يامنة كريمي
كاتبة وباحثة
(Yamna Karimi)
الحوار المتمدن-العدد: 2868 - 2009 / 12 / 25 - 19:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
"قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ألا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون"الأعراف64
تعتبر ظاهرة التقديس من الظواهر التي طبعت و تطبع الحياة اليومية للإنسان في كل بقاع المعمور وبالخصوص في المجتمعات الإسلامية, مما نجمت وتنجم عنه منظومة من القيم والأفكار المغلوطة التي تشوش على العلاقات الاجتماعية السليمة. لذلك طرحنا هذه الظاهرة للنقاش بدءا بتحديد مفهوم التقديس وتقاربه مع مفهوم الاحترام, وارتباطه بالعصمة, وامتدادات التقديس في عمق الدين والتراث الإسلاميين.
الاحترام كما يحدده اللغويون هو أن يمنع الشخص أمرا ويتعسر عليه الوصول إليه لأسباب معنوية أو مادية.والاحترام من الغايات السامية والنبيلة التي تتوق إليها الإنسانية جمعاء.وهو سمة من سمات حسن التربية و ظاهرة من مظاهر التمدن والرقي والحلم والعقل. كما أنه وسيلة من وسائل تحقيق المحبة و السلام و تجنب العنف و الصراعات. والاحترام بمعناه المعاصر يحق لكل مكونات المحيط وعلى رأسها الإنسان الذي يتوجب علينا قبوله والرضا به وتقديره رغم الاختلافات التي يمكن أن تطبع شخصه تحقيقا لكرامة الخلق. وهذه الخصلة الكريمة هي التي يتوجب علينا التحلي بها في كل أعمالنا و معاملاتنا مع الغير دون مبالغة و لا تجاوز الحد حتى لا تنقلب الأمور للضد.
أما التقديس فيعني شدة الإجلال والتقدير لقوة أو مجموعة من القوى الخارقة والغير عادية. ذلك التقدير المرتبط بالخوف والرهبة والخشوع والخنوع. ويمكن أن نقول بأن التقديس هو خليط من مشاعر الاندهاش والرغبة والانجذاب والفضول والتحفظ و القلق والفزع والخوف مما يجعلنا نحبه ولا نجرؤ على تناوله في نفس الوقت. هذا على مستوى الفكر والعاطفة أما على مستوى العمل والممارسة نجد التقديس يتجلى في مجموعة من الشعائر والطقوس التي يتم القيام بها سعيا للتقرب ونيل الرضا أو رغبة في تجنب سوء وغضب ذلك المطلق أو تلك القوة (القوى). والمقدس-الطاهر أو المطهر- كمبدأ لا يسمح بالحديث عنه ولا يحق مناقشته ويكون عقبة أمام التفكير الإنساني الحر الخلاق حيث تكون المقدسات محرمات لا ينبغي الاقتراب منها . والمقدس بالنسبة لأهل الديانة التوحيدية, ما هو إلا الله جل جلاله.
فما هو إذن السر في ظهور بعض الشرائح الاجتماعية في البلدان الإسلامية التي أحاطت نفسها أو أحيطت بهالة من القدسية بدعوى صلتها بالبيت النبوي؟ كما يقال بالعامية المغربية "شرفا ولاد النبي" مما لا يدع لنا شكا بأن علة هذا التقديس وأصله يعودان إلى قدسية الرسول محمد - ص-. وبالتالي لا نجد بدا من التأكد من مدى مصداقية قدسية العلة أو الأصل أي االنبي, حتى نتبين صحة قدسية المسببات أو الفروع وهم الفئات التي تحظى بشرف التبجيل والتقديس. ولمعالجة هذه الإشكالية, يتحتم علينا, أن نعرف أولا هل الإسلام أو القرآن الذي هو الحكم يشهد بالقدسية لمحمد؟وهل يعطيه أحقية توريثها لأهله وأقاربه؟
من المعروف لكي يحصل التقديس لابد من توفر شرط العصمة وبالتالي هل النبي معصوم ومنه هل هو مقدس؟
للإجابة على هذا السؤال أو هذه المجموعة من الأسئلة و تجنبا لإثارة حفيظة أي شريحة اجتماعية, وكذلك لكي لا نتهم بالتطاول على الدين أو الخروج عن أصوله, لم أجد ما هو أفضل من عرض مجموعة من الآيات القرآنية الواردة في هذا الشأن:
• "يبني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آيتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" الأعراف35
• "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم "يوسف 109 _النحل 43_الأنبياء 7
• "قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا" الإسراء 93
• "وأرسلنا رسلا قبلك و جعلنا لهم أزواجا وذرية " الرعد 38
• "إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا" الإسراء 94
• "قالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ؟" الفرقان 7
• "ما أرسلنا من قبلك من المرسلين إلا لأنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق"الفرقان 20
