مجتمع انعدمت فيه القيم الاخلاقية

جرايفي سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2864 - 2009 / 12 / 21 - 23:27
المحور: المجتمع المدني
    

المجتمع هو عبارة عن مجموعة من الأفراد لهم مصالح ورغبات يريدون إرضاءها والدفاع عنها وتمة طريقتان إما الدفاع عنها بالتفاهم والتحايل أو بالدفاع عنها بالعنف والصراع، وهذا هو أساس الصراع والعنف السائد ومنبعه هو إثبات الذات، فكل واحد منا يحاول أن يفرض نفسه على الآخر سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ومن هذا المنطلق تنبثق الظواهر الاجتماعية التي تعيق البشرية وتحد من تقدمها وهذا مرده إلى عدة أسباب. فما هي هاته الأسباب؟ ما هي الأسباب التي تدفع الإنسان إلى التخلي عن القيم الأخلاقية وتجعله يصارع أخاه من أجل المصالح الشخصية؟ ولماذا يلجأ الإنسان إلى العنف بذل لجوئه إلى الحيل والتفاهم؟
تتعدد الأسباب وتختلف وقد تتوحد أحيانا لكي تصنع لنا جيلا فاشلا، جيلا خاوي الوفاض، همه الوحيد هو إشباع الغرائز وهذه هي السياسة الغربية لقد أفلحت وأصابت هدفها، لقد اخترقت البيوت من أجل وضع قطيعة بين الآباء والأبناء، لقد نجحت في تقدمها التكنولوجي الباهر الذي ما فتئ أن حول العالم إلى قرية صغيرة. لقد كان المجتمع المغربي سابقا من المجتمعات الإسلامية العريقة التي تمتاز بالحشمة والوقار والحياء وكانت تسوده القيم الأخلاقية النابعة من ديننا الحنيف، ومن روح المواطنة والغيرة على هذا البلد الذي أصبح عبارة عن خشبة مسرحية يمثلون فيها الغرب حسب إرادتهم.
فالمجتمع الحالي يتأسف لحاله، هذا الأمر ينبغي الوقوف عند عتباته، ينبغي علينا وضع النقط على الحروف، وإلا ستحدث قطيعة أكبر ما هي عليه الآن، فمجتمعنا قد انحطت فيه القيم الأخلاقية التي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من اجل إتمامها لقوله عليه الصلاة والسلام "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" فأين نحن من هذه الأخلاق؟ لقد فقدناها تماما، تخلينا عن ديننا الذي هو أساس وجودنا وأخذنا نهرول وراء الغرب لكي نلتحق بهم، وعندما ابتعدوا عنا تهنا وضللنا طريقنا، أردنا العودة فلم نستطع وهرولنا لكي نلتحق بهم من جديد لكن استحال علينا ذلك. فسرنا كالتائه عن الطريق، لم نلتحق بهم ولم نتمسك بديننا الحنيف. وحينها بدأت الظواهر تتسرب وتتفشى حتى سرنا غارقون، واكتظت وامتلأت البشرية بالظواهر الاجتماعية مثل: التشرد، الانحراف، الدعارة، البطالة، الإجرام، الشعوذة، الهدر المدرسي، الهجرة السرية...فهذه الظواهر وأخرى تنبثق من فهمنا الخاطئ لأساس وجودنا، فلو تمسكنا بديننا وتركنا الغرب يفعلون ما يشاؤون دون الاكتراث إليهم لما حصل ما حصل، وبما أن المجتمع المغربي مجتمع المحسوبية والزبونية والميز العنصري وهذا ما أدى إلى قطيعة بين الطبقات، فالغني يمارس بيداغوجيته على الفقير، والفقير يمارس بيداغوجيته على الغني بشتى الوسائل ابتداء من نظرة حقد وحسد، وهذا يولد لديه صراع داخلي محض يمزق أحشاءه وقد يؤدي به إلى الانتقام عن طريق السرقة أو الإجرام...
فالمجتمع الحالي يعتمد على المظاهر الخارجية لا على المظاهر الداخلية التي تزيد الإنسان سموا وعلوا وترفع من قيمته وتجعله أميرا على الطبيعة، وتعلوا من شأنه داخل هذا المجتمع، والقيمة الحقيقية تتجلى في الامتثال لأوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه فلو تمسكنا بعقيدتنا لما طرأ علينا هذا التغيير ولما حصل ما يحصل اليوم، فنحن نعيش في أواخر الأزمنة.
هذه معضلة وكارثة حقيقية عرفتها البشرية والحضارة الإسلامية نظرا لتجاهلها بالثقافة الغربية.
سعيد جرايفي
باحث في الفلسفة

#جرايفي_سعيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات