|
محاكمة صدام خطوة حاسمة نحو تحقيق الأمن!
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 867 - 2004 / 6 / 17 - 07:19
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تجمع اوسع الأوساط والقوى المتنوعة داخل العراق وخارجه، ان قضية القضايا التي يواجهها العراق الآن، هي قضية الأمن التي اعاقت وتعيق السير نحو مجتمع مستقر خالٍ من العنف. وفيما يجري العمل بوتائر متنوعة الأهمية والسرعة لمواجهة وحل عقد مسبباتها، تبقى قضية محاكمة صدام وكبار المجرمين الذين تسببوا فيما آلت اليه اوضاع البلاد ودمارها وفقرها ومقابرها الجماعية وتصاعد قلقها واحزانها، تبقى قضية اساسية يشكّل الخلاص منها، ضرب رأس افعى الغدر والتصفيات والأرهاب ومجتمع الخوف وكم الأفواه حتى الموت في عراقنا. لقد مرّ اكثر من عام على سقوط النظام الدموي، ومسؤولوه الأساسيون بين طليق يمارس الأرهاب والجريمة بعد ان ضاقت به السبل، وبين من يعيد تنظيم مجاميعه في دول العالم متبختراً بما سرق ونهب بل ويبني مشاريع وشركات جديدة من سوداء الى رمادية، اضافة الى من يقيمون في سجون خمسة نجوم(*) ويتألمون من انقطاع مواجهات ورسائل طيلة شهر!! بل وتتضامن معهم بعض (منظمات حقوق الأنسان)، التي لم تحرّك قلماً على ما ارتكبوه من مذابح راح ضحيتها مئات الآلاف من خيرة شباب وشابات العراق وعوائله واطفاله، بعربه وكورده وتركمانه، بمسلميه ومسيحييه، بشيعته وسنّته وكل مكوناته السياسية والقومية والدينية والعرقية الأخرى . بل ان رأس الجريمة صدام ومنذ ان تمتّع بحقوق اسير حرب بقرار الأحتلال، اثار ولايزال غضب والم وقلق اوسع الأوساط، وكان سبباً اضافة لأسباب أخرى الى تولد مشاعر مفادها انه قد يكون للحرب اهدافاً لم يعلن عنها، لاصلة لها بمعاناة العراقيين واملهم في السلم والأستقرار بعيداً عن العنف، خاصة بعد ان جرى اطلاق عدد من اركان الدكتاتورية وكبارالمجرمين، بهدوء وسط انواع الأنشغالات الطارئة وانواع الضجيج واصوات انفجارات العبوات الناسفة للأرهابيين التي راحت وتروح مئات جديدة ضحايا لها . وفيما يتذكّر العديد بألم اعدام الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم عام 1963 بتلك السرعة الجنونية، التي بررها الأنقلابيون آنذاك، بانها كانت ضرورية لضمان نجاح انقلابهم، يوم حكمت ذات المصالح النفطية بذلك الأنقلاب ـ رغم الفوارق ـ . يتساءل آخرون بأن عدم السرعة في محاكمة صدام قد يعود الى ان عقود النفط العملاقة السابقة كان قد وقّعّها عن الجانب العراقي المجرم صدام نفسه، في خطة كانت ترمي الى حماية حياته قانونياً لأجل بقاء العقود وفوائدها وارباحها وملاحقتها وفق القانون الدولي، كما سرّبت دوائره ايام تحدياته الفارغة، واصراره على أن حكمه لن يزول ؟! الأمر الذي ان صحّ، فأنه يعني وجود عوائق جديّة ضمن النظام المصرفي والقانوني الدولي ( او ضمن اقطاب السوق السوداء الدولية او غيرها ) تتطلب الحفاظ على حياته الآن على الأقل لضمان حقوق، منها حقوق العراق. الأمر الذي يتطلب توضيحه بالصورة المناسبة لمنع اشكاليات التفسير التي تجرّ الى الكثير من التعقيدات السياسية والأمنية الداخلية. ويرى آخرون ان المحاكمة قد تؤدي الى فضح عدد من الشخصيات العربية والمنطقية والدولية، قد لايراد كشفها الآن او او ، لذا تؤجل المحاكمة وتعلّق، ويرون انها قد لاتتم بسبب فضائح السجون ؟! او بسبب كونه يتمتّع بحماية جهات عالمية متنفذة تعمل على حمايته، على حد ادّعائه هو في مناسبات متعددة سابقة، ويذكّرون على سبيل المثال بالحياة التي يحياها الدكتاتور الأندونيسي المنهار الذي يعيش اليوم بعد مساءلات شكلية، كملياردير في مقاطعة اشتراها في اليابان بعد ان انتقاله اليها مع مليارات الدولارات ومنحه الجنسية اليابانية ، على حد وكالات الأنباء العالمية، بعد ان سبقه في التخلص من المحاكمة في ظروف سابقة دكتاتور نيكاراغوا سوموزا و شاه ايران، وآخرون قبلهم كمسؤولي انقلاب شباط 1963 في العراق. ويرى كثيرون ان ادارة الأحتلال مطالبة بتوضيحات واقعية اكثر حول لماذا لم تبدأ محاكمة صدام وكبار مجرميه حتى الآن؟ وبمزيد من الشفافية الداّلة ، مهما كانت غيركاملة مؤقتاً، في ظرف تتعقّد فيه الأوضاع ـ رغم ما تمّ ـ ، خاصة على صعيد الموقف من اعادة توظيف منتسبي الحزب الحاكم المنهار، والموقف منه كحزب لم يقيّمْ حكمه الوحشي السابق ولم يُدنْ الدكتاتور وحكمه الأسود حتى الآن، في الوقت الذي يسدل فيه الستار على مسألة حيازة صدام على اسلحة الدمار وتخزينه ايّاها، والتي كانت السبب الأساس لأعلان الحرب والقضاء على النظام الدكتاتوري، الأمر الذي يزيد الحذر من انها قد تكون بداية لتقليص التهم الموجهة الى صدام وبالتالي تسهيل تأجيل محاكمته والتأثير على نتائجها (؟) الى وقت مناسب أكثر لأصحاب القرار، بما ينسجم مع الوجهة في الشرق الأوسط من ناحية ومع محاولة ضمان نتائج انتخابات الأدارة الأميركية، في وقت دللت فيه نتائج انتخابات البرلمان الأوربي على ان حكومات اوروبا (العجوز) في وضع لاتحسد عليه؟! . . الأمر الذي قد يكون بعيداً عن حساب آمال وحاجات اعادة بناء العراق وسلامة ابنائه ! ان ادارة الأحتلال مطالبة بعدم الأكتفاء بذكر ملايين الدولارات المرصودة كمصاريف للمحاكمة، التي لايعرف انها لتغطية ماذا، هل هي لأنشاء بناية وقفص اتهام مدرّعين ؟! ام لتغطية مصاريف شركات قانونية وخبراء دوليين، ام ماذا؟ ويرى العديد من المراقبين ان اعطاء الصورة الواقعية لوجهة صرف ملايين الدولارات المرصودة للمحاكمة، أمر ضروري لأطلاع ومواكبة العراقيين من جهة، من اجل كسب الثقة بأن هناك عملية تجري فعلاً لوضع حد للجريمة تستهدف كبارها وليس الصغار وحسب، من اجل اعادة بناء جادة نحو الأستقرار. ان الأسراع في محاكمة صدام ومجرميه الكبار، وحتى البدء بمحاكمة عدد من الذين تهيأت ضروريات تقديمهم الى المحاكمة بعد اكثر من عام على سقوط