|
من أجل وطن - سورية الجديدة
فاضل فضة
الحوار المتمدن-العدد: 867 - 2004 / 6 / 17 - 07:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
على متن طائرة زمنية بلا حدود افرغ سواح اخر ما بجعبته وكان ما يلي:
من اجل وطن حضاري، كما كان يوماً في التاريخ وطن الأنسان الذي اخترع الأبجدية وقدم بالزراعة والبناء وطن القيم والإنسان المتسامح، وطن العيش الطيب وطقوس الحياة المتفاعلة نشوة مع الأرض والصفاء والنسيم مع الفصول الأربعة..مع المناخ الأفضل مع المدن التاريخية العديدة مع الجبال والسهول والبحر والصحراء
من اجل سورية، بلاد الشام ومهدها.. نقدم بكل حب وإنسانية، من اقاصي الغربة والحنين رؤيتنا، للوطن الأمثل والأجمل والأفضل سواح
مقدمة:
ماهي الديموقراطية وماهي حقوق الإنسان ، ولماذا تطالب بهم معظم الأحزاب السورية ومنظمات المجتمع المدني؟ ماالفرق بين المطالبة بالديموقراطية وحقوق الإنسان وبين شعارات الوحدة والحرية والإشتراكية، التي شغلت الحياة السياسية السورية والعربية في القرن الماضي ومازالت؟ ألم تكن الحرية حلماً جميلاً لأي فرد ومواطن في الوطن العربي؟ ألم تكن ا لإشتراكية هدفاً نبيلاً يمكن ان يحقق المساواة (النظرية) بين أفراد المجتمع؟ والوحدة العربية، ألم تكن حلماً للجماهير في اصقاع العالم العربي؟
نعم كلها كانت اهداف نبيلة، لكنها كانت بنفس الوقت، الوسائل (الأ د وات) للوصول إلى السلطة السياسية، والتربع عليها، السياسية نظرياً والسلطة التنفيذية عملياً ، ليس في سورية فقط بل في عديد من الدول العربية. نعم بإسم مثل هذه الشعارات الخلابة، اغتصبت الحرية الفردية في العالم العربي، ولم تتحقق الإشتراكية، وتمزق العالم العربي الجديد. كان المنفذ ومازال ، العسكر، وما تولد عنهم من أجهزة امنية واجهزة مخابراتية، لاتعرف معنى الإنسان وحقوقه. دفعهم إلى دخول هذه اللعبة الخطيرة ، المنظرين السياسيي، الذين تخيلوا وبسطحية ، ان تنظيماتهم ومبادئهم ذات تأثير اقوى من تأثير الإرث التاريخي لمفهوم السلطة التقليدى للحكم العربي والأسلامي خلال اربعة عشر قرناُ من التاريخ.
هذا العالم العربي اليوم لم يصنعه العرب ذاتهم، بل هو العالم الذي خططت له ونفذته بريطانيا وفرنسا في مشروع سايكس بيكو. لم تكن خريطة العالم العربي في شكلها المعاصر وليدة العرب انفسهم (وأن وجد مايسمى بالثورة العربية الكبرى، ودور بريطانيا بها) ، لكنها ولدت بعوامل القوة والضعف ونتيجة للخسائر والأرباح في معارك الحرب العالمية الأولى. وكما حدث مع الأمبراطورية النمساوية الهنغارية وتقسيمها انذاك، حدث مع أخر خلافة إسلامية عثمانية. حيث قسمت إلى مجموعة من الدول تركيا وعالمنا العربي بما رافقه من انتداب. واستيقظ بعض المتنورين خلال تلك الفترة، استيقظوا من سبات تاريخي لم تمر به حضارة اخرى. في مجموعة من الأفكار والنظريات السائدة في العالم الغربي، استيقظو ا على فكرة القومية ومنهم من ارادها سورية الكبرى، واخرون عربوها وما تبقى اصر على الأممية. واضافوا إلى ذلك الاشتراكية الإصلاحية، او العلمية المطبقة في روسيا حديثا ، كما علت شعارات التحرر من الأستعمار، الوحيدة الذي تم تحقيقها. وبدأ فصل جديد من علم الكلام الدنيوي، في التاريخ المعاصر، والفت الكتب والمجلدات، عن التقدم والتنمية، عن الـتأميم، والخطط الخمسية المتتلية. بدون ان يكون هناك أية تنمية حقيقة في العمل والنتائج لمعظم الدول العربية، حتى بعض الدول البترولية .
نعم تحررت الدول العربية من الأستعمار التقليدي، لتكرس استعماراً داخلياً كان اقسى في كثير من الأوقات من الأستعمار الخارجي في نتائجه. لقد كان هم الدول العظمى ومازال، مصالحها الإقثصادية، وحماية أسرئيل. أما الأستعمار الداخلي، فقد كان همه الحفاظ على مواقعه في السلطة وامتيازاتها، وقمع الشعوب العربية من مشرقها إلى مغربها، بحجج واهية، اهمها أمن الوطن، بينما في الحقيقة، كان الأمن هو امن هؤلاء الذين اغتصبوا حق المواطن العربي في الحرية التي ادعوها وثرواته بكل ماتعنيه الكلمة. لقد شرعت هذه المبادئ حق السلطة للذين نادوا بها، ليس بشكل سلمي، بل عن طريق العسكر وادخالهم بهذه اللعبة الخطيرة ، وشرعت الحكم العربي الجديد، حكم الديكتاتوريات وحكم الحقبة التاريخية الجديدة ، باخراج شبه معاصر. وتحولت المبادئ النبيلة، إلى استمرار طبيعي لحكم مشتق من الماضي ومن تاريخنا، حكم العباسيين، او المماليك، أو اية حكومة جاءت بالقوة. لم يكن عسكر الثورات العربية الجديدة، يعرفون صيغة غير هذه ، ولم يكن لديهم أية تجربة تاريخية غيرها. لذا لم تستطع أية حكومة عربية ان تعمل بالديموقراطية حقيقة وإلى هذا اليوم. ولم يتم تبادل السلطة بشكل مسالم، بل إن حدث تغيير ما، فهو عبر الإنقلابات (الثورات) العسكرية المتتالية. لم تعرف الدول العربية أي نظام سياسي مارس الحرية والمساواة. وإن كانت صيغة الحكم الإسلامي، عند ظهورها، افضل صيغة حكم على وجه الأرض. لكنها وللأسف، لم تتطور ابداً. لم تتغير عبر اكثر من الف سنة. كانت ومازالت وإلى هذا اليوم ، إرثنا التاريخي الذي لايمكن تغييره بسهولة. عرف الحكم بهذه الصيغة ومازال، امتيازاً مطلقاً، لهذا الحاكم أو غيره. كان الحكم ومازال، يعني تملك الثروة، والوجاهة، والتحكم بالأخر، الفرد والمواطن. لذا، ليس عجيباً، ان تتشابه معظم الأنظمة العربية في طرق ووسائل حكمها. لافرق بين هيكلية الحكم في هذه الدول، وان تفاوتت الحقوق بشكل نسبي للمواطن. إنهم يحكمون من خلال اهذا الأرث التاريخي. وان تغيرت الإطارات والصيغ، إلى شعارات إ نسانية نبيلة، شعارات الوحدة والحرية والإشتراكية، أو شعارات الديموقرطية وحقوق الإنسان اليوم.
لذا من يضمن ان القادم سيحكم من خلال مبادئ القرن الجديد، الديموقراطية وحقوق الإنسان فعلا، من يضمن تطبيق الديوقراطية وحقوق الإنسان، لأحزاب السلطة عند الإصلاح، او للأحزاب المعارضة في هذا الإصلاح او عند انتقال السلطة إليها. لقد شرع تاريخنا (على مستوي القوى الحقيقية في المجتمع والنخب التائهة التي ترفض الإقتباس والتعلم من الغرب المتطور في تجاربه عبر التاريخ والقرن الماضي) طريقة ومنهجية الوصول إلى السلطة، وهي رفع شعارات خلابة للوصول إلى الحكم.
