أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - المجتمع المدني بين القانونين الوطني والدولي














المزيد.....

المجتمع المدني بين القانونين الوطني والدولي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2861 - 2009 / 12 / 17 - 18:45
المحور: المجتمع المدني
    



ماذا ترّتب اتفاقية فيّينا بشأن التوافق بين القانونين الدولي والداخلي؟ تعرّف المادة الثانية الفقرة (1) أ من اتفاقية فيّينا، المعاهدة الدولية بأنها “اتفاق دولي معقود بين دولتين أو أكثر بصورة خطية وخاضعة للقانون الدولي . . .” وبهذا المعنى فلا يجوز لطرف الاستناد إلى أحكام دستوره أو قانونه الداخلي كمبرر لعدم الوفاء بالتزام دولي تعهد به بموجب المعاهدة، وذلك استناداً إلى مبدأ فقهي عام يقول: إن العقد شريعة المتعاقدين .

إن وجهة النظر هذه تطرح مسألة العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي، وهي مسألة غالباً مايتكرر طرحها بالارتباط مع (المادة 46) من اتفاقية فيّينا، التي تؤكد “لايجوز للدولة أن تستظهر بأن التعبير عن موافقتها على الالتزام بمعاهدة ما، تم على وجه سينطوي كمبرر لإبطال موافقتها تلك، ما لم يكن هذا الخرق بيّناً ومتصلاً بقاعدة ذات أهمية أساسية من قواعد القانون الداخلي” .

ويلاحظ هنا أن اتفاقية فيّينا اشترطت الخرق البيّن أولاً، وثانياً وهذا يُفهم من مضمون النص، التصرف بحسن نيّة، فبعض الدول يعتبر التنفيذ التلقائي (المشروط بالنشر في الجريدة الرسمية كافياً لتأكيد الالتزام بأحكام المعاهدة الدولية)، والبعض الآخر يؤكد أن ذاتية التنفيذ ليست تلقائية، بل تتطلب إصدار تشريع تنفيذي خاص، والبعض الآخر يؤكد أسبقية القانون الداخلي (الوطني) مع إدماج أحكام المعاهدة به لتأخذ بُعداً دولياً، وهناك بعض الدول، التي تعتبر المعاهدة جزءاً من القانون الداخلي طالما تم التصديق عليها .

وإذا كان موضوع قانون المعاهدات يشكّل سقفاً للعلاقة بين التشريع الوطني والدولي، لا بد من مراعاته كإطارٍ عام، فإن الحق في تكوين الجمعيات Associations، الذي تنصّ عليه مواثيق حقوق الانسان، يشكّل نقطة احتكاك أو اشتباك تحاول فيها بعض الحكومات التحلل من التزاماتها المنصوص عليها في العديد من الاتفاقيات والمعاهدات التي وقّعتها، ناهيكم عما تنصّ عليها دساتير بعضها، إذ لا يمكن اعتبار أي نظام يتمتع بالديمقراطية من دون كفالة هذا الحق، إضافة إلى الحقوق الأخرى ولو بحدودها الدنيا .

إن حق تكوين جمعيات لها أهدافها ومبادئها وبرامجها وتوجهاتها وأسماؤها خارج اطار السلطات الحاكمة ومن دون تدخل منها، يعتبر الأساس في إنشاء وتعزيز مؤسسات المجتمع المدني، وبما يوفّر لها شخصية اعتبارية بإمكانها رفع الدعاوى أمام القضاء وتلقّي الاشتراكات والمساعدات والتبرعات، وقد نص الاعلان العالمي لحقوق الانسان، الصادر في 10/12/1948 في المادة (20) على:

1- لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والاجتماعات السلمية .

2- لايجوز إرغام أحد على الانتماء إلى جمعية ما .

أما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في 16/12/1966 والنافذ ابتداء من 3/6/1976 فقد نص في المادة (21) على مايلي: “يكون الحق في التجمع السلمي معترفاً به، ولايجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق، إلاّ تلك التي تُفرض طبقاً للقانون وتشكّل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي” . ونصّت المادة (22) على أن: “لكل فرد الحق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام اليها من أجل حماية مصالحه” .

