|
لم يخسر الكورد في كوردستان تركيا شيئا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2863 - 2009 / 12 / 20 - 17:21
المحور:
القضية الكردية
بعد ان تاسس حزب السلام و الديموقراطية منذ اكثر من عام تقريبا، و اليوم بين كما هو اسم على المسمى بكل مضمونه و تفصيلاته و تلائمه مع العصر و الواقع الجديد و متطلبات اليوم و ما تحتاجه تركيا في المرحلة الراهنة ، ففتح حضنه الدافيء و بفخر و اعتزاز لاعضاء و قيادات حزب المجتمع الديموقراطي بعد انفعال المشكلة التي نتجها قرار المحكمة الدستورية التركية العليا في غلق هذا الحزب، و هم الان بين ظهراني اخوانهم لادامة نضالهم السلمي في سبيل تحقيق اهدافهم العامة و تحقيق اماني المجتمع الكوردستاني في منطقتهم مهما حاول المتعصبين من وضع العراقيل امام مسيرتهم . من يتطلع على الحياة السياسية في تركيا و يعود شيئا من التاريخ و بالذات الى بدايات السبعينات القرن الماضي و كيفية اداء الصراعات المتشابكة بين الجهات المسيطرة حينئذ و دور السلطة فيها ، منذ ظهور الشباب اليساريين و الاسلاميين الاصوليين و منظمة الذئاب الغامقة و كيفية استغلالهم في الوقوف ضد بعضهم من قبل السلطة ، ففي المراحل الاولى دعمت الحكومة الحركة الوطنية الفاشية و منظمة الذئاب ضد اليساريين ، و بعد ذلك انقلب الاية و دعمت حكومة الاجويد اليساريين باعتبارهم يميلون الى اليسار، و هكذا من اجل استمرار سلطتهم استغلوا هذه المنظمات . و شهدت تركيا التشدد و القمع بين الجهات المختلفة، و خلال عقد واحد فقط تغيرت عشر حكومات تركية جراء فشلها في السيطرة على الاوضاع ، و انتهت الحال بانقلاب 12 ايلول 1980 و اخذت القوة العسكرية و الجيش تنفذ الاجراءات و الحالة الطارئة في البلاد، و بتدخل الانقلابيين العسكريين و تغييرهم للدستور جعلوا حلول المشاكل صعبة ،و استدامت العوائق امام تغيير الدستور الى اليوم و باشكال مختلفة ،و هذه اكبر نقطة ضعف للدولة التركية من الجوانب السياسية و الدستورية، و عائق كبير امام انضمام تركيا للاتحاد الاوربي بهذه الحال التي نراها. و هكذا وصلت الحال و الوضع السياسي العام الى حافات الانهيار في اكثر الاحيان، لحين وصول حزب العدالة و التنمية الى سدة الحكم و سيطرته شبه الكاملة على مؤسسات الدولة عدا جوانب قليلة و هي التي تعتبر ثغراتها في التعامل مع الاحداث و المستجدات التي تظهر على الساحة الداخلية و الدولية، و خطت الدولة ما يمكن اعتبارها خطوات جادة في توحيد المجتمع التركي المشتت، و الاقتراب من ضمان حقوق المواطنة شيئا ما وقطع الطريق امام الانقلابات العسكرية و تكرارها بقدرته الذاتية و كشفه للمحاولات العديدة من هذا الجانب خلال مدة حكمه، الى ان وصلت المتغيرات الى مرحلة تم فيها طرح خطة و برامج الانفتاح من اجل السلام و الوئام بين مكونات الشعب التركي، و لم يقف المعارضون ساكتا او مكتوفي الايدي في اعتراضاتهم و ردودهم السلبية و عملوا على اجهاضها، و اخيرا استغلوا ثغرة المحكمة الدستورية العليا في شل خطة هذا الحزب، بعد ان تاكدوا انهم لم يتمكنوا من مقارعة الحزب الحاكم و مواجهته فاستغلوا الشريك الرئيسي السلمي في الخطة و اصدروا قرارا لغلق حزب المجتع الديموقراطي من باب المحكمة الدستورية و بحجج واهية و بدعم الجيش و اصحاب النفوذ، و هذا ما يدع الحزب الحاكم قبل غيره ان يفكر مليا و يعيد النظر في كيفية تنفيذ خطته و اتمام الجراءات المطلوبة لاحلال السلام و تحقيق نجاح الخطة و ازالة العوائق المتبقية امامها، و التي لا تتم الا بتغيير بنود الدستور المعرقلة و قطع الطريق امام تدخل العنصريين و المتعصبين في سبيلهم و امام نجاح عملهم و تحقيق الاهداف السامية التي يحملونها. و هنا كان من الواجب على الجميع اتخاذ الخطوات الصحيحة لصد الموآمرات و الاجندات المصلحية الداخلية واولاها اتخاذ قرار عدم الانسحاب من البرلمان التركي من قبل اعضاء حزب المجتمع الديموقراطي وكما فعلوا اخيرا و تحملوا المسؤولية المنتظرة بالتواضع بعيدا عن المصالح الشخصية و اصروا على ادامة سياسة السلم و فرضها على الاخر . و جاء دور الحزب الحاكم و المنظمات المدنية و الانسانية التركية و العالمية