رعد الحربي
الحوار المتمدن-العدد: 2863 - 2009 / 12 / 20 - 02:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الناحيه النظريه الاتفاقيات الدوليه هى احدى واهم وسائل التنسيق وتنظيم شروط العمل المشترك فيما بين كتلتين او طرفين او دولتين او اكثر , متساوتين او مختلفتين وليس بالضروره حيث يسعى كل طرف منهما الى صيانه وحصانة وحفظ ورعاية مصالحه الخاصه وضمن الاطرالتي يتفق عليها حسب القوانيين الدوليه والمحليه مع وجوب الاشاره هنا الى وجود بعض الشواذ او الحالات الاستثنائيه لظروف انيه طارئه يتم الاتفاق عليها مبدئيا بين هذين الطرفين تكون قابله للتغير في المستقبل ... اما من الناحيه التطبيقيه فان الاتفاقيات تاخذ بعين الاعتبار مبدا مهم واساسي في التعامل الا وهو مبدا القوي والضعيف , التابع والمتبوع ,حسب المبداء السياسي الا وهو التبعيه الاقتصاديه او السياسيه او التكنلوجيه او التجاريه فالقوي هو الذي يملي شروطه ويساوم عليها كما هو الحال في الاتفاقيه الامريكيه - اليابانيه بعد انتهاء الحرب العالميه الثانيه والتي لا تزال سائده الى يومنا هذا , وكلما كان الطرفان متوازنان سياسيا واقتصاديا تكون الاتفاقيه مفيده ومتوازنه وعقلانيه لكلا الطرفين .
وتجدر الاشاره هنا الى انه في عالم المصالح الاقتصاديه لا توجد مفاهيم منح دون مقابل او مجانيه بل هي منح انيه قد تكون على شكل مساعده على اساس ( اليوم اعطيك وغدا اخذ منك الضعف ) فالاستثمار يعتبر من العوامل المهمه جدا في تنميه وتطوير الاقتصاد ومن هذا المنطلق تكون الاتفاقيات عرضه للتغير والتحوير حسب الظروف الاقتصاديه والسياسيه العامه التي يمر بها البلدين او التكتل او مجموعة الدول المعنيه هذه...........
يمكن تقسيم الاتفاقيات الدوليه حسب المفاهيم التاليه :
1- تبعيه سياسيه : وغالبا ما تكون كما في حالة الاحلاف الدوليه مثل حلف وارشو المنحل وحلف الاطلسي والكومنولث وغيرها من الاحلاف او في حالة الاحتلال العسكري او التعاون الاستراتيجي كما هو الحال بين الولايات المتحده الامريكيه واسرائيل وكذلك اشكال الانتداب المعلن منه والمخفي عنه ...
2- التبعيه الاقتصاديه :يكون هذا النوع من الاتفاقيات مرتبطا ارتباطا وثيقا بشروط وعوامل واهداف وخطط التبعيه السياسيه الا في بعض الحالات الخاصه والاستثنائيه منها تبادل المنفعه او طرق واساليب الاستثمارات الخارجيه او تصدير التكنولوجيا الحديثه او استبدال القديم منها بالاحدث او الحديثه حسب الخطط الاستراتيجيه للبلد الاول ....
3- التبعيه التجاريه : وهذه بدورها تكون مرتبطه بالاتفاقيات الاقتصاديه والبروتوكولات الخاصه والعامه وشروطها حيث تعني وتنظم امور التبادل التجاري واستغلال الثروات والموارد الطبيعيه,مختلف السلع والبضائع وخصوصا الاستراتيجيه منها , مختلف الخدمات التجاريه وما يتبعها بهدف تطوير المستويات العامه للبلد الثاني مخلفا وراءه اثارا تبعية كبيره .
عموما تقوم الاتفاقيات على اساس تبادل المنافع والمصالح المشتركه وعلى مبداء الربح والخساره ... ماذا تربح وتجني من هذه الاتفاقيه او من هذا البند وماذا تعطي مقابله في البند الاخر وعلى المدى الطويل والاكثر معرفة بهذه الامور هم انفسهم المفاوضين واللجان الخاصه بها ...
