|
حكومة أياد علاوي ربطت المثقف العراقي على كرسي القهر أيضاً ..!
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 868 - 2004 / 6 / 18 - 06:34
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لا أشك أن أغلبية الشعب العراقي قد حفلت بآمال المستقبل القريب بُعيْد تشكيل الحكومة الانتقالية الثانية ..
كثيرون حملوا أكفهم إلى السماء سائلين الله أن يوقف الدموع عن أعين الناس والزفرات من صدورهم . فقد وثق الشعب بأن السير مع حكومة ملتفة حول زيزفون الوطن الواحد هو تشريف للجميع ومكسب للجميع .
فهل قرعت هذه الأماني الشعبية نواقيس اللحن الصافي داخل قاعة الحكومة ..؟
هل قال المثقفون العراقيون كلامهم وقد حوّلهم زمان ومكان الغربة إلى طيور ملحان يتنصتون ولا يطيرون .. يسمعون صليل القيود وهم صامتون ..! المسؤولون العراقيون يكررون وعودهم عن عقد مؤتمر ثقافي وطني يشارك فيه مثقفون من الداخل والخارج للمشاركة في تقرير مصير الوطن وثقافته ومستقبله لكن الوعود سرعان ما تتبخر لأن العشائريين ورجال الدين يقررون ما يشاءون بمعزل عن آلاف المثقفين .
لم تقل حكومة أياد علاوي أنها " حكومة شعبية " أو أنها حكومة منبثقة بتأييد أحزاب الحركة الوطنية ، كما ادعت من قبل حكومة لم يرأسها أحد لكن الجميع اعتبروها حكومة أكثرية بينما جاءت وذهبت ولم تتمكن من إيقاد النار في موقد المطالب الشعبية ..!
أهم ما تتباهى وتتفاخر به حكومة أياد علاوي الانتقالية ، الآن ، هو القول أنها ( حكومة شرعية ) اكتسبت شرعيتها من عنصرين : الأول صدور قرار مجلس الأمن المرقم 1546 والثاني استلامها السلطة من يد قوة الاحتلال الأمريكية – البريطانية كي تقودها وفق الإرادة الوطنية ابتداء من يوم الثلاثين من حزيران .
فهل يزود هذان العنصران الحكومة فعلا بخير الشرعية ورموزها ..؟
لا أظن أن القوة الحرة والشرعية الوطنية يمكن أن تسري في عروق الحكومة من دون توفر عنصرين آخرين : الأول هو أن تتجه الصورة الشرعية للحكومة نحو التمسك بالتراث الثقافي الوطني – حسب شروط الشرعية الموضوعة في مرآة ماكس فيبر - والتمسك بالقدرة على انتزاع اليأس المدمر لوعي الجماهير بالتعبير عن رنين الرعد في أعماقها .. بعكس شروط الشرعية وفق رؤى المرحوم كيم أيل سونك التي ما استندت لا على وعي الجماهير ولا على تراث المثقفين ..!!
في الحالتين تتجلى شرعية حكومة أياد علاوي بمقدار ما ( سوف ) تنجزه لصالح الجماهير الشعبية وخاصة الجماهير الفقيرة خلال الشهور الستة القادمة ، ومقدار مراعاتها للخصوصية الثقافية وشخصية المواطن ، ومدى اتجاهها في رعاية دور مؤسسات المجتمع المدني ، وتخليص الوطن والمواطن من جميع الإجراءات والقوانين الاستثنائية التي أوجدها النظام السابق ، وتمهيد الطريق أمام الناس لممارسة الديمقراطية وتشكيل مؤسساتها بحرية تامة .
غير أن هذا التباهي بالشرعية نفسه اصطدم بمواقف بعض القوى الوطنية خاصة ( القوى الكردية ) التي تأخرت في إعلان موقفها من مضامين قرار مجلس الأمن أكثر بقليل من 24 ساعة تغلب فيها الرأي العقلاني الكردي في نهاية المطاف بانتهاج الموقف الليبرالي متحررا من بعض قيود ظهرت بعاطفة سريعة كادت تتصل بأزمة سياسية داخلية – خارجية كبيرة
مع ظهور الموقف الكردي وتبلوره بالتأييد والتعاون مع حكومة علاوي تعزز ركن التعددية والليبرالية والديمقراطية المتصلة بمفهوم بناء المجتمع المدني القائم على الانتخابات والحياة الدستورية في سياقات الحركة السياسية خلال عام 2005 وما بعده. لكن الشرعية تظل ناقصة من دون دور المثقفين وأكثرية المستقلين .
