شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 2859 - 2009 / 12 / 15 - 22:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتبر المسيح تطوراً عظيماً بالنسبة للغول القاسي من العهد القديم ,,,
لا يمكن أن ننفي ذلك من ناحية الأخلاق .,,,
بالتأكيد كان المسيح أحد أعظم المبتكرين للأخلاق على مدى العصور,,,
/ نحنُ هنا ليس بصدد كون المسيح حقيقة أم أسطورة كما يذهب البعض وهذا ليس موضوع نقاشنا في هذه المقالة / ,,,
الخطبة من رأس الجبل سبقت عصرها بكثير ... إدارة الخد الآخر ... سبقت غاندي ومارتن لوثر كينغ بألفي عام ,,,
تفوق المسيح الأخلاقي يعتبره داوكنز الملحد دعم للنقطة التي يدعو إليها داوكنز نفسه ,,,
وكيف ذاك ؟
يقول داوكنز :
المسيح لم يأخذ أخلاقياته من الكتاب المقدس الذي تربى عليه بل أنه أبتعد عنه كثيراً ,,,
أهمل موضوع السبت ,,,
السبت صنع من أجل الإنسان ولم يصنع الإنسان من أجل السبت ,,,
هذا مثال متداول لتلك المقولة ,,,
رسالة المسيح الأساسية هي أنه علينا ألا نأخذ أخلاقياتنا من الكتاب المقدس ,,,
يستحق المسيح أن نقلده ميدالية على تلك الرسالة ,,,
ولكن ما هو موقف المسيح بالنسبة للعلاقات العائلية ؟
يقول داوكنز :
علينا أن نعترف بتقصيره حتى مع أمه ,,,
لماذا ؟ لأنه شجع تلاميذه أن يتركوا عائلاتهم ويتبعوه ,,,,
/ هذا أيضا نجده عند النبي محمد عندما قال ما معناه : من كان أمه أو أبوه أحب إليه مني / ,,,
أي أن النبي محمد قد أقتبس ما جاء عن المسيح وبلفظ مختلف ولكن لمعنى واحد ,,,
ماذا يقول المسيح :
/ لو أن رجلاً آتى إلي و لا يكره أباه أو أمه وزوجته وأطفاله وإخوانه وأخواته وحتى حياته نفسها / لا يمكن أن يكون تلميذي / ,,,
جوليا سويني كوميدية أمريكية عبرت عن حيرتها إزاء ذلك :
عندما قالت : دعنا نترك الإله / أليس هذا ما يفعله الطائفيون ؟
يجعلونك ترفض عائلتك ليغرسوا أفكارهم في رأسك ,,,
ومع ذلك فإن تعليمات المسيح الأخلاقية مقارنة مع الأخلاقيات الكارثية للعهد القديم :
مثيرة للإعجاب ,,,
هناك أسئلة ؟
ما هو لب العهد الجديد ؟ أي الفكرة المركزية المسيحية ,,,
غفران الخطيئة الأصلية ,,, أسمها الحقيقي خطيئة الأسلاف / القديس أوغستين هو الذي استخدم هذا المصطلح ,,,
غيزا فيرمس في كتابه / الأوجه المختلفة للمسيح / يقول :
الخطيئة الأصلية بحد ذاتها أتت من العهد القديم ,,, ومن أسطورة أدم وحواء وارتكابهم الذنب ,,, بأكلهم من الفاكهة المحرمة ... ( تبدو بسيطة وتستحق بعض التوبيخ ) ,,,
ولكن الطبيعة الرمزية للفاكهة / المعرفة للخير والشر والتي أصبحت عملياً المعرفة بأنهما كانا عاريين / كانت كافية لتحويل تلك السرقة الطائشة لتصبح أماً وأباً لكل ذنب / هم وكل نسلهم حرموا للأبد من جنات عدن / ومنعت عنهم الحياة الأبدية / ولعنوا الأجيال و العمل الشاق في الحقول وألم الولادة على التوالي /
( أي ذنب وأي عذاب عظيم هذا ؟ ) ,,,
إن من المثير للتساؤل عندما تمعن التفكير أن الديني يتبنى أداة للتعذيب والإعدام كرمز مقدس ,,
وتلبس غالباً حول العنق ,,,
ليني بروس قال :
لو أعدم المسيح قبل عشرين عاماً سيلبس أطفال المدارس الكاثوليكية كراسي إعدام كهربائية صغيرة حول أعناقهم عوضاً عن الصليب ,,,
ذنب أدم وحواء يبدو وكأنه ورث عبر سلالة الذكور مروراً عبر الحيوانات المنوية ,,,
يقول ريتشارد داوكنز :
ما تلك الفلسفة الأخلاقية التي تلقن كل طفل حتى قبل أن يولد ليرث ذنب سلف بعيد له ؟
المسيحية ركزت بشكل كبير على الذنب – الذنب – الذنب ,,,,
يقول سام هاريس :
شغلكم الشاغل هو القلق بسبب أن خالق الكون لا يقر بالأشياء التي يؤديها الناس وهم عراة ,,
ذلك التزمت هو مساهمتكم اليومية تجاه البؤس الإنساني /,,,
لقد تجلى الإله في هيئة إنسان ,,, المسيح ليتعذب ويعدم كتفكير / عن خطيئة أدم المتوارثة ,,
منذ أن نشر بولص تعاليمه بدأت عبادة المسيح كشفيع لكل خطايانا وليس فقط خطيئة أدم في الماضي ؟ وكذلك الخطايا المستقبلية / لا يهم إن كان سكان المستقبل سيفعلونها أم لا ؟ / ...
