أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إدريس جنداري - أزمة ديون دبي في نقد المقاربة الإيديولوجية















المزيد.....

أزمة ديون دبي في نقد المقاربة الإيديولوجية


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 18 - 18:07
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



عرفت إمارة دبي؛ في الإمارات العربية المتحدة ؛ خلال الأسابيع الماضية هزة اقتصادية؛ نتجت عن تأجيل شركة دبي القابضة سداد الديون المستحقة عليها؛ مما أدى إلى هزات مماثلة في أسواق المال الخليجية و العربية و العالمية .
و هذه الأزمة –و حسب الكثير من المحللين الاقتصاديين- لا تخرج عن الإنهاك الذي يعاني منه الاقتصاد العالمي بمجمله؛ سواء في أمريكا أو في وربا أو في روسيا و الصين واليابان؛ و التي أدت إلى انهيار مؤسسات مالية عتيدة؛ مثل بنك (لمين برادرز) في الولايات المتحدة الأمريكية؛ كما أدت إلى تراجع مهول في مجموعة من الاقتصاديات الصاعدة؛ و التي حققت طفرة نوعية خلال السنوات الأخيرة الماضية؛ و ذلك مثل الاقتصاد الإسباني؛ الذي يعيش على وقع تراجع مهول؛ يؤكد ذلك فقدان ملايين مناصب الشغل؛ و تراجع حكومي غير مسبوق عن دعم المشاريع الكبرى؛ و نفس هذه الأزمة تعرفها دول أخرى في أوربا و آسيا و إفريقيا .
ضمن هذا الإطار –إذن- يمكن مقاربة أزمة دبي؛ رغم أنها –في الحقيقة- لا تصل إلى درجة ما عاشته مجموعة من الشركات العالمية الكبرى؛ التي أعلنت عن إفلاسها أو على الأقل عن تراجع كبير في استثماراتها؛ و ما يؤدي إليه ذلك من تراجع حاد لأسهمها داخل البورصة .
و بشكل مختلف تماما؛ ارتبطت أزمة شركة دبي القابضة؛ التي تملكها إمارة دبي بإجراء هيكلي؛ تقدم عليه معظم الشركات الكبرى في العالم؛ و هو إجراء يرتبط بإعادة هيكلة الديون المستحقة على الشركة؛ و إعادة الهيكلة هذه لا تكون دائما بسبب عجز مالي؛ بل قد يكون إجراء هيكليا يتماشى و استراتيجية الشركة؛ على المدى المتوسط و البعيد .
إلى حدود الآن يكون التحليل اقتصاديا؛ يعتمد لغة الاقتصاد؛ و يسعى إلى تفسير المشاكل الاقتصادية على ضوء المعطيات الاقتصادية المتوفرة . لكن ما نريد أن نتوقف عليه في هذه الورقة؛ يختلف تماما؛ عن هذه المقاربة؛ التي لها –على كل حال- متخصصوها .
و ذلك لأن هذه الأزمة المالية؛ تجاوزت في الكثير من التحليلات (المتحاملة) حدود ما هو اقتصادي؛ و انخرطت في عويل إيديولوجي؛ لا يعبر سوى عن الحقد الدفين؛ تجاه إمارة تنتمي لدولة عربية صغيرة؛ استطاعت عبر شركة دبي القابضة منافسة كبرى الشركات في العالم؛ عبر استحواذها على استثمارات ضخمة؛ في جميع بقاع العالم .
و في الغالب؛ فقد انطلقت هذه التحليلات من رؤية مركزية أوربية-أمريكية؛ تعتقد أن غير الأوربيين و الأمريكيين؛ شعوب بدائية؛ لا يمكنها ن ترتقي إلى مدارج سادة العالم؛ الذين يمتلكون العلم و الأدب و الاقتصاد...و يوزعون منه بالتقسيط حسب إرادتهم.
و أغرب هذه التحليلات تلك التي تجاوزت بشكل مفضوح حدود ما هو اقتصادي؛ و انخرطت في مهاترات إيديولوجية؛ معتبرة أن هذه الأزمة المالية؛ ليست بالعابرة كغيرها من الأزمات التي عاشت عليها الشركات الأوربية و الأمريكية؛ و لكنها أزمة حضارة و عقل و إنسان !!!
فالعقل و منه الإنسان العربي عموما و الخليجي خصوصا؛ من منظور هؤلاء الإيديولوجيين؛ هو فاشل و متأزم بالفطرة؛ و تلك الإنجازات المتحققة ليست إلا صدفة عابرة؛ أما حقيقة العرب؛ و منهم الخليجيين؛ فهي حياة الصحراء و الجمال؛ لا العمارات و القصور و السيارات ... و قد انخرط فن الكاريكاتير ضمن هذه المهزلة؛ مصورا خليجيا يطل من عمارة آيلة للسقوط على خيمة منصوبة في الصحراء؛ و آخر يهم بالنزول من سيارة فخمة؛ و يهم بركوب جمل ...
كل هذه الجلبة؛ لا يمكنها سوى أن تؤكد الانحطاط الذي أصبح يعاني منه الفكر الغربي؛ و الكثير من العرب الذين يدورون في فلكه؛ و الذي يعاني من شوفينية مرضية؛ تدفعه إلى رفض كل آخر مختلف . و إمارة دبي –في الحقيقة- لا تشكل استثناء ضمن هذه الجلبة؛ فنفس الشيء حدث مع الصين؛ عندما دخلت نادي الكبار؛ من منظور حضاري مغاير للمنظور الغربي؛ فقد قامت نفس الجلبة؛ و صدرت التشكيكات من هنا و هناك؛ معتبرة أن الصين؛ لا تمتلك إمكانيات الغرب العقلية و الحضارية؛ التي تمكنها من مجاورته في نادي الكبار؛ فعقل الصيني سحري؛ و نظامه الاقتصادي و السياسي شيوعي؛ و كل هذا يتعارض بالتمام مع المنظور الغربي للحضارة و التقدم .
