أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حامد حمودي عباس - متى لهذا العراق أن يستريح ؟؟















المزيد.....

متى لهذا العراق أن يستريح ؟؟


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2853 - 2009 / 12 / 9 - 18:11
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


لا أعرف سببا لأن يكون هذا العراق ، مكمنا لكل ما تحمله الدنيا من أسى ، ورحما يحمل في قراره كل موبقات الحزن ، حتى أضحى ملهما متميزا للشعراء وحملة الابداع في الفنون من ابنائه ، كي يضعوا أصدق التعابير عن مشاعر الألم أدبا وفنا وقصائد مغناة .. فجميع ما خطر على البال من مبررات لحدوث هذا الكم الهائل من عمليات الهدم المنظم لهذا البلد العريق ، بما يحمله من تاريخ تقول عنه الدنيا بانه تاريخ حافل بصفات تكفي لأي مواطن ينتسب اليه ، ان يفخر بهذا الانتساب ، تبدو غير كافية لتضع العقل البشري الواعي في حيز بعيد عن اللامعقول .

لقد قيست ملامح تاريخ البشرية بمفاصل بعينها حدثت وانتهت لتعقبها أحداث من نوع آخر .. وسجلت لنا كتب القدماء والمحدثين ممن تولوا عملية سرد السيرة الذاتية للشعوب ، ما يجعلنا أمام متغيرات عاشتها تلك الشعوب ، وكانت جملة من التحولات السائرة باتجاه التقدم ولو بدرجات ، إلا العراق .. هذا البلد المبتلى بأبنائه ، وضحية تاريخه ، ومن ساهموا بصنع ذلك التاريخ المعتم والملون بلون الدم .

لم يمر عام والعراق ليس فيه نزيف من الدماء ورقاب تنحر على دكة النخاسة السياسية البذيئه .. ولم يشهد العراقيون زمنا فرحوا به غير فترات توهموا بأنها بحبوحة يؤمها السلام ، فتبين بأنها مجرد محطات للراحة تجمع فيها قوى الشر سراياها لتنقض من جديد ممعنة في البلاد والعباد فتكا وتمزيقا واستهتارا بالكرامه .. ولم يسترح شعب العراق من ظلم جلاديه من أبناء أرضه منذ أن طرد الغزاة المستعمرين واعلن له علما ونشيدا وطنيا يحمل معاني الاستقلال .. ولم يهنأ الشعب العراقي دهرا ، طال ولم ينته بعد ..

ليست هناك أم سلخت روحها ونزفت عروقها دموعا ودما كالأم العراقيه .. ولم تكن بين سكان المعمورة زوجة أثقلت عليها محن الدهر كما هي عليه الزوجة العراقيه .. ولا يوجد في عموم الدنيا ، مهما عرضت علينا وسائل الاعلام من قصص الشعوب الاخرى ، سبايا للفقر والانحسار الحياتي كما هي عليه عموم الاسر في العراق .. كل هذا والارقام تشير بكل وقاحة الى ان العراق يطفو على بحر من البترول ، وتموره هي اجود التمور في العالم واغزرها كثافة في النخيل ، وأصقاعه تضم بين طياتها افخر المعادن واكثرها ندره ، ومياهه العذبة تناشد من يمسك بعنانها ليوجهها الى حيث العطاء وتوفير أسباب الرزق الحلال .. كل ذلك يحويه العراق وأمهاتنا واللاحقات بهن ممن لا زلن يذقن الهوان من الامهات لم يحسن التعود بعد على منظر طفل رضيع ينام في عربة ، ولا يعرف الطفل أساسا بان هناك عربات للاطفال .. كل ذلك الخير يقرن في بلادي وبدأت ولم تنتهي بعد حفلات الدم والذبح والتهجير وتفخيخ الجثث الآدمية بالديناميت كوسيلة للحوار السياسي وسبيلا لبلوغ الغايات .