كما يلاحظ القارئ, فالموضوع الذي نحن بصدد نقاشه قد تناولته مجموعة من الآيات, مما يدل على أنه قد طرح في فجر الدعوة والوحي. ودار بشأنه جدال ما بين الفاني والأزلي, مما أسفر عن هذه الآيات المحكمات التي ليس لها سوى معنى واحد و وحيد ألا وهو أن محمد -ص- بشر في طبيعته, اصطفاه الله لتبليغ رسالته بحكم سمو أخلاقه وصدقه وأمانته وحنفيته وفطنته. وهذه هي العناصر الأربعة المعصومة في الرسول كما اتفق عليها بالإجماع –الصدق,الأمانة ,الفطنة ,التبليغ –. بمعنى آخر, الآيات القرآنية دليل قاطع على بشرية محمد خارج عملية تبليغ الوحي.وللزيادة في الفائدة أستحضر ما قاله الباحث محمد شحرور :"و نحن في التنزيل الحكم لا نجد أمرا بطاعة محمد البشر الإنسان ,ولا أمرا بطاعة محمد النبي ,بل نجد أكثر من أمر بطاعة محمد الرسول ,لماذا ؟لأن الطاعة لا تجب إلا لمعصوم, ومحمد الإنسان ليس معصوما ومحمد النبي ليس معصوما, ومحمد الرسول هو المعصوم في حدود رسالته ".ونفس الشيء قاله الإمام محمود شلتوت "أكد القرآن في غير آية على بشرية الرسل,و أنهم برسالتهم لم يخرجوا عن طبيعتهم البشرية ,وإن كانت قد لحقتهم عصمة الله فيما يبلغون عنه و هي درجة اصطفاء,لا يرتفعون بها عن منزلة البشرية.أما في غير ما يبلغونه عن الله من الآراء والأحكام, أو الأفعال الشخصية-فهم كغيرهم -يصيبون فيها ويخطئون". وأما الباحث محمد عمارة في معالجته لبشرية محمد, فإنه لا يختلف عن مواقف من أشرنا لهم أعلاه لذلك فإننا لم نأخذ عنه كل ما قاله بهذا الشأن للإيجاز, واكتفينا بذكر بعض الإضافات التي وردت عنده,و منها الحديث النبوي التالي:"ما كان من أمر دينكم فإلي. و ما كان من أمر دنياكم فأنتم أعلم به" أو "أنتم أعلم بشئون دنياكم". وكذلك النص التالي:"ومن بين الأمور السياسية التشريعية. غير الدينية التي اختلف فيها المسلمون حتى على عهد الرسول-ص-وحتى مع الرسول ص أمور مثل صلح الحديبية .وقسمة الغنائم في يوم حنين.وأخذ الفداء من أسرى بدر.والخروج من المدينة للقاء العدو. والمصالحة للأحزاب على جزء من تمر المدينة وثمرها يوم الأحزاب .واتخاذ المواقع في ساحات معارك بعض الغزوات. فهي سياسة لا دين ومن ثم كانت فيها الشورى ,و كان الرأي والاختلاف" .
و إذا كانت هذه هي حقيقة النبي كما أرادها الله أن تكون,فما هو الأصل في تقديس الرموز البشرية من أقارب الرسول و زوجات وكل من عايشه وجالسه و هناك من يقول حتى من رآه أو سلم عليه أو شاهده في المنام أو كتب عنه أو جمع أحاديثه و هلما جرا؟إذا كنا نقر بواجب الاحترام لكل المخلوقات كما سلفت الإشارة فإننا ندعو إلى إعادة النظر بتدبر وحكمة ورزانة في مسألة التبجيل والتقديس التي سادت المجتمعات الإسلامية وشملت الأشخاص أحياءا و أمواتا, فجعلت منهم الصالحين والأولياء والشرفاء وأهل الكرامات ... وكذلك الأماكن والبنايات جعلت منها المقدس والمدنس مع أن الله هو الذي خلق الكون بما فيه وما عليه وأغدق على نفسه الحلول في كل مكان وزمان, وجعل كل خلقه تحت سيطرته وإمرته حتى الرسل والأنبياء منهم: "قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا ندير وبشير لقوم يؤمنون"الأعراف 188. ومنه فإن النبي لا يملك إمكانية جعل آله وصحابته مقدسين في غياب النص. وهو نفس ما أكده الإمام محمود شلتوت:"وإذا كان الرسول فيه عرضة للخطإ فإن غيره من أمته,مهما علا كعبه,وقربت نسبته إليه, يكون-بالأولى-عرضة للخطـإ."
والخلاصة هي أن أهل النبي هم كباقي البشر, لا فرق بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح.أما القداسة فهي للاه سبحانه لا شريك له. وليس هذا معناه أن هناك من يجهل أو يتجاهل بعض أفضالهم أو أفضال بعضهم على الإسلام لكن رغم ذلك فالإنسان خطاء وغير معصوم وبالتالي لا يستوجب التقديس.أما الأعمال الصالحة والحرص على تأدية الفرائض, فجزاء ذلك عند الله عز وجل,وهو لا يضيع أجر من أحسن عملا. ونحن في الألفية الثالثة وقد غطى نور العلم على ظلمات الخرافة أرى أنه لا مانع من أن نعلن بأن النبوة والأخلاق الفاضلة لا تنتقل بالوراثة, ومن يدعي غير هذا فهو على ضلالة وكل ضلالة في النار. وكيف يجرأ أحد أن يسند للنبي قولا يخالف القرآن؟ بل كيف يعقل أن يرضى محمد -ص- بتوريث المعنويات-شرف الرسالة- وهو الذي أوصى بجعل ماله صدقة بعد وفاته من خلال قوله -ص-لأبي بكر "لا نورث ما تركناه صدقة" مما أثار خلافا بين أبي بكر والسيدة فاطمة ؟.ومحمد عمارة تطرق لهذه النقطة كذلك حيث قال:"فالنبي لا يورث في أي جانب من جوانبه. للطبيعة الخاصة بسلطانه. والتي تميزه عن سلطان البشر غير الأنبياء" وليكن هذا الموقف عبرة لمن يعتبر.
وللزيادة في توضيح كون النسب لا علاقة له بمصير الفرد في العالم الآخر, أضرب لكم مثالا بزوجتي كل من نوح ولوط اللتان لم تؤمنا وكانتا من أهل النار ولم تشفع لهما نبوة أزواجهما .ومثال آسية زوجة الفرعون المؤمنة التي كانت من الخالدين في الجنة دون أن يمنع ذلك كفر زوجها وطغيانه. فالحمد لله الذي لم يشهد تاريخ نبوة محمد مثل هاتين الحالتين, حيث كانت نساؤه مؤمنات عابدات وإن لم يحل ذلك دون وقوع بعضهن في بعض الأخطاء البشرية التي سماها التراثيون أو السلفيون (بالخطإ في الاجتهاد) كما حصل بشأن السيدة عائشة ومعركة الجمل. وإذا كنا قد أشرنا للسيدة عائشة في باب"البشري والمقدس", فذلك لكثرة وغزارة المادة التاريخية وكذلك لكونها كانت أقرب الزوجات للنبي النموذج الأنسب للدراسة-وهي حبيبته في الدنيا والآخرة بشهادة الزوجين معا.ولنبدأ بما قاله الرسول صلوات الله عليه في هذا الباب:"إن حبي لعائشة كالعروة الوثقى" "فضل عائشة على باقي النساء كفضل الثريد على باقي الطعام" و هذين مثالين مما لا يحصى ويعد من اعترافات النبي بحبه وتعلقه بابنة أبي قفاحة.أضف إلى ذلك أنه كان يقبلها وهو صائم وينكحها ويقرأ القرآن في حجرها وهي حائض ويهديه المسلمون في يوم عائشة... بسبب ذلك الحب والولع كان شديد التسامح معها وكان يحتمل منها ما يستحيل أن يحتمل أقله من غيرها. بل يجد لها الأعذار كل ما أخطأت. وكأمثلة عن بعض ما صدر عنها في حقه وهو كثير:
- مرة,كسرت آنية طعام أرسلتها صفية بنت حني في وجه النبي و في حضور ضيوفه. فاكتفى بأن تبسم وقال"غارت أمكم".
- قولها للنبي بأن إبراهيم ابنه من مرية القبطية لا يشبهه.
- قولها له بأن صفية بنت حني ما هي إلا يهودية مثل اليهوديات بعد أن كان قد تزوجها في طريق عودته من معركة خيبر. واستمرت في نعتها باليهودية إلى أن تدخل النبي وقال لصفية بما تجيب به عائشة.
- قولها للنبي –ص-:"ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك " و ذلك عند نزول الآية "ترجئ من تشاء منهن"الأحزاب 51 .وهذا نموذج عن جرأة السيدة عائشة و تجاوزها لكل الخطوط الحمراء.
- تحريض ضراتها للتظاهر على النبي مما جعله يهجرهن لمدة تسعة وعشرين يوما و قد نزلت بعض الآيات القرآنية في هذا الشأن وباقي القصة معروف. وفي نفس السياق تدخل حكاية المغافير. ولهذا ولغيره, اعتبر بعض التراثيين السيدة عائشة مهندسة من الطراز الأول للانقلابات, التي انطلقت في الوسط العائلي وانتهت في الوسط السياسي.
- وهناك كذلك حادثة أخرى لا تقل جرأة ومجازفة من الزوجة المدللة وهي ما حصل عندما"خرج النبي من المدينة حاجا حجة الوداع,وذلك في السنة العاشرة للهجرة, كانت أزواجه كلهن معه في الهوادج, فكان جمل عائشة سريع مع خفة حمل عائشة ,وكان جمل صفية بطيء المشي مع ثقل حملها,فصار يتأخر الركب بسبب ذلك, فأمر النبي أن يجعل حمل صفية على جمل عائشة, وأن يجعل حمل عائشة على جمل صفية. والظاهر أن عائشة أبت ذلك.قالوا فجاءها النبي يستعطف خاطرها, فقال لها: يا أم عبد الله حملك خفيف وجملك سريع, وحمل صفية ثقيل وجملها بطيء ,فأبطأ ذلك بالركب, فنقلنا حملك على جملها وحملها على جملك ليسير. الركب ,فقالت له(بحدة وشدة):تزعم أنك رسول الله, فقال لها: أفي شك أني رسول الله يا أم عبد الله؟ قالت: فما لك لا تعدل؟قالت: وكان أبو بكر فيه حدة فلطمني على وجهي, فلامه رسول الله, فقال: أما سمعت ما قالت يا رسول الله؟ فقال دعها فإن المرأة الغيراء لا تعرف أعلى الوادي من أسفله"
ناهيك عن مشكلة العقد و نزول آية التيمم حيث "لما اشتكى القوم عائشة لوالدها .أتاها أبو بكر و وبخها حسب قول السيدة عائشة" فعاتبني أبو بكر و قال ما شاء الله أن يقول ,وجعل يطعنني بيده في خاصرتي" .و للإشارة فإن تدخلات أبي بكر المتكررة تدل على أن تلك المواقف كانت حرجة و تثير غضب النبي لكنه كان يتحملها حبا لعائشة ولأبيها. وهو الأمر الذي لم يكن ليخفى عن أبي بكر فيسعى لإصلاح بعض ما تفسده ابنته, خاصة وأن ذلك يحدث في حضور القوم التابعين للرسول. الذين كان من المفروض, أن لا يروا النبي إلا محترما شامخا قويا, مهتما بأمور الأمة الكبرى وليس بأمور الزوجة- الطفلة التي لا تخضع لقيد ولا لضابط. و يمكن أن نوضح ذلك من خلال الحدث التاريخي المعروف ب"حادثة الإفك". التي كان سببها تافها لكن لا يمكن أن ينكر أحد مدى الألم واليأس الذي ألحقته بنبي الله الكريم ومدى العذاب الذي تجرعه لأيام وأيام, إلى درجة أن علي ابن أبي طالب من شدة قلقه على النبي, طلب منه الزواج بأخرى أملا في أن ينسى عائشة و ما سببته له من تدمر و أسى جعله يتنحى عن مهمة الرسالة والمسؤولية العامة اتجاه الأمة و يتفرغ لمشكلته الخاصة. ربما سيقول البعض بأن النص قد برأها وحسم في الأمر.وأنا من جهتي لا أنكر ذلك, بل الأكثر منه, أنني أجد لها بعض العذر في صغر وحداثة سنها كما كانت تشير أمها إلى ذلك كلما صدر منها ما يحزن النبي. لكن في نفس الوقت لا أستطيع أن أتجاهل بأن السيدة عائشة سامحها الله لم تتحل أبدا-حسب ما بين أيدينا من مراجع تاريخية- ولو بالقليل من الفطنة و الحس بالمسؤولية في كل ما تفعله أو تقدم على فعله ليتم تجنب كل ما يمكنه أن يسيء للنبي أو إلى باقي نسائه اللواتي لم تنجين من أذى الزوجة المدللة ,بسبب المبالغة في التباهي والأنانية والغيرة المدمرة. فعن التباهي بنفسها نستحضر ما كانت تردده على مسامع ضراتها باستمرار:" فضلت على نساء النبي -ص- بعشر قيل ما هن يا أم المؤمنين قالت لم ينكح بكرا غيري ولم ينكح امرأة أبواها مهاجران غيري وأنزل الله عز وجل براءتي من السماء وجاء جبريل بصورتي من السماء وفي حريرة فقال تزوجها فإنها امرأتك وأغتسل أنا وهو من إناء واحد لم يكن يصنع ذلك بأحد نسائه غيري وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه غيري وكان ينزل عليه الوحي هو معي ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري وقبض الله نفسه وهو بين سحري ونحري ومات في الليلة كان يدور علي فيها ودفن في بيتي "
ولنفس الدوافع, تقول السيدة عائشة نفسها:" دخل علي يوما رسول الله -ص- فقلت له أين كنت منذ اليوم قال يا حميراء كنت عند أم سلمة فقلت ما تشبع من أم سلمة قال فتبسم فقلت يا رسول الله ألا تخبرني عنك لو أنك نزلت بعدوتين إحداهما لم ترع والأخرى قد رعيت أيهما كنت ترعى قال التي لم ترع قلت فأنا ليس كأحد من نسائك كل امرأة من نسائك قد كانت عند رجل غيري قالت فتبسم رسول الله -ص-". ولم تقف السيدة عائشة عند مستوى الافتخار والتباهي على ضراتها وعلى النبي وعلى الناس والإساءة إليهم قولا, وإنما وصل الأمر إلى مستوى العنف الجسدي الذي مارسته بتواطئ مع السيدة حفصة بنت عمر على السيدة سودة حيث جرتها من شعرها وهي امرأة عجوز ولم تخلصها منها سوى السيدة أم سلمة, المرأة الحكيمة والمتزنة.أما في المرة الثانية فقد لطخت وجهها بالحساء وفي حضور النبي.ومما يحز في النفس هو أن السيدة سودة كانت طيبة ولا تبحث عن المشاكل,حتى أنها كانت في حزب عائشة- حسب تعبير بنت الشاطئ- ولا تعمل إلا ما تأمرها به. والسيدة سودة لتقدمها في السن, لم تكن تنتظر من زواجها من النبي سوى مرضاة الله وعفوه كما يشير إلى ذلك الحدث التالي:"أن رسول الله –ص- قال لسودة ابنة زعمة: اعتدي(كناية عن طلاقها)فتعرضت له في طريقه فقالت له: نشدتك بالله ألا راجعتني ولك يومي أجعله لأي نسائك شئت فإنما أريد أن أحشر من أزواجك يوم القيامة فراجعها رسول الله-ص-" فأبقى عليها النبي وأعطى يومها لعائشة كما هو معروف.فما هو السبب إذن في تحامل عائشة عليها و إيذائها؟