لقد فضحت-إذن- أزمة دبي كل الادعاءات التي تصدر عن الغرب؛ باعتباره موطن الاختلاف و التعددية؛ و باعتباره اقتصادا حرا؛ و فكرا ليبراليا؛ و نظاما ديمقراطيا.
و لنغتنم فرصة هذا النقاش لنؤكد من جديد أن ما وقع في إمارة دبي؛ يرتبط جوهريا بأزمة مالية؛ و لا يتعداها إلى شيء آخر؛ مثلها في ذلك مثل ما وقع في أوربا و أمريكا و روسيا و الصين و اليابان... و لذلك يجب ألا تتعدى هذه الأزمة حدودها الاقتصادية؛ و يجب أن يقاربها الاقتصاديون؛ من منظور اقتصادي ؛ لأن مجموع هذه التحليلات الإيديولوجية التي تعاني من أعراض مرضية؛ لا تسعى سوى إلى رسم صورة العربي على مقاسها الخاص؛ باعتباره ذلك الصحراوي المتقشف؛ الذي لا يفارق خيمته و ناقته.
و لعل هذه الصورة هي التي رسختها الكتابات الاثنوغرافية؛ و كرسها المستشرقون ؛ و هي الآن تسوق عبر السينما؛ و كل ذلك بهدف تقديم صورة نمطية مزورة عن امتداد حضاري عظيم خرج من آسيا و عم كل أرجاء العالم؛ من إفريقيا إلى أوربا إلى أمريكا .
و لنذكر هؤلاء بأن إمارة دبي؛ في نجاحاتها الاقتصادية؛ لا تشكل استثناء في التاريخ العربي منذ القديم؛ فقد سبقتها إلى هذا النجاح مكة قبل الإسلام؛ و التي كانت ملتقى طرق القوافل عبر العالم؛ و خصوصا بعد التوتر؛ الذي عاشته العلاقات الفارسية الرومية؛ كما تعتبر التجارة من اهتمامات العرب؛ أوصى بها نبي الإسلام؛ و مارسها شخصيا ؛ فلم يكن راهبا معتكفا في دير؛ بل كان يرافق القوافل التجارية منذ نعومة أظافره.
و يمكن في هذا السياق أن نورد الكثير منه الشواهد التاريخية التي تؤكد جميعا أن حقيقة العرب لا تتجلى في الخيام و الجمال و غيرها من مظاهر البداوة ؛ و لكنها تتجلى في النجاح الحضاري الباهر؛ الذي حققوه خلال مرحلة القحط الحضاري على مستوى العالم؛ لذلك فإن دبي ليست استثناء في النجاح العربي؛ و لكنها القاعدة؛ و أزمتها المالية العابرة؛ لا تتجاوز حدودها الاقتصادية؛ مثلها في ذلك مثل باقي الشركات الكبرى المتضررة عبر العالم .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة المآذن في سويسرا في الحاجة إلى نقد مزدوج لثقافة التطرف
- الوضعية السياسية الجديدة لحزب الله ما بين التصريح الحكومي و ...
- وهم وقف الاستيطان المخرج الأمريكي- الإسرائيلي من المأزق
- حول الملف النووي الإيراني- السوري : تصريح البرادعي – الشجرة ...
- طرد الموريسكيين مأساة إنسانية في عز النهضة الأوربية
- تفجيرات العراق الدامية في الحاجة إلى وحدة وطنية
- هل هي بداية انتصار الفياضية و الدحلانية !؟
- الموقف الأمريكي من الاستيطان ما بين الطاكتيك و الاستراتيجية
- ملتقى القدس- جميعا من أجل فضح الهمجية الصهيونية في المدينة ا ...
- المأزق الإسرائيلي : ماذا بعد المصادقة بالأغلبية على تقرير كو ...
- الحوار السوري السعودي.. أية دلالات ؟ أية آفاق ?
- تقرير كولدستون : المخاض العسير
- في مساءلة دعوى شرق أوسط من دون سلاح نووي
- إيران و إسرائيل- الخليج : التحديات الاستراتيجية القادمة
- في الحاجة إلى حوار حضاري متعدد الأقطاب
- في الحاجة إلى تعريب التشيع
- الخصوصية الروحية المغربية : ما بين السنة و الشيعة
- الوهابية و الخومينية صراع استراتيجي بطعم مذهبي
- خطر التشيع و التحدي الاستراتيجي الإيراني
- الشيعة و السنة : المذهبية الدينية في خدمة الإيديولوجيا السيا ...


المزيد.....




- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...
- أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
- أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
- قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
- السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب ...
- نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ...
- اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ ...
- تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
- للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م ...
- مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إدريس جنداري - أزمة ديون دبي في نقد المقاربة الإيديولوجية