إنه الإرث التاريخي الذي لايحب احدا ان يتحدث عنه. حتى المثقفون الأن، والمعارضون الذين، يطالبون بتغيير في هيكل السلطة السياسية،
لايحبون التساؤل عن الأسباب الحقيقة في عدم قدرةنا ممارسة حكم إنساني غير ديكتاتوري مشابه، لليابان وماليزيا أو كندا أو دول الشمال الأسكندنافي. كلهم يطالبون في التغيير، والتخلص من الحكم الديكتاتوري والعسكري، بشعارات تلعب بمشاعر المواطن كالدين الإسلامي وعظمته التاريخية، وشعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان اليوم. بدون مراجعة او دراسة او تفحص حقيقي، لاسباب الركود في الماضي والحاضر. في عدم القدرة لأي سلطة سياسية على القيام بواجبها ضمن معايير خلاصة التجربة البشرية وتطورها لبناء دول حديثة تحقق لمواطنيها الأمن والسلام ورخاء العيش الإقتصادي والإنساني.
ضمن هذه البيئة الفكرية والثقافية السائدة ، يحق لأي متسائل ان يقلق من هذه الحالة المرعبة، المستمرة في منهجيتها. هل يمكن تطبيق هذه المبادئ القديمة الجديدة فعلا ، ام أن مجتمعاتنا ودولنا امام حلقة اخرى من حلقات الفوضى والدمار والأغتصاب والعذاب والمعاناة لهذا المواطن، اخر بند وارخص قيمة في نتائج المعادلة السلطوية العربية السائدة.
المواطن الفرد الذي لم يتعلم عبر تاريخه ا أنه اصبح البند الأول والأساس في المجتمعات المتطورة. هذه المجتمعات التي نرفض نتائج تجربتها التاريخية بحجة الخصوصية (خصوصية الديكتاتورية) قدمت لمواطنيها والعرب الذين عاشوا بها (المغتربون) حرية الإقامة والمساواة والديموقراطية بشكل افضل من كل الدول العربية مجتمعة. لقد سمحت ديموقراطية الغرب للعرب أ ن يكونوا رؤساء وباحثين ووزراء ورؤساء مقاطعات بشكل افضل من بلادهم. عرفت الدول الحضارية، ان الحكم هو امانة لإدارة الدولة من اجل مواطنيها، وعرفت ان القيمة الأولى في المعادلة السياسية هي الإنسان الحر أي المواطن الأصلي والمهاجر. عرفت انها لم تعد حارسة لله، وان للمواطن الحق المطلق ان يؤمن بما يرغب، ان يعبر عن رأيه بحرية، وان عدم الإدارة الجيد للدولة واموالها سيؤدي إلى المحاسبة من قبله، عبر القانون والدستور والإنتخابات. لقد تطورت العملية السياسية في هذا المعترك العالمي، نحو الأفضل، نحو الأحسن للمواطن، عبر القانون الوضعي، وعبر سيادة هذا القانون. ولم تتغير المعادلة في العالم العربي، المصر على رفض هذه التجربة (بحجة شعار الخصوصية) لإن المغامرين والباحثين عن السلطة مازالوا مقتنعين أن الحل التقليدي بطرح الشعار وممارسة الإمتيازات هو الأفضل لهم.
لقد اصبحت الدولة في العصر الحديث ، كيان لخدمة المواطن الإنسان، لا لاستعباده وحرمه من حقه في الحياة. اما المواطن العربي ، مازال مخدراً بالشعارات أي كان نوعها. ولايريد الطامعون في السلطة توعيته او تقديم له حقه الإنساني في هذا العصر.
الحاجة للتغيير:
بناء على ماسبق، ومن اجل الوصول إلى حل إستراتيجي لحق الإنسان المواطن في المعايير العصرية، يحتاج المجتمع العربي إلى تغيير جديد وإصلاح عملي، لا إلى شعارات تضاف إلى ثقافة الفضاء البالوني الذي يدعي محتوى الشعار نظريا ، بينما من جانب أخر ، الجانب الحقيقي ،الهدف والهم هو السلطة، والسلطة فقط بشكلها التقليدي، بأي واجهة كانت ، ديموقراطية، حرية او غيرهم.
ألم تكن شعارات الوحدة والحرية والإشتراكية، حصانا للوصول إلى السلطة ، والسلطة فقط؟ لقد طالب حزب البعث، والحزب العربي الأشتراكي ، والقوميون العرب، والوحدويون ، والشيوعيون، والناصريون، وحتى القوميون السوريون. كلهم طالبوا بمثل هذه الشعارات او من جزء منها، حتى الأخوان المسلمون قالوا ان الأشتراكية اساسها اسلامي؟
ماذا كان هدف هذه الأحزاب جميعها، أليس تحقيق هذه الأهداف أو جزء منها؟ ألم يكن عديد من اعضاء هذه الأحزاب مناضلين حقيقيين، نعم كانوا كلهم أو معظمهم! لكنهم تحولوا عن مبادئهم، في الغالب، عند استلام السلطة (السرطان العربي) وفوجئوا، ان من يملك مثل هذا الأمتيار( الموروث البغيض) ، غير قادر على التخلى عنه إلا بالموت او السجن المؤبد، بكل بساطة، إلا الحالات الإستثنائية ولا ادري عددها.
لماذا؟
لأن هذه السلطة (كما ذكرنا قبل) السيالسية في العالم العربي ارث تاريخي، وتعاقب مستمر، لم تتغير بنوده، أو محتوياته، كما حدث في دول اخرى، فهو وإلى هذا الوقت ومنذ القدم، طريقة حكم غير عادلة وغير معاصرة، طريقة حكم تدعو إلى الإمتياز، ووضع اليد على ثروات الدولة بشكل علني او مخفي . إنها طريقة حكم تؤمن الإمتياز (المادي والمعنوي) بالقوة عبر ادوات العسكر والأمن والمخابرات، على حساب المواطن الإنسان.
هذه السلطة، هي القلق الدائم من المؤامرات، المحلية و الأجنبية، هي الخوف من الأنقلاب، والمحاسبة من كل مغامر او طامع جديد ، هي الخوف الدائم من الأخر، الذي لايمكن الوثوق به إذا اعطيناه صلاحياتها، لذا من يثق بمن، من يثق ان القادم لن يفعل نفس الذي فعله سابقه، اقل او اكثر. من هو قادر على التأكيد ان أية سلطة قادمة لن تزور الأنتخابات في بيئة ديموقراطية، مايحدث في عديد من الدول العربية المتد قرطة (الديموقراتورية) اكبر شاهد.
هذا هو حال العالم العربي ، وهذا هو واقعه، رغب البعض ام لم يرغب. المجتمع العربي ، مجتمع لايعرف الديموقراطية ولا الحرية ولا المساواة، وغير قادر بحالته المعاصرة على تطبيق كل هذا عملياً. مجتمعنا ليس لديه أية تجربة تاريخية حقيقة للمارسة المبادئ النبيلة في الديموقراطية والحرية والمساواة. ومجتمعنا مازال يعيش هاجس، القومية، والأرث الثقافي والديني، والحلم بالوحدة، والحلم بالديموقراطية والحلم بحقوق الإنسان، افتراضياً ، بدون ان يملك القوة والقدرة على ممارسة ذلك في بلادنا.
لذا لن يكون المستقبل مشرقاَ ابدا، إذا لاثقة بالبديل من الداخل ولاحتى من الخارج المهاجر قسراً او إرادياً، طالما، لم تتغير بعض المعطيات في الطروحات والممارسات. طالما لانملك ثقافة إنسانية جديدة ، مدعومة بمصداقية وشفافية ورغية فعلا في العيش الإنساني مع بقية البشر. وثقة في القدرة على تطبيق الدستور، وممارسة سيادة القانون ( بدون استثناءات الوجهاء في أي موقع) على الجميع. بدون ان يتحول مفهوم السلطة السياسية، إلى امانة لإدارة الدولة وثرواتها من اجل المواطن الفرد، القيمة الأولى في أي قيمة إنسانية حقيقة. بدون القدرة على المشاركة من اجل البناء، بناء الإنسان والوطن اقتصاديا، ورفع مستوى معيشة هذا المواطن من قبل المسؤلين عن الأمانة السياسية في الدولة. المسؤلين عبر التنظيمات الحزبية، لاحزب واحد فقط. هذه الأحزاب، هي المعنية في التغيير المطلوب، وهي التي يتوجب عليها ان تتحرر من عقد الأيديولوجيات والأبعاد الفكرية والعقائدية المتشتنجة، هي التي يتوجب عليها ان تبدأ بالتغيير في ثوبها المترهل، عبر مبادئ جديدة وبرامج اقتصادية، بمعايير معاصرة لبناء الإنسان وبناء الوطن.