إن التاريخ والسير حافلة بالكلام عن السيدة عائشة و سلوكها المتعالي وإساءتها لكل من تجد في سبيلها أو من لا تجده كما هو حال السيدة خديجة رضي الله عنها, التي توفيت بعد ولادة السيدة عائشة بثلاث سنوات, أي ربما لم تراها حتى, ورغم ذلك كانت تغار منها بشكل فظيع –باعتراف عائشة شخصيا- وتنعتها ب "العجوز حمرة الشدقين ", كلما سنحت لها الفرصة, متباهية بصباها وذكائها وأنوثتها. أما السيدة أسماء بنت النعمان بن أبي الجون الكندية فقد دبرت لها مكيدة تسببت في تطليق النبي لها ليلة دخلتها.ناهيك عن غيرتها وتعرضها لنساء النبي الحسناوات, مثل السيدة زينت بنت جحش والسيدة صفية بنت حني والسيدة أم سلامة وجويرية بنت الحارث والسيدة مرية القبطية اللواتي كن ينافسنها في الجمال ولكنهن كنا عاقلات مسئولات اتجاه النبي واتجاه الناس أجمعين. و نفس التصرف كان لها مع أهل النبي وخاصة فاطمة وعلي. فبالنسبة لعلي كانت لها معه مواقف خلاف عدة, لا لشيء سوى لغيرتها وحب التملك الذي كانت تمارسه على النبي .فقد كانت لا تتحمل أن يتقرب منه أحد سواها. وعلي كان من أحب الناس للنبي وبالتالي كان في مقدمة من لا تطيقهم. أضف إلى ذلك ما قاله للنبي عندما استشاره في أمرها إثر حادثة الإفك:"يا رسول الله, لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير. وإنك لتقدر أن تستخلف " وانتهت خلافاتهم -التي كان النبي يتوقع استمرارها بعد وفاته- بمعركة الجمل التي تزعمتها السيدة عائشة بدعوى المطالبة بدم عثمان, لكن المؤرخون يذهبون إلى غير ذلك. و يرون أن من الأسباب الحقيقية التي دفعت عائشة لتتزعم الفتنة هي أنها منذ خلافة عثمان لم تبق السيدة عائشةفي حدود أم المؤمنين وزوجة النبي ولم تكتف بالشرف المعنوي كغيرها من نساء النبي أو كالسيدة أم سلمة . إنما نزلت إلى المعترك السياسي وأصبحت عنصرا نشيطا وفعالا, سعيا للسلطة والريادة, " تبحث عن القوة و التقدم إلى المقام الأول" . فبدأت بالترويج لإزاحة عثمان عن الخلافة, وكاتبت الأمراء والولاة بعدم مساندته والوقوف إلى جانبه. وذهبت إلى حد المطالبة بقتله, بدعوى تحيزه لأهله وعدم صلاحية سياسته العامة. لكنها بعد قتله, ركبت مرة أخرى مزاجيتها ورفضت تولية علي للخلافة مطالبة بدم عثمان كما بين ذلك الطبري :"فحسب سيف بن عمر...أن عائشة رضي الله عنها لما انتهت إلى سرف راجعة في طريقها إلى مكة ,لقيها عبد بن أم كلاب -احيث قالت لابن أم كلاب...فقالت له: مهيم؟قال: قتلوا عثمان رضي الله عنه, فمكثوا ثمانيا, قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: أخذها أهل المدينة بالإجماع فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز, اجتمعوا على علي ابن أبي طالب. فقالت: والله ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك!ردوني ردوني, فانصرفت إلى مكة و هي تقول: قتل عثمان مظلوما, والله لأطلبن بدمه,فقال لها ابن أم كلاب: ولم؟ فو الله إن أول من أمال حرفه لأنت! ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر, قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه, وقد قلت وقالوا, وقولي الأخير خير من قولي الأول, فقال لها ابن أم كلاب:
منك البداء ومنك الغير ومنك الرياح ومنك المطر
وأنت أمرت بقتل الإمام و قلت لنا إنه قد كفر
فهبنا أطعانك في قتله وقاتله عندنا من أمر"
إذا تفحصنا جيدا مزاجية السيدة عائشة وعدم استقرارها على موقف من الخلفاء, نجد أنها حتما كانت تبحث عن مصلحة, ارتأت في الأول أنها ستحقق بقتل عثمان, لكنه لما قتل حدث ما لم يكن في الحسبان, مما جعلتها تصرح بأن ليلة من عثمان أفضل من الدهر كله من علي. فعائشة لا تطيق علي منذ عهد الرسول, فكيف تتحمله بعد توليته هو الذي منذ خطبته الأولى دعا إلى القضاء على كل أنواع التمييز؟ و"أعلن العودة إلى نظام التسوية في العطاء الذي كان يطبقه النبي وأبو بكر,وقد احتج زعماء قريش على التسوية بينهم وبين مواليهم" . والسيدة عائشة منهم لأنها حرمتها جزءا من العطاء.
