أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الإنحراف المتمادي لبقايا الأحزاب الشيوعية















المزيد.....

الإنحراف المتمادي لبقايا الأحزاب الشيوعية


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 2867 - 2009 / 12 / 24 - 11:12
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بقايا الأحزاب الشيوعية، التي لم تتفكك بعد، ما زالت مستمرة في البحث عن وظيفة جديدة لها بعد انهيار المشروع اللينيني للثورة الاشتراكية العالمية وهو الأساس الذي قام عليه بنيانها، لا بل منذ أن نادى خروشتشوف بـ " سياسة إطفاء بؤر التوتر " و " ملاقاة الرأسمالية الإمبريالية في منتصف الطريق "، السياسة التي فسرها غورباتشوف فيما بغد بسياسة " تعادل المصالح المتبادلة ". مذاك والأحزاب الشيوعية تبحث عن وظيفة جديدة حتى وإن لم يكن لها أدنى علاقة بقضية البروليتاريا ومستقبلها، قضية الشيوعية. نعود لمقاربة هذا الموضوع المفصلي بعد أن طالعنا خطاب مبعوث الحزب الشيوعي العراقي إلى الإجتماع العالمي الحادي عشر للأحزاب الشيوعية والعمالية المنعقد في نيودلهي في 20 نوفمبر الماضي. تتناسى هذه البقايا من الأحزاب الشيوعية أن أي وظيفة جديدة لا تدرج على مدرج الماركسية اللينينية ستنعكس في تضليل العمل الشيوعي وخيانة قضية البروليتاريا، القضية التي كرّس آباء الشيوعية ومؤسسوها، ماركس وانجلز ولينين وستالين كل حياتهم من أجلها.
السؤال الماركسي الفيصل الذي يجب أن يطرح على الأحزاب الشيوعية القائمة حتى اليوم، ولم تتفكك نهائياً بعد، رغم انهيار الأساس الذي قامت عليه، هو .. لماذا لا ترى هذه الأحزاب أن انهيار الاشتراكية في الإتحاد السوفياتي كان بسبب الصراع الطبقي، رغم أن هذا هو التفسير الوحيد الذي تقدمه الماركسية لأي إنهيار إجتماعي؟ تتحاشى هذه الأحزاب مواجهة هذا السؤال الماركسي الفيصل لأنه يجرها من أنفها إلى وجوب تحديد الطبقة النقيض لطبقة البروليتاريا ومظاهر الصراع وعناصره، وإلى تسمية قيادة الطبقة النقيض. ستعترف الأحزاب الشيوعية التي لم تتفكك بعد عندئذٍ أن الطبقة النقيض كانت الطبقة الوسطى بشرائحها الرئيسية الثلاث، العسكر والفلاحين والمهنيين، وأن الرائد والقائد لهذه الطبقة كان نيكيتا خروشتشوف الأمين العام للحزب الشيوعي نفسه الذي صفقت له طويلاً واستقبلت تحريفاته وشتائمه على ستالين، باني الإتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي، برضا وحبور تامين. وما التحريفات التي أدخلها خروشتشوف على سياسات الحزب الشيوعي في نهاية خمسينيات القرن الماضي، مثل الاستغناء عن مبدأ الصراع الطبقي وعن دكتاتورية البروليتاريا، سوى منافذ لاختراق الطبقة الوسطى قيادة الحزب والدولة. الأحزاب الشيوعية التي لم تتفكك نهائياً بعد تتحاشى هذا السؤال الماركسي الفيصل لا لشيء إلا لأنها كانت قد انتصرت بقوة للطبقة الوسطى في صراعها المصيري ضد البروليتاريا، انتصرت لخروشتشوف وتحريفاته، واعترافها بذلك من شأنه أن يدينها إدانة قاطعة لا تتحملها، إدانة تصمها بالخيانة وتقضي على ما تبقى منها. كل الذين اصطفوا وراء خروشتشوف خانوا قضية الطبقة العاملة، قضية الثورة الإشتراكية، وما موقفهم اليوم بتناسي تحريفية خروشتشوف وارتداده على الثورة الإشتراكية سوى تمادي في التحريفية وخيانة لقضية البروليتاريا. يعلنون اليوم بحياء لافت تبنيهم قضية الاشتراكية نفاقاً إذ أنهم يعلمون تماماً أن الثورة الاشتراكية، بعد أن شاركوا هم أنفسهم بإطفائها قبل خمسين عاماً، لم تعد على أجندة العالم في المدى المنظور.

