أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد قانصو - آحادية الفكر صنمية العصر















المزيد.....

آحادية الفكر صنمية العصر


محمد قانصو

الحوار المتمدن-العدد: 2856 - 2009 / 12 / 12 - 09:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليس غريبا أن نسمع في هذا الزمن أبواق الببغاوات العربية المستغربة تردد معزوفة الديموقراطية الأميركية الغربية ، ولكن الغريب أن دعاة الحوار والحداثة والعولمة يصوبون سهامهم على الإسلام والمسلمين دون ان يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتدقيق والمقارنة ، ويطلقون أحكامهم الكلية انطلاقا من تملق وخدمة لأسيادهم تارة ،أو تعصبا لرأي أو معتقد تارة أخرى .

ولعله من الضروري وقبل الدخول في مناقشة هادئة مع المتعصبين ضد الإسلام أن أشير الى حقيقة مؤسفة ولكنها أمر واقع لا مجال لإنكاره أو تجاوزه، وهي أن الاسلام الذي يحاكم اليوم وتصدر بحقه أكثر الأحكام تعسفا وظلما ومجانبة للإنصاف هذا الإسلام ليس واحدا موحدا لا من حيث المفهوم والنظرية ولا من جانب التطبيق والممارسة ، إن الاسلام الذي جاء به النبي محمد بن عبد الله (ص) منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة قد عانى الكثير من الانقسامات والاختلافات ولبالغ الأسف النزعات والحروب الداخلية التي أنهكت بنيانه وعاثت به ضعفا وتمزقا ، ولعل أخطر ما مني به الإسلام على مستوى الفكر والعقيدة هو الدس والتحريف وبعبارة أوضح التأويل والاجتهاد الفردي القاصر مقابل النصوص القرآنية وصرفها عن مضامينها ومقاصدها الحقيقية .

ولا أريد أن أدخل في شرح مستفيض حول أسباب هذه الإنقسامات وأهدافها وانما أريد القول إن التآكل الذي أصاب بنية الإسلام ليس سببه ضعف تكويني في بنية العقيدة والشريعة الإسلامية ،إنما مرده الى الطبيعة البشرية التي تلقت الإسلام كرسالة وحملت أمانة الوحي، وهي في الحقيقة طبيعة قاصرة خرجت من كهوف الجاهلية المستفحلة في ماضيها وتراثها، وفي سلوكها وعاداتها وتقاليدها ، إنني أعتبر أن العربي الصحراوي لم يستطع أن يفهم الإسلام فهما حضاريا راقيا ولم ينفتح على الإسلام كفكر الهي نوراني الهدف منه سعادة الإنسان والارتقاء به الى العلياء ، ولذا نرى في تجربة الخلافة بعد رسول الله (ص) كيف أن فريقا كبيرا من الأمة الاسلامية تعاطى مع مسألة الخلافة باعتبارها سلطة زمنية ،أو كرسيا ملكيا مبرر له التنازع عليه أو توسل العنف في سبيل الوصول اليه .

إن حالة التمزق في البنيان الاسلامي التي أعقبت وفاة الرسول الأعظم (ص) وانحراف الأمة عن المسار الصحيح الذي رسمه الرسول الكريم والمتمثل بالخلافة الشرعية الإلهية للإمام علي بن أبي طالب والأئمة من بعده عليهم التحية والسلام ، الذين وبنص النبي هم الأمناء على الوحي والأعلم والأقدر على فهمه والأحرص على حفظه وتجسيده ،إن الانحراف السياسي والعقائدي والتشريعي عن مدرسة أهل البيت (ع) كان سببا طبيعيا لولادة مدرسة بديلة أسهمت بشكل كبير في تشويه صورة الإسلام كدين سماوي يحاكي الفطرة الإنسانية السوية ، وأدخلت عليه الكثير من الدسائس على مستوى السيرة فأساءت إلى رسول الله (ص) وصورته بتصاوير مسيئة تذرع بها أعداء الإسلام فيما بعد ، كما أنها اختلقت عقائد لا تتناسب ومقام الربوبية والخالقية فجعلت لله جسما كجسم البشر ، وسمحت بتسلل الروايات الإسرائيلية التي أضرت بالمنهج التفسيري ضررا كبيرا وحرفت الكلم عن مواضعه ، مما سمح اليوم لبعض الأقلام المأجورة بالتطاول على الإسلام والقرآن وسيرة الرسول الأكرم (ص) .