وفي كل الأحوال, كانت السيدة عائشة تعرف جيدا أنها لن تنال من على ما ترغب فيه, بحكم قوة شخصيته وعدله و ورعه و تقواه ,مما لم يكن ليترك لها هامشا للتدخل في أمور الأمة و لا أملا في تحقيق مآربها. فالسيدة عائشة كانت تسعى لجعل الخلافة في بني تيمية عن طريق طلحة أو على الأقل في ابن أختها عبد الله بن الزبير التي كانت بمثابة أم له وتكنى باسمه- أم عبد الله-. وفي هذا الباب يمكن أن نستأنس بما قاله حلفاءها وحافظي سرها, طلحة أو الزبير:"قال أفلا أراني أسعى لأخرجها من بني عبد مناف" وأمام هذه الحقيقة يمكن أن يذهب تفكير بعضنا إلى أن ما قاله طلحة والزبير لا يلزم السيدة عائشة في شيء. لذلك أقول لمن يهمه الأمر: إن السيدة عائشة ليست كباقي النساء فهي قد نمت و ترعرعت بجوار النبي. والدعوة الإسلامية- بكل أبعادها الفكرية والاجتماعية و الاقتصادية- كانت بالنسبة لها مدرسة تعلمت وتمرست فيها الطفلة-الزوجة, حتى أصبحت فقيهة,تعلم وتحدث وتفسر-خودوا نصف دينكم عن هذه الحميرية-وتجيد فن الخطابة وأساليب الجدال. ومجرد التفكير في كون طلحة والزبير كانا يخططان لأمور في خلسة منها سيكون تقصيرا في حقها تقليلا من إمكانياتها ومؤهلاتها وسلطتها وحتى جموحها. هذه المزايا التي اكتسبتها من زواجها المبكر وملازمتها للنبي-الرسول منذ أن كانت في الحادية عشرة من عمرها. وفي هذه النقطة بالذات, لا يفوتني أن أشير إلى أن بعض الأقلام قد حاولت أن تبين بأن الزواج المبكر للسيدة عائشة , وإن كان سببا في غزارة علمها واتساع آفاقها, فإنه قد أثر سلبا على تكوينها النفسي والانفعالي - على الرغم من أن الرسول كان دائما يتعامل معها بكثير من الحب والتفهم والليونة والتسامح والتعاطف- فإن ذلك لم يحقق لها نموا فكريا وانفعاليا عاديين وطبيعيين مما زاد من حدة الهفوات التي كانت تسقط فيها.في المقابل نجد فئة أخرى تقلل من أهمية أو أثر السن هنا, بحجة أن ظاهرة الزواج المبكر للفتيات, كانت سائدة لدى العرب أنداك, لكن لم يحمل لنا التاريخ أي شهادة عن زوجة- طفلة أقدمت على فعل ما فعلته عائشة بل الأكثر من ذلك هو أن الفكر الإسلامي في تلك الفترة كان يذيب شخص المرأة في وجود زوجها على عادة أهل مكة مما جعل من حالة عائشة, حالة شاذة بالتعبير المعاصر.
وهناك فريق ثالث و إن كان لا يغيب الانعكاسات السلبية للزواج المبكر على الأسرة والمجتمع فإنه في بعض المواقف المرتبطة بعائشة يجد أن أثره ضعيف, والسيدة عائشة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية فيما كان يحدث. فمثلا في معاملتها للسيدة سودة تتحمل كل المسؤولية لأن الأطفال عامة, يعرفون معنى احترام من هم أكثر منهم سنا وأضعف منهم قوة, ولا يذكرون الأموات بالسوء, لأن ذلك يدخل ضمن المبادئ الأولية في تربية الأبناء في كل الأوساط وعلى مر العصور والأزمان. والسيدة عائشة كان من المفروض أن تكون تصرفاتها أحسن وأفضل وأرقى من ذلك, لكونها عاشت في مرحلة السلف الصالح -فترة المثالية و المثل في الفكر العربي الإسلامي-.ولأنها بنت أفضل الصحابة عملا وخلقا وطيبة. وأنها إحدى زوجات النبي التي قال فيهن جل جلاله:"لستن كباقي النساء...". ومما يصب كذلك في ضعف أثر صغر السن ويزيد من حظوظ الأنانية في تحديد سوء سلوك السيدة عائشة, أنها قد استمرت على تصرفاتها وأنانيتها -كما لاحظنا- حتى لما تقدمت في السن وزادت تجاربها في الحياة.وأصدق شاهد على ذلك هوالخلاف الذي دار بينها وبين عثمان ودعوتها إلى قتله"اقتلوا نعثلا فقد كفر". ثم بينها وبين علي حيث لم تأل جهدا في تأليب جزء من المسلمين ضد الخليفة الجديد. ونظمت جيشا حاربه وتركت بيتها يوم النحيب. ونبحتها كلاب الحوءب. ووقفت-في الهودج على الجمل- في ساحة القتال تحرض أتباعها "ذمرتهم عائشة,فاقتتلوا..." وأدارت المعركة بصوت عالي وجوهري-حسب البلاذري- محرضة من على يمينها ,محمسة من على شمالها,مذكرة من أمامها وإنها كانت تشجع الناس على القتال تبعا لشهادة طه حسين. وكل المراجع التاريخية ذات المصداقية تثبت أن عائشة قد هيأت وخططت لمعركة الجمل ,تلك المعركة التي حصل فيها ما لا يرضي الله و رسوله. حيث تبادل المسلمون فيها ضرب الأعناق لأول مرة في تاريخ الإسلام وإن كانوا قد تضاربوا بالنعال بسبب عائشة كذلك عهد عثمان. وأزهقت في معركة الجمل أرواح ما يزيد عن ثلاثة عشر ألف مسلم حسب بعض المراجع وخمسة عشرة ألف حسب أخرى. و تسببت في انقسام دار الإسلام. وتراجعت أهم المبادئ التي قامت عليها الدعوة الإسلامية خاصة بعد وصول الأمويين إلى الحكم
