جورج فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2861 - 2009 / 12 / 17 - 15:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يولد الإنسان وقد ورث في الغالب معتقداته من بيئته، حيث تبدأ عملية زراعة وحشو هذه المعتقدات فيه منذ نعومة أظفاره والتي ستعمل على تحديد طريقة تفكيره وتحليله للأمور والطريقة التي يرى بها نفسه والآخرين ما سيحدد طريقة تعامله وتفاعله مع كل ما يحيط به.
تشكل هذه المعتقدات بعضاً من الخطورة عندما تعمل على تثبيط عقل الإنسان وإيقافه عن العمل، وتبليد مشاعره الإنسانية وربما قتلها، وإطلاق غرائزه بطريقة عشوائية غير منضبطة، فيصبح بذلك كائن فاقد للعقل وللمشاعر وللإرادة ولا يمكن في هذه الحالة وبأي حال من الأحوال تسميته إنساناً (فمن يمتلك تسمية لهذا الكائن فمن الممكن اقتراحها).
ولكن تكمن الخطورة الحقيقية عندما تعمل هذه المعتقدات على تخريب الإنسان وقلب المفاهيم لديه وعكس آلية العمل المفترضة فتصبح الغرائز هي القائد الأعلى والمسيّر لهذا الكائن الحي ليأتي العقل وينتج المبررات وفق معايير مغلوطة مقلوبة ومنطق معوج لا يمت للسليم بصلة وذلك ليعطي تلك الغرائز شرعية ومصداقية وقوة تبدو منطقية في حين أنها تخديرية لصاحبها، ثم تأتي القوة الدافعة متمثلة بمشاعر الرفض تجاه الآخر والكراهية والحقد والغيرة بدلاً من قبول الآخر والتعاطف والمحبة وكل المشاعر النبيلة، وبهذا يتحول هذا الإنسان إلى ما يشبه القطار الذي يسير وفق خط محدد لا يستطيع أن يخرج عنه حتى ولو أراد ذلك وسيبقى هذا القطار يسير بسرعة هائلة دون توقف بسبب وقود الكراهية وعدم وجود مكابح للضبط داهساً كل من يقف في طريقة مقابل بلوغ هدفه ولكنه ومع أول انعطاف في مساره وبسبب سرعته اللامنطقية سيخرج عن خط سيره ليحطم نفسه بنفسه معلناً نهاية قطار بشري ظن نفسه آمناً في مساره.
وتتأزم المشكلة الناتجة عن هذه المعتقدات عندما يصبح هذا القطار البشري هو النموذج القويم والكامل الذي على جميع البشر أن يصبحوا مثله لأنه من مطالب الله لكل من يؤمن به وعندها تكون صناعة القنابل البشرية الكونية (لا النووية ولا الهدروجينية) قد بدأت.
يتبع،،،،،،
#جورج_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