من هنا فانني أدعو الى التحري والتفرقة بين إسلام محمدي أصيل متمثل بمنهج أهل البيت (ع) وإسلام مختلق عاثت به الإسرائيليات وخطت فقهه وسيرته وعقائده أيدي وهب بن منبه وكعب الأحبار وغيرهم ..

إنني أعترف أن ضعفنا وهواننا كمسلمين سمح لبعض المسترزقين أو المنخدعين بشعارات الغرب البراقة أن يجردوا اقلامهم للنيل من شريعة السماء .

ولعل من القضايا التي تثار بقوة في الوقت الراهن ويجري الجدال حولها ويتهم الإسلام ظلما على أساسها هي قضية المرأة في العالم العربي والإسلامي ، بحيث يسلط الضوء على واقع المرأة في بعض المجتمعات العربية التي يحكمها التخلف أو الإنقياد الى عادات وتقاليد وموروثات شعبية ، ويعمد البعض الى نسبة الظلم اللاحق بالمرأة الى الإسلام معتمدا على بعض التفسيرات المغلوطة أو الأحاديث الضعيفة المختلقة والمنسوبة الى النبي (ص) أو الأئمة و الصحابة .

ولا بد من الإشارة الى أن الإسلام الأصيل لم يتخذ موقفا سلبيا من المرأة ولم يتعاط معها على أنها مخلوق تابع للرجل وقد خلقت من ضلعه أو باقي طينته .

إن الإسلام دعا الى احترام المرأة كأنسان يملك الحق بالحياة ولا يجوز لأحد أن يحرمها هذا الحق أو ينتقص من قيمتها الإنسانية (وإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مُسوداً وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بُشِّر به أيمسكه على هون أم يدسُّهُ في التراب ألا ساء ما يحكمون)

وقد عرّض القرآن الكريم بمن يظلم المرأة فيسلبها حقوقها (يا أيها الذين آمنوا لا يحلُّ لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً * وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً * وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً )
في هاتين الآيتين تأكيد على وجوب احترام الحقوق المادية للزوجة من قبل الزوج مهما كانت الظروف والحالات الطارئة. فليست هناك أية حالة تسوغ الامتناع عن دفع المهر أو سلبه منها. فقد يخيّل للزوج أن من حقه أن يأخذ المهر الذي دفعه للأولى من أجل أن يدفعه للثانية حتى لا يتعرض للخسارة، ويريد القرآن أن يؤكد النهي عن ذلك فيثير أمام الزوج الأجواء التي تمثل الاتحاد بينهما والذي جعلهما كياناً واحداً مما يفرض على الزوج أن يخلص لهذه العلاقة ويحترمها ويشعر بمسؤوليته تجاه هذه الانسانة في كل ما تمثله هذه الوحدة من عطاء فلا يسلبها حقها، ثم عبّر عن الزواج بـ(الميثاق الغليظ) ليؤكد للزوجين على أن العلاقة التي تربطهما هي عهد مؤكد يشمل الحياة كلها في جميع التزاماتها ومسؤولياتها وحقوقها المتبادلة.
ولشدة حرص القرآن على المرأة واهتمامه بها نراه ينتقل بنا ليطلعنا على مرحلة أخرى من مراحل المرأة وهي مرحلة الأمومة ومدى ما تملكه الأم من عاطفة تجاه أطفالها والتي زودها بها الله سبحانه فكانت هي السبب الذي ساعدها في تحمل مصاعب التربية في البيت,ولذلك جعل الله تعالى كرامة خاصة للأم دون الأب حيث ورد في الحديث النبوي: (الجنة تحت أقدام الأمهات) وتحدث القرآن الكريم عن الأمومة وعاطفتها في أكثر من مورد ومن هذه الموارد، قصة أم موسى حيث قال تعالى: (وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين * وقالت لأخته قُصِّيهِ..) ثم تنتقل بنا الآيات إلى أن تقول (فرددناه إلى أمه كي تقرَّ عينها ولا تحزن..) .

