سمير محمود
الحوار المتمدن-العدد: 2864 - 2009 / 12 / 21 - 00:10
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
لم أصدق اذنى لدى سماعى قائمة طلبات مدير المدرسة حتى يمن علينا بقبول ابنتنا برياض الأطفال(1kg)،ما بين تبرع مالى أوشراء تكييف لحجرة سعادته،وذلك رغم انطباق شروط القبول تماما على كريمتنا ورغم اجتيازها ومعها والدها كاتب هذه السطور ووالدتها اختبار المقابلة الشخصية.
مدير المدرسة ردد مطالبه السابقة دون حرج،وإلا فنحن بحاجة إلى معجزة إلهية لقبول إبنتنا بالمدرسة الحكومية.
سألته:وما العمل؟
باقتضاب رد:تأشيرة من وزير التربية والتعليم وربنا يسهل؟
قلت إدخال طفلة رياض الأطفال يحتاج تأشيرة وزير؟
بامتعاض أجاب: سنضعها على قائمة الانتظار لحين وصول التأشيرة.
دخت السبع دوخات وحصلت على تأشيرة وزير التربية والتعليم،يترجى فيها المدير الحاق ابنتى بالمدرسة التى تخضع لسلطة الوزير مباشرة؟!
من خلف نظارته رمقنى المدير وقال: هذه التأشيرة مضروبة لا تنفع فهى موقعة بقلم نحيف،تأشيرات الوزير الصح عادة ما تكون بالقلم ذو السن السميك.
قلت له مداعبا:سيادة المدير،ربما نسى معالى الوزير قلمه ذو السن السميك،ممكن تعديها،فأصرعلى موقفه ليكشف لى تناقضات بلد تنخرالأمية فى أوصاله،وتدشن فيه الحملات والمبادرات ليل نهار لمواجهة شبح الأمية والتسرب من التعليم.
لم أكن أعرف أن قبول طفلة بأحد فصول رياض الأطفال- تنطبق عليها وعلى أهلها كل شروط القبول- يتطلب تأشيرة وزير أو يتبرع أهلها بدم قلبهم لتتعطف المدرسة وتقبلها.
ادركت أن اعتماد سفير لدى دولة ما،أسهل من ادماج طفلة فى التعليم. خرجت من التجربة وقد عرفت سر خروج قطارالتعليم فى مصرعن قضبان الجودة،وخروج جامعاتنا من قوائم تصنيف الأفضل فى خريطة الجامعات العالمية،وسر تدنى مستوى الخريجين،وسر طول طابورالعاطلين،وسر تأشيرة الوزير السليمة والمضروبة.
لو كنت أعلم أن الموضوع بهذه الخطورة،لأحلت طلب ابنتى إلى رئيس الوزراء،لا إلى رئيس الجمهورية، فالمسألة ليست بالهينة،البنت مقبلة على منعطف تاريخى غير مسبوق،ومرحلة تعليمية حاسمة هى مرحلة الـ(1KG) ولو أننى أصبحت رئيسا للجمهورية على الورق عبر هذه السطور فقط، فسأقبلها وأقبل كل من تنطبق عليهم الشروط للالتحاق بالتعليم،مدشنا حملة شاملة لاتاحة التعليم للجميع باعتباره حقاً دستورياً،دون قيد أو شرط، وسأغير قوانين التعليم البالية التى تضاعف أعداد الأميين بالبلد عاما بعد عام،سواء قوانين تأشيرة الوزير أو تكييف المدير؟!
#سمير_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