اين البرامج الإقتصادية والدراسات الجدية لبناء اقتصادي معاصر لدولة سورية الحديثة. هل الهدف هو الإدارة السياسية فقط. ام ان الهدف هو فعلا التطوير والبناء.
لقد تطورت دول اسيوية خلال عقدين أو ثلاثة عقود زمنية، وقبر الفقر والتخلف في هذه البلاد وإلى الأبد.
لقد تطورت هذه الدول عبر الإنسان وعبر الوعي، وعبر امانة ذاتية ورغبة حقيقة بالأفضل.... تغيرت هذه الدول وتطورت عبر العمل الجدي ، والأبداع الحقيقي، حيث لامكان للأجترار، والكلام عن العمل..والتطوير بل العمل ذاته، والقوانين المسهلة له، واجهزة دولة، لخدمة المواطن والمؤسسة الأقتصادية بدون اية عقد من الحرية العملية للإداء الأقتصادي...
لقد تطورت عبر رغبة في بناء صناعات تكنولوجية تنافس الأفضل في دول العالم.. تغيرت عبر تعليم التكنولوجيا، والتكنولوجيا، في بلادها وفي الدول الافضل بها، بدون عقد ثقافية او خصوصيات معينه. لقد تعلمت هذه الدول من كبار المبدعين في العالم ومن مراكز القرار بهم... ودفعت لهم اموالا لاتخاذ القرارات الأفضل في بناء استراتيجيات اقتصادية تعتمد لغة العصر..
كيف نغير في بلادنا، كيف نتعلم ماينقصنا..لتغيير مثل هذا الأمر في بلادنا يجب أن يكون لدينا الحس التاريخي لمعنى الإنسان، وحقه في الحياة، يجب ان يتغير مفهوم هذه السلطة، من امتياز إلى واجب، يجب ان يكون لدينا القدرة على ممارسة القانون بنزاهة واستقامة ، وان يمارس على الجميع بدون إستثناء، كما هو حاصل في الدول الغربية غالبأ. يجب ان يكون لدينا دستورا يحقق المساواة بين المواطنين، لا الفصل بين احمد وعيسى على اساس قومي، او عرقي أو على اساس الجنس او الدين.
يجب ان يكون الوطن للجميع بدون إستثناء، ولامعنى لهذا الكلام إن لم يمارس، عبر احترام القانون، وعبر دستور يعبر عنه. لامعنى للحزب السياسي إن لم يكن له برنامج للتطوير الإقتصادي ، لرفع مستوى حياة الناس. املاك الدولة، هي ملك المواطن، لا المسئول السياسي، يحاسب على صرفها في أي موقع بشفافية. إن التغير المطلوب كبير، فهو تحول فكري وثقافي واجتماعي وسياسي، وغير ذلك لايمكن لسورية ان تكون دولة السورييين المبدعين.
قال احدهم أ الا تؤمن بالقومية العربية، اجبت نعم ومالمشكلة، قال لماذا لاتذكرها، اجبت: انني افضل ان تضع يدك بيدي لنبني. تعال معي لنبني: الأنسان الحضاري المتسامح، القرية والمدينة والوطن عمليا ان نتشارك في هذا البناء ، كلنا، وليس فئة تؤمن بالقومية او غير القومية. ومامعنى ان نصرف عدة عقود ندعوا إلى شعار بدون نتائج مادية له.
إننا بحاجة إلى ثقافة إنسانية جديدة ، تبني الإنسان المواطن، وتبنى الوطن.
مرة واحدة وإلى الأبد..... كيف ! إننا بحاجة إلى مبادئ جديدة...
