أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج فارس - إلى المبجّل أبيقور... حول صلاح وقدرة الكائن الأسمى















المزيد.....

إلى المبجّل أبيقور... حول صلاح وقدرة الكائن الأسمى


جورج فارس

الحوار المتمدن-العدد: 2854 - 2009 / 12 / 10 - 21:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل يريد الله أن يمنع الشر لكنه لا يقدر؟ حينئذ هو ليس كلي القدرة، وهل يقدر لكنه لا يريد ؟ حينئذ هو شرير.
هل يقدر ويريد ؟ فمن اين يأتى الشر اذن ؟ هل هو لا يقدر ولا يريد؟ فلماذا نطلق عليه الله إذاً؟
إما أن الله يريد أن يمحو الشر لكنه لا يقدر، أو أنه يقدر لكنه لا يريد، أو أنه لا يقدر ولا يريد.
إن كان يريد ولكنه لا يقدر فانه ليس كلى القدرة...!
إن كان يستطيع ولكنه لا يريد فانه شرير..!
لكن إن كان الله يقدر ويريد أن يمحو الشر فلماذا يوجد الشر فى العالم ؟

المبجّل أبيقور
كم استهوتني هذه التركيبة المنطقية وكم من الأفكار التي اُعتملت في داخلي بسببها، وكم تمنيت لو كنتَ أنت هنا علّك تقبل أن تحاورني بشأنها فإني متأكدٌ أنه ما زال لديك الكثير لنتعلم منه. لذلك أرجو منك أن تقبل مني بعض الأفكار الصغيرة المتواضعة أضعها أمامك فيما يخص هذه القضية، ولكن اسمح لي قبل البدء أن أقوم بتغيير اسم الله في هذه التركيبة إلى الكائن الأسمى حتى لا يتم الخلط بين الإله الذي أتحدث عنه وبين الله المتعارف عليه بين عامة الناس والمُختَلف عليه بين الأديان.

من الواضح أنّ هذه القضية تُحمّل مسؤولية الشر كاملةً لذلك الكائن الأسمى وكأنه هو المسؤول الأوحد عن كل الشرور في كل مكان وعلى مر العصور والأزمنة، وأعتقد بأنه هنا توجد الحلقة المفقودة التي يجب مناقشتها في هذه القضية ألا وهي المسؤولية، لذلك اسمح لي وفي معرض حديثي عن هذه النقطة أن أميّز بين الشر الذي من صنع الإنسان وبين الشر الذي ينتج عن الطبيعة والبيئة التي نعيش فيها والكون المحيط بنا.

فيما يخص الشر المسجل باسم الإنسان:
فإن هذا الشر الذي يقوم بصنعه الإنسان كالحروب والمجاعات والقتل والتشريد والاستبداد والظلم وإلى ما هنالك من أفعال شائنة قد تم وضعه كاملاً على كاهل الكائن الأسمى وتحميله كل المسؤولية الناتجة عنه دون أن تتم الإشارة ولا حتى بإصبع اتهام واحد للانسان الذي يعتبر الفاعل الأساسي والمنفذ الحقيقي لهذا الشر، وكأن هذا الانسان هو كائن بريء تماماً مما يحدث. لذلك لابد لنا أولاً من تحديد المسؤول الحقيقي عن هذا الشر ووضعه تحت المساءلة الأخلاقية وهو برأيي الإنسان وليس الكائن الأسمى.
ولكن هنا يفرض السؤال التالي نفسه علينا وهو أنه وباعتبار أن الكائن الأسمى هو كلي الصلاح وكلي القدرة فلماذا لا يوقف الانسان الشرير عن القيام بشره وينهي الشر؟ وهنا أتذكر قصة حضرتها على شكل مسلسل تلفزيوني (على فكرة التلفزيون هو اختراع جديد في عصرنا سأحدثك عنه لاحقاً) المهم أن هذه القصة تنتهي عندما يقوم الأب الصالح بقتل ابنه الشرير ثم يبدأ بالبكاء حيث يقول مبرراً فعلته بأنه قتل ابنه الشرير كي يقتل الشر الذي فيه، ومن هنا يمكنني القول بأنه لو أراد الكائن الأسمى أن ينهي الشر الموجود في العالم وبعد الأخذ بالاعتبار أن الشر هو جزء من الإنسان فإذاً على الكائن الأسمى هذا أن يقوم بالقضاء على هذا الإنسان الشرير، ولكن في حال قام هذا الكائن الأسمى بعملية التصفية هذه فأعتقد بأن النتائج ستكون كالتالي:
أولاً: قد يقضي على معظم البشرية إن لم يكن جميعها من أجل القضاء على هذا الشر المستفحل فيها.
ثانياً: ستُظهر فعلته هذه عدم احترامه لحق الإنسان بالحياة الذي من المفترض أنه هو من خلقه وهو من أعطاه هذه الحياة.
ثالثاً: سيكون قد خسر فرصة محاولة إصلاح الإنسان وتغييره إلى الأفضل كخيار هو أفضل وأسمى من القتل والتصفية.
ولكن هنا أيضاً يقاطعنا التساؤل التالي وهو لماذا لم يتم إصلاح الإنسان حتى الآن من قبل هذا الكائن الأسمى؟
وهنا أقول بأن عملية إصلاح الإنسان وتغييره هي عملية يجب أن تتم بموافقة الإنسان ورضاه، فلا يمكن للكائن الأسمى أن يفرض هذا التغيير علينا كبشر وإلاّ سيكون أثبت لنا أنه دكتاتوري واستبدادي وبأنه لا يحترم حرية وخصوصية كل واحد منا حيث سنتحول حينها إلى مجرد أناس مسيّرين ومبرمجين من قبل الكائن الأسمى.

