|
الجريمة الطائفية في الفلوجة طعنة نجلاء في ظهر المقاومة !
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 867 - 2004 / 6 / 17 - 06:50
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
حين صمدت الفلوجة بوجه جيش الغزاة الهمج الأمريكان صمد معها كل العراق وتسابق العراقيون من مختلف المدن والطوائف والفئات للمشاركة الفعلية في الدفاع عن المدينة وشعبها ، وتقاطرت قوافل الإمدادات والمساعدات من جميع مدن العراق وساهم في تسييرها العرب وغير العرب والمسلمون وغير المسلمين . وحين شرَّد القصف الأمريكي أغلب سكان المدينة تنازع العراقيون من السنة والشيعة وغيرهم في الأحياء والمدن التي بلغها اللاجئون على هؤلاء وعلى َمن يجب أن يستقبلهم ويحسن وفادتهم فعاش اللاجئون الفلوجيون أيام لجوئهم القصير معززين مكرمين . وحين انتصرت الفلوجة انتصر معها كل العراق وعلا سهم المقاومين والأحرار فتباهينا بها نحن الكتاب في الخندق الوطني الرافض للاحتلال واعتبر كاتب هذه السطور وزملاء آخرون الفلوجة سابعة المدن المقدسة في العراق بعد النجف وكربلاء والكوفة والكاظمية و سامراء والموصل . واليوم وبعد مصرع السواق العراقيين التسعة ( سلمت جثث ستة منهم مشوهة بشكل سادي ودنيء ومازالت ثلاث جثث في مشرحة مستشفى المدينة ) يشعر المرء أن القتلة قد وجهوا طعنة نجلاء إلى ظهر المقاومة العراقية الباسلة ، ولوثوا بهاء انتصار الفلوجة وأهلها بهذا العار الدموي .والغريب والمؤسف أن هيئات وأطراف وشخصيات دينية وسياسية تحسب نفسها على المقاومة ورفض الاحتلال ابتلعت ألسنتها فلم تعلق بخير أو بشر على هذه الجريمة النكراء . المعطيات المتوفرة حول المجزرة والتي نقلتها وكالا الأنباء ونشرتها الصحافة متفرقة ومشوشة ولكنها تؤكد عدة حقائق مهمة منها : - إن القتلى مجرد عمال وسائقي شاحنات مدنيين من الطائفة الشيعية ومن قبيلة "ربيعة " تحديدا ولا علاقة لهم بأية جهة احتلالية رسمية أو غير رسمية وإنهم كانوا قد نقلوا بضائع إلى تاجر من سكان المدينة . - برر أحد رجال الدين السنة وهو عبد الله الجنابي عملية قتل السائقين في حوار مع إحدى الفضائيات العربية مع أنه نفي أن يكون قد أصدر الأمر بإعدامهم تبريرا مأساويا مفاده أن سكان الفلوجة فقدوا في القتال ضد الاحتلال سبعمائة قتيل وان سكان المدينة باتوا يعادون الاحتلال وكل من جاء به وتعاون معه . وربما يلمح الجنابي إلي العميل موفق الربيعي الذي جاء به الاحتلال فعلا والذي لا يجمعه بالقتلى سوى الانتماء القبلي الذي كان موضوع خلاف داخل القبيلة نفسها بل أن عددا من الشخصيات المعروفة نشرت رسائل مفتوحة تبرأت فيها من الربيعي ودعت أمير ربيعة إلى التبرؤ منه .ثم إن الشجاعة وشيم الفروسية تقتضي استهداف العميل واضح العمالة والمشارك فعلا في قتل شعبه والمحمي بقوات الاحتلال وليس العامل المدني الأعزل والذي ليس له من يدافع عنه أو يحميه غير الله وانتمائه لهذا الوطن . - إن التعاون مع الاحتلال لا يمكن الدفاع عنه غير أن من الغباء والخطيئة الإنسانية اعتبار شرطي المرور العراقي الذي ينظم السير في شوارع بغداد في نفس خطورة وجريرة الضابط الكويتي الذي يعذب السجناء العراقيين في أبو غريب أو الضابط العراقي العميل الذي يطلق الرصاص على المقاومين ومن الغباء أيضا المساواة بين سائق الشاحنة البسيط وبين الضابط العميل في جيش علاوي /الياور الذي يدك الفلوجة بالمدفعية . هذا أولا ، وثانيا فإن واقعة الانتماء إلي قبيلة أو مدينة ينتمي إليهما عميل معين ليس جرما بحد ذاته ، وإذا صح أن يكون الانتماء إلى ربيعة سببا فلماذا لم يطلق القتلةُ سراحَ هؤلاء العمال بسبب من الموقف الوطني المعلن لأمير قبيلة ربيعة والذي كان اسمه وشخصه و قصره من أوائل الأهداف التي استهدفتها قوات الاحتلال وفي الأشهر الأولى لاحتلالها بغداد ؟ إن التبريرات التي ساقها عبد الله الجنابي مضحكة وساذجة فهل يمكن أن يكون استشهاد سبعمائة من سكان الفلوجة سببا مقنعا لقتل العراقيين الآخرين من مدن وطوائف أخرى لمجرد الشك أو التنفيس عن الأحقاد والغضب ؟ وأين ذهبت مثل الرحمة والشفقة والفروسية والانتماء للوطن الواحد والدين الواحد والمصير الواحد ؟ وهل تصلح هذه التبريرات لتكون قاعدة تحكم الوضع الحالي فيبادر التيار الصدري – مثلا ، مثلا - الذي استشهد له في المقاومة أكثر من ألف إنسان إلى التأسي بما يبرر الجنابي فعله والتحريض عليه . - حاولت الزمرة التي قتلت السائقين تشويه وجه المقاومة العراقية عبر قيامها بمجموعة جرائم إضافة إلي القتل ومنها : تشويه وتدنيس جثث القتلى وسلب ممتلكاتهم وتعذيبهم قبل القتل وابتزاز أهاليهم وأخذ الفدية المالية منهم . ومعلوم أن العدو الأمريكي لا يرجو شيئا أكثر من هذه الممارسات البربرية والتي تحقق له مجموعة من أهدافه الشريرة . - ثمة الكثير من التفاصيل التي لا يمكن البت بصحتها كليا ولكنني أود التوقف عند واحدة منها وهي تلك المتعلقة بوجود عدد من المسلحين العرب الناطقين باللهجة السورية أو الحجازية فقد كان كاتب هذه السطور من القلة التي دافعت عن حق وواجب الأخوة العرب والمسلمين من دول الجوار العراقي في المشاركة الفعلية في القتال ضد قوات الاحتلال لسببين . الأول ، هو ما قدمه العراقيون على المستويين الرسمي والشعبي في الدفاع عن قضايا العرب والمسلمين فمنعوا سقوط دمشق في حرب تشرين ، وقاتلت قواتهم الجوية على قناة السويس في تلك الحرب ، وتصدت مدرعاتهم لجحافل الصهاينة على الجبهة الأردنية في حرب هزيمة حزيران وقدم العراقيون الشهداء في أول انقلاب جمهوري ضد حكم الإمامة العميل في اليمين ، ودعمت جمهوريتهم الفتية بقيادة عبد الكريم قاسم الثورة الجزائرية أكبر الدعم و أسخاه وساهم العراقيون من معارضي نظام صدام خصوصا في التصدي لليمين الطائفي والعدو الصهيوني في بيروت الغربية وعموم لبنان ... الخ . وثانيا فإن من حق جيران العراق التدخل والدفاع عن جيرانهم إذا كان المحتل الأمريكي قد جمع المرتزقة والقتلة المدنيين والعسكريين من شتى أصقاع العالم . فهل يحق للمسلحين أن يأتوا إلى العراق من نيكاراغوا والدومنيكان واليابان وبولندا ودول أخرى لم يسمع بها أحد من قبل ويمنع على العربي والمسلم في الحجاز والشام وإيران القدوم إلى العراق والدفاع عن شعبه ؟ والخلاصة : إذا كان الهدف هو المشاركة في الجهاد والكفاح ضد الاحتلال فالأمر صائب وسليم وسنواصل الدفاع عنه أما إذا تحول القادمون إلى عوامل تأجيج للنزعة الطائفية والعرقية في العراق بغية تحقيق حالة سياسية معينة فالأمر خطير ومرفوض وليس من حق الضيف التدخل في الخصوصيات والمشكلات الداخلية الخاص بالعراقيين وإذا كان الخيار أمامه هو الاختيار بين تأييد هذا القطب الطائفي أو ذاك أو الرحيل فليرحل معززا مكرما بدلا من أن يتورط أو يورط آخرين بدماء العراقيين . - لقد دعا المشاركون في مظاهرة تشييع المغدورين الستة في ساحة الفردوس إلى الثأر من القتلة وظهرت بعض الشعارات المتشنجة وذات النزوع الطائفي والقبلي وهذا مسلك مرفوض قطعا . إن الدعوة إلى الثأر وارتكاب جرائم طائفية وعشائرية مضادة معناه تقديم هدية كبرى ومجانية للقتلة الحقيقيين الساعين لإغراق العراق في الحرب الأهلية وللمحتل الأمريكي معا . وعوضا عن المطالبات والشعارات الثأرية ينبغي المطالبة باعتقال القتلة وتقديمهم إلى القضاء وينبغي لأهالي الفلوجة ذاتهم المبادرة إلى القيام بهذه الخطوة وإنقاذ شرف مدينتهم وصمودهم وقطع الطريق على من يحاول أن يعزلهم عن شعبهم وبلدهم .