وعلى الرغم من هول هذه الفاجعة التي حلت بالمسلمين, والتي كانت السيدة عائشة المسئولة الأولى والأخيرة عنها, نجد السلفيين عندما يتكلمون عن الحرب وعن من أشعلتها يقولون خضوعا لسيف التقديس"عائشة رضي الله عنها". وهنا يكمن المشكل الذي نحن بصدد معالجته "البشري و المقدس" ومدى تشويش ذلك على الفكر والمنطق.فعندما يقرأ غير السلفي مثل التعبير التالي:". و أجمع ملؤهم على الطلب بدم عثمان وقتال السبئية حتى يثأروا وينتقموا,فأمرتهم عائشة رضي الله عنها بالخروج إلى المدينة..." , يحكم على المسلمين جميعا أنهم يرون في النقيض نقيضا. وأن كلامهم لا يمت للمنطق بصلة. وأنه لا يحمل أي معنى ولا تطبعه أي مصداقية... ففي النص أعلاه نجد عائشة تتآمر على علي -المدينة-وتحرض على الفتنة بين المسلمين وتدعوا للثأر والانتقام كسلوك همجي...وآخر كل كلام العنف ولا-إنسانية ذلك, هناك التتويج بالرضا. فما كل هذه البلبلة و"الشخبطة" في الكلام؟ ولماذا يتخوف السلفيون, و يتهربون من القول صراحة بأن "السيدة عائشة قد أخطأت " وعوض أن يقولوا "رضي الله عنها" كان من الصواب والمنطق أن يقولوا"ليغفر الله لها"؟
في الواقع لا نجد تفسيرا لكل هذه الشوشرة سوى أن هناك سيادة للجهل بحقيقة وجوهر الدين الذي أضعناه عبر السنين والأعوام و لم يبق عالقا بأيادينا وأذهاننا سوى فكر السلف و اجتهاداته المتآكلة التي لا يبخل معظم المسلمين عليها بالتقديس والإجلال لكونهم تربوا على تقديس الماضي والأسلاف و انشغلوا بهما, مكان الانشغال بالحاضر والمستقبل. وهناك أشخاص ومؤسسات-لغرض في نفس يعقوب- تسهر على تجدر هذا الجهل واستمراره. مما يفسر التخلف الذي نحن عليه والذي نحمل مسؤوليته للآخر, و كأننا سلبيين إلى أقصى الحدود. لكن الحقيقة أننا لسنا سلبيين إلا أمام العلم والتطور والرقي مما يجعلنا نلحق الأذى بكل ما يحيط بنا من فكر ودين واقتصاد وإنسان.
ولأعود مرة أخرى إلى مسألة الرضا الذي يقرن باسم السيدة عائشة كلما ذكرت,أقول بالمختصر المفيد: الله عاقل لا يمكن أن يرضى عن من أخطأ, لأن الرضا معناه القبول بالأمر والارتياح له. ويشمل كذلك التشجيع والتحفيز على المواصلة والاستمرارية في نفس النهج. والله لا يمكن أن يكون راضيا على معظم ما صدر عن السيدة عائشة وكذلك بحكم طبيعته العادلة لن يشجعها على الاستمرار في إشعال نار الفتن والتحامل على الناس وازدرائهم. ومن يملك ذرة عقل لن يقبل بدلك لأنه بكل بساطة غير قابل للاستيعاب. فمثلا إذا أخذنا المعلم أو المربي فإننا نجده في حيرة من أمره, لأنه لا يجد في تلك المادة ما يقدمه لمن يربيهم. فإذا قدم ذلك في إطار مادة التاريخ, فأي عبرة سيعتبر بها المتعلمون؟ وإذا قدمها في مجال التربية والأخلاق, فأي إنسان ذاك الذي سنقابله مستقبلا؟
وبصراحة إنه للحمق بعينه, أن تقف أمام إنسان أقدم على إشعال حرب ضروس وتقول له:" رضي الله عنك". وما الفائدة من كون السلفيين يسعون لطمس بعض الحقائق مثل أخطاء ومزاجية عائشة, إذا كان المسلمون قد تكلموا عن ذلك في حينه, بل ذكروا عائشة, بأنها بفعلها ذلك قد تجاوزت حدود الله ورسوله "قرن في بيوتكن ..." "و من يعص الله و رسوله و يتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين"الآية 14من سورة النساء.وأنها تناست كل الحب والتقدير الذي كان يكنه النبي لعلي والأدلة التاريخية كثيرة في هذا الباب, لكن أكتفي بذكر ما قالته عائشة لعلي يوما, عندما كان يناجي النبي وبما رد عليها –ص-:"ليس لي من رسول الله إلا يوما من تسعة أيام, أفما تدعني يا ابن طالب ويومي؟ فأقبل رسول الله و هو محمر الوجه غضبا فقال:أرجعي ورائك, والله لا يغضبه أحد من الناس إلا وهو خارج عن الإيمان" فرجعت نادمة ساخطة. كما ندمت بعد انتهاء معركة الجمل حيث قالت "والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة"والندم والسخط هوالإحساس الذي امتلكها كذلك قبيل مماتها كما تبين الشهادات التالية:" عن عمروبن سلمة أن عائشة قالت عندما حضرتها الموت:"والله لوددت أني كنت شجرة والله وددت أني كنت مدرة والله وددت أن الله لم يكن خلقني شيئا قط أخبرنا الفضل بن دكين حدثنا عيسى بن دينار قال سألت أبا جعفر عن عائشة فقال استغفر الله لها أما علمت ما كانت تقول يا ليتني كنت شجرة يا ليتني كنت حجرا يا ليتني كنت مدرة قلت وما ذلك منها قال توبة...قالت لم أكن أحب أحدا أن يثني اليوم علي لوددت أن أكون نسيا منسيا"
وفي مثل حالة عائشة هذه لا يجدي نفعا أن نراوغ في الكلام ولا أن نصاب بعمى الألوان ولا أن نبني القباب على الكذب والافتراء. بل الصواب هو أن نتكلم عن تاريخنا بكل موضوعية وأمانة وأن نكون منطقيين في كلامنا و نسمي الأمور بأسمائها, و نحن مؤمنون أن ذلك لن يسيء للإسلام في شيء. فالإنسان خطاء بطبعه سواء كان سلفا أو خلفا. ولا يملك أمام أخطائه -سواء كانت عن قصد أو غير قصد - سوى طلب المغفرة له وللعباد المؤمنين.و هل هناك ما هو أفضل من طلب المغفرة مهما سهرنا على العبادة والتقوى إسوة بنبينا الذي رغم علو مقامه,كان يكثر من التوبة والمغفرة عملا بقوله تعالى:"فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقبلكم ومتواكم" سورة محمد الآية 19
-الموسوعة الفلسفية العربية ,المجلد الأول,رئيس التحرير معن زيادة 773/774 معهد الإنماء العربي.
- إن مسألة الإجماع من جهة و الفطنة و عدم النسيان في مسألة تبليغ الوحي من جهة ثانية أمور فيها أخذ و رد في الساحة التراثية -.
- محمد شحرور, فقه المرأة ص58 ,
- الإمام الأكبر محمود شلتوت, الإسلام عقيدة وشريعة, دار الشروق ص 52
- الدكتور محمد عمارة ,الإسلام و فلسفة الحكم (2) ,ص252 إلى 259 المؤسسة العربية للدراسات و النشر.
- نفس المرجع ص 258/259.
-محمود شلتوت ,المرجع السابق, ص470
- ابن سعد, الطبقات الكبرى, ج 8 ص9.
- محمد عمارة,الإسلام و فلسفة الحكم(2), ص256 المؤسسة العربية للدراسات والنشر
- صفية بنت حني كانت يهودية وتحسن الطبخ و ربما أرادت أن تسعد النبي بإرسالها الأكل له ولضيوفه لكن السيدة عائشة كانت تكره أن يظهر شيء آخر في المشهد عندما تكون مع النبي .و كذلك هناك مراجع تقول أن من أرسل الطعام هي أم سلمة.
- و جاء في طبقات ابن سعد ج8ص81"إني لا أرى الله يسارع فيما تريد".
- السيرة الحلبية 3/ 260. ورد كذلك لدى معروف الرصافي في كتابه "الشخصية المحمدية" ص365 ,منشورات الجمل.
- خليل عبد الكريم ,النص المؤسس و مجتمعه ,السفر الثاني ص192 و رد كذلك في صحيح البخاري كتاب المناقب ص257
- ابن سعد ,الطبقات الكبرى ,ج 8 ص 24.
-ابن سعد, الطبقات الكبرى,ج8 ص31
- ابن إسحاق,السيرة النبوية ,المجلد الأول,ص 331 مطبوعات أخبار اليوم قطاع الثقافة.
- صحيح البخاري,ج3 ص43و باب غيرة النساء و وجدهن.
- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري,تاريخ الرسل و الملوك,الطبعة الخامسة,ج 2,ص610 دار المعارف.عائشة عبد الرحمان,نساء النبي,116
- سجلت السيدة أم سلمة حضورا منقطع النظير أنذاك, عن طريق مد يد المساعدة و المشورة الصائبة والتوجيه و النصح و حتى النقد الموضوعي والبناء في حالة الضرورة, دون أن تتعدى أبدا الحدود المرسومة لها سماويا.
- هشام جعيط الفتنة ,ص167 ,دار الطليعة بيروت.
- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري,تاريخ الرسل و الملوك,الطبعة الخامسة,ج 4,ص458/459 دار المعارف.
- محمد عمارة, الخلافة و نشأة الأحزاب السياسية, ص99, المؤسسة العربية للدراسة و النشر.
- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري,تاريخ الرسل و الملوك,الطبعة الخامسة,ج 4,ص453 دار المعارف.
- نفسه,ص 514.
- نفسه, ص 454.
- ابن سعد,الطبقات الكبرى, ج 8ص 29.
#يامنة_كريمي (هاشتاغ)
Yamna_Karimi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