طلال محمود
الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 00:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقع المجتمع الفلسطيني تحت وطأة حالة من الاستقطاب بين فكرتين حاكمتين، فكرة المقاومة وفكرة المفاوضات. وعلى الرغم من أن الكلمتين ليستا متناقضتين على مستوى المفهوم، إلا أن السياق السوسيوبوليتي الفلسطيني أنشأ حالة من التناقض الفعلي بينهما على الأرض، وأكثر من ذلك أصبح هنالك معسكر فعلي في المجتمع الفلسطيني يقول بالمفاوضات مقابل معسكر يقول بالمقاومة.
لقد امتلأ الإعلام الفلسطيني بالمواد التي تجسد هذا التناقض المزعوم بين المفاوضات والمقاومة على مستوى المفهوم، حتى بات هذا التناقض المصطنع يشكل مرجعية تفسيرية لكل مظاهر الشرذمة والانقسام في الواقع السياسي الفلسطيني. وبهذا يصور الإعلام الفلسطيني، وبخاصة إعلام حركة حماس، الخلافات السياسية الفلسطينية وكأنها صراعات جذرية، فإما تفاوض أو مقاومة، ولن يحدث توافق وطني فلسطيني ما لم يرضخ أحد الطرفين للآخر، فالقضية هي ذلك التناقض الأزلي ما بين التفاوض والمقاومة. وبهذا يتم التعمية على تلك الفئات الطفيلية التي أدمنت إشباع شهوتها السلطوية، والتوسع في النيل من المصالح التي نشأت عن الانقسام، ونهب الموارد، كله تحت غطاء ذلك التناقض اللعين.
على خلفية هذا المشهد الأسود، يخرج علينا السيد الرئيس أبو مازن، ليعلن جازما، ألا مفاوضات في ظل استمرار الاستيطان. موقف اتخذه ليبعث الوعي الفلسطيني من جديد، إذ أمكن لنا بهذا الموقف أن نمارس مقاومة سياسية من أرقى ألوانها ونحن نقع تحت تصنيف معسكر التفاوض. بالمقابل، وبذات النهج، ألا يمكننا نحن الفلسطينيون تصور مقاومة يتخللها أشكال شتى من التفاوض؟
سؤال غير مطروح على من يجدون في الانقسام الفلسطيني مغنما، بل هو مطروح على الفلسطيني العارف بشأن قضيته، الملتزم بثوابتها، والمتشبث بالسعي نحو حلها وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه الوطنية المتمثلة بالدولة والقدس الشريف عاصمة لها وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
#طلال_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