إلى بيعة عثمان وكيف جعلها عمر في ستة أشخاص لارأينا كم هو التنافس والتغالب بين الصحابة ...حين وضع عمر أسس تشكيل النصاب في شخصية عبد الرحمن بن عوف ...عبد الرحمن بن عوف من أصحاب الأموال قبل وبعد الإسلام وكذلك كان عثمان لذلك عثمان كان اقرب نفسيا لعبدا لرحمن بن عوف من علي بن أبي طالب ...علي بن أبي طالب كان يميل جهة الفقراء والعدل الاجتماعي ... وتقريب الطبقة الاجتماعية الفقيرة المعدمة بينما كان عبد الرحمن بن عوف والذي وضع في يديه اتخاذ القرار من هو صاحب الخلافة ...كان يميل إلى الطبقة الاجتماعية الغنية .. ولا يشعر بميل إلى طبقة الفقراء ...لذلك أجد إن عبدا الرحمن بن عوف لو بايع الإمام علي لكان ابعد عن منطق الإحداث والشخصيات , أصحاب محمد وان كانوا من أصحابه المقربين إلى أنهم طبقات نفسية مختلفة , علم النفس يقول لنا ذلك وطبيعة الأشياء تقول لنا ذلك , وعملية اختيار الخلافة لم تكن كلها لوجه الله ...من المستحيل تصديق ذلك , لكن دخلت فيها الاعتبارات السياسية والاقتصادية والمصالح الدنيوية .....
مدة خلافة عثمان كانت عشرين سنة ...قالوا لنا في التاريخ إن العشرة سنوات الأولى كانت قريبة من سيرة النبي محمد والشيخين أبو بكر وعمر , لكن الطامة الكبرى كانت العشرة سنوات الثانية , اتخذ عثمان له وزيراً , هو أسوء ما يكون من وزير وهو , مروان بن الحكم , مروان بن الحكم هذا تسبب لعثمان في مشاكل هو غنى عنها , حيث كان له الأمر والنهي , ومن مشاكل عثمان الأخرى , عماله الذين سأوا التصرف في ولايتهم ..بحيث جاء أهل مصر يشتكون عثمان من والي مصر , وردهم عثمان ردا حسنا , ولكن مروان بن الحكم غافلهم وأرسل لوالي مصر يأمر بقتلهم , وهنا ثارت ثأرت أهل مصر وحاصروا عثمان في بيته , طالبين منه تسلميم مروان بن الحكم , لانه قام بتزوير الكتاب الموجه إلى مصر بدلا من إكرامهم إلى اغتيالهم ...وأدى الأمر بالثوار إلى تسور بيت عثمان وقتله ...وهو متحصن بالمصاحف ....
خلال فترة خلافة عثمان تشكلت طبقة اجتماعية جديدة من الصحابة , طبقة من الأغنياء هي حقيقة تختلف في مصدر ثروتها عن الجاهلية , في الجاهلية كان أساس الثروة هو الربا , أما بعد الفتح الإسلامي للدول والممالك , توالت الغنائم على عاصمة الدولة فصار الصحابة أصحاب أموال ضخمة واخذوا يتعالون بالبنيان بشكل لم يكن مألوف أبدا على عهد النبي محمد أو أبو بكر أو عمر وصاروا وأصحاب عبيد وجواري قدموا من البلاد المفتوحة ...ومن كثرتهم تركوهم في طرقات وأزقة المدينة يعملون وناتج عملهم يعود إلى أسيادهم أخر النهار...هذا ولد ظلم اجتماعي جديد ظاهر للعيان في المجتمع ... وهناك برزت مشكلة أبى ذر الغفاري ..والذي كان في الشام يدور على أصحاب الأموال من بني أميه وغيرهم يطرق الأبواب يستصرخ فيهم قيمهم المحمدية ...(( أعطوا الفقراء )) ...هذه الأموال إن كانت من أموالكم فهو التبذير ...وان كانت من بيت مال المسلمين فهو السرقة حتى ذاق به أهل الشام ورفعوا أمره إلى عثمان الذي أمر بإحضاره إلى المدينة وفي المدينة سار سيرته الأولى مع أهل الشام ...حتى ضاق به أهل المدينة وضاق به عثمان نفسه مع إن الاثنان من صحابة الرسول ...وأمر بنفيه إلى الربذة ...حيث توفى هناك ....
