|
ما دخل تركيا بتمتع الكورد في العراق بالتمتع بالحكم الذاتي
عوني الداوودي
الحوار المتمدن-العدد: 871 - 2004 / 6 / 21 - 08:43
المحور:
القضية الكردية
بقيت تركيا الكمالية تحارب وتحوك المؤامرات ضد الشعب الكوردي في العراق على مدى العقود الماضية من يوم تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 إلى يومنا هذا، ووقفت حائلاً في فترات ومراحل عديدة في توصل قيادات الثورة الكوردية مع أنظمة الحكم المتعاقبة في العراق لاي صيغة حل لهذه القضية الملتهبة في العراق، ولم تتدخر تركيا وسعاً ولم تترك مناسبة منذ عام 1991 للتدخل في الشأن الكوردي ومحاولة تأليب الرأي العام العراقي والدولي والاقليمي ضد تطلعات الكورد المشروعة، لا سيما من خلال الأجتماعات الدورية لوزراء خارجية الدول التي تتقاسم كوردستان على مدى السنوات الماضية . أن تركيا تعتبر الكورد من أخطر العناصر الفعالة لتهديد أمنها القومي المبني على نظرية تفوق العنصر التركي العنصري، ولهذا هي متخوفة ومرعوبة حتى من ذكر أسم الكورد فكانت تطلق عليهم " أتراك الجبال " . وقد أشرنا في مقالات سابقة على عجز السياسين والعسكريين الاتراك قراءة المتغيرات الحاصلة في المنطقة والعالم بعد أنهيار المعسكر الأشتراكي بقيادة الأتحاد السوفيتي، وكنت في قرارة نفسي دائماً أشفق وأرثي الحالة التي تعيشها تركيا في محاولتها المحمومة لأيقاف عجلة التاريخ . فالعقلية العسكرية التركية هي وريثة السلطنة العثمانية الأستبدادية أضافة إلى مفاهيم أتاتورك العنصرية لم تتغير قيد أنملة فيما يتعلق بالقضية الكوردية سواء في كوردستان الشمالية " كوردستان تركيا " أو في باقي الأجزاء الأخرى . فما الذي حصل بأن تتنازل تركيا عن مفاهيمها الكمالية بين ليلة وضحاها وتبدي هذا الكرم الحاتمي، وتبادر بأرسال الوفود إلى كوردستان العراق والموافقة سراً بقبولها تمتع الكورد بالحكم الذاتي في العراق، وعلى الرغم من تحفظاتنا على هذه العبارة المتعلقة " بقبول تركيا بالحكم الذاتي !!! " لكنني أراها خطوة جيدة في إعادة الرشد إلى السياسيين والعسكريين الأتراك !!! ويجب تشجيعها ولو جاءت متأخرة جداً، سواء على الصعيد الداخلي بسماحها لبث برامج باللغة الكوردية في القناة الرسمية التركية أو بأطلاق سراح النواب الكورد ، ليلى زانا ورفاقها، مع العلم بأن النواب الكورد مكثوا ما يقارب العشرة سنوات في السجون التركية وضربت تركيا بعرض الحائط كل المناشدات والمبادرات من مختلف المنظمات الانساينة الاوربية وغيرها وطلب أكثر من برلمان أوربي بذلك، مع العلم بأنه لم يتبقى من مدة المحكومية سوى سنة واحدة . لا اكشف سراً ولا آتي بشئ جديد، أن قلنا بأن كل ما أقدمت عليه تركيا لم يكن بدافع حسن نية أو تغيير في عقليتها الأتاتوركية بل هي فقط لأجل قبولها في النادي الأوربي الغني الذي تسيل لعاب تركيا لها للأنظمام والالتصاق بالجسد الأوربي ولو ذيلاً . فعلى الصعيد الكوردي العراقي ما الذي تستطيع فعله تركيا بعد تفاهم واتفاق العراقيين على مختلف مشاربهم بترتيب البيت العراقي ورفع الغبن الذي لحق بالشعب الكوردي وغيرهم، والتصديق على الفدرالية، وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين مختلف أبناء الشعب العراقي، وبناء عراق ديمقراطي فدرالي تعددي موحد، أن موافقة تركيا من عدمه لا يقدم ولا يؤخر في شئ، وأذنا أردنا الدقة حقاً فتركيا هي المحتاجة فعلاً إلى بناء علاقات جيدة مع الكورد والحكومة العراقية المقبلة بالنظر للموارد المالية التي ستجنيها من وراء هذه العلاقة بحكم الطريق البري الذي يربط بين البلدين وأنبوب نفط جيهان الذي يمتد من كركوك إلى الموانئ التركية، علماً بأن هناك خيارات أخرى للعراقيين في هذا المجال أن أبدت تركيا مواقف غير مسؤولة في هذا الاتجاه ، وما المساعي التركية في شئ إلا من أجل الحفاظ على ماء الوجه . لم تتعلم تركيا أبداً من دروس التاريخ ولم تتعض، فبينما هي تلهث سراً لأرضاء الكورد العراقيين نراها في المقابل تصرح علناً بأن سياساتها لم تتغير أتجاه المطالب الكوردية كما طالعتنا وسائل الأعلام على لسان رئيس وزرائها طيب رجب أردوغان، فالمراقب للشأن التركي يقف في حيرة من أمره حقاً بين هذين الموقفين المتناقضين وهذه السياسة البالية التي كانت ديدن الإمبراطوريات الهرمة التي شاخت وولت إلى غير رجعة، وأن دلت هذه السياسة على شئ أنما يدل على المكابرة والنزعة العنصرية التفوقية التي لم تتحرر منه العقليات والنخب التركية بعد . فإن أرادت تركيا حقاً أن تثبت حسن