خلاصة القول: إن هذه الحقوق وماتُرتّب من التزامات على الحكومات والدول، لا يمكن ردّها استناداً إلى مبدأ السيادة التقليدي أو مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، فمع انهيار جدار برلين وتداعي أركان نظام القطبية الثنائية الدولي، بدأ نمط جديد من العلاقات الدولية، وإنْ كان لم يكتمل بعد، ومتناقضاً أحياناً وغير متكافىء أو يكيل بمكيالين ويتعامل بطريقة انتقائية في الكثير من الأحيان، إلاّ أنه رغم كل شيء حدد بعض الملامح الجديدة للعولمة بما عليها من تحفظّات ومساوىء، وهو كثير جداً، وبما لها من مزايا وإن كانت قليلة ومحدودة خصوصاً للقضايا العربية والعراقية، لكنها تبقى مشروطة بحسن الاستخدام والاستفادة السليمة والعادلة من الظروف الجديدة التي خلقتها، إذ لا يمكن إعلان رفضها أو إعلان عدم الدخول في صومعتها حسب، لاتقاء شرورها وآثارها، بمثابة طوق نجاة، خصوصاً أنها أخذت تدخل في جميع مناحي الحياة، في ظل ثورة الاتصالات والمعلومات والعلم والتكنولوجيا .

وإذا كان النظام الدولي “الجديد” قد تكرّس نظرياً في مؤتمر باريس الذي انعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني ،1990 أي بعد اجتياح القوات العراقية للكويت وقبل حرب الخليج الثانية، فإن اتفاقية برلين الموقّعة في يونيو/ حزيران ،1991 قد أكدت بعض المبادىء الجديدة، منها تجاوز مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، الذي نصّ عليه ميثاق الأمم المتحدة (المادة الثانية الفقرة السابعة)، حيث دعت اتفاقية برلين إلى اعتماد “مبدأ التدخل الانساني” مؤكدة “أحقية الدول الأعضاء للتدخل لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان والقوانين الدولية” .

وذهبت الاتفاقية أكثر من ذلك، حين دعت إلى وضع “خطة للطوارىء” وضرورتها لمنع حدوث الصدام المسلّح متجاوزةً مبدأ السيادة التقليدي . وهكذا لم تعُدْ قضية حقوق الإنسان وحرياته، المنصوص عليها في المواثيق والاتفاقيات الدولية، قضية داخلية تحجِمُ الدول والحكومات والمنظمات الدولية عن التدخل فيها، فقد أصبحت ضمن التطور الدولي الراهن جزءًا لا يتجزأ من المبادىء الآمرة، الملزمة، وضمن الاتفاقيات الشارعة (الاشتراعية)، أي المنشئة لقواعد جديدة في القانون الدولي المعاصر، وهو ماذهب إليه مؤتمر فيّينا حول حقوق الانسان الذي انعقد في يونيو/ حزيران 1993 .




#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيفارا وعبدالناصر: أحلام الكبار!كوبا (7)
- محاكمة اسرائيل بين القانون والسياسة
- سعد صالح الضوء والظل -الوسطية- والفرصة الضائعة(ح1)
- الحرب الثقافية في العراق
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (6).. جيفارا وأحمد بن بيلا: العنفو ...
- الاتحاد الأوروبي: هل من وقفة جديدة إزاء -إسرائيل-؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (5).. جيفارا والمباراة المصرية- ال ...
- الحزن الذهبي لرحيل المفكر محمد السيد سعيد!!
- إسرائيل- ومفارقات العنصرية -الإنسانية-
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (4)
- في تجربة الفيدراليات ودلالاتها عراقياً!
- -إسرائيل- أي قانون دولي تريد؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (3)
- بغداد - واشنطن: للعلاقة تاريخ
- الانتخابات العراقية والحل السحري
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (2)
- ستراتيجية أوباما: قراءة في الثابت والمتغيّر
- بغداد - واشنطن: الحوار حول المستقبل
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (1)
- 5 اتجاهات إزاء الفيدرالية في العراق


المزيد.....




- الأونروا: لم تدخل أية مساعدات إلى قطاع غزة منذ 2 مارس الماضي ...
- الأونروا: لم تدخل أية مساعدات إلى غزة منذ 2 آذار الماضي
- مبعوثة الأمم المتحدة تسلط الضوء على صراعات ليبيا الأمنية وسط ...
- للجزائر الاضطراب زائر
- الولايات المتحدة.. احتجاجات جامعية ضد استهداف ترامب للمنح وح ...
- خليل الحية: حماس مستعدة لإطلاق سراح جميع الأسرى مقابل وقف ال ...
- برنامج الأغذية العالمي يوقف شحنات المواد الغذائية إلى مناطق ...
- حماس تتحدث عن مفاوضات الرزمة الشاملة وإطلاق الأسرى.. ماذا تت ...
- -حماس-: مستعدون للإفراج عن جميع الأسرى مقابل وقف الحرب وإطلا ...
- الأونروا: لم تدخل أية مساعدات إلى قطاع غزة منذ 2 آذار الماضي ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - المجتمع المدني بين القانونين الوطني والدولي