بعدان اغتال الثوار عثمان ..كان الإمام علي هو الأقرب إلى ضمير الثوار وكذلك عامة أهل المدينة ..فاتوا يبايعونه ...فرفضها فلما صروا عليه قال إن لم يكن ...فعلى رؤوس الإشهاد وفي الجامع ....
كانت بيعته كذلك ...الأمام على في تصرفه هذا اقر مبدأ في غاية الأهمية ...حيث جعل الولاية العامة بيد الناس كعقد اجتماعي موغل بالقدم قبل مبادئ العقد الاجتماعي التي روجت لها الثورة الفرنسية بتأثير من أصحاب الفكر أمثال جان جاك رسو ومنتسيكيو , وجون لوك ...
قال لهم بيعتي تكون في الجامع حثي يضمن موضوع العلنية ومن الأمة ...حني تكون البيعة من كل الناس ......
في بيعة الإمام علي ظهرت لنا مشكلة أخرى حيث يوجد جماعة من النخبة من أصحاب محمد وفي رأسهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله . هؤلاء بايعوا الإمام بشكل إجباري وحرجا أمام الجموع الغفيرة من الناس التي أتت تبايع الإمام علي , حيث كان يرون بأنفس الأحق بالخلافة ....أدى ذلك إلى خروجهم بواقعة الجمل المعروفة مصطحبين معم السيدة عائشة كرمز للخلافة الإسلامية ...وانتهت واقعة الجمل كما هو معروف بمقتل الزبير بن العوام وطلحة بين عبيد الله ...
الإمام علي اتخذ سيرة رضي عنها الناس ولم يرضى عنها النخبة من أصحاب الرسول ...لأنه قام بضرب كل المصالح التي تولدت على مؤسسة الخلافة ...وبدأ بإعادة توزيع الأموال التي تتجمع في بيت أموال المسلمين بأسلوب يختلف عن أسلوب عمر وعثمان , متخذ أسلوب التوزيع المتساوي بين المسلمين حسب أحقيته , بينما كان عمر يفضل السابقون بعطاء اكبر من غيرهم , عمر قام بإلغاء سهم المؤلفة قلوبهم ....
كانت فترة خلافة الإمام علي قصيرة أربع سنوات تقريبا لم يشعر خلالها بالاستقرار أبدا , بدأت على أيامه ما يسمى بالحرب الأهلية , أصحاب الجمل أولا وأصحاب النهروان والخوارج وأخيرا حرب صفين ومحاولة انفصال معاوية بالشام ,
عمرو بن العاص كذلك معروف من صحابة محمد , تعاهد مع معاوية على قتال علي مقابل حكم مصر ...
ابنه عبدا لله بن عمرو بن العاص اعترض أباه ...قال له ما خروج هذا ؟
قال له : إنما هي الدنيا نتكالب عليها !!!!!
إنما هي الدنيا نتكالب عليها – وهذه الحقيقة الوحيدة في كل التاريخ الإسلامي – الإنسان هو الإنسان سواء في دولة فارس أو دولة الرومان أو روسيا أو أمريكا أو العراق أو مصر ...الإنسان هو الإنسان الإحداث التاريخية كأنها تعيد نفسها في دورات تاريخية .....يخبرنا التاريخ إن كل دولة قامت اي فئة دعت إلى نفسها وكانت لها من المبادئ العظيمة ....حتى تتحول بعد تغير النظام والحكم القائمة إلى طبقة متسلطة صاحبة مصالح تتولد تدريجيا مع النظام الحكم ...أصحاب محمد نفسهم لا يختلفون أبدا عن أي فئة حاكمة تحولت إلى طبقة ...مستفادة من نظام قائم ..لذلك كان هناك الكثير من أصحاب المصالح الذين تضرروا من خلافة علي وأولهم (( الزبير وطلحة ومعاوية وعمرو بن العاص )) ....
