أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - لما الإصلاح يقوده الأمراء ويناهضه الفقهاء !















المزيد.....


لما الإصلاح يقوده الأمراء ويناهضه الفقهاء !


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 2850 - 2009 / 12 / 6 - 20:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعاني المجتمعات العربية من آفة خطيرة ظلت تشكل عرقلة حقيقية في وجه الإصلاح والتحديث منذ عقود عديدة . إنها آفة الكهنوت الديني الذي ينتصب عقبة كأداء ضد جهود التغيير مهما كانت مجالاته محدودة ومستوياته بسيطة . وإذا كانت أوربا قد تخلصت من كهنوتها بفعل حركات التنوير الديني والنضال السياسي والثورات الاجتماعية التي اقتلعت جذور الاستبداد السياسي والديني ، فإن المجتمعات العربية أقامت لها كهنوتا أشد تطرفا وأخطر استبدادا من كل أشكال الكهنوت التي عانت منها أوربا القرون الوسطى . ولا شك أن الكهنوت المسيحي يمكن أن نلتمس له الأعذار في كون أوربا لم تقتبس مشاريعها المجتمعية والحضارية من أية جهة لانعدام النماذج ، بل نهضتها كانت بفعل عوامل ذاتية وتفاعلات داخلية باتت تهدد مصالح الكهنوت في أبعادها السياسية والدينية والاجتماعية . ورغم ذلك تفاعل الكهنوت المسيحي مع حركية المجتمعات الأوربية وخضع لنوع الفرز الذي خضعت له تلك المجتمعات . فكانت البروتستانتية ثمرة الحراك الداخلي الذي انتصرت فيه قوى الإصلاح والتغيير لتتناغم مع حركة التغيير الشاملة وتنخرط فيها . بينما في عالمنا العربي تشكل الكهنوت كقوة دينية لما أمسك برقاب العباد واستعبد ضمائرهم وحولهم إلى قوة اجتماعية فاقدة للوعي والإرادة ولا تتحرك إلا بأمر الكهنوت ومن أجل مصالحه . وسيكون من نافلة القول التذكير بالمواجهة الشرسة التي أبداها الكهنوت الديني ضد جهود محمد علي باشا من أجل تحديث الدولة المصرية وبنياتها الاجتماعية والتعليمية والعسكرية . لقد رفض الفقهاء النهج التحديثي الذي تبناه محمد علي باشا ، وهم المفروض فيهم لعب دور قاطرة الإصلاح والتحديث وفق ما ينص عليه الحديث النبوي الشريف (الحكمة ضالة المسلم أنى وجدها فهو أحق الناس بها) . ولم تكن العلوم والمعارف والتقنيات والخبرات سوى هذه الحكمة التي حث نبينا الكريم (ص) على أخذها ولو من فم كافر أو طلبها ولو في الصين . ذلك أن الفقهاء عليهم أن يتمثلوا مصلحة المجتمع ويستشرفوا المستقبل ويهيئوا ضمائر الناس إلى تقبل التغيير والانخراط في جهوده . لكن الواقع العربي يشهد خلاف ذلك . بحيث يشكل الفقهاء ، إلا أقلية منهم ، الطبقة الصماء التي تناهض الإصلاح وترفض التغيير . فهذا نموذج من السعودية التي قررت عام 1959 فتح مدارس البنات لأول مرة على الرغم من المعارضة الشديدة التي أبداها رجال المؤسسة الدينية المتشددين. وهذا ما تطرق إليه الباحث السعودي عبد الله الوشمي الذي يقول عن مؤلفه في الموضوع "فتنة القول بتعليم البنات في السعودية" : اجتهدت في هذا الكتاب أن أرصد الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي الذي صاحب بدايات تعليم البنات في المملكة العربية السعودية، وركّزت في البحث على منطقة نجد وبريدة بصفة خاصة، وذلك على المستوى الجغرافي، مع حديث مهم عن الحجاز والزلفي وغيرها، وأما على المستوى الثقافي فقد ارتفعت بالقضية من سياقها الصغير إلى سياقها العام المتصل بالموقف من تعليم البنات في الثقافة والتاريخ والواقع في المملكة وفي غيرها .. بالإضافة إلى حق المجتمع والثقافة والأجيال في أن تعي ما حدث في بدايات تعليم البنات، وأن تدرك الجهد الكبير الذي عانته الحكومة لإقناع كثيرين، والجهود والصبر والدموع والآمال والدعوات التي تكررت في سبيل ترسيخ هذا المشروع الحضاري الضخم للدولة ) . ولا زالت جهود الإصلاح التي يبذلها العاهل السعودي الملك عبد الله تصطدم بمعاندة الكهنوت المتشدد ، وكان آخرها إقالته للشيخ الشتري ــ عضو هيئة كبار العلماء ــ الذي أصدر فتوى بمنع التعليم المختلط داخل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنيات . وبالمناسبة فهذا الصرح الجامعي الكبير يخرج عن النظم الاجتماعية التي تفصل بين الجنسين وتمنع السياقة عن النساء . وظل ملوك السعودية يصطدمون برفض الفقهاء اعتماد أي إصلاح أو تحديث ولو في جانبه التقني كما حدث عند إدخال الهاتف والفكس والتلفاز والبارابول . ونفس الموقف اتخذه الكهنوت الديني في الكويت بعد أن تحالف مع التيار القبلي داخل البرلمان وخارجه . بحيث رفض البرلمان في شهر ديسمبر 1999 مرتين أمرا أميريا أصدره أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح في 4/5/1999 بمنح المرأة حقوقها السياسية ترشيحا وانتخابا في البرلمان. ولم تتمكن المرأة من الحصول على حقها في المشاركة السياسية تصويتا وترشيحا إلا سنة 2005 . وبهذا يكون الأمير أكثر جرأة على الإصلاح من الفقهاء . والمغرب لا يشذ عن القاعدة ، فقد تصدى الكهنوت الديني بشراسة لمشاريع إصلاح مدونة الأحوال الشخصية منذ 1992 وإلى حدود سنة 2003 حين أقر الملك محمد السادس الاقتراحات التي رفعتها لجلالته اللجنة الاستشارية التي تشكلت للنظر في المطالب النسائية . لكن من حسن حظ المغرب أن الملك يتولى السلطة الدينية ، بمقتضى الدستور ، ويرأس المجلس العلمي الأعلى ولا تصدر الفتوى إلا بإقرار منه . ولعل السلطات التي يمنحها الدستور للملك لم تسمح بظهور كهنوت ديني يفرض وصايته على الدولة وعلى المجتمع ويتحكم في مصيرهما . فالمغاربة تعاملوا بتلقائية مع جهود الدولة فيما يتعلق بتعليم الإناث أو إشراك المرأة في الحياة السياسية أو خروجها للعمل في المرافق العمومية . كما أن الخطوات التي اتخذها الملك لملاءمة القوانين المغربية مع المواثيق الدولية فيما يتعلق بحق المرأة في منح جنسيتها لأولادها من زواج مختلط ، أو ممارسة حقوقها السياسية والمدنية دون إذن من الولي ، أو رفع التحفظات عن اتفاقية السيداو ، كل هذه الخطوات وغيرها لم يستطع الكهنوت الديني الذي يشكله تيار الإسلام السياسي أن يجهضها أو يغير مسارها رغم ما بذله من تحركات وما بثه من ضغائن بين المواطنين ، بل وما نفثه من تحريض ضد مناضلات ومناضلي الصف الديمقراطي بعد أن اتهمهم بالعمالة للصهيونية وبالتآمر الشعب المغربي وبمحاربة الدين الإسلامي . واليوم يدرك عموم المغاربة وخاصتهم أهمية إمارة المؤمنين وضرورة تقويتها ومساندتها في كل الجهود من أجل هيكلة الحقل الديني بفعالية وحزم والقطع مع زمن التسيب وعهد التساهل مع الخارجين عن ثوابت الشعب المغربي حين كاد الكهنوت أن يُطْـبِق مخالبه في المؤسسات الدينية الرسمية ويفرض هيمنته على الحقل الديني برمته . وما الانفلاتات التي تطفو من حين لآخر ضد الفنون والمهرجانات الفنية والثقافية إلا دليلا على أن الكهنوت لم ينته ، بل غير مواقعه وأساليبه حتى لا يُكتشف مخططه .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هجمة التطرف من المحيط إلى الخليج .
- هل ستعي الجهات المعنية رسائل جماعة العدل والإحسان ؟
- جماعة العدل والإحسان وحوار الطوفان لإسقاط النظام .
- معارك الإسلاميين والوهابيين ضد الأرداف والصدور .
- هل يمكن أن تكون مدونة الأسرة قاطرة للإصلاحات الشاملة ؟
- القيم بين الخصوصية والكونية .
- الدولة بين اتهامات الإعلاميين ومخططات الإرهابيين .
- أما آن للحكومة أن تتحمل كامل مسئوليتها تجاه الشعب ؟
- مواجهة الإرهاب والتطرف ضرورة تحتمها نوعية الخلايا المفكَّكة ...
- 11 شتنبر :ذكرى الأحداث الإرهابية التي جسدت مخاطر التطرف الدي ...
- لم يتمسح مصطفى العلوي بأعتاب الشيخ ياسين ؟
- جماعة العدل والإحسان حركة انقلابية ترفض العمل في إطار حزبي . ...
- هل التحالف مع حزب العدالة والتنمية يخدم الحداثة والديمقراطية ...
- جماعة العدل والإحسان وعقيدة رفض الإقرار بمشروعية النظام المل ...
- جماعة العدل والإحسان تنتقد مجمّليها لدى النظام والرأي العام ...
- تأهيل الأئمة مدخل رئيسي لتأهيل الحقل الديني .
- لما ينتقد الملك انتظارية الحكومة وسلبيتها .
- البيجيديون وخطيئة الاحتماء بالأجنبي .
- إستراتيجية تأهيل الأئمة ضرورة أم غاية ؟
- هل ثقة الملك في الحكومة تحميها من كل تعديل أو إسقاط ؟


المزيد.....




- البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا ...
- هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
- قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
- الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
- عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل ...
- الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد ...
- قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل ...
- قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا ...
- قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - لما الإصلاح يقوده الأمراء ويناهضه الفقهاء !