الدكتاتورية والذي يشكّل فترة اكثر من معقولة لجمع الأتهامات، يشكّل خطوة كبيرة في طريق تحقيق الأستقرار، حيث ان البدء بالمحاكمات، يعني ان هناك رغبة حقيقية لأنصاف الشعب العراقي بالوان طيفه القومية والدينية والسياسية وطوائفه وكونه يستحق ( لمن لم يفهم بعد) تعويضه بالديمقراطية البرلمانية الفدرالية بعد ان دفع ثمنها غالياً، وسيقطع الطريق على من يلوّح بعودة الدكتاتور الى الحياة السياسية والى حزبه الذي لم يدنْه، وعلى من يسوّغ تمهيد الطريق له بالأرهاب والجريمة. ان الأسراع بالشروع بمحاكمة كبار القتلة والمجرمين، سيردع ويخيف المجرمين والقتلة المطلقي السراح، وسيسرّع فرز المجرمين عمّن أُجبروا على الأنتماء حينه وسيشجعهم اكثر على الأنحياز الى عملية اعادة البناء وحوز رضى ابناء جلدتهم . . وينبّه العديد الى ضرورة الأنتباه الى الوقت المهدور بين انواع التصريحات التي تصعد وتخفت، لتظهر مجددا والتي تتنوّع، من معاني حقوق اسرى الحرب، الى استكمال المعلومات، والقوانين والأعراف الدولية ـ التي تحمي صدام ولم تحمِ شعب العراق بملايينه في زمنه ـ وصولاً الى الوضع الأمني الذي سيتحسّن كثيراً بالبدء بالمحاكمات بتقدير الكثير. في ظرف يبدو فيه ان الوقت المهدور لايزال يطول والذي لن تستفيد منه الاّ فلول صدام في سعيها لتثبيت البعث العفلقي الصدامي كطرف في معادلة الحكم، وكأن جرائم ابادات كبرى من المقابر الجماعية والأبادة بالأسلحة الكيمياوية الى اشعال الحروب واحتلال الجيران، لاتكفي بالبدء .
16/ 6/ 2004 ، مهند البراك ــــــــــــــــــــــ (*) المقصود هنا قادة الدكتاتورية الكبار، وليس مئات الصغار.
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل درء خطر الدكتاتورية والحرب الأهلية ! 2 من 2
-
من أجل درء خطر الدكتاتورية والحرب الأهلية ! 1 من 2
-
حول الخصخصة في الحروب 2 من 2
-
حول الخصخصة في الحروب 1 من 2
-
تسليم السلطة وانهاء الأحتلال، ودور القوى الوطنية ـ 3
-
تسليم السلطة وانهاء الأحتلال، ودور القوى الوطنية ـ 2
-
تسليم السلطة وانهاء الأحتلال، ودور القوى الوطنية ـ 1
-
الديمقراطية . . ونزيف الدم ؟
-
كي لايكون العراق غنياً للعالم، فقيراً لأبنائه !
-
لمناسبة عامه السبعين سلامٌ حزب الكادحين !
-
لم ينلْ (الكيمياوي) من شعلة النوروز !
-
المصالحة الوطنية كبديل للدكتاتورية
-
حازم جواد لايتذكّر 2 من 2 الزعامة مهما كان الثمن ؟!
-
في 8 آذار-الدفاع عن المرأة ودورها شرط اساس لتقدّم المجتمع
-
المجد لشهداء عاشوراء ماهي خطة صدام بعد السقوط ؟
-
حازم جواد لايتذكر ـ 1 من 2 محاولة عقيمة لتجميل الماضي
-
نصفنا الآخر ـ 2 حقوق المرأة والصراع الأجتماعي الطائفي
-
نحو 8 آذار، نصفنا الآخر ـ 1 قضية المرأة، قضية المجتمع بأسره
-
ادارة الدولة والتنوّع العراقي ـ 2
-
قانون ادارة الدولة والتنوّع العراقي ـ 1
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|