اغتيال الإمام علي على وقال له أصحابه هل نبايع الحسن أم لا نبايع قال لهم لا أمركم ولا أنهاكم هو لكم ...الإمام علي وهو على فراش الموت يعيد الولاية إلى الأمة ....
والأمة تختار الحسن ...والحسن ورث عن أباه مشاكل لا حصر لها أولها وليس أخرها خيانة الجيش له ...فرأي حقن للدماء إن يصالح معاوية على شروط منها ...
إن الأمر للحسن بعد معاوية وان لم يكن موجودا فهي للحسين ....
صلح تم الاتفاق عليها وتم إشهاده على أعيان الناس ....هذا ونحن في سنة 41 لهجرة ...
معاوية يقوم بسم الحسن .....
استقر الأمر لمعاوية عشرين سنة ....لكنه أتاه من أرد الفتنة بالأمة احد أصحاب محمد (( المغيرة بن شعبة )) قال له لم يبقى غير ابنك وابنأئهم وابنك أحق من أبنائهم ....
هنا ولدت فكرة ولاية العهد وتوريث الحكم ....
هنا اتخذ معاوية قرارا شق الوسط الاسلامي كله وجعله قيصرية وكسروية بعدما كانت شورى بين أصحاب النبي محمد
هنا بداية الفساد وليس أخره.....
طلب بيعة المسلمين ....المسلمين على دين ملوكهم بايعوا ...كل الأمصار الإسلامية بايعت لأنها بعيدة عن الحدث , والحدث يتولد ويكبر ويتربى في المدينة ....
بايع المسلون إلا ثلاث لم يبايعوا ...
عبدا لله بن عمر بن الخطاب .......
عبدا لله بن الزبير .....
الحسين بن علي ......
معاوية جاء بنفسه إلى المدينة وضع رفض الثلاثة البيعة وضع معاوية السيف على رؤوسهم ....حني لا ينطقوا حرفا..
مات معاوية .....
تولى يزيد كرسي الخلافة .....
ولكن كيف بهؤلاء الثلاث ...
أرسل يزيد إلى والي المدينة ....
اخذ هؤلاء الثلاثة أخذا شديدا ويقصد عبدا لله بن عمر وعبدا لله بن الزبير والحسين بن علي ....
عبدا لله بن عمر يهادن ويبايع .....الحسين بن علي تاتية كتب أهل الكوفة أقدم ألينا نبايعك ....
عبدا لله بن الزبير يذهب إلى مكة يحتمي بها .....
يزيد يعتبر سادس خليفة إسلامي بعد النبي محمد يلاعب القردة في مملكة حكمه , بيت مال المسلمين يتحول إلى بيت مال معاوية وبني أمية , بحيث صار يوزع على القارب والعمال وعلى من يريد معاوية أو يزيد إن يشتريهم ....
إذن أي العدالة الاجتماعية التي جاء بها محمد أين الحق ...أين كل المبادئ التي نادي بها محمد وأبى ذر وعلي وسلمان , أين الفقير في مجتمع الأغنياء ...لماذا نزلت رسالة السماء ...فقط حتى نصلي ونصوم ونحج ...إذا كان يزيد هو الخليفة ..فهل أتي محمد حقاً ليسلمها في أخر المطاف إلى يزيد وصبيانه ....
والله أنها معادلة لا تصح أبدا ...كيف يلتقي النور بالظلام وكيف يلتقي الحق بالباطل ...وكيف يصلي المسلمون خلف ملاعب القردة ....