هذه الأحزاب التي فقدت وظيفتها، وهي استكمال المشروع اللينيني في الثورة الاشتراكية العالمية، وكان عليها أن تنهار مع انهيار المشروع، تصل اليوم إلى تخيّل عالم لا وجود له، عالم تفترض أنه سيفرز قوى مناقضة له وستكون هي في جبهة واحدة مع هذه القوى في المستقبل، وهي تقرّ بذلك أنها إبنة المستقبل، إبنة أم أخرى غير الأم التي حملت بها وولدتها أي المشروع اللينيني، حيث أن الاستراتيجية العامة للحزب الشيوعي العراقي كما أفصح عنها مبعوثه للمؤتمر هي " بناء جبهة عالمية في مواجهة العولمة النيوليبرالية والامبريالية، ومن اجل السلام والديمقرطية والتقدم الاجتماعي والاشتراكية". وفي مكان آخر يقول .. " الرأسمالية المعولمة بنموذجها النيوليبرالي ".
هل لنا أن نغض النظر عن شيوعيين فقدوا البصيرة فلم يميزوا بين أحزاب شيوعية أفرزها عالم آخر مختلف تماماً عن عالم اليوم، عالم الرأسمالية الممركزة وغير المعولمة، وأخرى تخطط اليوم للإتلاف مع أحزاب ومنظمات يفرزها اليوم عالم الرأسمالية المعولمة النيوليبرالية؟ وهل يجوز لنا أن نغض النظر عن أحزاب شيوعية استبدلت استراتيجية الأممية الثالثة اللينينية باستراتيجية أخرى تتحدث عن السلم والديموقراطية والتقدم الإجتماعي وهي ذات الأهداف البورجوازية الجوفاء المعروفة؟ مثل هذه الأحزاب تحب بل تصر على أن تنسى تاريخها في سياق تحولها من أحزاب شيوعية هدفها تحرير البروليتاريا ونقل العالم إلى الحياة الشيوعية إلى أحزاب تمثل البورجوازية الوضيعة خير تمثيل وتنطق بلسانها.
يناضل الحزب الشيوعي العراقي على الصعيد الدولي إذاً من أجل " تكوين جبهة عالمية تواجه نماذج النيوليبرالية الجديدة "، إلا أنه لا يعرف أسباب المواجهة وأهدافها بالتحديد فيسمي بعض العناوين العامة كالسلم والديوقراطية والتقدم الإجتاعي، وهذه عناوين لا معنى لها طالما أنها مفرغة من كل معنى طبقي ؛ وليس إلا من باب تبرير الصفة يضيف الحزب أخيراً وآخراً عنوان الإشتراكية وهو يعلم أن المؤتلفين معه في الجبهة المعادية للنيوليبرالية المزعومة ليسوا شيوعيين ولن يوافقوا على الاشتراكية العلمية لكنهم لن يصرحوا بعدم موافقتهم إذا ما كانت الاشتراكية التي يعلن عنها الحزب الشيوعي هي من طراز اشتراكية الحزب الاشتراكي الألماني المشهور بخياناته التاريخية للطبقة العاملة.
من المؤسف حقاً أن أتهم الحزب الشيوعي العراقي بالخيانة مرة أخرى، وأنا لن أنسى ما حييت خيانته التاريخية لقضية الشيوعية يوم تحلّق الشيوعيون العراقيون حول زعيمهم الأوحد العسكري عبد الكريم قاسم حتى بعد أن أعلن عداءه للشيوعية فكان أن جرّهم بيديه إلى المسلخ. لكن ما عسانا نقول عن سعيهم للإتلاف مع " الطيف الواسع من القوى والمجموعات والشرائح الاجتماعية على الصعيد العالمي، المتضررة من هيمنة الرأسمالية المعولمة بنموذجها النيوليبرالي، إلى صيغ عمل وتنظيم مناسبة لنضالها في مواجهة الرأسمالية المعولمة على الصعيد الأممي " ؟ ولنا هنا أن نسأل قيادة الحزب الشيوعي العراقي مضافاً إليها السيدة سعاد خيري .. كيف سيكون عالمكم بعد تحطيم الرأسمالية المعولمة؟ إذا ما كنتم لا تعلمون تماماً كيف سيكون العالم إذّاك فنصيحتي لكم أن تبقوا تحت سقف يدلف أفضل من أن تخرجوا إلى بناء بلا سقف بتاتاً! باتجاه ماذا يحارب الشيوعيون العراقيون لتحطيم الرأسمالية المعولمة؟ لكأنهم يجهلون حقيقة أولية وهي أن كل الأنظمة الإجتماعية التي عرفتها البشرية عبر التاريخ كانت أنظمة طبقية، فأي نظام طبقي يحارب من أجله الشيوعيون العراقيون؟ ربّ أحدهم يتقدم ليقول : من أجل الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، لكن على هذا المتقوّل ألا ينسى أن يحدد الطبقة التي تعود إليها مثل هذه الديوقراطية وتلك العدالة الإجتماعية. مبعوثهم إلى مؤتمر الأحزاب الشيوعية يقول عن الأزمة المالية الماثلة أنها " زعزعت الاعتقاد بعدم وجود بدائل أفضل للنظام الاقتصادي الدولي الراهن " ولم يجروء على ذكر اسم النظام البديل لأنه لا يعرفه. الحزب الشيوعي العراقي، ومثله بقايا الأحزاب الشيوعية الأخرى، لا يعرف لماذا يناضل، ومن أجل من! وهو لذلك نضال بلا معنى.

