قراءة لكتاب العقوبات الدولية وآفاق التطور الديمقراطي في العراق

زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 176 - 2002 / 6 / 30 - 12:34
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

 

 

الكتاب: العقوبات الدولية وآفاق التطور الديمقراطي في العراق.

المؤلف: فاخر جاسم

عدد الصفحات: 186  من القطع المتوسط

الناشر: دار المنفى، السويد 2002.

 

 يتناول الكتاب الجديد الذي أصدره المؤلف، أسباب العقوبات الدولية التي فرضت على العراق عام 1990 ، بعد الغزو  العراقي للكويت، ومضاعفاتها السلبية وتأثيراتها البالغة الاهمية على الوضع الدولي بشكل عام، والوضع في منطقة الشرق الأوسط وعلى العراق بشكل أكثر تحديداً عبر تلمس الآثار السلبية المباشرة وغير المباشرة، خاصة فيما يتعلق بالتطور الديمقراطي، حيث يحاول الكاتب عبر فصول الكتاب الخمسة ومجموعة من الجداول الإحصائية، تبيان مدى تقاطع النتائج المدمرة للعقوبات مع ما تعلنه الولايات المتحدة من أن استمرار العقوبات يؤدي إلى اسقاط النظام العراقي القائم وبالتالي فتح آفاق التغيير الديمقراطي.

  في الفصل الأول، السياسة الامريكية والعقوبات الدولية على العراق، يتناول الكاتب الاعتبارات النفعية التي تحكم سياسة الولايات المتحدة من فرض العقوبات واستمرارها ، مشيراً إلى التناقض الواضح بين أهداف ونتائج العقوبات الذي بينته تجربة استمرارها لأكثر من عشر سنوات، عبر تلمس الوقائع العملية وتحليل الوثائق والتصريحات الأمريكية ويشير المؤلف إلى قضية النفط العراقي ومحاولة السيطرة عليه من قبل الولايات المتحدة كأحد الأهداف الرئيسية من استمرار العقوبات. ثم يبين المؤلف شرعية التعويضات المتبادلة بين العراق والولايات المتحدة وحفائها في حرب الخليج الثانية بالاستناد إلى المواثيق الدولية الخاصة بالحرب بين الدول.

  في الفصل الثاني، حلل الكاتب انعكاس التأثيرات الاجتماعية للعقوبات على الوعي الاجتماعي، حيث لجا إلى بحث أسباب وآثار انتعاش العشائرية في المجتمع العراقي في الظروف الراهنة، كأحد النتائج الخطرة لحروب الدكتاتورية واستمرار العقوبات الدولية، حيث يستعرض بشكل موجز تاريخ العشائرية والمراحل التي مرت بها وانحسارها بعد ثورة 14 تموز مشيراً إلى السمات الجديدة للمؤسسة العشائرية.

  واستكمالاً لبحث نهج الدولة العراقية في التعامل مع المواطنين، يركز الفصل الثالث على تأثيرات هذا النهج على السلوكية الاجتماعية وخاصة فيما يتعلق بالعنف السلطوي ودوره في تنامي ميول مظاهر العنف في المجتمع في العقد الأخير، متناولاً المزاعم حول" سرمدية العدوانية عند الشعب العراقي " ، مقدما تحليلاً نفسياً مبسطاً للطروحات التي تعالج مسألة العلاقة بين  الحرية وشخصية الفرد وسلوكه. وبهذا الصدد يناقش المؤلف بعض المظاهر التي يراد بها إثبات عدوانية الشعب العراقي، كاشفاً الدوافع السياسية الآنية التي تستند عليها هذه الإدعاءات.

  يستعرض الكتاب في الفصل الرابع، مستقبل العراق في ظل تداعيات استمرار الحصار   مناقشاً بعض القرارات الدولية التي استهدفت معالجة الآثار السلبية للعقوبات. ويمكن أن يكون البحث حول العلاقة بين تدويل الثروة الوطنية والحصار بحثاً نموذجياً يهم الكثير من متابعي  تطورات المسألة العراقية وشجونها في العقد الأخير. ثم يستعرض المؤلف آراء حركة المعارضة الوطنية العراقية من الحصار، مبيناً خطأ المواقف التي تزعم أن استمرار الحصار يخدم النضال لإسقاط السلطة.

 في الفصل الخامس يقدم المؤلف،عرضاً موجزاً للديمقراطية ، كمفهوم وممارسة، متناولاً التجربة العراقية في الديمقراطية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في بداية العقد الثالث من القرن الماضي، مشيراً إلى الإجحاف الذي تعرضت له هذه التجربة من كافة القوى السياسية العراقية. ويتوقف المؤلف، بشكل خاص، على حقيقة الموقف الأمريكي من الديمقراطية.وهنا تشير الدراسة إلى تقاطع استمرار العقوبات مع عملية التغيير الديمقراطي في العراق، وكون التجربة أثبتت بأن الولايات المتحدة تقوم  بتمرير مشاريعها الخاصة على البلدان النامية من خلال قرارات الحصار التي لا تكلفها الكثير سوى مصادقة منظمة الأمم المتحدة عليها. في الختام يناقش المؤلف بعض المفاهيم التي تبنتها بعض الأحزاب والشخصيات العراقية المعارضة لإنهاء الدكتاتورية، عبر مناقشة بعض الأوهام التي سادت في صفوفها، خاصة فيما يتعلق بتضخيم دور العوامل الخارجية في إنجاز مهمة التخلص من الحكم الاستبدادي، أو تلك التي تراهن على المصالحة مع السلطة كطريق وحيد لتجاوز الأزمة المستعصية التي تصف بالمجتمع والدولة العراقية في الفترة الراهنة.

  لقد اعتمد المؤلف لتعزيز الآراء التي طرحها على بعض الوثائق الرسمية ومذكرات لأشخاص كان لهم دوراً رئيسياً في مجريات الأحداث، داعماً وجهات نظره بمجموعة من الاحصائيات القيمة. كما أن أسلوب المعالجة الذي أعتمد الحوار بدلاً من الآراء القاطعة، إضافة إلى السلالة والإيجاز، يعطي الدراسة مصداقية أكبر ويجعلها تغني المكتبة العربية حول موضوعاً هاماً ما زالت تداعياته وتأثيراته السلبية مستمرة ليس على العراق فحسب بل على منطقة الشرق الأوسط كلها.

 

#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات