المحظوظون فى مباراة أم درمان

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2858 - 2009 / 12 / 14 - 02:38
المحور: عالم الرياضة
    

من المؤكد أننا لا نرغب فى التعرف على الأسباب الحقيقية التى أدت إلى هزيمة المنتخب المصرى أمام المنتخب الجزائرى فى موقعة أم درمان فى 18 نوفمبر الفائت. يتحدث الجميع عن هذه المباراة غير أن أحدا لم يتطرق إلى الأخطاء الفنية والإدارية. لقد ألقت تداعيات مباراة مصر والجزائر بظلالها على كل شىء فى حياتنا بما فى ذلك النقد الرياضى والتحليل الفنى حيث لم ينصت الجمهور لخبير كروى أو غير كروى يعلق على خطة حسن شحاتة وأسلوبه فى إدارة المباراة ولم يشر أحد إلى أداء الحَكم أو أداء اتحاد الكرة أو حتى جمهور المباراة. اللافت للنظر أن المجال كان متاحا فقط لعاشقى النواح والسباب بعد أن وضع العقل فى صندوق مغلق تاركا الفرصة لشيطان اللغة ليعتلى على أكتاف المتحدثين ورواد الجنائز. قد يتفق معى الكثيرون فى أن الأحداث التى شهدتها شوارع الخرطوم وأم درمان قبل وبعد المباراة قد صرفت الأنظار عن نتيجة المباراة تماما كما حدث فى كأس القارات التى أقيمت فى جنوب إفريقيا فى يونيو 2009م حيث أبلى المنتخب القومى بلاءا حسنا أمام المنتخب البرازيلى الذى فاز بصعوبة 4 مقابل 3 لكن منتخبنا عاد وفاز على ايطاليا بهدف نظيف ثم تلقى هزيمة ثقيلة على أقدام المنتخب الأمريكى. لعل صحف جنوب أفريقيا قدمت خدمة جليلة للفريق المصرى وجهازه الفنى عندما أشارت إلى شائعة مغرضة مفادها أن بعض أفراد الفريق اصطحبوا بائعات هوى إلى غرفهم بالفندق. لقد كانت هذه الشائعة كافية لصرف الأنظار بعيدا عن بحث أسباب الهزيمة الثقيلة التى تلقاها الفريق. ورغم أن عدم التأهل لمونديال جنوب أفريقيا يعد بمثابة سوء حظ إلا أن هنالك أطرافا حالفها الحظ. وعلى حد قول كرم جبر فى جريدة روز اليوسف الصادرة فى 30 نوفمبر المنصرم فإن الجهاز الفنى واللاعبين يعتبرون محظوظين فى موقعة السودان. وفى ظنى أن قائمة المحظوظين ينبغى أن تضم أيضا حكم المباراة واتحاد الكرة والجمهور المصرى.

الجهاز الفنى واللاعبون
لعل الحظ لم يحالف الجهاز الفنى واللاعبين أثناء المباراة لكنه بالتأكيد حالفهم بعد المباراة. لقد كنا نأمل أن نستمع لخبراء الرياضة من أمثال طه إسماعيل وفاروق جعفر وحسن الشاذلى وأبو جريشة حتى نضع أيدينا على الجوانب السلبية فى أداء اللاعبين أو فى خطة المباراة غير أن أصوات الصراخ الهستيرى والشكوى من أحداث ما قبل وبعد المباراة أنهكت القلوب وسلبت العقول. ومن أهم ما جاء على لسان هؤلاء هو أن حسن شحاتة اعتمد على رأسى حربة عمرو زكى وعماد متعب مما كان له اثر واضح فى سيطرة لاعبى الجزائر على وسط الملعب مستغلين الفراغ الذى حصل فى منتصف الملعب. لقد استطاع رابح سعدان السيطرة على مجريات الأمور بعد أن نجح فى إبطال مفعول "رمانة الميزان"، أبو تريكة، الذى اضطر للتراجع للخلف. كما استطاع الحد من خطورة كل من المحمدى فى الجهة اليمنى وسيد معوض فى اليسرى. وبفرض رقابة على صانع الألعاب والهيمنة على منتصف الملعب فإن المدرب الجزائرى استطاع فصل خطوط الفريق عن بعضها. لعل الكثيرين يتفقون مع خبراء الكرة فى أن لاعبى المنتخب المصرى كانوا يفتقدون للياقة البدنية التى تمتع بها لاعبو المنتخب الجزائرى. أما بالنسبة للهدف الوحيد الذى أحرزه عنتر يحيى فإن الحضرى لا يُسأل عنه غير أن الخطأ الدفاعى واضح حيث لم ينتبه أحد للاعب الجزائرى الذى وجد الكرة أمامه فى مواجهة المرمى.

حكم المباراة
من الواضح أن حكم المباراة لم يتأثر بالجمهور الغفير للجزائر، إذ لم يكتف باحتساب فاول فى الثوانى الأولى من بداية المباراة بل سارع بإخراج الكارت الأصفر للاعب الجزائر ونجح بالفعل فى إدارة المباراة وخرج بها إلى بر الأمان. وفى رأى أن الحكم محظوظ لأن أحداث ما بعد المباراة صرفت عنه الأنظار والأقلام والألسنة الفضائية.

اتحاد الكرة
لا شك أن اتحاد الكرة المصرى أيضا محظوظ لتركيز الإعلام على أحداث ما بعد المباراة حيث كانت الشماعة جاهزة لتعليق الأخطاء التى وقع فيها القائمون على شئون الكرة، وللتغطية على الأداء الهزيل لهذا الاتحاد والذى يبدو واضحا إذا ما قارناه بأداء الاتحاد الجزائرى الذى استغل حادث القاهرة البسيط لحافلة المنتخب الجزائرى استغلالا إعلاميا وإداريا حيث سارع رئيسها باتخاذ التدابير اللازمة لتسجيل الموقف وإبلاغ الفيفا ووسائل الإعلام العربية والأجنبية.

جمهور المباراة
الجمهور اللطيف الذى صاحب فريقنا إلى منتجع أم درمان كان محظوظا ويجب أن يسجد لله شاكرا بأن المباراة انتهت بهزيمة منتخبنا. ولو لا قدر الله فاز فريقنا فى هذه المباراة لتعرض الكثيرون لمذبحة وحشية ولعاد الكثير منهم فى صناديق خشبية.

#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات