|
ماذا يحدث إذا استيقظت ووجدت أعز ما تملكه يطعن فيه
سامي سعد عزيز
الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 18 - 22:39
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
أثارت تداعيات مباراة مصر والجزائر العديد من الإشكاليات أهم هذه الإشكاليات والتي جذبت انتباهي كمتخصص في دراسات السلام وحل الصراعات هي كيفية التعامل مع المتغير الثقافي والتاريخي وعلاقته بالمنظومة الصراعيه في المنطقة. تنبه إلى تلك النتيجة الهامة الدكتور عمرو الشبكي في حديثة في لقاء نظمه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ضمن فعاليات صالون ابن رشد حول كرامة الإنسان المصري في ضوء تداعيات مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر يشكل المجتمعات مواضيع معينة يضفي عليها القدسية ويصعب عليها المساس بإحدى هذه المواضيع التي تصبح مع مرور الوقت رمزا قوميا وجزاءا لا يتجزأ من منظومة الهوية المجتمعية والفردية التي يستدعيها الفرد في حياته اليومية دون أي استعداد أو توقع لأي هجوم مضاد لهذه المواضع. فتصبح هذه المواضيع بمثابة مقوما من مقومات المجتمع. فهذه الأحداث التاريخية هي عنصر إجماع مجتمعي عام لا يقبل الجدال حوله فهو من الثوابت والأعمدة المجتمعية. يزداد الأمر تعقيدا عندما لا تحدث أحداث تاريخية عاصفة تغير من تلك المقومات أو المنظور لتلك المقومات أو عندما تتخذ تلك الأحداث من قبل المجتمعات الأخرى كعنصر للتدليل على هوية مجتمع بعينة. احد تداعيات أحداث مباراة مصر والجزائر هي عمليات الهجوم والتصريحات النارية الإعلامية من الجانبين المصري والجزائري. امتدي الأمر من غير تنبه إلى حد التطاول على تلك الإحداث الكبرى التي قد تعتبره البلدان إنها بمثابة أحداث صنعت هذه المجتمعات. فتم التطاول على حضارة مصر الفرعونية وكذلك تم التطاول على التاريخ والأحداث التي يعتبرها الجزائريون إنها تعبر عن مجرة حياتهم في الماضي وتحكم تحركاتهم في الحاضر ومصدر للفخر في المستقبل. في الوقت التي تسامحت مصر فيه مع تلك التطاولات في حين ركزت على جوانب أخرى. اعتبر الشقيق الجزائري مثل تلك الأخطاء أمرا لا يغتفر وانه اهانة تخطت حدود المباراة لذلك لزم الأمر أن يكون التعامل مع الأمر بشكل يفوق التعامل مع مباراة. هنا يجب ملاحظة شيء هام هو عدم الاكتراث المصري بالتطاول التاريخي والثقافي والحضاري الذي تعرضت له من جانب الشقيق الجزائري. المصريون لديهم تعددية داخلية وهويتهم تتسم بالتعددية فيها عناصر مختلفة تجمع بين ما هو فرعوني ورماني وقبطي وعربي. على نقيض الشقيق الجزائري إذا يفتقر إلي مثل تلك التعددية التاريخية الأمر الذي ولد لديه حساسية مفرطة لتعرض تلك الأحداث التاريخية والتي تمثل له عنصر الهوية والفخر والتي يعتبرها رمز مقدس لا يعلوه شيء. هذا يدل على أن المجتمعات العربية والجيران العربية لم تحاول جاهدة فهم شخصيات المجتمعية الأخرى ولم تكن لديها اهتمام بدراسات ثقافة الأخر وتم التركيز في كثير من الأحيان على التعامل مع الأخر بعبارة الأخر الغربي. لكن مثل تلك الأحداث تشير إلى أن مفهوم الأخر يتعدى ذلك الأخر الغربي. فالأخر هنا هو أيضا الجار العربي الذي دوما كثر الحديث عنه باعتباره الشقيق ولكن هذا الشقق قد تربى بعيدا بأنماط تنشئة وتطلعات مختلفة. هذه الأقاويل بالتشابه والتآخي بدلا من أن تدفع إلى مزيد من التآلف والتجانس دفعت إلى إهمال الاهتمام بطبيعة الخبرات الثقافية والتاريخية فيما بين هذه المجتمعات وهو الأمر الذي يتعدى بشكل وأضخ العلاقات التنظيمية الرسمية والبرتوكولية بين المجتمعات. وهو الأمر الذي نره جليا ألان بصوره جلية مع تضخم حجم الخلافات العربية العربية. استدعاء الأخر الإسرائيلي والأخر القطري في الحدث كان احد أهم التداعيات التي تشير إلى أن الانفتاح العربي- العربي أشبة ما يكون مستحيل في ظل الإيمان بنظرية المؤامرة التي كثر الحديث فيها عن الغول الإسرائيلي - إسرائيل فوبيا. الأكثر صعوبة هنا أن ظاهرة المؤامرة بدأت تتسع في السنوات الأخيرة لتشمل الأخر العربي. قد لعبت النظم العربية الحاكمة دورا كبيرا لخلق مثل تلك الفزاعات على غرار الغوله او الفزاعه التي تستخدمها الأسرة لتخيف الأطفال لكي يناموا أو ينصتوا للأوامر. أن الأمر في غاية الأهمية لأنة لا يتوقف عند حد التعامل الرسمي بل امتد إلى التعامل المجتمعي ليكشف عورة المجتمعات ويكشف حقيقة الإرادات السياسية العربية التي كثيرا ما تحتمي وراء العروبة لاكتساب الشرعية أو لنصرة منتهكي الحقوق ومجرمي الإبادة الجماعية. الأمر أيضا يستدعينا إلى طرح تساؤل أين هي الدبلوماسية العربية متعددة المسارات على المستوى العربي- العربي. * باحث متخصص في السلام الدولي وحل الصراعات
#سامي_سعد_عزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
واحة الإفلات من المحاسبة والعقاب..! حقوق الإنسان في العالم ا
...
-
الولايات المتحدة الأمريكية والنموذج الإسرائيلي المدني والعسك
...
-
الجمعة السوداء
-
رسوم كاريكاتيرية فوضوية تثير البدوية الثقافية والنزعات الانت
...
-
الفكر الديني بين إرادة التنمية و نزعات الاستقصاء
-
مظاهرات الإسكندرية هي حلقة في مسلسل لعبة الدين والسياسة
المزيد.....
-
-لجنة التحقيق الإسرائيلية الخاصة بهجمات 7 أكتوبر: -الحكومة ف
...
-
ما جحم الخسائر في لبنان وإسرائيل منذ بداية الحرب؟
-
جامعة مصرية تعلق بعد التداول الواسع لفيديو أستاذ يجبر طالباً
...
-
لبنان.. القوات الإسرائيلية تطلق النار بعد ساعات من بدء الهدن
...
-
غرف متفحمة وقصف متتال.. طبيب يوثق غارات إسرائيلية مستمرة على
...
-
لجنة التحقيق الروسية تؤكد مقتل مدنيين في كورسك بصواريخ -أتاك
...
-
رئيس إدارة تايوان يشكو لمسؤول أمريكي -التهديد الصيني المستم
...
-
افتتاح مترو سالونيك الجديد في اليونان بعد 20 عاماً من البناء
...
-
اليوم الـ418 للحرب الإسرائيلية على غزة: وقف إطلاق نار في لبن
...
-
أبرز ردود الفعل على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله
المزيد.....
-
مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
/ سالم سليمان
-
تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني
/ عصام البغدادي
المزيد.....
|