البحث عن مبادئ:
كيف نساهم في هذا الوجود الحضاري بعقولنا وقولنا وادائنا وليس في مشاعرنا وتمنياتنا فقط؟ كيف يمكن الخروج من عقلية الإستحواز والرغبة التحكم بالأخر وحرمه من حقه الإنساني في الحياة كمواطن له كل الحقوق مثل أي مواطن أخر؟ كيف يمكن الخروج من عقلية الفصل بين مواطن وأخر عبر المقولات والممارسة وتجاوزهذا الفصل بين العرق واللون والمذهب والجنس ، عمليا كثقافة اجتماعية من اجل بناء مواطن بانتماء حقيقي. كيف يمكن ان نقبل بمبدا المشاركة في الأداء الاجتماعي والفكري والسياسي، من اجل بناء وطن، لا ممارسة الهدم عبر المصلحة الفردية أو الفئوية أو جماعة معينة. كيف نطبق كثقافة في الوطن ايضا، مبدا شفافية القول والعمل للنخب السياسية والفكرية والأجتماعية من اجل بناء وطن لا استحواذه وحصر مواطنية في إطار الموروث الناريخي. كيف نبدع، ونطور، ونبني اقتصاداً للجميع، يحقق العيش الأنساني المسالم للمواطن في ظل الدستور الحضاري والقانون العادل.
كيف نستفيد من ابناء سورية وقدراتهم، واموالهم، وتجاربهم في البناء، والبناء والبناء..... كيف نبني من ثروات الوطن، وطنا اقوى وافضل واجمل.للجميع بدون إستثناء، بدلا من قتل ثروات الوطن في البنوك الأجنبية خارجه.. كيف نثق بمؤسساتنا ودستورنا وقانوننا كيف نثق في دولتنا وبلدنا كيف نتعلم ان المشاركة في ثروات الوطن، يجب ان تعود على الجميع، على المواطن لكي يعيش انسانيته وحقه في الحياة، هذا الحق الذي اعطاه اياه خالقه...وحده القادر على محاسبته، لا المدعين بحراسه الأرضيين...
كيف نحرر ذاتنا عندما نحرر غيرنا من رقابتنا له... من الحسد والحقد والرغبة في التدمير.. كيف نكون مسالمين اجتماعياً عبر القانون الوضعي الذي يحكم فيما بيننا من خلافات.. كيف نبني دولة ذات برامج، تمول عبر القروض، أو مجانا كل خلاق أو مبدع اقتصادي أو تكنولوجي... كيف تكون سورية، كندا، أو اليابان، وكوريا...وماليزيا أو السويد؟
كيف نعيش في بلد يخضع العسكر به للسلطة المدنية ولاحق لهم بممارسة السياسة إلا بعد إنتهاء الخدمة، أي عندما يعود مدنياً كيف نعيش في بلد لايوجد به، للعسكر والأمن واجهزة الرقابة، اية سلطة على المواطن إلا بالقانون السيد الأول والأخير في حل أي خلاف. كيف يعيش الإنسان في الوطن السوري، بحرية، لايسجن على رأيه، سياسي ، او أجتماعي او فكري.. كيف نحرر سجوننا من ممارستنا ا في التلذذ بسجن الناس فقط لأرائهم المختلفة عن أرائنا.. كيف نقبل ان نحرم انسانا عمره وحياته، في اقبية للموت، بسبب النقد أو الرأي المخالف.
المبادئ الاساسية:
من اجل الوصول إلى حل استراتيجي لمفهوم الوطن والمواطن والدولة الحديثة ، نقدم هذه المبادئ البسيطة القوية التي يمكن لأي حزب سياسي (في السلطة أو المعارضة ونحن ندعوهم جميعا هنا) قبولها والعمل من خلالها، كأسس ضرورية لسلامة الأداء في العمل السياسي والإنساني ومن اجل بناء وطن للجميع، يماثل خلاصة ماتوصلت إليه التجربة البشرية في افضل الدول الغربية التي تحترم مواطنيها وتعمل من اجلهم في أي اطار مؤسساتي عام اوخاص، هذه المبادئ تتلخص بما يلي:
الأمانة أو الاستقامة او العدل (Integrity) لأي شخصية نخبوية فاعلة (على الأقل في المراحل الأولى) على المستوى الفكري والسياسي والإجتماعي، في السلوك والأداء أو أي مؤسسة اعتبارية كالأحزاب السياسية او الجمعيات أو المؤسسات الأقتصادية، بحيث يتحقق وبشكل عملي مايسمى بشفافية القول والعمل ، أي مصداقية الأداء ، في الشعارات والبرامج وعلى أي مستوى.