كي نأخذ تهويمات الأحزاب الشيوعية، التي لم تتفكك نهائياً بعد، في الاعتبار، يتوجب عليها، وبلسان الحزب الشيوعي العراقي، أن تفسر لنا ولكوادرها قبلنا لماذا تعولمت الرأسمالية؟ بعضهم يقول توحشت الرأسمالية فتعولمت، لكأن الرأسمالية كانت إنسانية قبل العولمة ودمرت العالم في الحرب العالمية الأولى والثانية لفرط إنسانيتها !! والبعض الآخر يقول انتصرت الرأسمالية في الحرب الباردة ضد المعسكر الاشتراكي فتعولمت، ولكأن المعسكر الإشتراكي كان فيما قبل العام 1917 يمنعها من العولمة !! هؤلاء وأولئك لا يتطرقون إلى الميكانزم الداخلية في بنية النظام الرأسمالي التي دفعت به إلى العولمة ــ لماذا تعولمت الرأسمالية؟ ما لم تقدم الأحزاب الشيوعية التي لم تتفكك بعد تعليلاّ علمياً وموضوعياً لظاهرة العولمة الرأسمالية فستظل شيوعيتها موضع شك كبير خاصة وأنها جميعها كانت من المبشرين المتحمسين لهرطقات خروشتشوف الغبية التي انتهت إلى تدمير الإتحاد السوفياتي والمعسكر الإشتراكي.