لقد كررنا أن العراقَ عراقٌ والفلوجةَ فلوجة ، وأن العراق أكبر من الفلوجة وغير الفلوجة ، وأن الفلوجة ومعها عدد من المدن في الشمال الغربي وبحساب مساهمتها في الدخل القومي أو الثروات الطبيعية وغيرها لا تساوي شيئا كبيرا ، بمعنى أنها هي التي ستبقى بحاجة إلى العراق وليس العكس . إن أحلام العصافير الطائفية الذاهبة إلى أن من الممكن لهذه المدينة الطرفية أو تلك أن تسيطر على العراق لن تكون بعد الآن ،أي بعد أن تلاشت دولة صدام القائمة على القتل والكذب والإرهاب ، إلا أحلام عصافير وهي ستجر الخراب على الناس في تلك المدينة الهامشية قبل غيرهم وبالتالي ينبغي التخلي عن تلك الأحلام / الأوهام والاحتكام إلى منطق المقاومة والانتماء الوطني . - وخلاصة القول فإن رفض الشعارات الثأرية التي رفعت بالأمس ينبغي أن يتساوق مع انتفاضة يقوم بها شرفاء الفلوجة ضد العصابة السلفية التي قتلت سائقي الشاحنات العزل لكي لا يسقط البعض في المحظور وينفذ رغبات وبرامج العدو . فمن أجل أن تكون جريمة قتل الشبان التسعة أول وآخر الجرائم الطائفية ،ومن أجل أن لا تسقط الفلوجة في بئر العزلة الوطنية والمقاطعة على مستوى العراق ينبغي على أهلها الكرام أن يبادروا إلى القيام بواجبهم نحو بلدهم ومواطنيهم لكي يمنعوا أن تتحول الفلوجة من رمز للمقاومة والانتصار على الغزاة إلى قرية ملعونة تحكمها العصابات المتطرفة الدموية قصيرة العمر .
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لجنة الحقيقة والمصالحة : ضمان حقوق الضحايا دستوريا واستثناء
...
-
تجربة لجنة الحقيقة والمصالحة : نظام البعث استورد التعذيب الش
...
-
تجربة لجنة الحقيقة والمصالحة : و معادلة العفو المشروط مقابل
...
-
تجربة جنوب أفريقيا أكدت: تحقيق العدالة يؤدي إلى المصالحة ولي
...
-
فضيحة الوزير الجلاد: التصفية العادلة لملفات القمع الشمولي وت
...
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الثامن والأربعون / التمييز /
...
-
توضيح ومناشدة : لتكف الأقلام العراقية الوطنية عن الاحتراب ال
...
-
المبسط في النحو العربي والإملاء الدرس السابع و الأربعون : ال
...
-
الزرقاوي أخطأ العنوان في كل مرة وليس هذه المرة فقط !:
-
محاولة عقيمة أخرى لتكريس الجلبي زعيما طائفيا بعد تصفية الصدر
...
-
قصة السيد العلوي والطبيب القواد .
-
حين ينعت اليساري الكادحين في تيار الصدر بالرعاع !
-
من رفض وثيقة السلام في النجف وكربلاء: السيد الصدر أم مهندس ا
...
-
النفاق الطائفي بين قبة ضريح علي بن أبي طالب ومقر الجلبي !
-
الفضائيات العربية تمارس تعتيما طائفيا على المقاومة في الجنوب
...
-
الدرس السادس والأربعون : المستثنى وأسلوب الاستثناء
-
المؤتمر التأسيسي ماله وما عليه
-
بمقتل مقتدى سيسقط التشيع الفارسي وسيصعد التشيع العربي العراق
...
-
المبسط في النحو والإملاء : الدرس الخامس والأربعون : أدوات نص
...
-
المؤتمر التأسيسي العراقي القادم مخاطر ومحاذير : لكيلا تستبدل
...
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|