بعد هذه المقدمه البسيطه اود التحدث عن الاتفاقيه الامريكيه- العراقيه والتي يتم التحضير لها, وبكل بساطه فهي تقع تحت ضغوط مفاهيم التابع والمتبوع بعد كل هذه السياسات الامريكيه المسبقه والحلول الامريكيه - الامريكيه المعلنه منها والمخفيه والاستدراجات السياسيه والتحضيرات المسبقه لها من قبل الادراه الامريكيه والا ما تفسير حل كل مراكز التنظيم الاداري والعسكري والانتاجي والتصنيعي ومراكز القوى الشعبيه والحكوميه ابان الاجتياح العسكري الامريكي للعراق تحت ذريعة محاربة الارهاب...!! وليس تحت بند التعاون الثنائي بين الطرفين وتوفير الحمايه السياسيه لما يسمى بالديمقراطيه ..!!! فعراق اليوم هو تحت بند الاحتلال الداخلي وليس الخارجي منه حيث تم استدعاء القوات الاجنبيه والتوسل بها وتقديم كافة التنازلات لها للقدوم الى العراق وقلب دفة النظام الدكتاتوري الظالم فيه مقابل تقديم اكبر التنازلات السياسيه والاقتصاديه والتجاريه للقوات المتتعدة الجنسيات والتي تمثل الجيش الرادع وحامي مصالح الشركات المتعددة الجنسيات في العالم الراسمالي من قبل الاحزاب السياسيه والجهات الفئويه المسيطره على رقاب المواطن العراقي والحاله السائده فيه تحت شعار الصداقه والتعاون وبناء النموذج الديمقراطي ونموذج الاقتصاد الراسمالي المثالي في المنطقه والتي دعت اليه الكيانات والاحزاب والاطراف المسيطره على الحكم حاليا اضف الى ذلك العماله والغباء والعشوائيه السياسيه وعدم الشعور بالمسؤوليه من قبل السلطات السابقه ايضا وبالتحديد منذ عام 1963 وحتى يومنا هذا ... ومن هنا يمكن التكهن والتاكيد على ان الاتفاقيه الامريكيه- العراقيه سوف تقع وتوضع تحت باب التبعيه بكل انواعها واشكالها ولا مجال للتهرب والتنصل منه مهما حصل خصوصا في ظل الظروف الراهنه, حيث ان العراق وفي ظل هذه الظروف الصعبه والقاسيه وما تتراطم على ضفافه من امواج ورياح عاتيه داخليه كانت ام خارجيه فلا مفر لديه من التبعيه السياسيه والاقتصاديه والتجاريه والاستثماريه وعلى المدى الطويل , ففي ظل هذه الاوضاع السائده يكون العراق بامس الحاجه منه الى هذه التبعيه منه غدا خصوصا وانه بحاجة ماسه الى اعادة تنظيم الاوضاع السياسيه, الاقتصاديه والاجتماعيه داخليه كانت ام خارجيه وبناء البنى التحتيه للاقتصاد وهو اليوم بامس الحاجه الى التكنولوجيا الحدثيه والعصريه بعد هذه الاعوام الطوال من الذل والحرمان في ظل الحروب المدمره والحصار الدولي ضده ....!!!! ويجب ان لا ننسى بان هذه التبعيه هي ليست فقط حصيلة دخول القوات المتعددة الجنسيات الى العراق بل هي عملية استمراريه لتحديث الاساليب السابقه للتبعيه والتي تمت من خلال السياسات الخاطئه للسلطات السابقه والمتعاقبه وخصوصا الاخيره منها وعلى مدى 35 سنه الماضيه وعملية استبدالها من تبعيه تجاريه الى اقتصاديه الى سياسيه بحته كما اشرنا سابقا تضم كل انواع التبعيات المعروفه والمبتكره منها لان العراق وبسبب الظروف القتاليه والحربيه امسى من الناحيه العمليه السياسيه ضعيفا جدا لمكوثه وبقاءه وحيدا في النظام العالمي نتيجة الحصار واقتصاديا ضعيفا بعد ان تم استنزاف كافه موارده الطبيعه وصرفها المبذخ على الالة الحربيه الخاسره , وناتج نتيجه امسى العراق بلدا ضعيفا سياسيا واقتصاديا وتجاريا واجتماعيا وثقافيا, فحالة العراق اليوم هي حالة انحلال وتفسخ وتردي بعد الاحتظار ...!!
وما هو مطلوب من القوى السياسيه والعرقيه والمذهبيه والدينيه اليوم هو نسيان الماضي وفتح صفحة جديده من تاريخ العراق الذي كان مشرقا يوما ما ولا بد ان يعود الى اشراقه وعطائه للبشريه اجمع بعد ان يتم حقنه بكميات كبيره من الاوكسجين والمضادات الحيويه والفيتامينات المقويه من اجل النهوض به من كبوته وذلك عن طريق التعاون المشترك وتقديم التنازلات التي يستحقها هذا البلد العظيم وليس للاخرين المتبارين بل من اجل العراق فقط والتخلي عن الانانيه الشخصيه المفرطه والعرقيه والحزبيه... هذه اذا ما كان هدفنا الحقيقي هو بناء وطن حر وشعب حر ومتطور.... ما علينا هو ايجاد المعادله السياسيه الصحيحه للمواطن العراقي ضمن المعادله الدوليه اولا ...المعادله السياسيه الصحيحه للعراق اجمع ... فبدون هذه المعادله لا نفع في اي اتفاقيات خارجيه..فلو تم حساب هذه المعادله على اساس عرقي او طائفي او مذهبي او ديني او حزبي فالنتيجه حتما ستكون الدمار والخراب ما بعد الخراب الاعظم مما يجعل من المواطن العراقي البسيط شحاذا متشردا يطوف ويجوب ارجاء المعموره طلبا في النجاة اولا وطمعا في سبل العيش المتطوره بحثا عن الرفاهيه والسعاده الموهومه والتي هي من نسج خيال المواطن المظلوم الموهوم بالشعارات الرنانه وفي ظل الاوضاع المزريه ..فما يقدمه لك وطنك لا يقدمه لك وطن اخر بكل معنى الكلمه وما يدور حولها من حقوق وواجبات تجاه الوطن وغيره ...!!!!
#رعد_الحربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