|
تبويس اللحى بين الإخوان والرفاق
جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 866 - 2004 / 6 / 16 - 06:26
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
من غير المتوقع أن تنجح الجهود التصالحية التي يبذلها أكثر من طرف داخلي وخارجي في جسر الهوة السحيقة بين أركان السلطة السورية وبعض أطراف الإسلاميين وتحديداً الإطار التنظيمي للإخوان المسلمين..! وبالرغم من الخلفية الأصولية الشمولية المشتركة عند الطرفين، لكن بينهما أيضاً دماء سياسية طائفية سفحت، ومظالمٌ مهولة لا يزال بعضها مستمرٌ، وبينهما تياران إسلاميان وسطي شبه رسمي ينضوي تحت جناح وزارة الأوقاف وله مصالح متشعبة كثيرة و سلطويٌ ظلَّ يحظى على الدوام برعاية السلطة حتى في أوقات الصراع الدموي مع الإخوان وكلا التيارين سيفقد مصالحه، ونفوذه، ووجاهته في حال نجاح ولو جزئي لمصالحة ما تجري وساطات متعددة الأطراف من أجل تفعيل الحوار حولها واخراجه من حقل الاشتراطات التي يضعها الطرفان..! والأهم من كلِّ ذلك حقيقة أنَّ موضوع المصالحة الوطنية لم يُقّرْ في جدول أعمال السلطة حتى تاريخه.. والحوار الخفي مع الإخوان لا يتم بهدي هذه الضرورة الوطنية بل ينبع من احتياجات السلطة التي تعاني أزمةً إقليمية و دولية خانقة..! وجاءت العقوبات الأمريكية مؤخراً لتدفعها للبحث حتى عن الشيطان بهدف اكتساب بعض المقويات العضلية وتأتي التحركات، والزيارات، الخارجية في هذا السياق بغض النظر عن ضمان أي مردودٍ إيجابيٍ كونها تتم على حساب المتطلبات، والاستحقاقات الداخلية التي يفترض أن تكون هي الأساس الذي تبنى عليه سياسات البلد.. وهذا ما تدركه كل سلطة عاقلة، وعقلانية..! من ينظر إلى الداخل السوري اليوم، سيرى مفارقة ليست غريبة على الأنظمة الشمولية تتجسد في انعدام كل مظاهر الحياة السياسية في الوقت الذي يتطلب فيه وضع البلاد المأزوم خارجياً حيويةً سياسية مجتمعية تشاركيه متصاعدة .. ولا يغير من هذه الحقيقة المبادرات المتعددة لكن الخجولة التي يتقدم بها حلفاء البعث في الجبهة الوطنية التقدمية..! ومن باب الأمانة الاعتراف بالجرأة التي طبعت المقترحات الأخيرة التي تقدمت بها أحزاب الجبهة لتفعيل الحياة السياسية كمسألة كسر احتكار حزب البعث تحت مسمى الحزب القائد..! وإذا ما عرفنا أنه لا يوجد في سورية حركة طلابية.. ولا عمالية.. ولا شبيبية..ولا نسوية.. ولا مدنية كيفما كان شكلها فإنه يمكن بقليلٍ من التبّصر.. وبمحاولة تلطيف المشاعر الوطنية، وعقلنتها، إدراك أنَّ سورية تسير نحو المجهول.. وأنَّ نظامها يفتقد الإرادة الشجاعة للاعتراف بالفشل والحاجة للعودة المتواضعة إلى الناس لطلب السماح، والمشورة، والمشاركة بدل الهروب نحو الأمام ساعةً تحت عنوان الإصلاح الاقتصادي، وأخرى تحت مقولة الإصلاح الإداري ، ومن هنا من فقدان هذه الإرادة ، يأتي تكتيك السلطة الخفي، والسري، الذي يهدف في حقيقة الأمر لاستخدام الآخر، وامتلاكه كورقة رابحة يجري توظيفها في سياق المناورات السياسية الهادفة للالتفاف على الأوضاع الصعبة، ومحاولة الخروج من النفق وليس أكثر من ذلك كما يتوهم البعض..! على صعيد الفعاليات المجتمعية الأخرى، تقوم أجهزة السلطة المختلفة بنفس التكتيك حيث جرت ولا تزال عمليات احتواء بمختلف الأساليب.. وقد نجحت هنا وهناك في تحييد عدد مهم من تلك الفعاليات، وفي جذب بعضها للتناغم مع السيناريو غير المكتوب بحكم كونه شخصاني، ومرتجل، ومتقلب..بفعل السمة الأحادية التي وسمت السياسة السورية ولا تزال. حالة من الغيبوبة السياسية إن لم نقل العدمية، تمر بها سورية في الوقت الذي تواجه فيه إرهاصات، و استحقاقات كبرى مع كل يوم يمر وباستمرار هذا الثبات ، والبيات، والموات، سيجعل المستقبل أكثر ضبابيةً و خطورة.. وسيزيد من تسارع التراكمات السلبية الطابع التي لا بد أن تدفع الأوضاع في البلد إلى لحظتها النوعية المفارقة..!؟ 15/6/2004
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول هجرة أدمغتنا وهجرة ملائكتهم
-
هذا الميت
-
شجرة السرو والثرثرة الفارغة
-
ويتاجرون بدمائنا
-
بيان-حزب الكلكة هو الأقوى
-
هذا الزمن العربي الرديء
-
القوة الخارقة
-
الكتابة عن الحب والأشباح
-
حول التسلط وظواهره
-
الحق على الشياطين
-
صاحب الحزب وتبليط البحر
-
كفى زعبرة
-
التلميذ اللبناني النجيب
-
حول الكتابة وتجارها
-
بيان صادر عن حزب الكلكة القرمطي
-
الله والفوج الرابع
-
يا حسرتاه..!
-
الليلة الأخيرة
-
إصبع بوذا بين الشيوعية والليبرالية
-
حول العضوية في حزب القرامطة
المزيد.....
-
السعودية.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.2 مليون حبة كبتاغون
...
-
القبض على وشق بري يتجول بحرية في ضواحي شيكاغو
-
إصابة جنديين إسرائيليين في إطلاق نار قرب البحر الميت .. ماذا
...
-
شتاينماير يمنح بايدن أعلى وسام في البلاد خلال زيارته لبرلين
...
-
كومباني: بايرن يسير في الطريق الصحيح رغم سلسلة نتائج سلبية
-
سرت تستضيف اجتماعا أمنيا
-
انطلاق الاجتماع السنوي لمجلس أعمال بريكس
-
ميزة جديدة تظهر في -واتس آب-
-
يبدو أنهم غير مستعجلين.. وزير الدفاع البولندي ينتظر -أغرار-
...
-
قوات اليونيفيل: تم استهدافنا 5 مرات عمدا
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|