إنني وبالنيابة عن الشيوعيين الماركسيين حقاً، تلامذة لينين وستالين، أتحدى الأحزاب الشيوعية التي لم تتفكك نهائياً بعد في أن تقدم تعليلاً علمياً، في منهج نقد الإقتصاد السياسي، لظاهرة العولمة الرأسمالية. أنا على ثقة تامة في أن أحداً من هذه الأحزاب في طور التفكك لن يقدم مثل هذا التعليل وذلك لأن التعليل الوحيد لظاهرة العولمة الرأسمالية هو التعليل أو التحليل الذي قدمته قبل زهاء العقدين والمتمثل بانهيار النظام الرأسمالي وليس إحياءه من جديد كما يزعم الكثيرون ومنهم الشيوعيون سابقاً. التعليل الوحيد وهو انهيار الرأسمالية من شأنه أن ينسف كليّاً برامج هذه الأحزاب ويدلل على بهتان شعاراتها واستراتيجياتها وأنه لم يعد لنضالها أي معنى له هدف طبقي عمالي.
كان كارل ماركس قد أكد على أن النظام الرأسمالي هو أول نظام عالمي تعرفه البشرية. وخاصية العالمية التي أكدها ماركس لهذا النظام لا تسمح له بأن يتعولم كما في الظاهرة الماثلة اليوم والتي يسيء الشيوعيون سابقاً فهمها والحديث عنها وبناء برامجهم اعتماداً عليها. عالمية الرأسمالية تتمثل في بنيتها الخلوية. فالبنية الرأسمالية تستوجب وجود نواه وهي المتروبول أو المركز الرأسمالي وبروتوبلازم أو المحيط أي البلدان التابعة والمستعمرة. في المتروبول يتحقق فائض الإنتاج الذي يجسد فائض القيمة المتراكم. فائض الإنتاج من شأنه أن يخنق عملية الإنتاج الرأسمالية إن لم يتم تصريفه خارج حدود المتروبول وهذا ما يتعهد به المحيط من الدول التابعة والمستعمرة. لهذا السبب تحديداً قال ماركس أن النظام الرأسمالي لا يمكن إلا أن يكون عالمياً (Universal) من خلال امتداده عملياً إلى ما وراء الحدود القومية للمتروبول.

أما العولمة (Globalization) الماثلة التي يتحدث عنها الحزب الشيوعي العراقي، كما الأحزاب الشيوعية الأخرى التي لم تتفكك بعد، فهي مختلفة تماماً بل هي تلغي العالمية التي تحدث عنها ماركس باعتبارها خاصية أساسية من خصائص النظام الرأسمالي. المتروبول أو المركز الرأسمالي لم يعد مركزاً يتحقق فيه فائض الإنتاج بعد رحيل المصانع إلى بلدان المحيط، كما في العولمة، وبذلك تغدو الخلية الرأسمالية بقوام واحد، بلا نواة وبلا بروتوبلازم، وهو ما يحكم عليها بالموت . رحيل المصانع إلى البلدان المحيطية يترك عمال المركز بلا عمل فيتراحع الإنتاج وتنحسر الثروة وتتزايد باطراد حالة الفقر. ومع ذلك فإن أعداء العولمة يصرون على أن المركز الرأسمالي قبل العولمة يظل هو المركز الرأسمالي بعد العولمة !!
لئن تجاوزنا هذا المأزق الفاضح لأعداء العولمة، فما عساهم يخبروننا عن تصريف فائض الإنتاج المتحقق في المحيطات نتيجة لرحيل مراكز الإنتاج إليها !؟ كيف للمركز وقد غدا عماله بلا عمل، كيف له أن يستهلك فائض الإنتاج المتحقق في المحيط وقد غدا عماله يعملون مباشرة في الإنتاج الرأسمالي؟
ويغيب عن بال أعداء العولمة أن النظام الرأسمالي هو نظام استغلال وقهر ولا يمكنه بالتالي أن يستغني عن أجهزة القمع التي تيسّر عملية الإستغلال وتحافظ عليها. ولذلك فإن النظام الرأسمالي هو نظام قومي بامتياز ولا يمكنه أن يكون نظاماً بلا هوية. هل يمكن للعولمة الرأسمالية أن تشكل أجهزة قمعية أممية وبلا هوية تقمع إضراب عمال سنغافورة وتنتقل في اليوم التالي لاخماد إضراب العمال في سيئول وفي يوم آخر في باريس أو الدار البيضاء!؟
أعداء العولمة الرأسمالية النيوليبرالية المتوحشة سيجدون أنفسهم في طريق في غاية الوعورة ومسدودة النهاية. لا يمكن تحريرهم منها قبل أن يعترفوا بداية بالحقائق التالية والماثلة بقوة في عالم اليوم ..