في تقدير موقف السياسيين الكورد في خطواته العقلانية ، و على حزب العدالة و التنمية بالذات وضع النقط على الاحرف في خطته و في سياسته لتطبيق مراحل الانفتاح و التعايش السلمي و العمل على الوقوف ضد توجهات المحافظين المتشددين و المتعصبين و ما ينوون في وضع العصا في عجلة السلام و الامن و الديموقراطية الحقيقية التي تفيد الجميع . و من جهة اخرى على الحزب الحاكم ايضا عدم البحث في الحصول على الانجازات الحزبية و ازدياد حجمه و استغلال هذه الفرصة و من باب غلق حزب المجتمع الديموقراطي محاولا امتداد نفوذه على حساب هذا الحزب الذي اثبت انه الممثل الحقيقي للشعب الكوردستاني، و سينضم جميعهم دون استثناء الى حزب السلام و الديموقراطية، لا بل سيلتف غير المنتين ايضا حول هذ الحزب لنجاح خطة السلام ، لا بل على الحزب الحاكم الاستمرار في دعوته لتطبيق خططه لضمان استقرار البلاد و بسط السلم و الامان على الساحة و الاقتراب من باب الاتحاد الاوربي الذي يفيد استراتيجيته. و على الاحزاب و المنظمات المدنية و الانسانية في اوربا و العالم و المحبين لخير الانسانية بيان دعمهم للديموقراطية و الحرية المنشودة التي تثبت اسس المجتع المدني و تجسد السلام و الاستقرار الاقليمي و العالمي ايضا. لابد ان نذكر ان قرار غلق حزب المجتمع الديموقراطي انعكس ايجابا على شعبية هذا الحزب و اجتمع المجتمع الكوردستاني حوله و احتضنوه و قدموا الدماء من اجله و انه سيديم نشاطه السياسي ضمن حزب السلام و الديموقراطية ، و لم يبق لقرار المحكمة التركية الا التاثير على سمعة الدولة التركية في المحافل الدولية بالسلب طبعا، لا بل ازداد هذا القرار من وحدة و تراصف الشعب الكوردستاني ، و به يمكننا القول ان السحر قد انقلب على الساحر ، و حظر العمل السياسي على عدد من السياسيين لن يؤثر كثيرا على مجتمع ملاييني العدد و يحوي على العدد الغفير من العقول الكبيرة . اذن ربح الكورد في كوردستان تركيا القضية و سيديمون نضالهم و يحققون اهدافهم و امنياتهم مهما طال الزمن .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما يحمله المتطرفون يزيحه العراق الجديد
-
الديموقراطية التركية امام مفترق الطرق
-
الحوار منبر لليسار الواقعي ايضا
-
استئصال البعث بمحو فلسفته ومضمونه و اثاره و ليس باشخاصه
-
الجهات السياسية بين الواقع و التغيير المطلوب
-
المعارضة البديلة للحكومة الاصيلة
-
من يستهدف الصحفيين في العراق ؟
-
النظر الى قضية الحوثيين بعيون انسانية بحتة
-
اعيد السؤال، لماذا أُرجيء التعداد العام لسكان العراق ؟!
-
ماطبقت في اليابان و المانيا لا يمكن تكرارها في العراق
-
لماذا الانتقائية في مقارنة فدرالية العراق مع دول العالم
-
كيفية التعامل مع عقلية الاخر لتطبيق مادة 140 الدستورية
-
ضرورة تجسيد التعددية الحزبية في العراق ولكن!
-
هل تثبت تركيا مصداقية سياستها الجديدة للجميع
-
المركزية لا تحل المشاكل الكبرى بل تعيد التاريخ الماساوي للعر
...
-
من يمنع اقرار قانون الانتخابات العراقية
-
لازالت عقلية الواسطي منغمصة في عهد ذي القرنين
-
هل بامكان احدما اعادة البعث الى الساحة السياسية العراقية
-
فلسفة التعليم في العراق بحاجة الى الاصلاحات و التغيير
-
تكمن الخطورة في تصادم استراتيجيات الاطراف العراقية
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء تفجير أجهزة الاتصالات في لب
...
-
مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة يصف المندوب الإسرائيلي بالـ-مه
...
-
ظهروا -جاثمين ونصف عراة-.. حقيقة -صورة صادمة- لمهاجرين في ال
...
-
وزير الإعلام اللبناني: الحكومة باشرت على الفور اتصالات مع ال
...
-
منظمة العفو الدولية تتهم سلطات تونس باعتقال العشرات وتصعيد ح
...
-
مسؤولون عسكريون إسرائيليون: نتنياهو يعطل الاتفاق ونخسر الحرب
...
-
كابوس نتنياهو.. هل تُدان إسرائيل بجرائم الحرب والإبادة؟
-
الطرد أو القتال في غزة.. مصير طالبي اللجوء الأفارقة بإسرائيل
...
-
هل يمكن إنقاذ السودان من -المجاعة-؟
-
اعتقال 3 يشتبه في تورطهم بأنشطة لـ-داعش- في فنلندا
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|