ما يثير الانتباه والشكوك والخطورة أن هناك من يريد أن يستثمر بعض فرص اختلال عدة موازين رئيسية في المجتمع العراقي وفي مقدمتها الميزان الأمني وانعزال قوى الشارع وتشتتها و نجاح بعض محاولات عزل " الثقافي " عن " السياسي " وعن دوره الجماهيري في المشاركة بتنوير دائرة أمور الوطن السياسية وبناء المجتمع المدني بما يخدم تطور المجتمع العراقي نحو السلم الاجتماعي والديمقراطية .
فالقاعدة الاجتماعية لحركات إسلامية شيعية وسنية ظلت غير واضحة المعالم من التطورات الجديدة ومن تشكيل حكومة أياد علاوي وقرار مجلس الأمن فقد جرى تلاعب متنوع الأشكال بالألفاظ من بعض مطلقي التصريحات من الحزب الإسلامي وهيئة علماء المسلمين والفتيان من جماعة مقتدى الصدر.. وبعض قياديي رجال الدين السنة أيضاً ممن قضوا 35 عاماً صامتين عن جرائم صدام حسين .
لقد تأكد ، خلال الفترة التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين ، أن العمل الإسلامي النشط ظل على العموم ، خاصة العمل السني ، يمتد " داخل " و "خلف " الشباب الساخط من ذوي الأصول البعثية القيادية ، من العسكريين خصوصا ، التي خسرت مواقعها ومنافعها السابقة في مناطق سنية محددة تقودها تحالفات عسكرية - عشائرية وفئات من مجتمع الجاهلية تحت قيادة وتوجيه قادة من شيوخ خبثاء .
لعل السؤال الذي يظهر أمام أنظار الجميع هو : هل بإمكان حكومة أياد علاوي ( وهي حكومة طيفية يرأسها ثقافي علماني ) أن تنجو من الحدود النارية التي تحاول الكثير من القوى في الداخل والخارج أن تحرق الحكومة أو تحرق أوراقها الديمقراطية في أقل الحالات . .؟ هل بإمكان علاوي أن يستغني عن كفاءات الدور الثقافي ..!
من يتابع الوضع اليومي الداخلي يجد أن الحكومة المؤقتة الحالية مثل الحكومة المؤقتة السابقة ليست أحادية القطب خاصة ما يخص الحالة الأمنية وهي مثل الحكومة السابقة لا تستند إلى أنوار المثقفين العراقيين خاصة الذين قدرهم أن يكونوا معزولين بالمنافي ..
لكل ناظر تبدو الحكومة العلاوية متعددة الأقطاب فهي واقعة تحت عدة ضغوط داخلية وإقليمية ودولية :
أولا : كثير من القوى السنيّة المعصوبة العينين تضغط باسم التحرر وإرجاع السيادة الوطنية على الحكومة باتجاه دق آسفين بين الحكومة وسلطة التحالف وبين العرب والأكراد .
ثانيا : عدد من القوى الشيعية تريد تحقيق مكاسب طائفية عن طريق استغلال الأصل الشيعية لرئيس الوزراء.
ثالثاُ : الأمم المتحدة تواصل الضغوط بمواقفها السلبية حيث مضى أكثر من عام على تغيير النظام بوساطة حرب دولية مدمرة من دون أن تقدم الأمم المتحدة عونا حقيقيا للعراق ولشعبه الذي يعاني من كوارث عديدة .
رابعا : الضغط المركزي يأتي من دون شك من القطب الأمريكي سياسياً وعسكرياً. ربما هذا القطب بالتعاون مع المحتلين الإنكليز يأتي العقل الستراتيجي لنظرية متكاملة عن حركة السياسة العراقية ليس للمستقبل القريب حسب ( مستقبل الحكومة الانتقالية ) بل مستقبل الدائرة الواسعة في العمل العراقي لبناء الديمقراطية خلال السنوات الأربع التي تعقب قيام الحكومة المنتخبة .