روبرت غرافيس في قصته الملحمية / الملك المسيح /
أن المسكين يهوذا قد حصل على سمة غير عادلة تاريخياً ,,,
لماذا ؟ لان حياته كانت ضرورية للمخطط الكوني ,,,
يمكن قول نفس الشيء بالنسبة لقتلة المسيح ,,, عندما يريد المسيح أن يخان ويعدم لأجل أن يخلصنا جميعاً ...
يقول داوكنز : فهل من العدل أن يحمل هؤلاء المخلصين البغضاء ليهوذا عبر التاريخ ؟
يدعي يهوذا بأن المسيح قد طلب منه أن يلعب هذا الدور / كل شيء كان جزءاً من الخطة لصلب المسيح حتى يستطيع تخليص الإنسانية ,,,
/ لو أراد الله أن يغفر ذنوبناً لماذا لا يغفرهم وحسب , بدون أن يتعذب ويعدم بالمقابل ؟
وكنتيجة لتلك الحادثة بسبب اللعنة للأجيال القادمة من اليهود ليقاسوا المذابح المدبرة والمضطهدة لأنهم قتلة المسيح ,,,
/ هل انتقل الذنب خلال الحيوانات المنوية أيضاً ؟ /
العالم اليهودي غيزا فيرم يقول أن بولص كان منقوعاً بالنظريات الدينية اليهودية القديمة ومبادئها عن أنه / لا غفران بدون دم / هذا ما جاء في رسالته للأحبار 22 : 9 ,,,
على أي حال لا يملك المرء إلا أن يتساءل ؟ من ذا الذي أراد الله أن يثير الانطباع لديه ؟
ربما هو نفسه – الحاكم – و المحكوم – وضحية الإعدام – والمخلص – أدم الخائن المفترض الذي اقترف الخطيئة الأصلية ؟
/ هل قصة أدم وحواء رمزية ؟ /
وإذا ما كانت كذلك فهل نسأل :
لأجل ماذا ؟
لأجل أن يثير المسيح الانطباع المؤثر في نفسه / فقد عذب وأعدم نفسه في عقوبة مريعة / لأجل ذنب رمزي أرتكبه فرد لم يوجد أصلا ؟؟
ملاحظات:
لماذا كتاب ريتشارد داوكنز / وهم الإله / وهذه هي المرة الثانية التي أذكر فيها ذلك ولكن ليس بهذا التعميم
- في يوتيوب التمدن هناك فيلم من 25 جزء تم تعميمه من قبل الحوار على الجميع بعنوان / أصل الشرور / بالإضافة إلى أنه كان معروضاً في صفحة اليوتيوب ولعدة أيام .
- بعد وصول الفيلم لجميع الكتاب عن طريق الحوار قام الأستاذ رعد الحافظ بكتابة مقال حول أجزاء الفيلم .
- بعد عرض المقالة في الحوار حول الفيلم أرسل أحد السادة الكتاب المعروفين رابط كتاب / وهم الإله / للأستاذ رعد الحافظ لوجود علاقة بين الفيلم والكتاب.
- أعلن الأستاذ رعد ذلك في المقالة الأولى عن داوكنز وطلب في مقالته أن يتم تناول الكتاب على شكل حلقات بالتعاون معي . فبدأنا بالنشر .