نيتها، وأنها رمت بالارث الكمالي الاتاتوركي إلى مزبلة التاريخ وأنها لن تعد صالحة لهذا العصر، عليها أولاً وقبل كل شئ أيجاد لغة للتفاهم مع العشرين مليون كوردي في كوردستان الشمالية " كوردستان تركيا " وأصدار عفو شامل عن السياسيين والوطنيين الكورد والبيشمركة والدخول فوراً معهم في مفاوضات للتوصل إلى حل مرض لجميع الأطراف ، والكف عن تحريض الولايات المتحدة الأمريكية لضرب بيشمركة حزب العمال الكوردستاني، وأعتبارهم مناضلين ثوريين دافعوا عن قضية مقدسة، وليسوا أرهابيين كما تحلو لها أطلاق ذلك . وعلى الصعيد العراقي الكف عن تحريض منظمة ما يسمى بالجبهة القومية التركمانية ضد الكورد ومحاولة رمي العصي في العجلة، والكف عن أطلاق التصريحات النارية فيما يتعلق بمدينة كركوك الكوردستانية ..... ومن جانب آخر فتح الأجواء التركية أمام الملاحة الجوية التي تنطلق من كوردستان العراق لاسباب تجارية أو سياحية، وسحب قواتها المؤلفة من ألفين عسكري وستين دبابة من كوردستان العراق ، وسحب جنودها الخمسين من مختلف الرتب وضباط الارتباط من كركوك بحجة حماية القاعدة الجوية بتواطوء مع القوات الامريكية، ويعرف أهالي كركوك جيداً الدور الخبيث التي تلعبه هذه القوات في كركوك لدق الأسفين بين عناصرها المختلفة ، كما ولأثبات حسن النية أيضاً يجب عليها فوراً التوقف عن المضايقات التي تمارسها عناصر مخابراتها للمواطنين الكورد ذهاباً وأياباً على الحدود العراقية التركية " إبراهيم الخليل " والتفتيش ومصادرة الكتب والصور والجرائد ووصلت احياناً إلى مصادرة حتى الصور الشخصية وأشرطة الفديو وكاسيتات الاغاني والسي دي وغيرها من أمور تتناقض بشكل صارخ مع أدعاءاتها بالديمقراطية والتحظر. هناك استحقاقات كثيرة على الحكومة التركية تطبيقها كي تقبل حقاً في النادي الأوربي . والقضاء على الفساد الإداري والسرقات من قبل رجالات الدولة للمال العام وعدم تسويق مشاكلها وأزماتها الداخلية إلى دول الجوار، ومن ثم الجلوس على مائدة المفاوضات مع العراق وسوريا لتقسيم المياه وتوزيع الحصص العادلة حسب المواثيق الدولية . وأن مجرد تصريح تركيا سراً أو علناً بقبول الحكم الذاتي الكوردي في العراق هو مهزلة بحد ذاته ونسف لكل أدعاءاتها الإعلامية في التحول الجدي نحو الديمقراطية الحقيقة وفتح صفحة جديدة .
#عوني_الداوودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرار 137 = العودة الى عصر الحريم
-
قراءة في مؤتمرات المعارضة العراقية - سابقاً - حول الفدرالية
...
-
النفط وكركوك كانتا ولا تزالان، وبالاً على الشعب الكوردي
-
إمارة سوران في عهد الباشا الكبير محمد كور باشا الراوندوزي
-
بخطوات واثقة يخطو الحوار المتمدن عامه الثاني
-
عفوا مولاي زهير كاظم عبود ... لا أتفق معك
-
سعدي يوسف لماذا تجعل الآخرين يسيئون الظن بك ؟
-
أخي الكبير القاضي الفاضل زهير كاظم عبود الأكرم
-
الفرهود من سيعوضني عن النفائس التي فقدتها؟
-
هل صحيح ما يقال ؟ - إن لم تكن ذئب بين الذئاب لَباّلتْ عليك
...
-
غريب أمر هذا التركي الثقيل الظل
-
رُفات تناجي ملائكة السّلام ألم للضمائر الحية قبالة احتراق ال
...
-
لا غبار على كوردستانية كركوك، وهي كانت ضمن المحيط الكوردي عل
...
-
إسماعيل آغا الشكاكي - سمكو
-
إستشهاد آية الله السيد محمد باقر الحكيم ضربة قوية لصوت الاعت
...
-
مثل هذه الأحداث لا تعكر صفوة العلاقات التاريخية بين الكورد و
...
-
يا شيعة العراق أتحدوا
-
الأستاذ الفاضل الداودي الحسني
-
كتابات سليم مطر تحمل أفكاراً هدامة ولا تخدم القضية العراقية
...
-
غسان شاهين وآخرين
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: النازحون السوريون يواجهون ظروف شتاء قاسية
-
الأمم المتحدة: الضربات الإسرائيلية في اليمن تثير المزيد من ا
...
-
-قيصر الحدود- الأمريكي يتحدث عما سيفعله ترامب مع عائلات المه
...
-
عاجل | أسوشيتد برس: منظمة عالمية سحبت تقريرا يحذر من المجاعة
...
-
وزيرالخارجية اليمني:ندعو الأمم المتحدة وكل المنظمات لتجريم م
...
-
قطف مطار صنعاء استخفاف إسرائيلي بالأمم المتحدة
-
الاحتلال يُمعن في ارتكاب جريمة إبادة جماعية بزيادة وتيرة تدم
...
-
مراسل RT: ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم توا
...
-
في جريمة هي الأكبر ضد الصحفيين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة
...
-
من لبنان وتركيا والأردن.. ضوابط لعودة اللاجئين السوريين إلى
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|