|
(لايوجد أكثر جدية من الطفل في لعبه ) فريدريك نيتشه- أطفالنا واللعب
عصام عبد العزيز المعموري
الحوار المتمدن-العدد: 2853 - 2009 / 12 / 9 - 20:05
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
(لايوجد أكثر جدية من الطفل في لعبه ) فريدريك نيتشه (أطفالنا واللعب )
يعتقد الكثيرون من غير المتخصصين في التربية وعلم النفس أن اللعب بالنسبة للطفل هو مجرد طريقة لتمضية الوقت وإشغال الذات ، وهذا فهم خاطئ لأن اللعب للطفل هو التربية والاستكشاف والتعبير الذاتي والترويح والعمل 0 انه أنفاس الحياة بالنسبة للطفل .. انه حياته. وللعب في حياة الطفل من الوجهة النفسية والتربوية أربع وظائف ، وظيفة ترفيهية وتعليمية ووظيفة التعويض ووظيفة التعبير ، حيث يشكل لعب الأطفال الأداة الرئيسة لدراسة الطفل وتنظيم تعلمه وتدريبه والتعبير عن ذاته وتعويض ما يعانيه ، كما أنه يعمل على تشكيل الطفل في هذه المرحلة الحاسمة . وتظهر أهمية لعب الأدوار عندما تنفتح أمام الطفل أبعاد العلاقات الاجتماعية 0 ويتعلم الطفل من اللعب الجمعي الضبط الذاتي والتنظيم الذاتي ، إذ هنا يخضع للجماعة وينسق سلوكه مع الأدوار المتبادلة فيها . أثبتت الدراسات أن اللعب يعد أساسيا" ضروريا" لنمو العضلات واكتساب المهارات الحركية التي يحتاجها . ويساهم اللعب بصورة فعالة في أن يكتشف المعلم الواعي مظاهر الاضطراب في تطور الطفل . ويتمكن المعلم أيضا" من تحديد مرحلة النمو العقلي ليكتشف أفضل الطرق لتنظيم تعلمه وتوجيه نموه . ولا يقتصر دور اللعب على الدور التنظيمي بل يتعداه إلى جانب التعلم والاستكشاف إذ إن اللعب يساعد الطفل على اكتشاف العالم المحيط ويسهم في تنشئة الطفل اجتماعيا" واتزانه عاطفيا" وانفعاليا" .فالطفل يتعلم من خلال اللعب مع الآخرين التعاون والإيثار والأخذ والعطاء واحترام حقوق الآخرين . ويؤدي اللعب دورا" في تكوين النظام الأخلاقي للطفل ، ومن خلال توجيه الكبار وإشرافهم يكتسب الأطفال معايير السلوك ، ويتعلمون الخطأ والصواب والحق والواجب . وتدعيم هذه يتم عن طريق اللعب نفسه ، فالطفل يتعلم أن يكون أمينا" ومتعاونا" وموضع ثقة وقادرا" على التحكم بعواطفه عند الخسارة والكسب. بعد الوظيفتين الترفيهية والتعليمية يؤدي اللعب وظيفة التعويض ، إذ يهيئ للطفل مجالا" لإعادة التوازن لحياته 0فالطفل يتخلص من التوتر الذي يتولد عنده نتيجة القيود والضغوط ، كما أن اللعب يشكل وسيلة ناجحة في التخلص من الكبت عندما يتعرض الطفل للضرب ويعجز عن الرد ، ويشعر بالتوتر من الناحية الانفعالية ، فيحاول استعادة التوازن بأن يلعب دور الكبار في بعض أنماط اللعب الإيهامي فيضرب من هو أصغر منه ، وقد يقوم بضرب الدمى وتوجيه نفس العبارات التي يوجهها الكبار . وكذلك قد لايجد الطفل أطفالا" آخرين يلعب معهم ، فيلجأ إلى الدمى والأشياء الجامدة ليتخلص من الكبت الذي يعاني منه نتيجة حرمانه وكبته 0 وهكذا فالطفل يحقق عملية علاجية مهمة من خلال اللعب فيتخلص من رغباته المكبوتة ونزعاته العدوانية ومخاوفه 0 أما الوظيفة الرابعة للعب فهي التعبير ، فالطفل عندما يلعب يطور قدراته الجسدية والعقلية والانفعالية ، بالإضافة إلى أنه يطور قدراته على التعبير والتواصل ويطور قدراته اللفظية ، واللعب هو أداة تعبيرية تجعل التواصل بين الأطفال الذين ينتمون إلى جماعات ثقافية أو لغوية مختلفة أمرا" ممكنا" وينجح اللعب كأداة للتواصل بين الأطفال والكبار حين يخفق التعبير اللفظي . وتعد الألعاب التي يمارس الأطفال من خلالها الرسم والزخرفة والتصوير والنحت والتمثيل والموسيقى والرقص والغناء من أقدر ألوان اللعب التعبيري 0 ويمكن إيجاز أهمية اللعب في التربية بما يأتي : 1- اللعب يوفر له فرصة التغيير وهي حاجة أساسية عند الإنسان ، فلابد في الحياة من تغيير العمل لكي لاتصبح الحياة مملة والعمل مضنيا" 0 2- يجذب انتباه الطفل ويشوقه إلى التعليم ، فالتعليم باللعب يوفر للطفل جوا" طليقا" يندفع فيه إلى العمل من تلقاء نفسه 0 3- يمكّن الكبار من مساعدة الطفل على حل مشكلاته وأزماته الشخصية أو يوفقهم على مفاتيح هامة لمسلكه 0 4- اللعب الجماعي تقويم لخلق الطفل ، إذ يخضع فيه إلى عوامل مهمة كالمشاركة الوجدانية والتضامن مع الزملاء 0 5- ينفس عن التوتر الجسمي والانفعالي عند الطفل 0 6- يدخل الخصوبة والتنوع قي حياة الطفل 0 7- يعطي الطفل مجالا" لتمرين عضلاته كما