صالح الشقباوي
الحوار المتمدن-العدد: 2867 - 2009 / 12 / 24 - 19:03
المحور:
القضية الفلسطينية
أقصد بعرفات الفكرة والسياسة والمنهج ، فقد نجح الرمز ياسر عرفات في تحقيق الكثير من النتائج العملية في الواقع والمناخ السياسي والاجتماعي والثقافي الفلسطيني ، ولست هنا بصدد توصيف نجاحاته بقدر ما أريد أن أؤكد أن التاريخ قد رفض الآمال والأهداف الكبيرة والمتعلقة بالثورة لتحقيق النصر والوصول إلى أهدافه .
إن التحليل المنهجي لمجتمع ما بعد عرفات يؤكد أننا نعيش أزمة متعددة الجوانب ( سياسياً ، اقتصاديا ، اجتماعيا ) فهناك سيطرة نفسية هيمنت على الداخل الفلسطيني المؤسساتي تعرف بالمتسامح القامع التي حولت العقل الفلسطيني إلى عقل غائي أداتي ، حولته من عقل ثائر يطالب في تحقيق الحرية من خلال الثورة إلى أداة للمشاركة في صنع المساومة .
إن نهج السلطة مابعد أبو عمار تحول في اتجاه خلق الإنسان ذو البعد الواحد القادر المتكيف المنزوع من الفكر الوطني والثوري ، الإنسان الذي يستغني عن الحرية بوهم الحرية بعد أن نجحوا في خلق جيل أمني بنو فيه المؤسسات أهم ما يميز عقله تحرر مخيلته من أوهام الماضي وإشباع حاجاته البيولوجية والتركيز على إضفاء حالة ضبابية على مفاهيم يمكن أن نعتبرها رئيسية (فلو سألنا رجل أمن فلسطيني : من هو وطنك؟ ومن هو عدوك ؟ وماهي مهمتك؟ ) لأجاب بنوع من الريبة وعدم اليقين .فالعقل الفلسطيني في هذه المؤسسات لم يتجاوز فكر الأداتية النفعية والوجود الوظيفي ( موظف عسكري ) ، فكيف سيتمكن هذا العقل وهذا الإنسان من تغيير الواقع الذي يعتبر الإنسان واحدا من منتجاته ؟؟؟
إنه بصراحة أداة خلقت للمساعدة في ترجمة علم السلام لبرنامج سياسي يقيم دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل ، كخطوة أولى نحو خلق فلسفة تعايش أيديولوجية فلسطينية إسرائيلية – عربية إسرائيلية – إسلامية إسرائيلية أي خلق السلام الجدلي ذو الأبعاد الديالكتيكي الثلاثة ومن هنا فإن أبوما زن هو طليعة هذه النخبة الفلسطينية التي تريد تجسيد حلم السلام في فلسطين ، فهو يحاول تطوير مفهوم النضال من أجل الحرية ليكون مبدئي من أجل النضال لتحقيق أمن الجميع ؟
لذا فإن بقاء أبوما زن أو رحيله لن يؤثر على مسار هذه النخبة التي نمت وترعرعت في أحضان أبو عمار لتقود مرحلة مابعد أبو عمار ؟. فالثورة انتهت والتحرير أبطل العمل فيه ، كما أبطل سيدنا عمر إقامة الحد على السارق في عام المجاعة .
#صالح_الشقباوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