الشيء الذي لا بد من التوصل إليه هو : أن أهم قضية تواجهها حكومة علاوي تتركز حول الخريطة المستقبلية للعلاقة مع الشعب العراقي ، وقواه الوطنية الداخلية خاصة فئات المثقفين .
إذا كانت حكومة علاوي تبحث عن هذه الخريطة فأن النموذج الأكيد لها يمكن أن يتم رسمه بإتقان في المؤتمر الوطني العراقي في تموز القادم لبلورة ليس فقط الأمور المتعلقة بقضية الانتخابات البرلمانية بل وضع خطة معرفية شاملة وإستراتيجية عمل وطني واسعة وعلى رؤية قادرة على ردع احتمالات ظهور منافس للنهج الديمقراطي ( من الداخل أو الخارج ) اعتمادا على بعض نشطاء أعوان النظام السابق لأجل إجهاض الهدف الوطني العام في إقامة دولة ديمقراطية فيدرالية .
هنا نتساءل : هل من حق الشعب العراقي المساهمة مع حكومة أياد علاوي لتحقيق الخروج من الفترة الانتقالية ( شبه المظلمة ) إلى مرحلة الاستقرار السياسي الديمقراطي .. كيف يتم ذلك..؟
هل من حق مؤسسات المجتمع المدني أن يكون لها الدور الفاعل في العملية التحولية .. كيف ..؟
هل من حق" الثقافي " أن يكون بجانب " السياسي " بعلاقات شفافة للمشاركة في بلورة وصنع القرار الموحد تحقيقا للمصلحة الوطنية .. كيف ..؟
مل من حق ثلاثة ملايين عراقي في شتات المنفى أن يتيقنوا أن دورهم في البناء والقرار مصون وطنيا وقانونيا ..على الأقل يجب صيانته كحق من حقوق الإنسان التي يدعو إليها الجميع ..!
هناك ضغوط كثيرة على الثقافي الذي أبعدته الحكومة السابقة والحالية ليس فقط عن تبوأ مركز القرار أوالمشاركة في صنع القرار بل حتى تم أبعاده تماما عن أي شكل من أشكال التفاعل مع قضايا الوطن ويبدو أن الحكومة والأحزاب معا يريدون عزله تماما عن العملية السياسية.
الحقيقة أن مثل هذا العزل يزيد في تفاقم التوتر الوطني حول تدخل الطائفية والمحاصّة في تحديد المناصب الوزارية وغيرها وفي التعددية السياسية مما قد يدفع( التعددية السياسية) إلي الفشل نتيجة انعدام الضوء في صومعة (التعددية ) غير المزهرة في داخل العراق والمبعدة عن جدول الحياة العراقية في خارج العراق . حتى الجهات الرسمية الثقافية لا تفتح أبواب الحوار أمام مثقفي الخارج :
· المثقف في الداخل محبوس عن نور الثقافة العالمية . وضعته الحكومة على قفاه مشدودا لصوت رعد لم يفق منه بعد .
· والمثقف في الخارج لا يسمحون له بفعل الخير لوطنه ..
إنها حكومة السحرة الحزبيين والمحاصّين و الشركاء العشائريين يدفنون الثقافة العراقية بمكان رطب لا نسمع منه غير خشخشة قش ..
السؤال الكبير هو : هل تواصل حكومة أياد علاوي ربط المثقف العراقي على كرسي العزل و القهر أيضاً ..
هل نسمي ذلك خطيئة تدمير غير مقصودة ..؟
بصرة لاهاي في 13/6/3004
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسامير صغيرة 668
-
مسامير صغيرة 667
-
مسامير
-
برقية رشوة من أوراسكوم إلى أياد علاوي
-
مسامير صغيرة 665
-
مسامير صغيرة 664
-
مسامير صغيرة 663
-
مَنْ يتأرجح على حافة البئر يقع فيها ..!!
-
عذراً .. يا لبؤس الديمقراطيين العراقيين ..!
-
مسامير صغيرة 662
-
مسامير صغيرة 661
-
مسامير صغيرة 660
-
مسامير صغيرة 658
-
الصحافة العراقية وفقدان الإرث الديمقراطي ..
-
مسامير صغيرة 657
-
مسامير صغيرة 656
-
مسامير صغيرة655
-
مسامير صغيرة 654
-
مسامير صغيرة 653
-
مسامير صغيرة 652
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|