فهد ناصر
الحوار المتمدن-العدد: 867 - 2004 / 6 / 17 - 07:22
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
ما أن أعلن عن تعيين حكومة في العراق حتى أنطلق الاعلام بكل وسائله وأشكاله لاستطلاع آراء العراقيين في الحكومة المذكورة.سنوات الاستبداد والقمع وتغييب وسحق الارادة وحرية التعبيرالتي مارسها نظام الاجرام البعثي كانت حاضرة وواضحة في أحاديث العراقيين وكلماتهم المتلعثمة والخجولة أو تلك الكلمات التي يجدون صعوبة بالغة في القبض عليها حتى تمكنهم من البوح بما يتمنون،طفل واحد فقط كان واضحا وفصيحا وواثقا من كلماته المهمومة او التي يشعر من يستمع اليها أنها جاءت من تحت ركام سنين القهر والحرمان.لم يكن يتحدث كطفل،بل كأنسان كل لحظة من عمره ركام من السنين،قال معبرا عن طموحاته وامنياته من الحكومة المذكورة(رعاية الاطفال،التعليم الجيد،نهاية الاحتلال)،ربما يكون قد قال كلاما أكثر غير ان للاعلام أغراضه أيضا عندما عرض هذا الطفل وهو يقول كلماته المذكورة تلك.
أنها كلمات طفل غادرته الطفولة وفرحها وأحلامها الصغيرة يسحقه البؤس والضياع في عالم لم يرحمه قط،أطفال العراق لا يعرفون للطفولة معنى،فيما أصبحت حكايات الجدة ومرح الطفولة في خبر كان ،يتحدثون في كل شيء،السياسة والاحتلال،الدين والمرجعيات والتقليد،الاسلحة وانواع العتاد،قيم ومعايير العشيرة و(الفصل)،السرقات والعصابات والحبوب المخدرة،القامات والسكاكين وطرق لطم الصدور والنواح،الا براءتهم وطفولتهم التي لا يعرف الكثير منهم ماذا تعني؟.
سياسات نظام الاجرام البعثي،الحصار الاقتصادي وحروب أمريكا أذا كانت قد خلقت مجتمعا منهارا ومدمراً،فأنها قد أفقدت ملايين الاطفال أسباب الفرح والسعادة وشوهت براءتهم وسرقت معنى طفولتهم فيما غادر الالاف منهم حياة وعالم أعلنا الحرب عليهم وأهدوهم الموت.
لاملاعب ولا أراجيح ولا حدائق تستطيع ان تحتضن لعب الطفولة ومرحها،فيما المدارس والمناهج الدراسيةالمشوهة لمخيلتهم وأنسانيتهم تعدهم لان يكونوابشراً بلا معنى.
أنه عالم اليوم،عالم الحروب والقتل والعسكرتارية السافرة،عالم القيم والمعايير الرجعية والمعادية للانسانية،عالم ملالي الدين وتيارات الارهاب والظلام،سيادة منطق العشيرة والعنف والقسوة،كلها سرقت فرح الطفولة والبراءة من أطفال العراقوأهدتهم قنابل يدوية ورصاص بدل لعب أصبحوا غير قادرين على تخيل ملامحها.
رعاية الاطفال والتعليم الجيد ونهاية الاحتلالهي ليست مطالب رجل سياسة او وزير ما،أنها مطالب طفل كبرته السنين وسحقته بمآسيها،طفل يريد ان يعيش ويحلم بسعادة والفة في عالم يحتضن طفولته وبراءته.
#فهد_ناصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