(( إنما خرجت أريد الإصلاح في امة جدي ))...
والله (( الموت أهون عندي من إن يحكم فينا الدعي ابن الدعي )) ...
حين يلتقي بالجيش يصرخ فيهم كونوا أحرار في دنياكم ....
الحر بن يزيد ألرياحي يخير نفسه بين الجنة والنار , ويختار الجنة ويقتل بين يدي الحسين ..
يقابل الفرزدق بالطريق : كيف تركت القوم ؟!!!!
: قلوبهم معك سيوفهم عليك !!!!
أتسأل هل من الممكن إن يكون هناك نهاية للحسين غير هذه النهاية , هل من الممكن مثلا إن يبايع الحسين , المنطق وطبيعة الأشياء وكل المبادئ التي جاء بها الأنبياء والفلاسفة والمصلحون تبعد هذا الاحتمال.....
هل من الممكن إن لا يبايع مثلا ويبقى في المدينة أو مكة أو غيرها من الأمصار ..المنطق والعقل يبعد هذا الاحتمال فيزيد لا يرتاح والحسين أمامه حي يسبر في الطرقات تجتمع حوله الناس ....
إذا كان لا بد من الموت فأهلا بالموت .....
الحسين يجتمع بأصحابه ليلة واقعة ألطف : إن القوم يريدوني إنا فاتخذوا الليل جملا وانطلقوا .....
أصحاب الحسين مثل الحسين ...تربوا على نهج النبي محمد والإمام علي .. وفي الحقيقة هم بقية من تلك الأجساد النحيلة التي تستصرخ بالناس قيمهم المحمدية ...مثال أبى ذر والمقداد وسلمان وعمار بن ياسر ...أعطوا حق الفقير
إذا تنازل وهادن الحسين من للفقير والمعدم ....
من للحق والعدالة ....
إذا تنازل الحسين ...كيف يأتي ناس خلال الزمن الطويل للإنسانية أمثال جان جاك رسو ومونسيكيو ويقلبون أنظمة بقيت مئات السنين على قلوب الناس ...كيف يأتي ماركس ويقيم دولة الفقراء على الأرض , كيف يأتي جبفار ويدعوا للنضال في دول العالم وقلع الاستبداد والظلمة من عروشهم ...كيف يأتي غاندي ويدعوا إلى إخراج بريطانيا من الهند ....
إنا لا استطيع تخيل هؤلاء يتنازلون ,, ماركس قضي كل حياته بحالة حاجة شديدة لكنه لم يهادن ولم يتنازل ...وكان في استطاعته التنازل ليضمن لنفسه ولأهلة مشقة الفقر والغربة , غاندي كان بإمكانه التنازل قليلا , وهو عاني السجون والاحتجاز ... جيفار كان يمكنه إن يتنازل كان أرضته أمريكا وبقي سعيدا وأمريكا سعيدة ..لا بل في فترة من الفترة لم يكن أي داعي إن يتنازل فقط يقبل بالوظيفة التي أعطها له كاستروا ..لكنه رفض واخذ يتنقل من بلد إلى بلد ينشر الثورة ضد الاستبداد....
نحن أمام كتلة من القيم والمبادئ المتحركة في شخصية الحسين ...
التضحية والفداء في شخصية أصحاب الحسين ...
كل الدول تقيم في اكبر ساحتها جندي مجهول يمثل الفداء الذي يقدمه جندي قتل في ارض المعركة لا يعرفه احد ...
إنا ستغرب حقا كيف يسفر بعض الكتاب خروج الحسين فساد في الأرض ...
فاذا كان خروج الحسين فساد فماذا يمثل يزيد ....
فلننظر الى المشهد بعد قتل الحسين ...