في ألعاب الحركة والمجهود الجسمي 0 8- يعطي الطفل فرصة لاستخدام عقله وحواسه وزيادة قدرته على الفهم 0 9- يتيح الفرصة للطفل ليعبر عن حاجاته التي لايعبر عنها التعبير الكافي في حياته الواقعية 0 10- يعلم الطفل أشياء جديدة عن نفسه وعن العالم المحيط به 0 وهكذا نرى مما تقدم أن اللعب هو وسيلة تفريغ الطاقة عند الطفل وهو الوسيلة التي يختارها الطفل للتعبير عن ذاته بالعمل دون أي اعتبار للنتائج التي يجنيها ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا أن اللعب يمثل مدرسة ، حيث أن الطفل يتعلم بواسطته مالا يستطيع أحد أن يعلمه إياه ، فهو يتعلم كيف يتعرف على الأشياء ويتجاوب معها ، ويتعلم مشاكل العلاقات الإنسانية وكيفية أصول الاتصال بالناس والكفاح من أجل الوصول إلى الهدف .ولما كان للعب مثل هذا الدور الهام في التعلم والتربية فما أحرانا أن نجعله موضع اهتمامنا ودراستنا ، ونتعامل معه على أساس دوره التكميلي لنمو أطفالنا النمو السوي 0فبعد أن كانت التربية التقليدية تعتبر اللعب عدوا" للوقت والجهد وتحول بينه وبين الأطفال جاءت التربية الحديثة لتعزز موقفه ، وتعتبره ضروريا" للنمو الجسمي والعقلي والاجتماعي والانفعالي ، وتؤكد على أنه ميل طبيعي له غاياته التربوية ، ولذا فلاغرو إن وجدنا معظم علماء التربية يؤكدون على جعل اللعب مبدآ من مبادئ التربية وانه وسيلة هامة لتربية الصغار ، والتربية الحديثة لاتولي اللعب مثل هذه الأهمية إلا لأنه يلعب دورا" بارزا" في مختلف أنواع النمو الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي ، حيث من خلال اللعب يكتشف الطفل بيئته ويتعرف إلى ذاته كما انه يتعلم ثقافة مجتمعه وقيمه ويطور قدراته ومهارات التفكير المختلفة التي يحتاجها في حياته ويكتسب اللغة ومفرداتها ، وهي عناصر أساسية للتواصل مع حوله 0 ينبغي ألا يترك اللعب دون تخطيط سليم 0 ومن غير الممكن ترك عملية نمو الطفل للصدفة 0 وفي مجال اكتساب المعرفة فان اللعب يؤدي الى مايلي : 1- نمو مهارة جمع المواد 0 2- اكتساب مهارة الرسم الحر للتعبير عما يراد من أفكار 0 3- نمو مهارة الإجابة عن الأسئلة المنظمة ، وتكوين الجمل المفيدة والتعبير الحر عن أفكاره 0 4- نمو القدرة على تركيز الانتباه على العمل الذي يختاره 0 5- زيادة الحصيلة اللغوية والقدرة على التعبير عن موضوعات معينة 0 إن مايجب أن يعرفه أولياء الأمور إن استخدام الطفل لحواسه المختلفة هو مفتاح التعلم وبدونه يعاق التعلم 0
( نشرت في جريدة الصباح العدد 342 في الثلاثاء 8 رجب 1425 هجري الموافق 24 آب 2004 م ، صفحة زهرة المجتمع ، صفحة رقم 6
#عصام_عبد_العزيز_المعموري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلسلة حوارات مع أكاديميي ومثقفي محافظة ديالى- الاستاذ الدكتو
...
-
لكي لا يكون التعليم مهنة من لا مهنة له
-
الخرس الزوجي في بيوتنا
-
كيف تكون قارئا- مرنا- ؟ How To Be Flexible Reader
-
تنمية التفكير في غرفة الصف
-
المبدعون والتوفيق بين المتعارضات
-
الأديبة ( مي زيادة ) وسيكولوجية الابداع
-
من أجل شيخوخة بلا هموم
-
من أعلام العراق00 د0 نوري جعفر : التفكير حق مشاع لكل الناس
-
كيف تلقي محاضرة فعالة ؟
-
التفكير.. هل يمكن تعليمه ؟
-
حوار مع الدكتور فاضل عبود التميمي
-
لماذا ترتدي المرأة العراقية الحجاب؟؟
-
المبدعون وغرابة الأطوار
-
حوار مع الكاتب والقاص(ضمد كاظم وسمي)/بعقوبة_العراق
-
ماذا يقرأ اكاديميو ومثقفو بعقوبة؟
-
القطيعة بين الاكاديميين والابداع.... كيف نفسرها؟
-
حوار مع المترجم احمد خالص الشعلان
المزيد.....
-
بين فرح وصدمة.. شاهد ما قاله فلسطينيون وإسرائيليون عن مذكرات
...
-
عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بحرب الإبادة في غزة ولبن
...
-
2024 يشهد أكبر خسارة في تاريخ الإغاثة الإنسانية: 281 قتيلا و
...
-
خبراء: الجنائية الدولية لديها مذكرة اعتقال سرية لشخصيات إسرا
...
-
القيادي في حماس خليل الحية: لماذا يجب علينا إعادة الأسرى في
...
-
شاهد.. حصيلة قتلى موظفي الإغاثة بعام 2024 وأغلبهم بغزة
-
السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق
...
-
-بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4
...
-
فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز
...
-
عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|