داليا علي
الحوار المتمدن-العدد: 2848 - 2009 / 12 / 4 - 23:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الصدق في كل عمل يجعل من كل عمل دعامة في تقوية النفس البشرية فهو ما يجعل الحياة تتسق مع قوانين النفس التي هي جزء من القوانين الطبيعية.
أما الحب وخاصة حب الخير وحب عمل الخير فهو ما يطهر النفس وينقيها, فطهارة النفس ونقاءها هو السبيل لصلاح الإنسان, لذلك علينا ان نؤمن بأن الحب فيه صلاح النفس. وأنا لا أنعني هنا عندما أتكلم عن الحب إلا الحب الخالص المنزه من كل غاية أو غرض, الحب الخالص والذي لابد أن يكون مشمول بالولاء والتضحية والإخلاص, فلا خير في حب تشوبه شائبة سيطرة القوة أو النزعة للسيطرة, فالحب القائم علي الرغبة في الحصول علي القوة او الغني او إقصاء الآخر لا يؤدي إلا إلي القلق وسقم النفس, فهو يضر النفس ولا ينفعها. , كما إننا لا نقصد هنا بقصر الحب او جعل غايته فقط بيولوجية او اجتماعية فهذه النوعيات من الحب لا تخرج عن شبهة الغرض من ورائها أيضا. نحن هنا نتكلم علي وجود مكان بالعقل والقلب للحب الخالص المنزه الممزوج بالولاء والتضحية والإخلاص عامة دون أي غاية. فودون وجود هذه النوعية من الحب المنزه في القلب فلن تدرك النفس غايتها مهما سعيت. فالنفس لا تسلم أو تهدأ ولا تطمئن أبدا إذا ما كانت تعيش بلا صدق ودونما هذا الحب
كما إننا علينا أن نجعل من ضميرك ميزان حساس للنفس فهو ما يحدد لها الصواب الذي تستقيم به هذه النفس و الخطأ او الشر الذي يسبب القلق والاضطراب لهذه النفس, فكل نفس تشكل هذا الميزان الذي يحدد العمل الذي إذا ما قام به الشخص تشعر هذه النفس بالقلق أي تحدد الأفعال الخاصة بك والتي تمثل الشر لك فهي التي تسبب لك القلق والاضطراب وبذلك تكون هي الشر لك والأفعال التي عندما تقوم بها تعطيك الطمأنينة والراحة وهي تمثل الخير لك, فيضع لك هذا الميزان الحساس وهو الضمير حدودك وبالتالي تعرف ما هي جنتك وما هي نارك, ما هو محرابك وأقدس مناطقك روحك وأكثرها سموا, المكان الذي يرتاح ويهنأ ويطمئن عنده قلبك وستفاجأ ذا ما كانت نفسك سوية وكان عقلك سليم يتبع قوانين الطبيعة والفطرة السليمة صدقا ستجد ان هذا الميزان قد يجعل جنتك ونارك في حدود وأصول الأخلاق والقيم السليمة والتي اتفق عليها منذ الأذل
وعلينا ان نعلم أيضا إن الشر ما هو إلا عمل إنساني بحت.. وعليه الإنسان يكون قادر علي ان يتجنبه ويتغلب عليه... فحين يعرف القلب والعقل والضمير الصواب والخطأ. وحين يعلو صوت الضمير فوق أي صوت سواء كان صوت الهوى او القوة او الجبروت او الانتقام ... حين يعلو صوت الضمير فوقهم و فوق كل صوت يسبب فعله القلق لهذه الروح او النفس حينها وحينها فقط يستطيع المرء التغلب علي قوي الشر بداخله.
فلو كان السعي فعلا خالصا للقضاء عليه لما كان هناك كره للأخر, ويجب أن نفهم في خلال هذا إن الأولي ا ن أحب الخير عن ان اكره الشر. فالحب يولد الحب والكره وليده وربيبه الكره حتى ولو كان الكره كراهية الظلم,, فهو كره يميت القلب ويحيي الشرور
وللقضاء علي الشر العام, إذا ما كنا جميعا نسعى للقضاء علي الشرور في عالمنا فيجب ان نعي ونفهم بان القضاء علي الشر لابد ان يبدأ دائما بالقضاء علي الشر الداخلي داخل الإنسان داخل النفس البشرية قبل القضاء عليه خارجيا,,, يجب القضاء عليه بداخلنا قبل العمل علي القضاء عليه خارجنا,... وحين ينتهي المرء من محاربه قوي الشر داخله قد يسعي لقتالها خارجه وحين يقضي عليها في داخله سيكون سهل عليه في السعي خارجة لنشر الخير الذي بداخله أكثر من محاربة الكره او الشر الذي لن يكون له مكان داخله فنشر الخير قادر علي القضاء علي الشر بقوة اكبر من السعي بالكراهية للشر للقضاء علي كراهيته, فالقضاء علي الشر حبا في الخير ابقي واقوي وأقوم للنفس. والسعي في الخير المبني علي طهارة ونقاء النفس هو الأقوى والأقوام.
ويهمنا القول هنا ان حتي العلاقات الخارجية للإنسان وان قامت حتى علي سلام مع الآخرين دون هذا السلام والطهارة النفسية ونقاء الضمير الداخلي لانهارت هذه العلاقات الخارجية فلا يستطيع المرء ان يحقق الحب والسلام الخارجي دونما تحقيق السلام الداخلي ولذلك ما من علاقة خارجية مهما كانت في ظاهرها السلام والحب ومهما تكلم عنك ورآك من حولك من كونك مثال للحب والسماحة والسلام فلابد ان ينهار هذا كله ولا يدوم بدون ان يكون قائم علي سلام وتوافق ونقاء الضمير وطهارة النفس الداخلية, ولن تستطيع النفس ان تتعايش في سلام مع الآخر دون سلام مع نفسها. فالسلام مع النفس هو حاجز النفس ضد الإخفاق والفشل واليأس وفقدان الثقة في الآخر, فان لم تثق النفس وتتصالح داخليا لن يصل الإنسان أبدا للثقة بالنفس والتصالح مع الآخر, والسلام مع النفس غاية وإدراكه صعب, فنحن دائما ما ننظر للخارج دون الداخل ولكل إنسان القدرة والقوي التي يدرك بها هذه الغاية ولكل إنسان وسيلته المختلفة في وصولها ولكنها كلها تجعلنا ندرك قبولنا للنفس والأخر, وكلها مبنية علي الجهاد مع النفس للوصول بها لما ترضاه. وبالتالي هي ليست سهلة المنال
ولنعلم ان لكل إنسان معاييره الخاصة وطريقته الخاصة للوصول لهذا السلام, لكل إنسان وسيلته سواء كانت عن طريق الإيمان’ او الحب ورؤية الجمال, او العقل,,,,, وكلها طرق تؤدي لهذا السلام والطمأنينة الداخلية والخارجية لكل إنسان, وتحدد بوصلته الخاصة التي ترشده للطريق القويم وكيفية الوصول, فهي التي تحدد للإنسان الخير وكما قلنا ألا هو العمل الذي إذا ما عمله الإنسان أصبح راضيا مستريحا متقبلا لنفسه والشر وهو العمل الذي إذا ما اضطر الإنسان لعمله لجاء لتبريرات لنفسه اعند عمله فيقول انه ما كان ليقوم به لولا هذا او ذاك وهي مبررات تجعله يتقبل نفسه عند عمل الخطأ بأقل ضرر نفسي وان كان متوهما فهي تضر النفس لا محالة فما لا تقبله النفس يبقي مهما بررنا لأنفسنا عند عمله يبقي مؤلما لهذه النفس برغم كم المبررات والمسكنات التي يتناولها الشخص لتهدئة ضميره عند عملها, ولنتذكر ان العمل المبني علي الحب والحق اقوي وأقوم للنفس من العمل المبني علي الكره والخطأ حتى ولو كان مبرر, فالنفس التي تقوم بالعمل حبا في الخير اسلم من التي تقوم بنفس العمل كرها للشر
ولو حاولنا التفكير بطريقة أكثر عمقا هنا, فسوف يوصلنا لمعرفة الخير والحق والوصول بالنفس للنقاء ويعرف عن اي طريق من الثلاث التي ذكرتها تصل نفسك لغايتها. فمثلا طريق الإيمان وطرقة معروفة للجميع للوصول لمعرفة الصواب والخطأ, وقد يكون عن طريق الحب والإحساس بالجمال فقط وإيجاد طريق للنفس والأخر عن طريق زرع الحب ورؤية الجمال في الأشياء والأشخاص والبعد عما هو قبيح, إما لو اخترنا طريق العقل فيكون عن طريق حدود هذا العقل الفعلية والتعريفات العقلية للخير والشر وما يريح النفس منها عقليا او ما يؤدي بها للقلق.... وقد يري او قد يعتقد البعض إننا نستطيع الوصول لها عن طريق العلم... ولكن ما من وسيلة للعلم حقا لتعريف وتقويم النفس او بناء صلاحها من فسادها بناء علي نظريات علمية...