- إذن الموضوع ليس عبارة عن ترويج من قبلنا لمفاهيم معينة لسبب بسيط وهو أن الفيلم والكتاب على صفحات الانترنيت وبإمكان أي شخص أن يشاهد ويقرأ ذلك .
- من وجهة نظرنا المقالات أسهل للمتلقي ولقد لقيت تجاوباً كبيراً عند النشر ومن خلالها نستطيع الربط بين ما ورد في الكتاب وبعض المفاهيم التي نتبناها .
- الجميع يعلم ومن خلال ما نكتبه أننا لم نتعرض في أي مقالة لأي نبي بالاسم .
- ونحن أبعد ما نكون عن الإساءة لمعتقدات الآخرين .( النقاط تخصني وتخص الأستاذ رعد الحافظ وما ينطبق عليَ ينطبق عليه ) .
- أنا مسلم – سني – عربي – أكثر كتاباتي أتعرض فيها لنقد أحوال المجتمع والدين الذي أنتمي إليه من خلال بعض المفاهيم التي أومن بها وغايتي أن الدين شأن فردي وأنا أحترم جميع الذين يؤمنون بذلك .
- من يجد في نفسه الكفاءة للرد على ريتشارد داوكنز ونقض مفاهيمه عليه أن يبدأ فوراً بذلك وهذا حق للجميع وعلى شكل مقالات أو كتاب مستقل .
- لا يوجد اتصال شخصي بيني وبين الأستاذ نادر قريط ومعرفتي بالرجل عن طريق الحوار المتمدن وعلاقتي به مقطوعة منذ أشهر بسبب تعليق صدر منه ورددتُ عليه علماً بأنه هو البادئ والبادئ أظلم . إلا أن هذا ليس معناه أن أقبل التشنيع على أحد ومن خلالي لان هذا ليس من الأخلاق فالأستاذ نادر قريط صاحب قلم ممتاز وكاتب مثقف من أعلى طراز وهذا رائي الشخصي بالرغم من اختلاف وجهات النظر بيني وبينه .
- كنتُ أتمنى أن تكون الردود على مقالتي / نوح ولوط / لا أن تكون في زوايا مظلمة فنحنُ صريحين ونكتب أمام الجميع بدون تردد وخشية من أحد و لا نتعامل بالظلمة .
- المتدينين بكافة انتمائهم يسقون من ماء واحد لا يخرجون عن تعصب أعمى مغروس في أعماقهم / كل حزب بما لديهم .... / كل يدعي وصلاً بليلى وليلى ......
- أنا كتاباتي واضحة واحترم الجميع وخصوصاً أخواني المسيحيين وهم أعلم بذلك وأنا دائماً ما أتلقى الاتهامات والانتقادات من قبل أبناء الدين الذي أنتمي إليه حتى وصلت إلى حد أنني / صليبي / .
- هذا ما أحببتُ أن أشير إليه حتى لا يفهم من يفهم أنني أقصد مجموعة معينة بشكل شخصي فأنا أبعد واحد عن الشخصنة في المواضيع .
- بغير النقاط الواردة أعلاه نسمع جعجعة و لا نرى طحناً وإدعاءات فارغة لا تسكن إلا في عقول أصحاب الحقيقة المطلقة البعيدة عن الواقع بعد المشرق عن المغرب .
- المتدينين يقولون لا يحق للدكتورة وفاء سلطان والدكتور كامل النجار أن يكتبوا وينتقدوا الإسلام لكونهم لا يعلمون بالقرآن والسنة / وشخص واحد / يقول لا يحق للعالم ريتشارد داوكنز أن يكتب عن الكتب المقدسة لأنه لا يعلم باللاهوت ؟ إذن نحنُ أمام قلة يجب على الجميع أن ينقادوا تحت لوائهم بحجج واهية وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور وأننا من القردة والخنازير ... يا لسخافة وسذاجة تفكيركم أيها المتدينين ومن جميع الأصناف .
- كل عام والأخوات والأخوة المسيحيين بألف خير بمناسبة عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية وسوف نحتفل معهم وسوف نقدم لهم التهاني بالمناسبتين .
- كل عام والبشرية بألف خير ومحبة .
- سوف أختم معكم بما يلي :
- إنه من خصائص طبعي أن أكون ليناً ولطيفاً تجاه جميع الناس ,, إنه حقي أن لا أقيم فوارق ..... نيتشه ...
- ( ألقاكم على خير ) .
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