|
غجر العراق : قبل وبعد أجتياح بغداد ..!
حبيب محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2848 - 2009 / 12 / 4 - 15:23
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
الأحتلال هو واقع الحال الشاذ والمتسيد في العراق . منذ أجتياح بغداد عام 2003 . والأحتلال ذاته هو الذي يتحكم والى يومنا هذا بمفاصل ومفاتيح الحكم ، عبر واجهات حزبية محلية . أغلبها جاءت معه على ظهر آلته العسكرية التدميرية و تحت مسوغات فاقدة للمصداقية والشرعية . سوقها المحتل في أطار سيناريو ديمقراطي ديكوري هزيل . لاقى ويلاقي الرفض والمقاومة الوطنية من الغيارا و والأحرارالرافضين للذل والخنوع لأرادة المحتل وأدواته . والمدافعين عن كرامة وطنهم وعن مستقبل أجيالهم . الذي يحاول المحتل وأذنابه المساس والعبث بها .
وطوال أعوام الأحتلال وتبعياته ، شهد العراق أسوء فترات تاريخه الحديث والمعاصر . وليست هناك شريحة أو نسيج أجتماعي ما في المجتمع العراقي لم تذق مرارة الأحتلال أو لم تنكوي بناره . بدءًا بالأقلية الدينية للأخواننا المسيح و الطائفة المندائية ( الصابئة ) و اليزيديين و مروراً بالأكراد الفيلية و الشبك و أنتهاءًا بألحلقة الأضعف في النسيج العراقي ألا وهم غجر العراق .
فألحيف والظلم والتجويع الذي وقع وما زال جرمه مشهوداً وواقعاً حتى هذه اللحظة . بحق هذه الشريحة الأضعف من النسيج الأجتماعي العراقي . لم تحظى وبأي شكل ما ، من الأهتمام والدعم أو مجرد الألتفاتة . لا بوسائل الأعلام ولا بمتابعات منظمات المجتمع المدني ولا حتى المنظمات الأنسانية ذات الصلة والعلاقة . المحلية منها أو الأقليمية أو الدولية . سواء في مراقبتها أو تقاريرها أو نشراتها الدورية . والأسوء من ذلك أن الشبكة الأعلامية للأنباء الأنسانية المسمات ب ( أيرين ) التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الأنسانية ( أوتشا ) . قد تناست معانات هذه الشريحة تماماً . سواء في متابعاتها أو تقاريرها أو نشراتها . والأمر ذاته ينسحب على ما يسمى ديكورياً بوزارة حقوق الأنسان العراقي . التي أنشأت أصلاً بهدف تجميل قبح صورة المحتل .
ومنذ أن وطأت مجاميع الهجرات الأولى للغجر القادمة من شبه الجزيرة الهندية وآسيا الصغرى ، أرض الرافدين قبل مئات السنيين . وهم يعانون القهر والظلم والرفض والعزلة . التي فرضها عليهم المجتمع من جهة وسلطته من جهة أخرى . بسبب من خصوصية الثقافة التي يتميز بها هذا النسيج . والمتمثلة بالتحرر من بعض القيم السائدة والمتصادمة مع الموروث الثقافي والأجتماعي والديني للمجتمع العراقي المحافظ .
فذاق الغجر مرارة العزلة الأجتماعية والتهميش والذي ترتب عليه كتحصيل حاصل . بمعاناتهم من الفقر المدقع والأمية المستشرية والهزل الصحي . مما دفعهم وأضطرهم الى قبول وأمتهان المهن الأكثر وضاعة في المجتمع لسد حاجاتهم . ورغم طوق العزلة الأجتماعية المفروضة قسراً عليهم وبلا وجه حق . ورغم أكراههم بأحقر المهن فلم يفقدوا الأمل ! . فقد تفانت هذه الشريحة في خدمة العراق وبكل ما تيسر لها من متنفس . وتفانت أكثر في سعيها الحثيث والممزوج بألجراح ، لكسر طوق عزلتها وأندماجها الطبيعي بالمجتمع العراقي . وحمل هويته الوطنية .
ولقد تحقق للغجر ما كانوا يصبون اليه . وبعد سيل جارف من العذابات وفي ظل حكم حزب البعث تحديداً . وأبرز و أهم المكاسب التي حصدتها هذه الشريحة وبعد تضحيات وعذابات تمثلة ب
1 : شمولهم بالتعداد السكاني لأغراض التنمية . 2 : شمولهم بقانون محو الأمية و التعليم المجاني . 3 : شمولهم بالرعاية الصحية المجانية . 4 : شمولهم بشبكة الحماية الأجتماعية . 5 : شمولهم بالتجنيد والخدمة العسكرية ( خدمة العلم ) . 6 : شمولهم بالجنسية و أعتبارهم موطنيين عراقيين 100% . 7 : شمولهم بالوظائف الحكومية . 8 : فتح الابواب التي أوصدت بوجههم للتلفزيون و المسرح و السينما . ورعاية مواهبهم الفنية من رقص وغناء ودراما . 9 : رد الاعتبار لطورهم الموسيقي والغنائي وأعتباره جزء من الفلكور الفني العراقي .