مبدا القبول بالأخر، والمساواة الوضعية بين الموا طن والمواطن الأخر عبر القانون الذي يلغي اية امتيازات لفئة على حساب فئة أخرى ، وهذا لايتم إلا عبر الدستور والقانون وبشكل مطلق (والتجاوز وبشكل إستراتيجي لقضية الفصل بين المواطن والأخر عبر الدين والمذهب والعرق والأصل والجنس واللون وإلى الأبد، ولا يعني ذلك إلغائهم، كون ذلك حرية شخصية). وأي حل يحاول ان يتجاهل هذا المبدأ، فإنه حل يدعو إلى التمييز وأن كان أي مصدره. لقد استوعبت الدول الغربية المتقدمة مثل هذه الحقيقة وحلت مشاكلها من خلال المساواة عبر القانون الوضعي، وذلك بعد تاريخ طويل وحروب اهلية طاحنة. إن اي ادعاء بغير ذلك يعتبر محاولة لتقليل حقوق الأخر وعدم القبول به مساويا كمواطن ، بل وضعه في مرتبة المواطن من الدرجة الثانية وأن حاولت الأحزاب تبرير ذلك وعبر أية مبررات.
مبدأ المشاركة ، أي القبول بالمشاركة السياسية عبر المبادئ السابقة، من اجل مصلحة الوطن ، لا الحزب أو الجمعية او المؤسسة ، ويتم ذلك عبر الأنتخابات والقدرة على ممارسة شفافية في القول والعمل. إن نتائج العمل السياسي التقليدي في العالم العربي، هو الحصول على امتيازات مادية ومعنوية، ومبدأ المشاركة، يدعو إلى اختيار الانسان المناسب في المكان المناسب عبر الانتخابات، وسيادة الدستور والقانون، والقبول بالتنحي عن المسؤلية السياسية أو الإجتماعية أو الأقتصادية عند الفشل والمحاسبة من خلال القانون والدستور والإنتخابات.
مبدأ البناء وإعادة الهيكلة المستمرة، حيث لامعنى للعمل السياسي بدون بناء عبر برامج، ولايمكن تحديث الدولة ومؤسساتها بدون اعادة هيكلة مستمرة للمؤسسات المترهلة وللمؤهلات العاملين بها الغير متساوية مع الأداء العصري.
إن البحث عن صراعات وهمية عبر إطلاق شعارات نبيلة تؤدي في النهاية إلى عكس معناها قد استهلك امكانية الوطن والمواطن، وأدى إلى عدم ثقة استراتيجية في أي طرح للأحزاب السياسية العاملة في سورية وخارجها.
لذا قبل الشروع في إطلاق شعارات الديموقراطية وحقوق اللإنسان والبدء في تطبيق ذلك ، من قبل أية مؤسسة أو حزب سياسي ، بدون العمل على بنية الإنسان المواطن، المنهك بإرثه التاريخي، وبدون الإيمان بالمبادئ التي نطرحها هنا. سيؤدي (وكما نعتقد) كما ادت في السابق شعارات الوحدة والحرية والإشتراكية لكافة الأحزاب القومية العربية، لاعلى التعيين، إلى نتائج سلبية وإلى كوارث اجتماعية وسياسية وحتى اقتصادية.