المدينة تثور ويستبيحها جيش يزيد بحيث لم تبقى عذراء واحدة في المدينة إلا واغتصبت من قبل الجيش الإسلامي والذي خليفته وقائده العام للقوات المسلحة يزيد .. في واقعة الحرة المشهورة ...وإذا أردتم إن تعرفوا تفاصيل هذه الواقعة ارجعوا إلى كتب التاريخ ...مدينة الرسول , مدينة الأنصار والتي قال بهم النبي محمد أغفر الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار , يأتي جيش الإسلامي والذي في يوم من الأيام كان فاتح العراق والشام ومصر وفارس والهند والسند ..جاء هذا الجيش واستباح المدينة ...بعدها يأتي أي خاطب إلى فتاة من المدينة يقول لك أبوها أزوجك على شرط إني لا اعرف أهي بكر أم ثيب ....
الجيش الإسلامي جيش يزيد بحاصر الكعبة ويضربها بالمنجنيق ويهد ركن من أركانها ..
تخرج ثورة الترابيين يقول لهم الجيش عودوا ولكم الأمان يقولون كنا امننين في بيوتنا ...
تأتي الرايات السود من خرسان ترفع شعار يا لا ثارات الحسين و وندمر دولة بني أمية وتقيم دولة بني العباس ...
على مر التاريخ يصبح اسم الحسين شعار للحرية ومقاومة الاستبداد
وتبقى صرخته
(( كونوا أحرار في دنياكم )) ...
كل الحكام عبر التاريخ باتوا يخافون من اسم الحسين , لأنه حين يذكر اسم الحسين يجتمع حوله الفقراء والمحتاجين ويشكلون ثورة على الظالم ... مجرد نظرة لأتباع الحسين نجدهم من الشرائح المثقلة المتعبة في المجتمع , فكأن الحسين وقبله الإمام علي وقبله النبي محمد لا يحلو لهم الجلوس إلا على مساند الفقراء الخشنة ....
عبر التاريخ كله أصبح اسم الحسين يعني الحرية...
يعني الحق ...
يعني العدالة....
(( علمني الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر ))
فانتصر غاندي وأصبحت الهند وباكستان حرة , وانتصر كل الثوار والمصلحين في العالم ....
ألجواهري شاعر العرب الأكبر
قال يوما يخاطب الإمام علي
لو خرجت اتهمك شيوعيا
وهذا يدل على مدى ما كان يمثله الإمام علي من تماس مع الفقراء والمحتاجين والمعوزين بحيث أصبح يمثل ضمير الطبقات الكادحة .....
هو نفسه ألجواهري يخاطب الحسين بقوله .....
شَمَمْتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسِيمُ نَسِيـمُ الكَرَامَـةِ مِنْ بَلْقَـعِ
وعَفَّرْتُ خَدِّي بحيثُ استراحَ خَـدٌّ تَفَرَّى ولم يَضْـرَعِ
وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ جالتْ عليـهِ ولم يَخْشَـعِ
وَخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ بِروحي إلى عَالَـمٍ أرْفَـعِ
وطُفْتُ بقبرِكَ طَوْفَ الخَيَالِ بصومعـةِ المُلْهَـمِ المُبْـدِعِ
كأنَّ يَدَاً مِنْ وَرَاءِ الضَّرِيحِ حمراءَ " مَبْتُـورَةَ الإصْبَـعِ"
تَمُدُّ إلى عَالَـمٍ بالخُنُـوعِ وَالضَّيْـمِ ذي شَرَقٍ مُتْـرَعِ
تَخَبَّطَ في غابـةٍ أطْبَقَـتْ على مُذْئِبٍ منـه أو مُسْبِـعِ
لِتُبْدِلَ منهُ جَدِيـبَ الضَّمِيرِ بآخَـرَ مُعْشَوْشِـبٍ مُمْـرِعِ
وتدفعَ هذي النفوسَ الصغارَ خوفـاً إلى حَـرَمٍ أَمْنَـعِ
#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