أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - أخي الإنسان العربي المسلم، تمهّل! الطريق من هنا...















المزيد.....

أخي الإنسان العربي المسلم، تمهّل! الطريق من هنا...


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 2851 - 2009 / 12 / 7 - 01:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أخي الإنسان العربي المسلم، تمهّل!
الطريق مِن هُنا...

إلى أية لغة سنصغي نحن العرب والمسلمون لكي نفكّ الاحتباس التواصلي(1) من حولنا؟ إذا أصغينا إلى خطاب القاهرة 2009 للرئيس أوباما فسوف نرتاح إلى حينٍ من عواصف الصحراء العاتية والتي لم تخمد رمالها بعدُ، ولكن بعد هُنيهة سنجمع شمل المرحّبين بالحل السحري في قصور الرمال التي شيدتها" الأوبامانيا". و إذا أصغينا إلى ردّ الرئيس الأندونيسي (تشرين 2009؛ جامعة هارفرد) على خطاب أوباما فسوف نرحّب بفكرته في استبدال "صراع الحضارات" بـ"التجمّع" (ترجمة رسمية لكلمة "كُنفلُوِنْسْ" بالانكليزية). والرجل معه حق لأننا لَو نحن أصغينا إلى صامويل هنتنغتن الباعث لمفهوم "صراع الحضارات" فسوف نندم على مخالطة أهل الغرب وحتّى على تعلّم لغاتهم. بل قل من أين لنا المناعة الذاتية حتّى نأمل في الصعود على حلبة الصراع؟ لا سيما أنّ هنالك من الغربيين (الباحث في الإسلام ستيفن فايدنر من ألمانيا) من يقول إنّ "جبهة الصراع سوف لن تكون بين الحضارات، بين العرب والعالم الغربي، أو بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي، وإنّما مباشرة في داخل العوالم ذاتها"(2). وهذا ما يثبّت لدينا فكرة الاحتباس وكذلك فكرة أنّ التصالح مع الذات بالنسبة لعالمنا يمرّ قبل التصالح مع العالم الخارجي. ومنه فالتصالح مع بيئتنا الداخلية مرحلة نحو التصالح مع العالم الخارجي.

وطالما أن ليس هنالك لغة واحدة تستأهل إصغاءنا إليها دون سواها، أقترح أن نصغي إلى كافة اللغات. وفي الآن ذاته. وهذه قد تبدو طوبى كلامية إلاّ أننا سنحاول، مع ذلك، تحويلها إلى فعل. كيف ذلك؟ سنحاول الإصغاء إلى كافة اللغات مجتمعة. فاللغة واحدة، يؤكد عالم الألسنيات نعوم تشومسكي في كثير من كتاباته، وما التفرع إلى لغات عديدة إلاّ تعبير عن تأقلم الإنسان مع الخصوصيات الثقافية للتعبير الشفوي والكتابي. سنحاول الاقتداء باللغة كنظام حي ومتحرك نتخذه أنموذجا لنظام لتسريح الاحتباس.

لنرى أوّلا بعض الأبعاد التي تكون فيها اللغة شاهدة على وضع المسلم المريض و هي تعرّي أعراض عِلّتة التي أسميناها الاحتباس التواصلي. ثم لنحدد موقفا أو مواقف يمليها علينا المنهج الألسني/التواصلي. وأخيرا نأمل في وضع حجر الأساس لإستراتيجية تكون ملائمة لطبيعة العلّة (الاحتباس التواصلي) وقادرة على تسريح القدرة الذاتية للإنسان العربي المسلم وتحريرها من كبّالات الاحتباس إلى درجة دفع هذا الكائن على الحركة والفعل التاريخي (3).
كيف نحن الآن؟ نحن نتكلم لغتين. نؤدي الفرض بالعربية ونثقب الأرض(كما يقول المثل الشعبي) بالفرنسية أو بالانكليزية. نُصليّ باللغة المحلية وننصب ونحتال ونكذب ونرتكب الرذيلة بالأجنبية. نُشهّد ونصلي ونصوم ونُزكي ونحج بالفصحى، ونحب ونعشق ونَكره ونُعاتب بالعامية.

قد نكون على شفا حفرة من سن اليأس في التواصل الشفوي. وكذلك الكتابي والسيميولوجي. "صباح الخير" بالعربية تخرج من بين الشفتين كرها، إن خرجت، قاصدة الجار والزميل ولفّهُما. أمّا بالأجنبية فتذيع رنّتُها من أقصى العالم إلى أقصاه لنحتفي بواسطتها بالأجنبي ونتملّق له. كأننا بذلك نعطيه مُهلة أطول للإشراف على ثرواتنا ولحراسة أراضينا السليبة في فلسطين وغيرها. كأننا نشكره على تموينه إيانا بما يُغرينا من أغراض المدنية.

نحن لا نعرف القبلة سوى في الصلاة وفي يوم عيد الأضحى. وإلاّ كيف نُدير وجوهنا عن الجار والأخ والعمّ وكأننا نلومه على تدهور الأوضاع في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان وباكستان؟ كأننا أصغينا أكثر من اللزوم إلى ذلك الآخر الأجنبي، بداعي تحضره، فأُصبنا بالتخمة. وفي المقابل لم نحضَ بإصغائه إلينا، فأصبنا بالإحباط. وعوضا عن أن نأخذ حقنا في استحقاق إصغائه إلينا، أخطأنا المرمى وقررنا أن نستردّ الحقّ "المسلوب" لدى بعضنا البعض. ولمّا لم تحصُل الاستجابة (لأنّ المطلب مغلوط من أساسه) لم نحاول وضع الأصبع على مكمن الداء، بل قررنا أن نُدير ظهورنا للآخر المحلّي مستظهرين بعدم استجابته كتِعلّة للانكماش على الذات حتى يأتينا الممات.

مسكين هذا الآخر المحلّي. نحن نُقصيه في الوقت الذي هو الذي من المفروض أن يتماهي مع الأنا. نقصيه بينما نستديم في إقامة وجوهنا شطر الآخر الخارجي ابتغاء الرقي الحضاري. مساكين نحن. أليس من الأجدر بنا أن ننجز الإقصاء تجاه العناصر التي تنتصب كحجر عثرة أمام التواصل بين بعضنا البعض، وبالتالي تفسد نوعية الصلة التي تربطنا بالآخر فتلوّث كامل المحيط الذي نأمل أن نصوغ من داخله منظورنا للرقيّ؟ فيكون إقصاءً بنّاءا، نبني به تماسك الذات مع الأنا. ويكون إقصاء بنّاءا لأنه سيحرر هكذا قدرة الشخصية المتماسكة.

إذن الآخر المتطفل ليس الآخر الجغرافي أو الآخر الثقافي من باب أولى وأحرى. إنه جملة العقائد لدى الفرد والمجتمع العربي الإسلامي التي تستلبُنا وتستبعدنا عن القبلة في الفكر وفي الفعل. وهو ما يفسر اللامبالاة التي نركن إليها في ما بيننا. وهو ما يسند استقالتنا الفكرية أمام الضغط اليومي الذي يمارسه العقل الكوني على ضمائرنا. وهو ما يكرس استقالتنا أمام قوى الهيمنة العالمية. إنّ هذه الأخيرة تقوم بمهامها الطبيعية من منظورها الخاص بها. وعوضا عن قيامنا بمهامنا من منظورنا الخاص بنا، استقلنا من طرح الفرضيات لبناء ذلك المنظور المفقود فتركنا الأرض عرضة لكافة أنواع الطفيليات السامة. والطفيليات كائنات تتغذّى من بيئة التقليد في الدين وكذلك من بيئة التقليد في الحداثة. والتعصب الديني أو ما يسمى بالإرهاب الديني إنما هو من حصاد الطفيليات. وما يسمى بتطبيع علاقات العرب مع الصهيونية من أقوى محاصيل زراعة الطفيليات. واحتلال أفغانستان ثم العراق من أسوأ ما حصدنا منها. ثم من الطبيعي أن توقد محاورُ الشر الفتنة بين الرأي العام العالمي باتجاه مرادفة الإسلام بالإرهاب لمّا نرى أنّ الردّ لا يأتي من الأديب والشاعر والعالم الغيور على الإسلام، بل من عند الملاكم والمصارع. أهكذا تكون الإجابة عن اختزال الخبر و تعميم الجهل؟ أتكون بتوظيف الكفاءات وتنمية الملكات أم باستعراض العضلات (4)؟ إنّ الآخر المتطفل القابع داخل الذات العربية المسلمة يحاول محو ما تبقّى لهاته الذات من فخر واعتزاز بالإسلام دينا، وكذلك بالعربية لغة، ليصون به العربي المسلم عرضه و يحفظ به ماء الوجه.

وليست هنالك مائة طريقة للتخلّص من الأعشاب الطفيلية سوى استئصالها من عروقها. الاستئصال لن ينجز إلاّ بالتفاؤل المنهجي.فلمّا أؤمن بوجوب استيعابي للآخر الإيجابي وضرورة إقصائي للآخر السالب المتطفل فإنّي أقرّ بلزوم أخذ القرار. يكون قراري التخلّي عن التذبذب و بالتالي إنهاء التواكل على الآخر في الاستنهاض والنهوض بخصوص الفعل التاريخي والشأن الحضاري. ولهذا الغرض هنالك حل التأقلم مع خطة تربوية شاملة (5). وهو مشهد ذو صورتين متكاملتين.

1. الصورة الأولى: الخطة التربوية الشاملة هي عبارة على درس في اللغة يكون الإقصاء البنّاء لمعوقات تعلّم اللغة بواسطته نتيجة طبيعية لتحقيق أغراضه وليس مقدمة له. والدرس، في المجال الاجتماعي والثقافي العام، إعادة تدويرِ من الطراز التربوي هدفُه إصلاح أخطاءٍ في التقييم وفي الحُكم وفي التأويل. إصلاح الأخطاء في أنظمة التواصل العام، بين الفرد والمجتمع، بين الفرد والدين، بين المجتمع والدين. وليست حلبة هذا النوع من الجهاد الأكبر حلبة الدين بالذات وإنما الدوائر والمسالك والقنوات والمنافذ المؤدية له والخارجة منه. الدرس الإصلاحي عبارة على درس لغة ناجح يطرح التساؤل المنهجي التالي: هل بالإمكان أن يتعامل المسلم مع الإسلام مثل تعامله مع اللغة؟ لكي يحاول إتقانه التعبير عن الحياة بواسطة الدين إتقانه في التعبير عن الحياة بواسطة اللغة.

كما أنّ هذا الطرح يلوّح إلى فرضيات أهمها: الإسلام حياة؛ اللغة حياة، ما لا يمنع من افتراض أنّ الإسلام لغة أيضا، فضلا عن كونه دينا، ولأنه دين الله الشامل والجامع. واللغة من مشمولات ما خلق الله لنا. وبالتالي يستحسن التعامل مع الإسلام على أنه لغة، علاوة على كونه الدين (6). وهذا يقودنا إلى اكتمال المشهد.

2. الصورة الثانية: وهي النواة العلمية التي ترتكز عليها الخطة التربوية الشاملة. طبعا ليست علوم النحو ِللُغةٍ ما أو قواعدها العديدة الأخرى هي التي ستستخدم مباشرة في إنجاز الدرس الإصلاحي. بل يفرض المنطق الذي اخترناه تصوّر نظام متكامل للقواعد مستوحى من النظام اللغوي الكوني. ويكون النظام أداة لتحقيق غاية ربط أواصر التواصل من جديد بين الذات المسلمة والإسلام، فردا ومجتمعا. ويكون أيضا أداة لتحقيق التواصل بين الفرد والمجموعة في داخل المجتمع المسلم الواحد. ويكون بالتالي أداة لتحقيق التواصل بين المجتمعات المسلمة، وبينها من جهة وبقية العالم من جهة أخرى. فإن كانت الصورة الأولى رسما للدرس بمكوناته البيداغوجية : تصميم؛ أهداف؛ سَير؛ إنجاز، فالصورة الثانية تكون رسما للغة المزمع تدريسها، بنظامها وبقواعدها وبمختلف آلياتها : الإسلاميات اللغوية التطبيقية.

وفي الختام قد يقول قائل: بماذا ستُعنى "الإسلاميات اللغوية التطبيقية"، وهي النواة العلمية لمنهجية الدرس الإصلاحي التي سيختص بفك الاحتباس التواصلي؟ وهل هي من علوم الدين والتفسير؟ وللإجابة يمكن القول إنّ من أبعد مشمولاتها تأريخ واقع المسلم، إن صح التعبير، أي مد الجسور بين القول والعمل، بين العبادات والأفعال (المعاملات والأخلاق)، بين آيات القرآن الكريم من جهة وآيات الله في الخلق من الجهة الثاني، بين الإسلام والحياة. أمنية كلّ المسلمين أن يعودوا إلى دينهم. لكن يبدو أن ليس بالدّين سيعود المسلمون إلى دينهم.والله أعلم.

محمد الحمّار

باعث "الاجتهاد الثالث" و"الإسلاميات اللغوية التطبيقية"، تونس

المراجع:

1. "نحن نعيش خارج التاريخ بسبب الاحتباس التواصلي والحل هو الاجتهاد الدائري" للكاتب، على أكثر من موقع على الشبكة .
2. حسب موقع "قنطرة" الألماني.
3. لم نلبث أن أنجزنا دراسة في هذا الشأن قصدناها نواة علمية للاجتهاد الثالث: "الألسنيات لإحياء الكفاءة في فهم الإسلام والحياة :كيف يرتقي المسلمون من طور الجمود إلى طور الحركة" .
4. اقتبسنا الاستعارة من عند د.عبد الكريم سروش.
5. مقال الكاتب "تصميم الدرس الإصلاحي"، في جريدة "العرب الأسبوعي" بتاريخ 9-5-2009 ص
6. المرجع رقم3





#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - أخي الإنسان العربي المسلم، تمهّل! الطريق من هنا...