إن الحوار الهادف والبناء ومناقشة الآيات والروايات بشكل علمي ينطلق بعيدا عن أي تعصّب أو صنمية من شأنه أن يوضح الكثير من الإلتباسات ويبدل وجهات النظر والأحكام التعسفية .

إن الإنصاف يقضي أن لا نطلق الأحكام الكلية على الإسلام والمسلمين متناسين أن هناك تنوعا واختلافا بين المسلمين أنفسهم وعليه فلا يجوز تحميل المتبصرين من المسلمين والعارفين بالقرآن والسنة ممن استقى من منابعها الأصيلة وزر من روى :" أن الزوج لا يلزمه كفن امرأته لإن الكسوة وجبت عليه بالزوجية والتمكن من الاستمتاع وقد انقطع ذلك بالموت"

الحذاء: الزوجة لإنها موطؤة كالنعل. نقله أبو عمرو المطرز".

أتى أحدهم إلى الرسول فقال له: "إن ابنتي هذه أبت ألا تتزوج. فقال لها الرسول: أطيعي أباك. فقالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته. فقال: حق الزوج على زوجته ولو كان به قرحة فلحستها، وانتثر منخراه صديدا أو دما ثم ابتلعته ما أدت حقه. فقالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبداً".

إن الإسلام براء من تلك الروايات التي لا تمت الى سماحته بصلة , وعليه فقد جعل الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) ميزانا لقبول الروايات أو رفضها حيث يقول : "أعرضوا حديثنا على القرآن ، فإن وافق القرآن فخذوا به وإن خالف القرآن ، فاضربوا به عرض الحائط ."

وبعد هذا العرض الموجز لموقف الإسلام من المرأة أريد أن أتوجه إلى الغيارى على حقوق المرأة والحريصين على تحريرها من العبودية التي فرضها الإسلام عليها حسب ادعائهم ، وأسأل هؤلاء هل استطاعت حضارتكم المستوردة أن تحرر المرأة من عبوديتها ؟؟ هل أستطاعت شعارات التحرر أن ترفع من المستوى الإنسانس والقيمي للمرأة ؟؟
إنني أرى العكس تماما ! أرى المرأة التي انخدعت بدعايتكم وتمردت على ذاتها وقيمها ودينها قد تسافلت إلى أدنى المستويات وقد جعلت من نفسها بضاعة رخيصة في سوق التجارة الذكوري !
أيها السادة : أليس معيبا أن تجعل حضارتكم من المرأة بضاعة رخيصة في أسواق البغاء العالمية ومنظمات الاتجار بالرقيق الأبيض ؟!
أليس عارا على حضارتكم أن تخرجوا المرأة من بيتها لتزجوا بها في المصانع والمناجم استغلالا ليدها العاملة بأجور مخفضة !
انني أدعو الى مناظرة علنية مع الذين يزعمون أنهم أحرص على المرأة وحقوقها من الإسلام ، وأدعو هؤلاء الى الإحتكام الى العقل والمنطق والعودة الى الفطرة السليمة ..

الشيخ محمد قانصو
كاتب وباحث لبناني





#محمد_قانصو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكانة المرأة وموقعها في الإسلام
- الاسلام وثقافة الحياة
- النعجة الشاردة
- العصبية والتعصب


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد قانصو - آحادية الفكر صنمية العصر