الحقيقة الأولى: في الولايات المتحدة كان عدد العمال في خمسينيات القرن الماضي حوالي 75 مليوناً، وعددهم اليوم 30 مليوناً فقط ؛ وكان عددهم في بريطانيا 30 مليوناً واليوم عددهم 12 مليوناً، وعدد عمال المناجم فيها 400 ألفاً وعددهم اليوم 6 آلاف فقط. الفرق وهو عشرات الملايين انتقلوا من الطبقة العاملة إلى الطبقة الوسطى وبدل أن ينتجوا سلعاً أصبحوا ينتجون خدمات، وبدل أن يضيفوا ثروة لمجتمعهم أصبحوا يستهلكون الثروة. وهكذا تحولت مراكز الرأسمالية الكلاسيكية بعد نزوح مراكز الإنتاج إلى المحيطات، كما في ظاهرة العولمة، تحولت إلى نظام هجين تديره الطبقة الوسطى بدولتها الخاصة بها، دولة الرفاه (Welfare State)، تتوسع في الاستهلاك ويتقلص انتاجها بالمقابل.
الحقيقة الثانية: المراكز السابقة للرأسمالية وقد أخذت ثرواتها تتراجع بفعل العولمة وانكماش طبقة العمال تبعاً لذلك لم تعد قادرة حقيقة على استهلاك فائض الإنتاج المتحقق في المحيطات بغير الإستدانة. ولما لم تعد الاستدانة تغطي عجزها المتزايد اضطرت إلى امتهان تزوير العملة. فالولايات المتحدة واسعة الإستهلاك زورت في العقود الثلاثة الأخيرة 600 تريليون دولاراً وفق عدد من الإقتصاديين. كافة الدول الرأسمالية سابقاً وخاصة الولايات المتحدة تعيش اليوم على فرق العملة بالرغم من أن عملاتها فقدت معظم قيمتها إن لم يكن كل قيمتها. يضاف لهذا الضرب من اللصوصية أن الخدمات التي تنتجها هذه الدول تبادلها بأضعاف قيمتها من السلع بفعل انهيار السوق الرأسمالية.
الحقيقة الثالثة: الانتصار الكاسح للإتحاد السوفياتي على النازية في نهاية الحرب العالمية الثانية 1945، بعد انهيار أكبر امبراطوريتين استعماريتين (بريطانيا وفرنسا) وخروج الإتحاد السوفياتي من الحرب كأقوى قوة في الأرض، انعكس كل ذلك في ثورة عارمة للتحرر الوطني اجتاحت القارات الكبرى الثلاث، آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية (1946 ــ 1972). لم تنتهِ ثورة التحرر الوطني قبل أن تترك مراكز الرأسمالية العالمية بلا محيطات تستوعب فائض إنتاجها، فكان أن اختنقت الرأسمالية بفيض إنتاجها في عقر دارها، وقرر الرأسماليون الخمسة الكبار في رامبوييه 1975 أن يفيّضوا فائض انتاجهم على الدول المحيطية مجاناً أو مقابل ديون معدومة سلفاً. تلك كانت نهاية الرأسمالية في مراكزها، بل وفي العالم كله، وليس أدل على ذلك من قرار الخمسة الكبار في رامبوييه الخاص بفصل عملاتهم عن قيمتها البضاعية التي هي الطينة التي تمسك حجارة البنيان الرأسمالي؛ إذ ليس هناك دورة إنتاج رأسمالية (نقد ــ بضاعة ــ نقد) بدون نقود بضاعية، توازي البضاعة بانخفاض قيمتها السوقية أو بارتفاعها. المؤسسات الرأسمالية التي قاومت الانهيار رحلت إلى الأطراف وهو ما شكل ظاهرة العولمة.
الحقيقة الرابعة: انهارت الرأسمالية في مراكزها في سبعينيات القرن الماضي لكن البروليتاريا لم تكن قادرة على استلام السلطة بسبب تراجع الثورة الاشتراكية العالمية منذ وصول خروشتشوف إلى قيادة الحزب والدولة وأعمال المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في العام 1956 ؛ هذا بالإضافة إلى إنكماش الطبقة العاملة نتيجة انهيار مراكز الإنتاج ورحيلها إلى الخارج. الفراغ في السلطة هو ما سمح للطبقة الوسطى بالاستيلاء على السلطة في مراكز الرأسمالية الكلاسيكية وتشكيل دولة الرفاه. الإنفاق المتعاظم باستمرار لدولة الرفاه رتب على الشركات الرأسمالية التي قاومت الانهيار ولم تهاجر أن تموّل العجوزات المتعاظمة لدولة الرفاه مما أرغمها بالتالي على الهجرة إلى الأطر اف. العولمة هي انهيار النظام الرأسمالي وليس إحياءه كما يشاع.