لم تكن الأهداف ذاتها أو عدم مصداقية المناضل في مرحلة معينة من تاريخه السبب أو الأسباب في هذا الفشل. . السبب والأسباب عديدة، اهما الأرث التاريخي في مفهوم السلطة والعمل السياسي، والممارسة العفوية لمبدأ الامتيازات الشخصية المادية والمعنوية لهذا العمل. وعدم وجود مبدأ المساواة وحق المواطن، وعدم ممارسة المصداقية والمحاسبة عبر القانون والدستور. إضافة إلى هذا السحر الذي يفعله الإمتيار المادي والمعنوي في المسؤول (المناضل سابقاً، ماعدا الإنتهازيين) من اجل مبادئ ويحوله إلى تاجر سياسي، اولوياته البقاء في هذه السلطة والإستفادة منها.
إن نعتقد، ان العمل على نشر مثل المبادئ اعلاه من قبل أي حزب سياسي، كسلوك اجتماعي ووطنى، سيرفع من مستوى مفهوم العمل السياسي من امتياز حزبي أو شخصي، إلى واجب سياسي ووطنى واجتماعي ، يصبح به الفرد مسؤلا أمام نفسه، وحزبه ومعايير المواطنة الحقيقية، وامام الدستور والقانون والشفافية والمصداقية.
هذه هي المبادئ التي لايحب ان يتحدث عنها الباحثون عن السلطة وفي اي موقع. وهذا هو مايحتاج إليه المواطن والوطن الأن وفي المستقبل. إن اي حل لايعمل ولو ضمنيا بمثل هذه المبادئ، هو حل ناقص، ولابد مؤدي إلى إلى تفاقم الأوضاع في الدولة والمجتمع.
لقد كان اهل بلاد الشام مبدعين في تاريخهم في كل شئ, واليوم تنازعهم الصراعات وتقتلهم صفات الانانية والفردية والعصبية (الطائفية، والمذهبية والعرقية) وقصر النظر وغير قادرين عمليا على تجاوز مشاكلهم بشكل إستراتيجي.
ملاحظة:
لقد قرأنا معظم منشورات الأحزاب السياسية السورية، في السلطة والمعارضة. ولم نجد البنود التي تعالج مايلي: تحول المناضل من انسان مؤمن باهداف إنسانية وشعارات نبيلة، إلى إنسان غير قادر على اداء المشاركة، والمسؤلية في موقع السلطة. السلوك العملي لشفافية القول والعمل, مبدا المساواة الوضعي في الحقوق والواجبات بين المواطنين ( المساواة نظرية وتستمد ابعادها من الدين الإسلامي). البرامج الاقتصادية المعاصرة لبناء الدولة الحديثة.
ماهو شائع هو الشعارات التقليدية لكل حزب سياسي، و شعارات الديموقراطية (ايضاً الوحدة والحرية ..) وحقوق الأنسان (النسبية وليس المساواة الوضعية عبر الدستور والقانون)، ودعوات إلى الإصلاح، وتبادل السلطة بشكل سلمي، ووصاية على العمل السياسي، لمن له تاريخ نضالي سابق. وبعض تقاليد الابوة والزعامات في العمل السياسي. إننت نرغب ان تأخذ النخب الفكرية والسياسية والإجتماعية بمثل هذه المبادئ وتعمل على نشرها وتطويرها، لتكون قادرة في المستقبل على التطبيق الحقيقي لمبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان بشكل عملي لايؤدي في يوم من الأيام إلى استلاب السلطة السياسية لعقود أخرى وعلى حساب الوطن والمواطن .
إننا نقدم افكارنا هنا ، بهدف بسيط وقوي، الحلم في وطن المستقبل، وطن الأنسان والمواطن في سورية العظيمة، سورية مجتمع الإنسان الحقيقي، والمواطن السعيد ماديا ومعنويا. ليس لنا من وراء هذا أي هدف خاص، سياسي أو غيره
#فاضل_فضة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكي لانضيع في حوار الطرشان - دور النخب في الحث والبناء والتع
...
-
اعادة الهيكلة السورية - البدء من أسفل الهرم
-
في مهب الريح
-
شعار الوحدة العربية بين الحلم والواقع المحبط
-
أوراق في الاغتراب
-
في الإتهام المعاكس
-
أكثر من الهزيمة
-
الإصلاح في سورية إلى من يهمه الأمر
-
الاحتقان العربي
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|