عبد الجبار منديل
الحوار المتمدن-العدد: 2850 - 2009 / 12 / 6 - 12:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدستور العراقي هو من اعاجيب الدساتير في العالم فهو دستور بلا شخصية ولا هوية ولا صورة واضحة لما يرسمه من نظام .
ان الدستور هو نوع من العقد الاجتماعي بين الفئات الاجتماعية او الطبقات او القوى السياسية والذي يتم بموجبه تقاسم المسؤوليات ورسم العلاقات بين الأفراد والجماعات لتحقيق اهداف التقدم والنمو والسلام الاجتماعي . ولكن الدستور العراقي يعطل كل ذلك بسبب غموضه وبسبب فقراته المبهمة والمتناقضة وبالتالي يعطل القرارات والمشاريع والحلول .
ان الدستور العراقي الذي وضع على عجل هو دستور توافقي مثل كل شيئ في الحياة السياسية العراقية , لذلك فان مواد الدستور يعطل بعضها بعضا عند التطبيق لأنها تحتاج الى توافق في كل مرة يتم فيها وضعها موضع التطبيق فمجلس الرئاسة يعطل قرارات السلطة التشريعية ورئاسة الوزراء تستطيع ان تتملص من قرارات مجلس رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس التشريعي تستطيع ان تتخذ قرارات لا يطبقها احد بل ان مجلس الرئاسة يعطل بعضه بعضا , فاي عضو في مجلس الرئاسة يستطيع تعطيل قرارات مجلس الرئاسة ويجعلها غير قانونية ولعل ابرز دليل على ذلك هو ما قام به طارق الهاشمي من نقض لقانون الانتخابات في الوقت الضائع الأمر الذي يهدد العملية السياسية بان تصل الى طريق مسدود . وحتى لو تم حل هذه المعضلة فان امام العملية السياسية الغام كثيرة في الطريق وكل واحد منها كفيل بان يفجر العملية السياسية كلها وكل ذلك بفضل الدستور .
من يقرأ الدستور الحالي يستغرب من طريقة صياغته . فكل فقرة من هذا الدستور الغريب تاتي بعدها فقرة تحد من فاعليتها او من القدرة على تطبيقها او على الأقل تعطي اي جهة مخولة الأمكانية لتعطيلها .
ان اهم ما يميز الدساتير في دول العالم المتحضر هو البساطة والوضوح ومنع اللبس والغموض لأن ذلك قد يخلق مشاكل لا حصر لها . ولكن دستورنا كأنما اريد له بشكل متعمد ان يخلق المشاكل على كل خطوة في بلد يغرق اساسا بالمشاكل وفي بلد تقف فيها القوى السياسية بالمرصاد لبعضها البعض لاستغلال اي ثغرة في الدستور وهو مليئ بالثغرات لاستغلالها واحراج الأطراف الأخرى . وهكذا ففي ظل هذا الدستور الكريم ( فليهنأ ) العراقيون بالمزيد من الأزمات والمزيد من المشاكل والصراعات .
#عبد_الجبار_منديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