إعتراف بقايا الأحزاب الشيوعية التي لم تتفكك بعد بهذه الحقائق سوف لن يترك خياراً آخر أمام الشيوعيين الخلّص سوى الإنضواء في اتحادات شيوعية ــ اتحادات وليست أحزاباً ــ تتوظف قبل أي عمل سياسي آخر في تحديد العدو الطبقي للبروليتاريا في هذه المرحلة الغائمة والتي أراها طبقوسطية، سواء كان هذا العدو هو من تسبب بانهيار المشروع اللينيني أم غيره، تحديد العدو وتحديد سبل مواجهته، السبل الكفيلة بانتقال العالم إلى الحياة الشيوعية، أو على الأقل بإضاءة الطريق للوصول إلى الشيوعية. هيّا نشكل اتحادات شيوعية في طول العالم وعرضه كيلا تسبقنا الكارثة العظمى التي تتهدد مصير العالم وحياة الجنس البشري !!

فـؤاد النمري
www.fuadnimri.yolasite.co







#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاكمات غير ماركسية لمحاكمة ماركسية
- محاكمة ماركسية
- - الأصولية - الماركسية في وجه محمد علي مقلد
- العيد الثامن للحوار المتمدن
- آثام جسام وتشوهات خَلْقية ورثتها البشرية عن أعداء الشيوعية
- ما هي الشيوعية، ولماذا الشيوعية؟
- الماركسية تأسست على الحقيقة المطلقة
- الطبقة الوسطى كما البروليتاريا، كلتاهما تنفيان الرأسمالية
- ماذا عن راهنية البيان الشيوعي (المانيفستو) ؟
- فَليُشطب نهائياً مراجعو الماركسية !
- الحادي عشر من سبتمبر
- إشكالية انهيار النظام الرأسمالي
- ما الذي يجري في إيران ؟
- من هو الشيوعي الماركسي ؟
- القول الفصل فيما يُسمّى بالعلمانية
- اليسار لا يملك إلا الخداع والخيانة
- كيف انهار النظام الرأسمالي في العالم ولماذا ؟؟
- أثر التخلف السياسي في حركة التاريخ
- صمت الشيوعيين التقليديين
- العمل البورجوازي والعامل البورجوازي


المزيد.....




- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الإنحراف المتمادي لبقايا الأحزاب الشيوعية