أيها المعلم الجليل
إن شر الإنسان هو دليل كبير على أن الكائن الأسمى يحترم حريته التي منحها إياه، وبالمقابل فإن وجود الكائن الأسمى هو أكبر ضمان للوصول إلى العدالة المنشودة، لأنه بدون وجود هذا الكائن الأسمى لن يكون هناك عدالة مطلقة أبداً.

أما فيما يتعلق بالشر الناتج عن الطبيعة والبيئة:
فلا أحد ينكر أن الكثير من مشاكل البيئة وكوارثها ناتج عن سوء استخدام الإنسان للموارد الطبيعية المتوفرة حوله (طبعاً هذا لم يكن في زمانكم ولكن اليوم يوجد الكثير من الإختراعات التي تلوث البيئة، من الممكن أن نتحدث عنها لاحقاً) وبذلك يكون الإنسان مسؤول جزئياً عن نتائج هذه الكوارث وما ينتج عنها من أمراض ووفيات وإعاقات، ولكن هل يمكننا القول بأن الكائن الأسمى هو المسؤول الآخر عما تبقى من كوارث طبيعية؟
قبل أن نوجه الإتهام إلى هذا الكائن الأسمى ونحمله مسؤولية ما تبقى من الشر أرجو أن نأخذ بعين الإعتبار النقاط التالية:
أولاً: إن العالم الذي نعيش فيه يعتبر وحدة واحدة متكاملة في كل أجزائه وهو يتفاعل مع المتغيرات ويتأثر بها ضمن قوانين فيزيائية وطبيعية تسيّره ولم يكن الكثير من هذه القوانين معروفاً في زمانكم، حيث أنه وبعد تطور العلم لم يعد أحد يؤمن بأن هذه الكوارث هي من غضب الآلهة وسخطها على الإنسان، فاليوم الكل يعلم أن العالم يسير ضمن قوانين ثابتة وأن لكل فعل رد فعل وبأن الكثير من هذه الظواهر تحدث بشكل طبيعي، ولكن تكمن المشكلة عندما تحدث هذه الظواهر كالزلازل أو البراكين في مناطق يسكنها البشر.
ثانياً: بالنسبة لنا كبشر يعتبر الموت هو نهاية المطاف أي تعددت الأسباب ولكن الموت واحد، وأما بالنسبة للكائن الأسمى فالموت هو عبارة عن انتقال الإنسان من مكان إلى آخر أو من بُعد إلى بُعد وبالتالي فإن الإنسان يكمل حياته ولكن ليس في بُعدنا المنظور وإنما في بُعد الكائن الأسمى الغير منظور بالنسبة لنا وهو على ما أعتقد لا يمكن إعتباره شراً بالنسبة للكائن الأسمى.

أيها المبجل أبيقور
اسمح لي في الختام أن استخدم منطقك الذي بدأتُ به ولكن مع تغيير في بعض معطياته:

هل يريد الإنسان أن يمنع الشر لكنه لا يقدر؟ حينئذ هو عاجز، وهل يقدر لكنه لا يريد ؟ حينئذ هو شرير.
إن كان يريد ولكنه لا يقدر فانه بالتأكيد عاجز وبالتالي هو بحاجة إلى كائن أسمى كلي القدرة لمساعدته على الوقوف ضد الشر...!
إن كان يستطيع ولكنه لا يريد فإذاً هو شرير، وبالتالي هو بحاجة أيضاً إلى كائن أسمى كلي الصلاح ليقوم بعملية إصلاحه وتغييره للأفضل..!
لكن إن كان الإنسان يرفض الإصلاح والتغيير فماذا بوسع الكائن الأسمى أن يفعل؟؟

لك مني أيها العظيم كل التقدير والمحبة والإحترام وعلى أمل أن ألقاك يوماً ما في بعدٍ ما.....



#جورج_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا نحيا معاً؟...!
- ما بين المحبة والموت...
- صلاة أم شريط مسجل....!
- منطق الإله... وعقل البشر
- يسوع المسخ أو كما يقولون عنه.....
- ماذا لو لم يكن هناك إله...؟!
- حقيقة وجود المسيح بين التساؤل والبحث..
- معادلة المساواة....
- حوار مع الإله
- المرأة ليست نصف المجتمع...!
- رسالة من إله مجهول...
- الحرية.. العشوائية.. والفوضى
- قدسية الحياة.. وثقافة الموت
- امتلاك الحق المطلق
- انسانية الإله


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج فارس - إلى المبجّل أبيقور... حول صلاح وقدرة الكائن الأسمى