لقد لمحت رجلا وهو يحمل ذراعا بشرية مقطوعه خلال التفجيرات الاخيرة في بغداد ويعرضها امام الكاميرا وكأنه يحمل حزمة من فجل .. وآخر يسير بهدوء وفي كفه كومة من لحم ليلقي بها في مكان ما على الرصيف .. وقد فر عيالي من حولي وهم مرعوبين من مناظر تجتمع فيها كل همجية غابات وادغال افريقيا ، وتحز في دواخلهم بأن ما يرونه هو في وطنهم وليس فلما من أفلام هيتشكوك المرعبه .. حتى القنوات التلفزيونية المنتمية للعراق ولغيره من البلدان العربية كانت تتبارى لا على عرض أسفها على ما حل بالمساكين العراقيين ، وأنما لتأكيد مسار سياسي بعينه ، وتثبيت رؤى بنيت عل معتقدات وديانات ومذاهب .

كل هذا يحدث ، ولا حياء ولا ذرة من خجل تبدو على وجوه من جيء بهم ليتولوا أمر شعبهم ويكونوا حكاما عليه ونوابا ينطقون باسمه .. ولم تطفو على سطح الخارطة الرسمية أية دلالات تقول بأن الشعور بتسليط الظلم على الناس الابرياء قد بلغ مبلغا لا يسمح بالتمادي أكثر في تجاهل مقدرات الوطن .. فالأيدي لا زالت تلوح في الهواء ، والرقاب تهتز، والالسن تنطلق على راحتها ، والاقلام المثقفة جاهزة لسطر المزيد من المقالات المفعمة بارقى التحليلات السياسية لرسم المستقبل الآتي وعلى مهل .. فلا بأس من أن تطير رقاب الفقراء من الباعة المتجولين والهاربين من نار البطالة بتفجيرات يتشفى السياسيون من خلالها ببعضهم البعض ، شرط أن يدوم الحال ، وتستمر المحرقة ، وتذوب مسببات التغيير نحو الافضل .

الغيارى على مصير العراق وشعبه ، منهم من يقول بأن الوضع لا أمل في أن يتمخض عن عملية استبدال قريبة يحل من خلالها الامن والامان ، وآخرون – وأنا منهم – من يلقي باللوم على شعب بدا مستكينا لا يقوى على إحداث عطسة بوجه المستهينين بكرامته وسارقي قوته ، فلم نرى مظاهرة سلمية واحدة تجمهر من خلالها المتضررون أمام وزارات الحكومه ليصرخوا وبقوة ( أن كفاكم استهتارا بحقوقنا .. ومن لا يلتزم بما نريد فليرحل ) .. لم يحدث هيجان عام في المناطق التي تكررت فيها التفجيرات ليحمل أهالي الضحايا أشلاء ابنائهم ويقتحموا المؤسسات الامنية وحتى بناية مجلس الوزراء ليتحسس من لديهم سلطة القرار بأن الحال يجب ان تتوقف وبلا ابطاء .. ولم يعترض الجمهور المطارد في رزقه وحياته باستمرار، سيارة نائب قزم تربع على كرسي البرلمان دون وجه حق ، ليقلبها على رأسه أو حتى يهزها في مكانها كتعبير عن الاحتجاج المر على ما يحدث . .

لقد بات من غير المجدي أبدا أن نبقى أسرى لأطلال مضت ، وحبيسين للخوف من عودة الماضي الميت ، بحيث نحمله كشماعة مفزعة لمن يطالب بحقوقه في الحياة دون منغصات ، ولابد لجميع المثقفين العراقيين ومن مختلف الاوساط أن يقولوا كلمتهم ، بحيادية مجردة ، تنتمي لصفوف الفقراء من ابناء الشعب ، والذين أصبحوا عرضة لعمليات الإبادة المنظمة دون العثور على من ينتصر لهم ويوقف حمامات الدم من حولهم ..

بات على الغيارى الحقيقيين من حملة الفكر الواعي أن يتوقفوا فورا عن مسايرة التيار الثقافي العام ، والممعن في مغازلة ركب التخبط المؤدي الى اسقاط المزيد من الضحايا الابرياء تحت طائلة سيل من التفسيرات التحليلية لزوايا تجربة بدت تحمل فشلها بوضوح ، ولابد من التركيز المكثف الان على ضرورة ان يأخذ القادرون على ادارة دفة المركب اماكنهم ، للعودة بالبلاد الى بر الامان بعد أن تخطت وبنجاح الخط الفاصل بينها وبين عهد دكتاتوري ظالم ، ولا مناص والحال قد وصلت الى ما وصلت اليه من سوء ، إلا أن تخضع الامور لسياسة علمانية كفوءة تغادر بنا حدود الطائفية المقيته وتخرجنا من هذا الجب المكروه .

إن القراءة العقلانية لطبيعة ما يجري الان على الساحة العراقية ، لا تنبيء بنهايات قريبة يتم فيها تصفية الحسابات المتنوعه بين أطراف ما يسمى بالعملية السياسية ، ولا يبدو واضحا أن المحيط العربي القريب من العراق ، سوف يرعوي ويرفع أياديه عن الاضرار بشعبنا المغلوب على أمره كي يترك له معالجة مصيره داخل وطنه وبالطريقة التي يشاء .. وهذا معناه المزيد من الضحايا وعمليات القتل الجماعي وخلق الاجواء الاستثنائية المحدقة بالجماهير العزلاء والامعان في إحلال الخراب العام في البلاد .. ولذا فإن من المفيد الترديد على الدوام ، بضرورة أن يأخذ مثقفونا من جانبهم موقفهم المعهود والمرتكز على توجهاتهم المسؤوله لخلق حالة من الرفض الشعبي العارم ضد مقترفي الجرائم بحق ابناء الشعب ، أيا كانوا وأيا كانت مواصفاتهم ومواقعهم .. ولابد من فضح اسباب الاهمال المتعمد لتوفير الخدمات الحياتية والضرورية في البلاد ، من خلال إنهاء حالات الاختلاف السياسي المرتكز على الاحتراب الطائفي المقيت ، والدعوة الى التخلي الطوعي عن مراكز القرار من قبل العاجزين عن إيجاد الحلول المنطقية للمعضلات المستشرية والمتعلقة بحياة الجماهير ..

لقد بات من الضرورة بمكان ، أن يتخلى الجميع عن ترديد الافكار الجاهزة والمبنية على الانتماءات الحزبية الضيقه ، والتوحد ضمن تجمعات يكون هدفها الوحيد هو انهاء حالة اللاإستقرار والتوجه نحو ايجاد الحلول السريعة لمجمل الوضع العراقي الشاذ ، والحيلولة دون حدوث المزيد من عمليات القتل الجماعي لابناء الشعب وتحت أي مسوغ كان .









#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من بقايا الزمن الجميل .. عبد العزيز المعموري إنموذجا
- مهلا .. لقد إكتشفنا مؤخرا ما يحميكم من ( انفلونزا الخنازير ) ...
- من يحمي النساء المتزوجات من ( عرب ) في البلدان الاوروبيه ؟؟ ...
- عن أي مسرح نتحدث ، والمواطن في بلادنا تأكله أرضة الفقر ؟؟
- لتتوحد كافة الأصوات الوطنية والتقدمية في بلادنا من أجل نصرة ...
- بين هموم النخبة الثقافية ، ومعاناة الجماهير .. مسافات لا زال ...
- ألبغاء .. وحياء المجتمع .
- صوتها من داخل الطائره
- لتتوقف جميع دعاوى التصدي الرجعي للمفكر والكاتب التقدمي سيد ا ...
- حملة من أجل إطلاق سراح الملكين المحجوزين بأرض بابل
- ألقطيعة بين قمة الثقافة العربية وقاعدتها .. أزمة تبحث لها عن ...
- ترى .. من يحمي بناتي من أجلاف البشر ودعاة أعراف الموت ؟؟
- ما ألمانع من خلق جبهة تتوحد فيها قوى التحرر القومي والوطني ا ...
- هذيان اللحظة الأخيره
- صرخة ألم في فضاء عذابات المرأة العراقية .. بائعات الملح يبصق ...
- عشق ما بعد الستين
- إعتذار
- نداء عاجل لكافة الوطنيين والتقدميين في العراق
- فلتسقط السياسه .. وليتوقف تدمير عراق النهرين والشط
- تحدي


المزيد.....




- اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأوروغواي
- اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأورغواي خلال الجولة الثا ...
- حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع ...
- صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
- بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
- فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح ...
- الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
- الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان ...
- مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حامد حمودي عباس - متى لهذا العراق أن يستريح ؟؟