كل هذه المكاسب ضمنت لهم العيش بآدمية وضمنت لهم حقوق المواطنة ورفعت عنهم حيف التمييز العنصري لسنيين طوال . فأصبح الغجر مواطنون عراقيون وبأمتياز . لهم حقوق وعليهم واجبات ضمنها القانون العراقي .
وبعد عام النكبة عام الأحتلال 2003 . وبقدوم المحتل و أدواته ، أنقلبت موازين الكيان العراقي رأساً على عقب وعقب على رأس ! جراء الأحتلال تلقى العراق طعنات عميقة في نسيجه الأجتماعي من كل صوب وحدب . ولم تسلم من تلك الطعنات الغادرة و الجبانة ، أي شريحة من شرائح المجتمع . ألا أن أكثر تلك الطعنات غرساً وقسوة . تلقتها الحلقة الأضعف في هذا النسيج ( الغجر ) . فنسفت مكاسبهم في أدراج الريح وعادوا الى مربع الصفر المقيت ، بل الى ما هو أسوء بعد أنعدام الأمن و الأمان .
شنت ضد الغجر حملات ملاحقة أبتغاءًا لتصفيتهم . وقفت وراءها بعض المليشيات المسلحة و المدفوعة من بعض العمائم المنفلتة حتى من عمائمها و المصابة بهوس أسمه التشدد الطائفي والديني المتطرف . والتي راحت تغرس بين الناس روح الكراهية والبغضاء ضد الغجر تحديداً .
مما دفع البعض القليل متيسرالحال منهم الى النفاذ بجلده والهرب الى دول النخوة !!! والتي بدورها أستثمرت مأساتهم عن قصد أو دون . فلم تتوفر الحماية الأجتماعية والأنسانية لهم بالقدر الكافي . فأنساق البعض منهم للبغاء كسبيل للأرتزاق . أما الكثرة المغلوب على أمرها والمتبقية في العراق أضطروا الى الهجرة الداخلية آملاً بالملاذ الآمن فوجدوا ضالتهم ببيوت الصفيح و الخيم الخرقاء البالية و لم يجدوا يد خير تمتد لهم فأضطر معظمهم الأنسياق للتسول كسبيل وحيد للأرتزاق . أما الامريكي المحتل و أزلامه فلم يتفرجوا على مأساتهم فحسب . بل أستغلوها أبشع أستغلال تندب له الكرامة والجبين . إذ راحوا يسخروا البعض منهم كارهين لأعمال البغاء ولحساب جنود الأوباش وقادتهم . دعوة للضمائر الحية الضمائر الوطنية والأنسانية . لنجدة هذه الشريحة . بحمايتهم وبتأمين حياة آدمية تليق بأنسانيتهم .
#حبيب_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغجر : بين ماضي الأبادة و حاضر التميز العنصري !
-
حروبهم الأمبريالية وتأويلاتهم لكتبهم المدنسة..!
-
عذراً للتمنيات الطيبة : جلباب مارتن لوثر ليسَّ بمقاس أوباما.
...
-
العملة الورقية الأمريكية و حرب الأبادة الغائبة الحاضرة ..!
-
الحكومة الفسنجونية تزرع والمواطن العراقي يحصد وهم الانتخابات
...
-
البحث عن سيف علي...!!!
-
من مكارم أخلاق القطب الأوحد : المتاجرة بصحة البشر..!
-
من يستفز دمعي...!
-
إصلاح المنظمة الأممية ، صمام الأمان لعالم أكثر أمنناً وأستقر
...
-
أمطري عذاباتي ...!
-
الحكومة الكويتية و اللعب بألنار التي قد تطالها مرة أخرى..!
-
دستور بول بريمر الملغوم وقنابله الانشطارية...!
-
فرسان النوم المتأصل...!!!
-
المثيرة للجدل ! ... تنحو منحى الدجل ...!!
-
أهديك أحتراقاتي..........!!
-
المثيرة للجدل! قناة الحياة !
-
أسئلة حول قواعد النشر..! تبحث عن أجابات . فمن يجيب ؟؟
-
شعر هجاء : بين مطرقة ( وفاء سلطان و ) سندان ( زكريا بطرس )..
...
-
مشط أمي ... مشط أنفعالاتي!!
-
مستقبل الديمقراطية في العراق مرهون بأعادة تأهيل من ليس مؤهل
...
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|