جورج فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2864 - 2009 / 12 / 21 - 04:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في خضم سرعة الإنسان الجنونية وتسارعه المتزايد باتجاه تحديد مصيره وربما نهايته، وفي سبيل تغيير مساراته واتجاهاته التي فُرضت عليه لابد له من وقفة لمراجعة موروثه ومخزونه العقائدي الذي يحركه، وذلك بعيداً عن أي مؤثرات خارجية أو انحياز شخصي منه، لذلك فإن عملية تقييم المعتقدات الموروثة هذه لابد أن تتم بحيادية كاملة وبدراسة متأنية وهذا لن يتم إلاّ إن كان هذا الإنسان أميناً تجاه نفسه أولاً وصادقاً في بحثه ثانياً.
إن محاولة تجميل بعض المعتقدات وإلباسها ثوباً عصرياً هو ما يحاول فعله البعض منا في محاولة يائسة كي يوفّق ما بين التناقض القائم في داخله نتيجة معتقداته وبين الواقع في الخارج بسبب تطور الحياة والعلم والكشف عن الكثير من الحقائق التي كانت مجهولة في الماضي الذي انتشرت معتقداته هذه ولاقت فيه رواجاً كبيراً.
إن عملية التجميل هذه لن تأتي بثمارها المطلوبة لأنها لم تكشف عن الوجه الحقيقي للمعتقدات، فهي قد سترت العيوب والخبايا ونظفت الخارج في حين أن الداخل والجوهر بقي قبييحاً وربما ما زال سماً قاتلاً، لذلك فإن عملية تعرية المعتقدات وتشريحها هي من ستكشف عن الوجه الحقيقي الذي ربما يكون رائعاً أو وفي الغالب مشوهاً.
لا يمكن لشجرة ردية أن تصنع ثماراً جيدة والعكس صحيح وهكذا المعتقدات أيضاً، وإنطلاقاً من هنا يكون السؤال المهم لأي انسان صادق وجاد في بحثه هو أين وصلت بي معتقداتي وأين ستسير بي؟ وما هي الصورة التي أظهرتني بها أمام الآخرين؟ ومن هنا يمكن البدء بعملية رمي الكثير من المعتقدات في نفاية الأفكار الغير صالحة للتداول ويكون الإنسان قد خطى أولى خطواته باتجاه إيمان جديد من نوع آخر.
المعتقد الرائع هو ليس ما يقيدك ويرسم لك الطريق ويحدد لك خطواتك وآلية عملك ولكنه ما يقوي لك أجنحتك ويعطيك سماءً شاسعة وبصراً حاداً كي ترتفع وتحلق بحياتك هناك حيث لن تصلك سهام الصيادين ولا شباك الأعداء، وهناك كالنسر في الأعالي ستكتشف معنى أن تعيش حراً وقوياً، فالريح التي تخيف الطيور الصغيرة هي نفسها التي سترفعك إلى حيث تريد.
يتبع،،،،،،
#جورج_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