المهم ان يحدد المرء وسيلته ويدرك الغاية المطلوبة وهي سلامة النفس وعليه يحدد طريقة للوصول لهذه الغاية وكل له طريقة الخاص فهي شيء خاص وشخصي بحت ولذلك نميل للقول ان العلم والنظرية لا سبيل لهم لصلاح النفس وتحديد طريقها ويوصلها للسلام الداخلي الذي هو طريق السلام الخارجي والسلام مع الأخر
وان قلنا ان البوصلة هي التي تهدي الإنسان للاتجاه, فالبوصلة القلبية والعقلية هي التي تهدي النفس للخير والشر. فلنتخيل الخير والشر هم القطبين مثل قطبي الكرة الأرضية... والإنسان بفطرته وما جبلت فيها علي الخير تتجه مثل البوصلة للقطب المحدد. بينما تتنازع قوي الشر الذي تتلاعب بهذه البوصلة عندما يدخل في مجالها مغنطيسيتا ومعوقات فتحيد بها عن اتجاهها مثل التأثيرات الخارجية او البعد عن الأصل وكلها عوامل تتجاذب البوصلة او النفس والضمير وهو مؤشر البوصلة. فترهقها في محاولة هذا المؤشر العودة للأصل والوصول للقطب الأساسي وقد تقوي وتسيطر المؤثرات الخارجية حتى تحيد بالإنسان او المؤشر تماما فيستسلم مؤشر البوصلة او النفس للأجواء والمؤشرات الخارجية فتتخطفه يمين وشمال وهنا يلعب الإيمان والقوي الداخلية دور في تحديد القطب الأساسي والثبات عليه وهو الخير في المحاولات الدءوبة بالرجوع بالبوصلة دائما لهذا القطب الفطري الإيماني ولكي تقوي البوصلة لابد ان تكون في هذه النفس وهي القوي والدوافع والأسس التي تساعدها للاتجاه ناحية القطب المحدد للخير, فالبوصلة بدون أي عوامل خارجية تتجه في سهولة ويسر بلا مقاومة او مشقة للقطب وعندما تتداخل القوي المغناطيسية يمينا وشمالا وتهتاج وتتجاوز بها حتى تكون عملية رجوعها مرهقة وقد تعطب وتخرب وتتوقف عن العمل والمقاومة للرجوع للقطب والسوء ونمضي بلا هدي حسب أي تأثير فتفقد الروح الاتجاه والغاية الأساسية التي بنيت لها وهذه هي النفس البشرية التي تضل وتضلل الآخرين من حولها
فلنحاول جميعا علي إيقاظ قوانا الداخلية للوصول للسلام مع النفس والاستفادة من الضمير وهو الميزة النسبية للإنسان علي الحيوان للحصول علي السلام الداخلي والخارجي والتعايش مع النفس ومع الأخر في سلام
#داليا_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